الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ، يَلْزَمُهُمُ الْمُقَامُ.
فَصْلٌ:
وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ.
ــ
فَالأَوْلَى لَهم فِعْلُه. وإنِ اسْتَوَى عندَهم الأمْران، فقال أحمدُ، رحمه الله: كيف شاءَ صَنَع. قال الأوْزاعِىُّ: هما مَوْتَتان، فاخْتَرْ أيْسَرَهما. (وعنه، يَلْزَمُهم المُقامُ) ذَكَرَها أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّهم إذا رَمَوْا أنْفُسَهم بالماءِ، كان مَوْتُهم بفِعْلِهم، وإذا أقامُوا فموْتُهُم بفِعْلِ غيرِهم.
فصل: قال، رَضِىَ اللَّهُ عنه:(ويجوزُ تَبْيِيتُ الكُفَّارِ، ورَمْيُهم بالمَنْجَنِيقِ، وقَطْعُ المياهِ عنهم، وهَدْمُ حُصُونِهم) معنى تَبْيِيتِ الكُفَّارِ: كَبْسُهم ليلًا، وقَتْلُهم وهم غَارُّون. قال أحمدُ: لا بَأْسَ بالبَياتِ، وهل غَزْوُ الرُّومِ إلَّا بِالبَياتِ؟ قال: ولا نَعْلَمُ أحَدًا كَرِهَ بَياتَ العَدُوِّ؛ وذلك لِما روَى الصَّعْبُ بنُ جَثّامَةَ اللَّيْثىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عن الدِّيارِ مِن دِيارِ المُشْرِكِين، يُبَيَّتون فيُصِيبُونَ مِن نِسائِهم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذَرارِيِّهم؟ فقال: «هُمْ مِنْهُمْ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وقد قال سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: أمَّرَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فَغَزَوْنا ناسًا مِن المُشْرِكين، فبَيَّتْناهم. رَواه أبو داودَ (2). فإن قِيلَ: فقد نَهَى النبىُّ صلى الله عليه وسلم عن قَتْلِ النِّساءِ والذُّرِّيَّةِ. قُلْنا: هذا مَحْمُولٌ على التَّعَمُّدِ لقَتْلِهم. قال أحمدُ: أمَّا أن يتَعَمَّدَ قَتْلَهم، فلا. قال: وحديثُ الصَّعْبِ بعدَ نَهْيِه عن قَتْلِ النِّساء؛ لأنَّ نَهْيَه عن قَتْلِ النِّساءِ حينَ بَعَث إلى ابنِ أبى الحُقَيْقِ. وعلى أنَّ الجَمْعَ بينَهما مُمْكِنٌ (3)، يُحْمَلُ النَّهْىُ على التَّعَمُّدِ، والإِباحَةُ على ما عَداهُ. ويجوزُ رَمْيهُم بالمَنْجَنِيقِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نصَبَ المَنْجَنِيقَ على أهْلِ الطَّائِفِ (4). وظاهِرُ كلامِه ههُنا أنَّه يجوزُ مع الحاجةِ وعَدَمِها؛ للحديثِ. وممَّن رأى ذلك الثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وقد رُوِى عن عمرِو بنِ العاصِ، أنَّه نَصَب المَنجَنِيقَ على الإِسْكَنْدَرِيَّةِ (5). ولأنَّ القِتالَ به مُعْتادٌ، أشْبَهَ الرَّمْىَ
(1) أخرجه البخارى، في: باب أهل الدار يبيتون، من كتاب الجهاد. صحيح البخارى 4/ 74. ومسلم، في: باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم 3/ 1364، 1365. كما أخرجه أبو داود، في: كتاب في قتل النساء، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 50. والترمذى، في: باب ما جاء في النهى عن قتل النساء والصبيان، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 7/ 65. وابن ماجه، في: باب الغارة والبيات. . .، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 947. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 38.
(2)
في: باب في البيات، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 41.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 947.
(3)
سقط من: م.
(4)
أخرجه البيهقى، في: باب قطع الشجر وحرق المنازل، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 84.
(5)
انظر: فتوح مصر، لابن عبد الحكم 77.