الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْأَمَانِ
يَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أو أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أو أَسِيرًا. وَفِى أَمَانِ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ.
ــ
بَابُ الْأَمَانِ
(يَصِحُّ أمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أو أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أو أَسِيرًا. وَفِى أَمانِ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ) وجملةُ ذلك، أنَّ الأمانَ إذا أُعْطِىَ أهلَ الحَرْبِ، حَرُم قَتْلُهم ومالُهم والتَّعرُّضُ لهم. ويَصِحُّ مِن كلِّ مُسْلم بالغٍ عاقلٍ مُخْتارٍ، ذكرًا كان أَو أُنْثَى، حُرًّا أو عبدًا. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، والأوْزاعِىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ القاسمِ، وأكثرُ أهلِ العلمِ. ورُوِىَ ذلك عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهُ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ: لا يَصِحُّ أمانُ العبدِ، إلَّا أن يكونَ مَأْذُونًا له في القِتالِ؛ لأنَّه لا يَجِبُ عليه الجِهادُ، فلا يَصِحُّ أمانُه، كالصَّبِىِّ، ولأنَّه مَجْلُوبٌ مِن دارِ الحَرْبِ، فلا يُؤْمَنُ أن يَنْظُرَ لهم في تقْدِيمِ مصْلَحَتِهم. ولَنا، ما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
روَى علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أدْنَاهُمْ، فَمَنْ أخْفَر مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ صرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» . رواه البُخارِىُّ (1). والعبدُ إمّا أن يكونَ أدْناهُم، فيَصِحُّ أمانُه بالحَديثِ، أو يكونَ غيرُه أدْنَى منه، فيَصِحُّ أمانُه بطرَيقِ التَّنْبِيهِ. وروَى فُضَيْلُ بنُ يزيدَ الرَّقاشِىُّ، قال: جَهَّز عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ جَيْشًا، فكنت فيه، فحَصَرْنا مَوْضِعًا، فرَأَيْنَا أنَّا سنَفْتَحُها اليومَ، وجَعَلْنا نُقْبِلُ ونَروحُ، وبَقِىَ عَبْدٌ منّا، فراطَنَهم وراطَنُوه، فَكَتَب لهم الأمانَ في صَحِيفَةٍ، وشَدَّها على سَهْمٍ، ورَمَى بها إليهم، فأخَذُوها، وخَرَجُوا، فكَتَبَ بذلك إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، فقال: العَبْدُ المُسْلِمُ رجل مِن المسلمين، ذِمَّتُه ذِمَّتُهم. رَواه
(1) في: باب حرم المدينة، من كتاب فضائل المدينة، وفى: باب ذمة المسلمين، من كتاب الجزية، وفى: باب إثم من تبرأ من مواليه، من كتاب الفرائض، وفى: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم. . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى 3/ 26، 4/ 122، 8/ 192، 9/ 120.
كما أخرجه مسلم، في: باب فضل المدينة. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 999. وأبو داود، في: باب تحريم المدينة، من كتاب المناسك، وفى: باب أيقاد المسلم بالكافر؟ من كتاب الديات. سنن أبى داود 1/ 469، 2/ 488. والنسائى، في: باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس، وباب سقوط القود من المسلم للكافر، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 18، 21، 22. وابن ماجه، في: باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 895. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 119، 122، 126، 151، 2/ 180، 192، 211، 215، 398.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سعيدٌ (1). ولأنَّه مسلمٌ مُكَلَّفٌ، فصَحَّ أمانُه، كالحُرِّ والمَرْأةِ. وما ذَكَرُوه من التُّهْمَةِ يَبْطُلُ بما إذا أُذِن له في القِتالِ، فإنَّه يَصِحُّ أمانُه، وبالمرأةِ.
فصل: ويَصِحُّ أمانُ المرأةِ، في قولِ الجميعِ. قالت عائشةُ، رَضِىَ اللَّهُ عنها: إن كانتِ المرأةُ لتجِيرُ على المسلمين فيَجُوزُ. وعن أُمِّ هانِىٌّ، أنَّها قالت: يا رسولَ اللَّهِ، قد أجَرْتُ أحْمائِى، وأغْلَقْتُ عليهم، وإنَّ ابنَ أُمِّى أرادَ قَتْلَهم. فقال لها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أَجرْنَا مَنْ أَجرْتِ يَا أُمِّ هَانِئٍ، إِنَّمَا يُجِيرُ عَلَى المُسْلِمِينَ أَدنَاهُم» . رَواهما سعيدٌ (2). وأجارَت زينبُ بنتُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبا العاصِ بنَ الرَّبِيعِ، فأمْضاهُ رسولُ اللَّهِ
(1) في: باب ما جاء في أمان العبد، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 233.
كما أخرجه عبد الرزاق، في: باب الجوار، وجوار العبد والمرأة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 222، 223. وابن أبى شيبة، في: باب في أمان المرأة والمملوك، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 453، 454.
(2)
في: باب المرأة تجير على القوم، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 234.
كما أخرج الأول البيهقى، في: باب أمان المرأة، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 95. وعبد الرزاق، في: باب الجوار، وجوار العبد والمرأة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 223.
وأخرج الثانى البخارى، في: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، من كتاب الصلاة، وفى: باب أمان النساء وجوارهن، من كتاب الجزية، وفى: باب ما جاء في زعموا، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 1/ 100، 4/ 122، 8/ 46. ومسلم، في: باب استحباب صلاة الضحى، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها. صحيح مسلم 1/ 498. وأبو داود، في: باب في أمان المرأة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 77. والترمذى، في: باب ما جاء في أمان العبد والمرأة، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 7/ 75. والدارمى، في: باب صلاة الضحى، من كتاب الصلاة، وفى: باب يجير على المسلمين أدناهم، من كتاب السير. سنن الدارمى 1/ 339، 2/ 234. والإمام مالك، في: باب صلاة الضحى، من كتاب قصر الصلاة في السفر. الموطأ 1/ 152. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 341، 343.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم (1).
فصل: ويَصِحُّ أمانُ الأسِيرِ إذا عَقَدَه غيرَ مُكْرَهٍ؛ لدُخُولِه في عُمُومِ الخَبَرِ، ولأنَّه مسلمٌ مُكَلَّف مُخْتَارٌ، أشْبَهَ غيرَ الأسِيرِ. وكذلك يَصِحُّ أمانُ الأجِيرِ والتّاجِرِ في دارِ الحَرْبِ. وبهذا قال الشافعىّ. وقال الثَّوْرِىُّ: لا يَصِحُّ أمانُ أحَدٍ منهم. ولَنا، عُمُومُ الحديثِ، والقِياسُ. فأمَّا الصَّبِىُّ المُمَيِّزُ، ففيه رِوايَتان؛ إحداهُما، لا يَصِحُّ أمانُه. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، ولا يَلْزمُه بقَولِه حكْمٌ، فلا يَلْزَمُ غيرَه، كالمَجْنونِ. والثانيةُ، يَصِحُّ أمانُه. وهو قولُ مالكٍ. قال أبو بكرٍ: يَصِحُّ أمانُه، رِوايَةً واحدةً. وحَمَل رِوايةَ المَنْعِ على غيرِ المُمَيِّزِ (2)، واحْتَجَّ بعُمُومِ الحدِيثِ، ولأنَّه مسلمٌ عاقِلٌ، فصَحَّ أمانُه، كالبالِغِ، بخِلافِ المجنونِ، فإنَّه لا قَوْلَ له أصْلًا.
فصل: ولا يَصِحُّ أمانُ كافِرٍ، وإن كان ذِمِّيًّا؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«ذِمَّةُ المسلمين وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أدْنَاهُمْ» . فجَعَل الذِّمَّةَ للمسلمين، فلا تَحْصُلُ لغيرِهم، ولأنَّه مُتَّهمٌ على الإِسلامِ وأهْلِه، فأشْبَهَ الحَرْبِىَّ.
(1) أخرجه البيهقى، في: باب أمان المرأة، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 95. وعبد الرزاق، في: باب الجوار. . .، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 224، 225.
(2)
في م: «المكلف» .