الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ، أُدِّبَ،
ــ
بنَصِيبِه، بناءً على أنَّهم أقارِبُ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بينَهم، فبانَ أنَّه لا نَسَبَ بينَهم، رَدَّ الفَضْلَ الذى فيهم على المغْنَمِ؛ لأنَّ قِيمَتَهم تَزِيدُ بذلك، فإنَّ مَن اشْتَرَى اثْنَتَيْن، بِناءً على أنَّ إحْداهما أُمُّ الأُخْرَى، لا يَحِلُّ له الجَمْعُ بينَهما في الوَطْء، ولا بَيْعُ إحْداهما دُونَ الأُخْرَى، كانتْ قِيمَتُهما قلِيلَةً لذلك، فإذا بانَ أنَّ إحْدَاهُما أجْنَبِيَّةٌ مِن الأُخْرَى، أُبِيحَ له وَطْؤُهما، وبَيْعُ إحْداهما، فتَكْثُرُ قِيمَتُهما، فيَجِبُ رَدُّ الفَضْلٍ، كما لو اشْتَراهُما فوَجَدَ معهما حَلْيًا أو ذَهَبًا، وكما لو أخَذَ دراهِمَ، فبانتْ أكْثَرَ ممّا حُسِبَ عليه.
1464 - مسألة: [ومَن]
(1) وَطِئَ جارِيَةً مِن المَغْنَمِ مِمَّن له فيها
(1) في م: «وإن» .
وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ، وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا، إِلَّا أَنْ تَلِدَ مِنْهُ، فَيَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ.
ــ
حَقٌّ أو لوَلَدِه، أُدِّبَ، ولم يَبْلُغْ به الحَدَّ، وعليه مَهْرُها، إلَّا أن تَلِدَ منه، فيكُونَ عليه قِيمَتُها، وتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ له، والوَلَدُ حُرٌّ ثابِتُ النَّسَب) إذا وَطِئَ جاريَةً مِن المغْنَمِ وكان له في الغَنِيمَةِ حقٌّ أو لوَلَدِه، أُدِّبَ؛ لأنَّه فَعَل ما لا يَحِلُّ له، ولم يَبْلُغ به الحَدَّ، لأنَّ المِلْكَ ثَبَت للغانِمِين في الغنيمةِ، فيكونُ للواطِئَ حَقٌّ في الجارِيَةِ المَوْطُوءَةِ وإن قَلَّ، فيُدْرَأُ عنه الحَدُّ للشُّبْهَةِ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ. وقال مالكٌ، وأبو ثَورٍ: عليه الحَدُّ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (1). وهذا زانٍ، ولأنَّه وَطِئَ في غيرِ مِلْكٍ، عامِدًا، عالِمًا بالتَّحْرِيمِ، فلَزِمَه الحَدُّ، كما لو وَطِئَ جارِيَةَ غيرِه. وقال الأوْزَاعِىُّ: كلُّ مَن سَلَف مِن عُلَمائِنا يقولُ: عليه أدْنَى الحَدَّيْنِ، مائَةُ جَلْدَةٍ. ومَنَع بعضُ الفُقَهاءِ ثُبُوتَ المِلْكِ في الغَنِيمَةِ، وقال: إنَّما يَثْبُتُ بالاحْتِيازِ (2)، بدليلِ
(1) سورة النور 2.
(2)
في الأصل: «بالاختيار» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ أحَدَهم لو قال: أسْقَطْتُ حَقِّى. سَقَط، ولو ثَبَت مِلْكُه، لم يَزُلْ بذلك، كالوارِثِ. ولَنا، أنَّ له فيها شُبْهَةَ مِلْكٍ، فلم يَجِبْ عليه الحَدُّ، كوَطْءِ جارِيَةٍ له فيها شِرْكٌ، والآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بوَطْءِ الجاريَةِ المُشْتَرَكَةِ وجارِيَةِ ابْنِه، فنَقِيسُ عليه هذا، ومَنْعُ المِلْكِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ مِلْكَ الكُفّارِ قد زالَ، ولا يَزُولُ إلَّا إلى مالِكٍ، ولأنَّه تَصِحُّ قِسْمَتُه، ويَمْلِكُ الغانِمُون طَلَبَ قِسْمَتِها، فأشْبَهَتْ حالَ الوارِثِ، وإنَّما كَثُرَ الغانِمُون فقَلَّ نَصِيبُ الواطِئ، ولم يَسْتَقِرَّ في شئٍ بعَيْنِه، وكان للإِمامِ تَعْيِينُ نَصِيبِ كلِّ واحِدٍ بغيرِ اختِيارِه، فلذلك جازَ أن يَسْقُطَ بالإِسْقاطِ، بخِلافِ الميراثِ، وضَعْفُ المِلْكِ لا يُخْرِجُه عن كَونِه شُبْهَةً في الحَدِّ الذى يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولهذا أُسْقِطَ الحَدُّ بأَدْنَى شئٍ، وإن لم يَكُنْ حَقِيقَةَ المِلْكِ فهو شُبْهَة. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُعَزَّرُ، ولا يَبْلُغُ بالتَّعْزِيرِ الحَدَّ، على ما نَذْكُرُه إن شاءَ اللَّهُ تعالى، ويُؤْخَذُ منه مَهْرُها، فيُطْرَحُ في المَغْنَمِ. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال القاضِى: إنَّه يَسْقُطُ عنه مِن المَهْرِ قَدْرُ حِصَّتِه منها، وتَجِبُ عليه بَقِيَّتُه، كالجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ بينَه وبينَ غيرِه. ولا يَصِحُّ ذلك؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّنا إذا أسْقَطْنا عنه حِصَّتَه، وأخَذْنا الباقِىَ فطَرَ حْناه في المَغْنَمِ، ثم قَسَمْناه على الجَميعِ وهو فيهم، عادَ إليه سَهْمُه مِن حِصَّةِ غيرِه، ولأن حِصَّتَه قد لا يمْكِنُ مَعْرِفَتُها؛ لِقِلَّةِ المَهْرِ وكَثْرَةِ الغانِمِين، ثم إذا أخَذْناه، فإن قَسَمْناه مُفْرَدًا على مَن سِواه، لم يُمْكِنْ، وإن خَلَطْناه بالغَنِيمَةِ، ثم قَسَمْنا الجميعَ، أخَذَ سَهْمًا ممّا ليس فيه حَقُّه. فإنْ ولَدَتْ منه، فالوَلَدُ حُرٌّ، يَلْحَقُه نَسَبُه. وبه قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: هو رَقِيقٌ، لا يَلْحَقُه نَسَبُه؛ لأنَّ الغانِمِين إنَّما يَمْلِكُون بالقِسْمَةِ، فقد صادَفَ وَطْؤُه غيرَ مِلْكِه. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ سَقَط فيه الحَدُّ بشُبْهَةِ المِلْكِ، فيَلْحَقُ فيه النَّسَبُ، كوَطْءٍ جاريَةِ ابنهِ، وما ذَكَرَه غيرُ مُسَلَّمٍ، ثم يَبْطُلُ بوَطْءِ جارِيَةِ ابنِه. وفارَق الزِّنى؛ فإنَّه يُوجِبُ الحَدَّ. وإذا ثَبَت ذلك، فإنَّ الأمَةَ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له في الحالِ. وقال الشافعىُّ: لا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له في الحالِ؛ لأنَّها ليستْ مِلْكًا له، فإذا مَلَكَها بعدَ ذلك، فهل تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له؛ فيها قَولان. ولَنا، أنَّه وَطءٌ يَلْحَقُ به النَّسَبُ لشُبْهَةِ المِلْكِ، فتَصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ، كوَطْءِ جارِيَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِه، وبه يَبْطُلُ ما ذَكَرُوه، ولا نُسَلِّمُ أنَّه ليس له فيها مِلْكٌ، فإَّنا قد تَبَيَّنّا أنَّ المِلْكَ قد ثَبَت في الغَنِيمَةِ بمُجَرَّدِ الاغْتِنامِ، وعليه قِيمَتُها، تُطْرحُ في المَغْنَمِ، لأنَّه فَوَّتَها عليهم بفِعْلِه، فلَزِمَتْه قِيمَتُها، كما لو قَتَلَها. فإن كان مُعْسِرًا، كان في ذِمَّتِه قِيمَتُها. وقال القاضِى: إن كان مُعسِرًا، حُسِبَ قَدْرُ حِصَّتِه مِن الغَنِيمَةِ، فصارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وباقِيها رَقِيقٌ للغانِمِين؛ لأنَّ كَوْنَها أُمَّ وَلَدٍ إنَّما يَثْبُتُ بالسِّرايَةِ إلى مِلْكِ غيرِه، فلم يَسْرِ في حَقِّ المُعْسِرِ، كالإِعْتاقِ. ولَنا، أنَّه اسْتِيلادٌ (1) جَعَلَ بَعْضَها أُمَّ وَلَدٍ، فيَجْعَلُ جميعَها أُمَّ وَلَدٍ، كاسْتِيلادِ (2) جارِيَةِ الابنِ، وفارَقَ العِتْقَ؛ لأنَّ الاسْتِيلادَ (3) أقْوَى؛ لكَوْنِه فِعْلًا، وينْفُذُ مِن المجْنُونِ. فأمّا قِيمَةُ الوَلَدِ، فقال أبو بكرٍ: فيها رِوايتان؛ إحداهما، تَلْزَمُه قِيمَتُه حينَ وَضْعِه، تُطْرَحُ في المَغْنَمِ؛ لأنَّه
(1) في م: «استيلاء» .
(2)
في م: «كاستيلاء» .
(3)
في م: «الاستيلاء» .