الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهمْ وَمَجَانِينِهِمْ.
ــ
ابنِ عبدِ العزيزِ، أنَّه أبَى على نَصارَى بنى تَغْلِبَ إلَّا الجِزْيَةَ، وقال: لا واللَّهِ إلَّا الجِزْيَةَ، وإلَّا فقد آذنْتُكُم بالحَرْبِ. وحُجَّتُه عُمُومُ الآيةِ فيهم. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: لَئِن تفَرَّغْتُ لبنى تَغْلِبَ لَيكُونَنَّ لى فيهم رَأْىٌ، لأقْتُلَنَّ مُقاتِلتَهُم، ولأسْبِيَنَّ ذَرارِيَّهم، فقدْ نقَضُوا العَهْدَ، وبرِئَتْ منهم الذِّمَّةُ حينَ نَصَّرُوا أوْلادَهم (1). وذلك أنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، صالَحَهم على أن لا يُنَصِّرُوا أوْلادَهم. والعَمَلُ على الأوَّلِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الإِجْماعِ. وأمَّا الآيَةُ، فإنَّ هذا المأْخُوذَ منهم جِزْيَةٌ باسمِ الصَّدَقَةِ، فإنَّ الجِزْيَةَ يَجُوزُ أخْذُها عُروضًا.
1505 - مسألة: (ويُؤْخَذُ ذلِكَ مِن نِسائِهم وصِبْيانِهم ومجانِينِهم)
كذلك قال أصحابُنا: تُؤْخَذُ الزَّكاةُ منهم مُضاعَفَةً مِن مالِ مَن تُؤْخَذُ منه الزَّكاةُ لو كان مُسْلِمًا. وبه قال أبو حنيفةَ، وأبو عُبَيْدٍ. وذُكِرَ
(1) أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في ذبائح نصارى بني تغلب، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 217. وأبو عبيد، في: باب أخذ الجزية من عرب أهل الكتاب، من كتاب سنن الفئ والخمس والصدقة. . . الأموال 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه قولُ أهْلِ الحِجازِ. فعلى هذا، تُؤْخَذُ مِن نِسائِهم وصِبْيانِهم ومَجانِينِهم وزَمْناهُم ومَكافِيفِهم وشُيُوخِهم، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ لا يُوجِبُ الزَّكاةَ في مالِ صَبِىٍّ ولا مَجْنُونٍ مِن المُسْلِمِين، فكذلك الواجِبُ في مالِ بنى تَغْلِبَ، لا يَجِبُ على صَبِىٍّ ولا مَجْنُونٍ، إلَّا في الأرْضِ خاصَّةً. وذَهَب الشافعىُّ إلى أنَّ هذا جِزْيَةٌ تُؤْخَذُ باسمِ الصَّدَقَةِ، فعندَه لاتُؤْخَذُ ممَّن لا جِزْيَةَ عليه، كالنِّساءِ والصِّبْيانِ والمَجانِينِ. قال: وقد رُوِى عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: هؤلاء حَمْقَى، رَضُوا بالمَعْنَى، وأبَوْا الاسْمَ. وقال النُّعْمانُ بنُ زُرْعَةَ: خُذْ منهم الجِزْيَةَ باسمِ الصَّدَقَةِ. ولأنَّهم أهْلُ ذِمَّةٍ، فكان الواجِبُ عليهم جِزْيَةً لا صَدَقَةً، كغيرِهم مِن أهْلِ الذِّمَّةِ، ولأنَّه مالٌ يُؤْخَذُ مِن أهْلِ الكِتابِ لحَقْنِ دِمائِهم، فكان جِزْيَةً، كما لو أُخِذَ باسمِ الجِزْيَةِ، يُحَقِّقُه أنَّ الزَّكاةَ طُهْرَةٌ، وهؤلاء لا طُهْرَةَ لهم. قال شيخُنا (1): وهذا أقْيَسُ. وحُجَّةُ أصحابِنا، أنَّهم سألُوا عُمَرَ أن يَأْخُذَ منهم ما يَأْخُذُ بعضُهم (2) مِن بعضٍ. فأجابَهم عُمَرُ إليه بعدَ الامْتِناعِ منه، والذي يَأْخُذُه بعضُنا مِن بعضٍ هو الزَّكاةُ مِن كلِّ مالٍ زَكَوِىٍّ لأىِّ
(1) في: المغنى 13/ 225.
(2)
في الأصل: «بعضكم» .