الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ غَزَا الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ، قُسِمَ لِلْفَرَسِ، وَرُضِخَ لِلْعَبْدِ.
ــ
لأنَّهم شَهِدُوا الوَقْعَةَ وهم مِن أهْلِ القِتالِ، فأُسْهِمَ لهم، كغيرِهم، ولقولِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: الغَنِيمَةُ لمَن شَهِدَ الوَقْعَةَ (1).
1452 - مسألة: (وإن غَزا العَبْدُ على فَرَسٍ لِسَيِّدِه، قُسِمَ للفَرَسِ، ورُضِخَ لِلْعَبْدِ)
أمّا الرَّضْخُ للعَبْدِ، فلِما تَقَدَّمَ. وأمّا الفَرَسُ الذى تَحْتَه، فيَسْتَحِقُّ مالِكُها سَهْمَها. فإن كان معه فَرَسان أو أكثرُ، أُسْهِمَ لفَرَسَيْن، كما لو كانَتا مع السَّيِّدِ. ويُرْضَخُ للعَبْدِ. نَصَّ على هذا أحمدُ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ: لا يُسْهَمُ للفَرَسِ؛ لأنَّه تحتَ مَن لا يُسْهَمُ له، فلم يُسْهَمْ له، كما لو كان تحتَ مُخَذِّلٍ. ولَنا، أنَّه فَرَسٌ حَضَر الوَقْعَةَ، وقُوتِلَ عليه، فأُسْهِمَ له، كما لو كان السَّيِّدُ راكِبَه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 216.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَهْمَ الفَرَسِ ورَضْخَ العَبْدِ لسَيِّدِه؛ لأنَّه مالِكُه ومالكُ فَرَسِه، وسواءٌ حَضَر السَّيِّدُ القِتالَ أو غابَ عنه. وفارَقَ فَرَسَ المُخَذِّلِ؛ لأنَّ الفَرَسَ له، فإذا لم يَسْتَحِقَّ شيئًا بحُضُورِه، فلَأن لا يسْتَحِقَّ بحُضورِ فرَسِه أوْلَى.
فصل: فإن غزا الصَّبِىُّ على فَرَسٍ، أو المرأةُ أو الكافِرُ -إذا قُلْنا: لا يُسْهَمُ له- لم يُسْهَمْ للفَرَسِ، في ظاهِرِ قولِ أصحابِنا؛ لأنَّهم قالوا: لا يَبْلُغُ بالرَّضْخِ للفَرَسِ سَهْمَ فارِسٍ. وظاهِرُ هذا أنَّه يُرْضَخُ له ولفَرَسِه، ما لم يَبْلُغْ سَهْمَ الفارِسِ، ولأنَّ سَهْمَ الفَرَسِ له، فإذا لم يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ بحُضورِه، فبِفَرَسِه أوْلَى، بخِلافِ العَبْدِ، فإنَّ الفَرَسَ لغيرِه.
فصل: وإن غَزا المُخَذِّلُ أو المُرْجِفُ على فرسٍ، فلا شئَ له ولا للفَرَسِ؛ لِما ذَكَرْنا. وإن غَزا العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، لم يُرْضَخْ له؛ لأنَّه عاصٍ بغَزْوِه، فهو كالمُخَذِّلِ والمُرْجِفِ. وإن غَزا الرجلُ بغيرِ إذْنِ والِدَيْه، أو بغيرِ إذْنِ غَرِيمِه، اسْتَحَقَّ السَّهْمَ؛ لأنَّ الجِهادَ تَعَيَّنَ عليه بحُضُورِ الصَّفِّ، فلا يَبْقَى عاصِيًا به، بخِلافِ العبدِ.
فصل: ومَن اسْتَعارَ فَرَسًا ليَغْزُوَ عليه، ففَعَلَ (1)، فسَهْمُ الفَرَسِ للمُسْتَعِيرِ. وبهذا قال الشافعىُّ؛ لأنَّه مُتَمَكِّنٌ مِن الغَزْوِ عليه بإذْنٍ صَحِيحٍ شَرْعِىٍّ، أشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَه. وعن أحمدَ، أنَّ سَهْمَ الفَرَسِ لمالِكِه؛ لأنَّه
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن نَمائِه، فأشْبَهَ وَلَدَه. وبهذا قال بعضُ الحَنَفِيَّةِ. وقال بعضُهِم: لا سَهْمَ للفَرسِ، لأنَّ مالِكَه لم يَسْتَحِقَّ سَهْمًا، فلم يَسْتَحِقَّ الفَرَسُ شيئًا، كالمُخَذِّلِ والمُرْجِفِ. والأوَّلُ أصَحُّ، لأنَّه فَرَسٌ قاتَلَ عليه مَن يَسْتَحِقُّ سَهْمًا، وهو مالكُ نَفْعِه، فاسْتَحَقَّ يسهْمَ الفَرَسِ، كالمُسْتَأْجِرِ، ولأنَّ سَهْمَ الفَرَسِ مُسْتَحَقٌّ بمَنْفَعَتِه، وهى للمُسْتَعِيرِ بإذْنِ المالِكِ فيها، وفارَقَ النَّماءَ، فإنَّه غيرُ مَأْذُونٍ فيه. فأمَّا إنِ اسْتعارَه لغيرِ الغَزْوِ، ثم غَزا عليه، فهو كالفَرَسِ المَغْصوبِ، على ما سَنَذْكُرُه، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: فإنِ اسْتَأْجَرَ فَرَسًا للغَزْوِ، فَغَزا عليه، فَسَهْمُ الفَرَسِ له. لا نَعْلَمُ فيه خلافًا؛ لأنَّه مُسْتَحِقٌّ لنَفْعِه اسْتِحْقاقًا لازِمًا، أشْبَهَ المالِكَ. وإن كان المُسْتَأْجِرُ والمُسْتَعِيرُ ممَّن لا سَهْمَ له، إمَّا لكَوْنِه لا شئَ له، كالمُخَذِّلِ والمُرْجِفِ، أو ممَّن يُرْضَخُ له، كالصَّبِىِّ، فحُكْمُه حُكْمُ فَرَسِه، على ما ذَكَرْنا. وإن غَزا على فَرَسٍ حَبِيسٍ، فسَهْمُ الفَرَسِ له، كما لو اسْتَأْجَرَه.
فصل: يَنْبَغِى أن يُقَدِّمَ قَسْمَ أرْبَعةِ الأخْماسِ على قَسْمِ الخُمْسِ؛ لأنَّ أهْلَها حاضِرُون، وأهلَ الخُمْسِ غائِبونَ، ولأنَّ رُجُوعَ الغانِمِين إلى أوْطانِهم يَقِفُ على قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ، وأهْلُ الخُصْرِ في أوْطانِهم، ولأنَّ الغَنِيمَةَ حَصَلَتْ بتَحْصِيلِ الغانِمِين وتَعَبهم، وأهْلُ الخُمْسِ بخلافِ ذلك، فكان الغانِمُون أوْلَى بالتَّقْدِيمِ، ولأنَّ الغَنِيمَةَ إذا قُسِمَتْ بينَ الغانِمِين، أخَذَ كلُّ واحِدٍ نَصِيبَه، فكَفَى الإِمامَ هَمَّه ومُؤْنَتَه، بخِلافِ الخُمْسِ؛