الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الإِسْلَام بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإنْ كَانَ جَاسُوسًا، خُيِّرَ الإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ،
ــ
1489 - مسألة: (وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الإِسْلَام بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، قُبِلَ مِنْهُ)
إذا دَخَل حَرْبِىٌّ دارَ الإِسلامِ بغيرِ أمانٍ، وادَّعَى أنَّه رسولٌ، قُبِلَ منه، ولم يَجُزِ التَّعَرُّضُ له، لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لرسُولَىْ مُسَيْلِمَةَ:«لَوْلَا أنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمَا» . ولأنَّ العادَةَ جارِيَةٌ بذلك. وإنِ ادَّعَى أنَّه تاجِرٌ، وقد جَرَتِ العادَةُ بدُخُولِ تُجَّارِهم إلينا، لم يُعْرَضْ له إذا كان معه ما يَبِيعُه؛ لأنَّهم دَخَلُوا يَعْتَقِدُون الأمانَ، أشْبَهَ ما لو دَخَلُوا بإشارَةِ مسلمٍ. قال أحمدُ: إذا رَكِب القومُ في البَحْرِ، فاسْتَقْبَلَهم فيه تُجَّارٌ مُشْرِكُون مِن أرْضِ العَدُوِّ، ويُرِيدُون بِلادَ الإِسْلامِ، لم يَعْرِضُوا لهم، ولم يُقاتِلُوهم، وكلُّ مَن دَخَل بِلادَ المسلمين مِن أرْضِ الحَرْبِ بتِجارَةٍ، بُويعَ، ولم يُسْأَلْ عن شئٍ. وإن لم تكنْ معه تِجارَةٌ، فقال: جِئْتُ مُسْتَأْمِنًا. لم يُقْبَلْ منه، وكان الإِمامُ فيه مُخَيَّرًا. ونحوُ هذا قولُ الأوْزَاعِىِّ، والشافعىِّ. (و) كذلك (إن كان جاسُوسًا)؛
وَإنْ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، أَوْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ في مَرْكَبٍ إِلَيْنَا، فَهُوَ لِمَنْ أَخذَهُ. وَعَنْهُ، يَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
ــ
لأنَّه حَرْبِىٌّ أُخِذَ بغيرِ أمانٍ، فأشْبَهَ المأْخُوذَ في حالِ الحَرْبِ. (وإن كان ممَّن ضَلَّ الطَّرِيقَ، أو حَمَلَتْه الرِّيحُ في مَرْكَبٍ إلينا، فهو لمَن أَخَذَه)، في إحْدَى الرِّوايَتَين؛ لأنَّه أُخِذَ بغيرِ قتالٍ في دارِ الإِسلام، فكان لآخِذِه، كالصَّيْدِ والحشيشِ. والأُخْرَى، (يكونُ فَيْئًا للمسلمين) لأنَّه أُخِذَ بغيرِ قتالٍ، أشْبَهَ ما لو أُخِذَ في دارِ الحَرْبِ. وقد رُوِى عن أحمدَ، رحمه الله، أنَّه سُئِلَ في الدَّابَّةِ تَخْرُجُ مِن بَلَدِ الرُّومِ، أو تَنْفَلِتُ فتَدْخُلُ القَرْيَةَ، وعن القَوْمِ يَضِلُّون عن الطَّرِيقِ، فيَدْخُلُون القَرْيَةَ مِن قُرَى المسلمين، فَيَأْخُذُونَهم؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: يكونُ لأهْلِ القَرْيَةِ كُلِّهم، يتقاسَمونَهم (1). وسُئِلَ عنِ مَرْكَبٍ بَعَث به مَلِكُ الرُّومِ، وفيه رِجَالُه، فطَرَحَتْه الرِّيحُ إلى طَرَسُوسَ، فخَرَجَ إليه أهلُ طَرَسُوسَ، فقَتَلُوا الرَّجّالَةَ، وأخَذُوا الأمْوالَ؟ فقال: هذا فَئٌ للمسلمين، ممَّا أفاءَ اللَّهُ عليهم. وقال الزُّهْرِىُّ: هو غَنِيمَةٌ، وفيه الخُمْسُ.
فصل: ومَن دَخَل دارَ الحَرْبِ رسُولًا أو تاجِرًا بأمانِهم، فخِيَانَتُهم مُحَرَّمَةٌ عليه؛ لأنَّهم إنَّما أعْطَوْه الأمانَ مَشْروطًا بتَرْكِ خِيانَتِهم، وأمنِه إيَّاهم مِن نَفْسِه، وإن لم يكُنْ ذلك مذْكُورًا في اللَّفْظِ، فهو معْلُومٌ في المعنى. وكذلك مَن جاءَنا منهم بأمانٍ فخانَنا، [كان ناقِضًا](2) لأمانِه، ولأنَّ خِيانَتَهم غَدْرٌ، ولا يَصْلُحُ في دِينِنا الغَدْرُ. فإن خانَهم، أو سَرَق منهم، أو اقْتَرَض شيئًا، وَجَب عليه ردُّ ما أخَذَ إلى أرْبابِه، فإن جاء أرْبابُه إلى
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «فهو ناقض» .