الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَمَّا الصَّابِئُ، فَيُنْظَرُ فِيهِ؛ فَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ،
ــ
مِن جَمِيعِهم إلَّا مُشْرِكِى قُرَيْشٍ؛ لأنَّهم ارْتَدُّوا. وعن الأوْزاعِىِّ، وسعيدِ ابنِ عبدِ العزيزِ، أنَّها تُقْبَلُ مِن جميعِهم. وهو قولُ عبدِ الرحمنِ بنِ يَزِيدَ ابنِ جابرٍ؛ لحديثِ بُرَيْدَةَ. ولأنَّه كافِرٌ، فأُقِرَّ بالجِزْيَةِ، كأهْلِ الكتابِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (1). وقولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَإذَا قالُوهَا عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (2). وهذا عامٌّ خُصَّ منه جميعُ أهْلِ الكِتابِ بالآيَةِ، والمَجُوسُ بالسُّنَّةِ، فمَن عَداهم مِن الكُفّارِ يَبْقَى على قَضِيَّةِ العُمُومِ. وقد بَيَّنّا أنَّ أهْلَ الصُّحُفِ مِن غيرِ أهْلِ الكِتابِ المُرادِ بالآيةِ.
فصل: وإذا عَقَد الذِّمَّةَ لكُفّارٍ زَعَمُوا أنَّهم أهْلُ كتابٍ، ثمَّ تَبَيَّنَ أنَّهم عَبَدَةُ أوْثانٍ، فالعَقْدُ باطِلٌ مِن أصْلِه. وإن شَكَكْنا فيهم، لم يَنْتَقِضْ عَهْدُهم بالشَّكِّ؛ لأنَّ الأصْلَ صِحَّتُه، فإن أقَرَّ بعضُهم بذلك دُونَ بعضٍ، قُبِلَ مِن المُقِرِّ في نفْسِه، فانْتَقَضَ عَهْدُه، وبَقِىَ في مَن لم يُقِرَّ بحالِه.
1502 - مسألة: (فأمَّا الصّابِئُ، فيُنْظَرُ فيه؛ فإنِ انْتَسَبَ إلى أحَدِ
(1) سورة التوبة 5.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 31.
فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
الكِتابَيْن، فهو مِن أهْلِه، وإلَّا فلا) اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في الصَّابِئِين، فرُوِىَ عن أحمدَ أنَّهم جِنْسٌ مِن النَّصارَى. وقال في مَوْضِعٍ آخرَ: بَلَغَنِي أنَّهم يَسْبِتُون، فإذا أَسْبَتُوا فهم مِن اليهودِ. ورُوِىَ عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: هم يَسْبِتُونَ. وقال مُجاهِدٌ: هم بينَ اليَهودِ والنَّصارَى. وقال السُّدِّىُّ، والرَّبيعُ: هم من أهْلِ الكِتابِ. وتوَقَّفَ الشافعىُّ في أمْرِهم. والصَّحِيحُ ما ذُكِرَ ههُنا، مِن أنَّه يُنْظَرُ فيهم؛ فإن كانُوا يُوافِقُون أحَدَ أهلِ الكِتابَيْن في نَبِيِّهم وكتابِهم فهم منهم، وإن خالَفُوهم في ذلك فليسوا منهم. ويُرْوَى عنهم أنَّهم يقولُون: الفَلَكُ حَىٌّ ناطِقٌ، وإنَّ الكواكِبَ السَّبْعَةَ آلِهَةٌ. فإن كانُوا كذلك، فهم كَعَبَدَةِ الأوْثانِ.