الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْفَىْ
ءِ
وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِغَيْرِ قِتَالٍ؛ كَالْجِزْيَةِ، وَالْخَرَاجِ، وَالْعُشْرِ، وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعًا، وَخُمْسِ خُمْسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَالِ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ، فَيُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ.
ــ
بابُ الفَىْءِ
(وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِغَيْرِ قِتَالٍ؛ كَالْجِزْيَةِ، وَالْخَرَاجِ، وَالْعُشْرِ، وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعًا، وَخُمْسِ (1) خُمْسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَالِ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ، فَيُصْرَفٌ (2) في مَصَالِحِ المسلمين) لهم كلِّهم فيه حَقٌّ، غَنِيِّهم وفقيرِهم، إلَّا العبيدَ. هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، والْخِرَقِىِّ.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «معروف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذَكَر أحمدُ، رحمه الله، الفَىْءَ، فقال: فيه حقٌّ لكلِّ المسلمين، وهو بينَ الغَنِىِّ والفقيرِ. وقال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عَنه: ما مِن أحَدٍ مِن المسلمين إلَّا له في هذا المالِ نَصِيبٌ، إلَّا العبيدَ ليس لهم فيه شئٌ، وقرَأ عمرُ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} حتَّى بَلغَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (1). فقال: هذه (2) اسْتَوْعَبَتِ المسلمين عامَّةً، ولَئِنْ عِشْتُ ليَأْتِيَنَّ الرَّاعِىَ [بسَرْوِ حِمْيَرَ](3) نَصِيبُه منها، لم يَعْرَق فيه جَبِينُه (4). وذَكَر القاضى أنَّ الفَىْءَ مُخْتَصٌّ بأهلِ الجهادِ، مِن المُرابِطِين في الثُّغورِ، وجُنْدِ المسلمين، ومَن يقومُ بمصالِحِهم؛ لأنَّ ذلك كان للنبىِّ صلى الله عليه وسلم في حياتِه، لحُصُولِ النُّصْرَةِ والمصْلَحَةِ به، فلمَّا ماتَ، صارت مخْتَصَّةً بالجُنْدِ،
(1) سورة الحشر 7 - 10.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «بستر وحمير» .
والسرو من الجبل: ما ارتفع عن مجرى السيل، وانحدر عن غلظ الجبل، ومنه سرو حمير لمنازلهم بأرض اليمن، وهو عدة مواضع. انظر: معجم البلدان 3/ 89.
(4)
أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في قول أمير المؤمنين عمر. . .، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 352.
وَيَبْدَأُ بِالأَهَمِّ فَالأهَمِّ؛ مِنْ سَدِّ الثُّغُورِ، وَكِفَايَةِ أَهْلِهَا،
ــ
ومَن يَحْتاجُ إليه المسلمون، فصارَ لهم ذلك دُونَ غيرِهم. فأمّا الأعْرابُ ونحوُهم ممَّن لا يُعِدُّ نفْسَه للجهادِ، فلا حَقَّ لهم فيه. والذين يَغْزُون (1) إذا نَشِطُوا، يُعْطَوْن مِن سَهْمِ سبيلِ اللَّه مِن الصَّدَقَةِ. قال القاضى: ومعْنى كلامِ أحمدَ، أنَّه بينَ الغَنِىِّ والفقيرِ. يعْنى الغَنِىَّ (2) الَّذى فيه مصلحةُ المُسْلِمين مِن المُجاهِدين والقُضاةِ والفُقَهاءِ. قال: ويَحْتَمِلُ أن يكونَ معْنى كلامِه، أنَّ لجميعِ المسلمين الانْتِفاعَ بذلك المالِ؛ لكَوْنِه يُصْرَفُ إلى مَن يَعُودُ نَفْعُه إلى جميعِ المسلمين، وكذلك ينْتَفِعون بالعُبورِ على القناطِرِ والجُسورِ المعْقودَةِ بذلك المالِ، وبالأنْهارِ والطُّرُقاتِ التى أُصْلِحَتْ به. وسياقُ كلامِ أحمدَ يَدُلُّ على أنَّه غيرُ مُخْتَصٍّ بالجُنْدِ، وإنَّما هو مَصْرُوفٌ (3) في مصالِحِ المسلمين، لكنْ يبدأُ بجُنْدِ المسلمين؛ لأنَّهم أهَمُّ المصالِحِ، لكَوْنِهم يَحْفَظُون المسلمين، فيُعْطَوْن كِفَاياتِهم، فما فَضَل قُدِّمَ الأهَمُّ فالأهَمُّ؛ مِن عِمارَةِ الثُّغُورِ وكِفَايَتِها بالكُراعِ (4)
(1) في النسخ: «يعرضون» . وانظر المغنى 9/ 298.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «معروف» .
(4)
الكراع: اسم يشمل الخيل والسلاح.
وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ يَدْفَعُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ الأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ؛ مِنْ سَدِّ الْبُثُوقِ، وَكَرْىِ الأَنْهَارِ، وَعَمَلِ الْقَنَاطِرِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
ــ
والسِّلاحِ، وما يُحْتاجُ إليه، ثم الأهَمُّ فالأهَمُّ؛ مِن عِمارَةِ المساجدِ والقَناطِرِ، وإصْلاحِ الطُّرُقِ، وكِراءِ الأَنْهارِ، وسَدِّ بُثُوقِها، وأرْزاقِ القُضاةِ والأئمةِ والمُؤَذنين والفُقَهاءِ، وما يَحْتاجُ إليه المسلمون، وكلِّ ما يعودُ نَفْعُه على المسلمين، ثم يُقْسَمُ ما فَضَل على المسلمين، لِما ذَكَرْنا مِن الآيَةِ، وقَولِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وللشافعىِّ قَوْلان، كنحوِ ما ذَكَرْناه. واسْتَدَلُّوا على أنَّ أربعةَ أخْماسِ الفَىْءِ كان لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في حياتِه، بما روَى مالكُ ابنُ أوْسِ بنِ الحَدَثانِ، قال: سَمِعْتُ عمرَ بنَ الخَطَّاب، والعباسُ وعلىٌّ يخْتَصِمان إليه في أمْوالِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقال عمرُ: كانت أَمْوالُ بنى النَّضِيرِ ممَّا أفاءَ اللَّهُ على رَسُولِه، ممَّا لم يُوجِفِ المسلمون (1) عليه بِخَيْلٍ ولا رِكَابٍ، وكانتْ لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خالِصًا دونَ المسلمين، وكان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ منها على أهْلِه نَفَقَةَ سَنَةٍ، فما فَضَل جَعَلَه في الكُراعِ والسِّلاحِ، ثم تُوُفِّىَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فوَلِيَها أبو بكر بمِثْلِ ما وَلِيَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم وَلِيتُها بمثلِ ما وَلِيَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ. مُتَّفَقٌ عليه (2). إلَّا أنّ
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه، من كتاب الجهاد، وفى: باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله وكيف نفقات العيال، من كتاب النفقات، وفى: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا صدقة، =