الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَقْسِمُ بَاقِىَ الْغَنِيمَةِ؛ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ؛ سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ،
ــ
فإِنَّ الإِمامَ لا يَكْتَفِى مُؤْنَتَه بقَسْمِه، فلا تحْصُلُ الفائِدَةُ به، ولأنَّ الخُمْسَ لا يُمْكِنُ قَسْمُه بينَ أهْلِه كلِّهم؛ لأنَّه يُحْتاجُ إلى مَعْرِفَتِهم وعَدَدِهم، ولا يُمْكِنُ ذلك مع غَيْبَتِهم، ولأنَّ الغانِمِين ينْتَفِعُونَ بسِهامِهم، ويتَمَكَّنُون مِن التَّصَرُّفِ فيها. واللَّهُ تعالى أعلمُ.
1453 - مسألة: (ثم يَقْسِمُ باقِىَ الغَنِيمَةِ؛ للرّاجِلِ سَهْمٌ، وللفارِسِ ثَلاثةُ أسْهُمٍ؛ سَهمٌ له، وسَهْمان لِفَرَسِه)
أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ للغانِمِين أرْبعةَ أخْماسِ الغَنِيمَةِ، وقد دَلَّ النَّصُّ على ذلك بقولِه تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (1). يُفْهَمُ منه أنَّ أربعةَ أخْماسِها الباقِيَةَ لهم؛ لأنَّه أضافَها إليهم، ثم أخَذَ منها سَهْمًا لغيرِهم، فبَقِىَ سائِرُها لهم، كقولِه تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (2). فَفُهِمَ منه أنَّ الباقِىَ للأبِ. وقال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: الغَنِيمَةُ لمَن شَهِد الوَقْعَةَ.
فصل: ويَقْسِمُ بينَهم، للرّاجِلِ (3) سَهْمٌ، وللفارِسِ ثَلاثةُ أسْهُمٍ؛
(1) سورة الأنفال 41.
(2)
سورة النساء 11.
(3)
في م: «للرجل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَهْمٌ له، وسَهْمان لفَرَسِه. هذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، أنَّ الغَنِيمَةَ تُقْسَمُ للفارِسِ ثلاثةُ أسْهُمٍ؛ له سَهْمٌ، ولفَرَسِه سَهْمان، وللرّاجِلِ سَهْمٌ. قال ابنُ المُنْذِرِ: هذا مَذْهَبُ عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ، والحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، وحَبِيبِ بنِ أبى ثابِتٍ، وعَوامِّ عُلماءِ الإِسلامِ في القَدِيم والحديثِ؛ منهم مالكٌ، ومَن تَبِعَه مِن أهْلِ المدينَةِ، والثَّوْرِىُّ ومَن وافَقَه مِن أهْلِ العِراقِ، واللَّيْثُ ومَن تَبِعَه مِن أهْلِ مصرَ، والشافعىُّ، وأحمدُ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: للفَرَسِ سَهْمٌ واحِدٌ؛ لِما روَى مُجَمِّعُ بنُ جارِيةَ (1)، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ خَيْبَرَ على أهْلِ الحُدَيْبِيَةِ فأعْطىَ الفارِسَ سَهْمَيْن، وأعْطىَ الرّاجِلَ سَهْمًا. رَواه أبو داودَ (2). ولأنَّه حيوانٌ ذو سَهْمٍ، فلم يَزِدْ على سَهْمٍ، كالآدَمِىِّ. ولَنا، ما روَى ابنُ عُمَرَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أسْهَمَ يومَ خيْبَرَ للفارسِ ثلاثَةَ أسْهُمٍ؛ سَهْمان لفَرَسِه، وسَهْمٌ له. مُتَّفَقٌ عليه (3). وعن أبى رُهْمٍ، وأخِيه، أنَّهما كانا فارِسَيْن يومَ خَيْبَرَ، فأُعْطِيا سِتَّةَ أسْهُمٍ؛
(1) في م: «حارثة» .
(2)
في: باب من أسهم له سهما، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 69، 70.
(3)
أخرجه البخارى، في: باب سهام الفرس، من كتاب الجهاد. صحيح البخارى 4/ 37. ومسلم، في: باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم 3/ 1383.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في سهمان الخيل، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 69. والترمذى، في: باب في سهم الخيل، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 7/ 43. وابن ماجه، في: باب قسمة الغنائم، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 952. والدارمى، في: باب في سهمان الخيل، من كتاب السير. سنن الدارمى 2/ 225، 226. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 2، 62، 72، 80.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أربعةَ أسْهُمٍ لفَرَسَيْهما، وسَهْمَيْن لهما. رَواه سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ (1). وعن ابنِ عباسٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أعْطَى الفارِسَ ثلاثةَ أسْهُمٍ، وأعْطَى الرّاجِلَ سَهْمًا (2). وقال خالدٌ الحَذّاءُ (3): لا يُخْتَلَفُ فيه عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه أسْهَمَ هكذا؛ للفَرَسِ سَهْمَيْن، ولصاحِبِه سَهْمًا، وللرّاجِلِ سَهْمًا. وكَتَب عُمَرُ بنُ عبدِ العزِيزِ إلى عبدِ الحميدِ بنِ عبدِ الرحمنِ: أمّا بعدُ؛ فإنَّ سُهْمانَ الخيلِ ممّا (4) فَرَض رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَيْن للفَرَسِ، وسَهْمًا للرّاجِلِ، ولعَمْرِى لقد كان حدِيثًا ما أشْعُرُ أنَّ أحدًا مِن المسلمين هَمَّ بانْتِقاصِ ذلك، [فمَن هَمَّ بانْتِقاصِ ذلك](5) فعاقِبْه (6)، والسلامُ عليك. رَواهما سعيدٌ، والأثْرَمُ (7). وهذا يَدُلُّ على ثُبُوتِ سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بهذا، وأنَّه اجْمِعَ عليه، فلا يُعَوَّلُ على ما خالَفَه. فأمّا حديثُ
(1) في: باب ما جاء في سهام الخيل، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 278.
كما أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في سهم الراجل والفارس، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 326.
(2)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في الفارس كم يقسم له؟ من قال: ثلاثة أسهم، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 379.
(3)
خالد بن مهران الحذاء البصرى الحافظ، من كبار التابعين، وقد رأى أنسا، لم يحذ نعلا قط، وإنما قيل له ذلك لأنه كان يجلس على دكان حذاء، توفى سنة اثنتين وأربعين ومائة. اللباب 1/ 286، العبر 1/ 192، 193.
(4)
سقط من: م.
(5)
سقط من: م.
(6)
سقط من: النسخ. والمثبت من سنن سعيد.
(7)
حديث خالد الحذاء لم نجده في سنن سعيد، وأخرجه الدارقطنى، في: كتاب السير. سنن الدارقطنى 4/ 107. وأخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في سهم الفارس والراجل، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 327. وحديث عمر بن عبد العزيز، أخرجه سعيد، في: باب ما جاء في سهام الرجال والخيل، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 277، 278.