الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَيَلْزَمُ الْجَيْشَ طَاعَةُ الْأَمِيرِ، وَالنُّصْحُ لَهُ، وَالصَّبْرُ مَعَهُ. وَلَا يَجُوزُ لأَحَدٍ أنْ يَتَعَلَّفَ، وَلَا يَحْتَطِبَ، وَلَا يُبَارِزَ، وَلَا يَخْرُجَ مِنَ الْمُعَسْكَرِ، وَلَا يُحْدِثَ حَدَثًا، إِلَّا بِإِذْنِهِ.
ــ
أبو بكرٍ دُونَ النّاسِ (1)، ولأن هذا جُعِلَ تحْرِيضًا على القِتالِ، وَحَثًّا على فِعْلِ ما يَحْتاجُ المُسْلِمُون إليه؛ لتَحَمُّلِ فاعِلِه كُلْفَةَ فِعْلِه، رَغْبَةً فيما جُعِلَ له، فلو لم يَخْتَصَّ به فاعِلُه، ما خَاطَرَ أحدٌ بنَفْسِه فيه، ولا حصَلَتْ مَصْلَحَةُ النَّفَلِ، فوَجَبَ أن يَخْتَصَّ الفاعِلُ لذلك بنَفَلِه، كثَوابِ الآخِرَةِ.
فصل: قال، رَضِىَ اللَّهُ عنه:(ويَلْزَمُ الجَيْشَ طاعَةُ الأميرِ، والنُّصْحُ له، والصَّبْرُ معه) لقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (2). وقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أطَاعَنِى فَقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ أطَاعِ أمِيرِى فَقَدْ أطَاعَنِى، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى أمِيرى فقَدْ عَصَانِى» . رَواه النَّسائِىُّ (3).
1423 - مسألة: (ولا يَجُوزُ لأحَدٍ أن يَتَعَلَّفَ، ولا يَحْتَطِبَ، ولا يُبارِزَ، ولا يَخْرُجَ مِن المُعَسْكَرِ، ولا يُحْدِثَ حَدَثًا، إلَّا بِإذنِ الأمِيرِ)
(1) تقدم تخريجه في صفحة 138.
(2)
سورة النساء 59.
(3)
في: باب الترغيب في طاعة الإمام، من كتاب البيعة. المجتبى 7/ 138.
كما أخرجه البخارى، في: باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به، من كتاب الجهاد، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى 4/ 60، 61، 9/ 77. ومسلم، في: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم 3/ 1466. وابن ماجه، في: باب طاعة الإمام، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 954. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 93، 244، 252، 270، 313، 342، 382، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَعْنِى لا يَخْرُجُ لتَعَلُّفٍ، وهو تَحْصِيلُ العَلَفِ، ولا احْتِطابٍ، ولا غيرِه، إلَّا بإذْنِ الأمِيرِ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (1). ولأنَّ الأمِيرَ أعْرَفُ بحالِ الناسِ، وحالِ العَدُوِّ، ومَكامِنِهم، وقُرْبِهم، وبُعْدِهم، فإذا خَرَج أحَدٌ بغيرِ إذْنِه، لم يَأْمَنْ أن يُصادِفَ كَمِينًا للعَدُوِّ، أو طَلِيعَةً لهم، فيَأْخُذُوه، أو يَرْحَلَ الأميرُ ويَدَعَه فيَهْلِكَ، فإذا كان بإذْنِ الأمِيرِ، لم يأْذَنْ لهم إلَّا إلى مَكانٍ آمِنٍ، ورُبَّما يَبْعَث معهم مِن الجيشِ مَن يَحْرُسُهم.
فصل: فأمَّا المُبارَزَةُ، فتجُوزُ بإذْنِ الأميرِ، في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ، إلَّا الحَسَنَ، فإنَّه كَرِهَها. ولَنا، أنَّ حَمْزَةَ وعَلِيًّا وعُبَيْدَةَ بنَ الحارِثِ بارَزُوا يومَ بَدْرٍ بإِذْنِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم (2). وبارَزَ علىٌّ عَمْرَو بنَ عَبْدِ وُدٍّ في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ (3). وبارَزَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ. وقيل: بارَزَه محمدُ بنُ مَسْلَمَةَ (4). وبارَزَ البَراءُ بنُ مالكٍ مَرْزُبانَ الزَّأْرةِ (5) فَقَتَلَه، وأخَذَ سَلَبَه،
= 416، 467، 471، 511.
(1)
سورة النور 62.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب قتل أبى جهل، من كتاب المغازى، وفى: باب {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} ، من سورة الحج، من كتاب التفسير. صحيح البخارى 5/ 95، 96، 6/ 124. ومسلم، في: باب قوله تعالى {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، من كتاب التفسير. صحيح مسلم 4/ 2323. وابن ماجه، في: باب المبارزة والسلب، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 946.
(3)
انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/ 332 - 334.
(4)
انظر: المغازى، للواقدى 2/ 470، 471.
(5)
في م: «المرازبه» . والزأرة: الموضع كثير الشجر. والمرزبان: رئيس القوم من العجم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فبَلَغَ ثَلاثينَ ألفًا (1). ورُوِىَ عنه أنَّه قال: قَتَلْتُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ رَئِيسًا مِن المُشْرِكِين مُبارَزَةً، سِوَى مَن شارَكْتُ فيه (2). ولم يَزَلْ أصحابُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، يُبارِزُون في عَصْرِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم ومِن بعدِه، لم يُنْكِرْه مُنْكِرٌ، فكان إجْماعًا، وكان أبوِ ذَرٍّ يُقْسِمُ أنَّ قَوْلَه تعالى:{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (3). نَزَلَتْ في الذين تَبارَزُوا يومَ بَدْرٍ، وهم حَمْزَةُ وعَلِىٌّ وعُبَيْدَةُ، بارَزُوا عُتْبَةَ وشَيْبَةَ والوَلِيدَ بنَ عُتْبَةَ. رَواه البخارىُّ (4). إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَنْبَغِى أن يُسْتَأْذَنَ الأمِيرُ في المُبارَزَةِ إذا أمْكَنَ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وإسْحاقُ. ورَخَّصَ فيها مالِكٌ، والشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ أبا قَتادَةَ، قال: بارَزْتُ رَجُلًا يومَ حُنَيْنٍ وقَتَلْتُه (5). ولم يُعْلَمْ أنَّه اسْتَأْذَنَ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، وكذلك أكثرُ مَن حَكَيْنا عنهم المُبارَزَةَ، لم نَعْلَمْ منهم اسْتِئْذانًا. ولَنا، أنَّ الإِمامَ أعْلَمُ بفُرْسانِه وفُرْسانِ عَدُوِّه، ومَتى بَرَزَ الإِنْسانُ إلى مَن لا يُطِيقُه، كان مُعَرِّضًا نفْسَه للهَلاكِ، فيَكْسِرُ (6) قلوبَ المُسْلِمِين،
(1) أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في تخميس السلب، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 310، 311. وسعيد بن منصور، في: باب ما يخمَّس في النفل، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 263، 264. وعبد الرزاق، في: باب السلب والمبارزة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 233. وابن أبى شيبة، في: باب من جعل السلب للقاتل، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 371، 372.
(2)
في م: «فيهم» . والحديث أخرجه عبد الرزاق، في: باب السلب والمبارزة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 233، 234. وفيه:«مائة» مكان: «تسعة وتسعين» .
(3)
سورة الحج 19.
(4)
انظر حاشية (2) في الصفحة السابقة.
(5)
حديث أبى قتادة يأتى بتمامه في صفحة 152. ويأتى تخريجه هناك. وهو بهذا اللفظ عند عبد الرزاق، في: باب السلب والمبارزة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 236.
(6)
في م: «فتنكسر» .