الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَى الْإِمَامِ حِمَايَةُ مَنْ هَادَنَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ،
ــ
فإن ضَمَّهم الإِمامُ إليه بإذْنِ الكُفَّارِ، دَخَلُوا في الصُّلْحِ وحَرُمَ عليهم قَتْلُ الكُفَّارِ وأخْذُ أمْوالِهم. ورُوِىَ عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه لمَّا جاءَ أبو جَنْدَلٍ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم هارِبًا مِن الكُفَّارِ يَرْسُفُ في قُيودِه، قامَ إليه أبوه فَلَطَمَه، وجعَل يَرُدُّه، قال عمرُ: فقُمْتُ إلى جانِبِ أبى جَنْدَلٍ، وقلتُ: إنَّهم الكُفَّارُ، وإنَّما دَمُ أحَدِهم دَمُ كَلْبٍ. وجَعَلْتُ أدْنِي منه قائِمَ السَّيْفِ لعلَّه أنْ يَأْخُذَه، فيَضْرِبَ به أباه. قال: فضَنَّ الرَّجُلُ بأبِيه (1).
فصل: وإذا طَلَبَتِ امْرأةٌ أو صَبِيَّةٌ مُسْلِمَةٌ الخُرُوجَ مِنِ عندِ الكُفَّارِ، جازَ لكُلِّ مسلِمٍ إخْراجُها؛ لِما رُوِى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا خَرَج مِن مكَّةَ، وقَفَتِ ابْنَةُ حَمْزَةَ على الطَّرِيقِ، فلمَّا مَرَّ بها علىٌّ قالَتْ: يا ابْنَ عَمِّ، إلى مَن تَدَعُنِى؟ فتَناوَلَها، فدَفَعَها إلى فاطِمَةَ حتى قَدِمَ بها المدينةَ (2).
1499 - مسألة: (وعلى الإِمامِ حِمايَةُ مَن هادَنَه مِن المُسْلِمِين
(1) انظر ما تقدم في صفحة 352.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب كيف يكتب هذا ما صالح عليه فلان بن فلان. . .، من كتاب الصلح، وفى: باب عمرة القضاء، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 3/ 242، 5/ 180. والبيهقى، في: باب نقض الصلح فيما لا يجوز وهو ترك النساء. . .، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 228، 229.
وَإِنْ سَبَاهُمْ كُفَّارٌ آخَرُونَ، لَمْ يَجُزْ لَنَا شِرَاؤُهُمْ.
ــ
دُونَ غَيْرِهم، وإنْ سَباهم كُفّارٌ آخَرُون، لم يَجُزْ لَنا شِراؤُهم) وذلك أنَّ الإِمامَ إذا عَقَدَ الهُدْنَةَ لقَوْمٍ، فعليه حِمايَتُهم مِن المسلمين وأهلِ الذِّمَّةِ؛ لأنَّه أمَّنَهم ممَّن هو في قَبْضَتِه وتحتَ يَدِه، كما أمَّنَ مَن في قَبْضَتِه منهم. ومَن أتْلَفَ مِن المُسْلِمِين أو مِن أهْلِ الذِّمَّةِ عليهم شَيْئًا، فعليه ضَمانُه. ولا يَلْزَمُه حِمايَتُهم مِن أهْلِ الحَرْبِ، ولا حِمايَةُ بَعْضِهم مِن بَعْضٍ؛ لأنَّ الهُدْنَةَ الْتِزامُ الكَفِّ عنهم فقط. فإن أغارَ عليهم قَوْمٌ آخَرُون فسَبَوْهُم، لم يَلْزَمْه اسْتِنْقاذُهم، وليس للمُسْلِمِين شِراؤُهم؛ لأنَّهم في عَهْدِهم، ولا يجوزُ لهم أذاهم (1) ولا اسْتِرْقاقُهم. وذُكِرَ عن الشافعىِّ ما يَدُلُّ على هذا. ويَحْتَمِلُ جوازُ ذلك. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه لا يَجِبُ عليه أن (2) يَدْفَعَ عنهم، فلم يَحْرُمِ اسْتِرْقاقُهم، بخلافِ أهلِ الذِّمَّةِ. فعلى هذا، إنِ
(1) في م: «شراؤهم» .
(2)
في م: «من» .