الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ أُعْطِىَ أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا، فَفَتَحَهُ، وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا فِيهِمْ، حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ.
ــ
1487 - مسألة: (وَمَنْ أُعْطِىَ أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا، فَفَتَحَهُ، وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا فِيهِمْ، حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ)
إذا حَصَر السلمون حِصْنًا، فناداهُم رجلٌ: أمِّنُونِى أفْتَحْ لكم الحِصْنَ. جازَ أنْ يُعْطُوه أمانًا؛ فإنَّ زيادَ بنَ لَبِيدٍ لمّا حَصَر النُّجَيْرَ (1)، قال الأشْعَثُ بنُ قَيْسٍ: أعْطُونِى الأمانَ لعشرةٍ، أفْتَحْ لكم الحِصْنَ. ففَعَلُوا. فإن أشْكَلَ عليهم، وادَّعَى كلُّ واحدٍ مِن الحِصْنِ أنَّه الَّذى أمَّنُوه، لم يَجُزْ قَتْلُ واحِدٍ منهم؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهم يَحْتَمِلُ صِدْقُه، وقد اشْتَبَهَ المُباحُ بالمُحَرَّمِ فيما لا ضَرُورَةَ إليه، فحَرُمَ الكُلُّ، كما لو اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بمُذَكَّاةٍ، وأختُه بأجْنَبِيَّاتٍ، أو زانٍ مُحْصَنٌ بمَعْصُومِين. وبهذا قال الشافعىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. ويَحْرُمُ اسْتِرقاقُهم أيضًا في أحَدِ الوجْهَين. وذكر القاضى أنَّ أحمدَ نَصَّ عليه. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لِما ذَكَرْنا في تَحْرِيمِ القَتْلِ، فإنَّ اسْتِرقاقَ
(1) في م: «النحير» .
والنجير: حصن قرب حضرموت منيع، لجأ إليه أهل الردة مع الأشعث بن قيس في أيام أبى بكر، رضى اللَّه عنه. معجم البلدان 4/ 762، 763. وخبر الأمان فيه.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرَجُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ، وَيُسْتَرَقُّ الْبَاقُونَ.
ــ
مَن لا يَحِلُّ اسْتِرْقاقُه مُحَرَّمٌ. والوَجْهُ الثَّانِى، يُقْرَعُ، فيُخْرَجُ صاحِبُ الأمانِ بالقُرْعَةِ، ويُسْتَرَقُّ الباقون. قاله أبو بكرٍ؛ لأنَّ الحَقَّ لواحِدٍ منهم غيرِ مَعْلومٍ، فأُخْرِجَ بالقُرْعَةِ، كما لو أعْتَقَ عَبْدًا مِن عَبيدِه وأشْكَلَ، ويُخالِفُ القَتْلَ؛ فإنَّه إراقَةُ دَمٍ يَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ، بخِلافِ الرِّقِّ، ولهذا يَمْتَنِعُ القَتْلُ في النِّساءِ والصِّبْيانِ دُونَ الاسْتِرْقاقِ. وقال الأوْزَاعِىُّ: إذا أسْلَمَ واحِدٌ مِن أهْلِ الحِصْنِ قَبْلَ فَتْحِه، أشْرَفَ علينا، ثم أشْكَلَ، فادَّعَى كلُّ واحدٍ منهم أنَّه الَّذى أسْلَمَ، يَسْعَى كلُّ واحدٍ منهم في قِيمَةِ نفْسِه، ويُتْرَكُ له عُشْرُ قِيمَتِه. وقياسُ المَذْهَبِ أنَّ فيها وجْهَيْن، كالتى قبلَها.
فصل: قال أحمدُ: إذا قال الرجلُ: كُفَّ عنِّى حتَّى أدُلَّكَ على كذا. فبَعَثَ معه قَوْمًا ليدُلَّهم، فامْتَنَعَ مِن الدَّلالَةِ، فلهم ضَرْبُ عُنُقِه؛ لأنَّ أمانَه بشَرْطٍ، ولم يُوجَدْ. قال أحمدُ: إذا لَقِىٍ عِلْجًا وطَلَب منه الأمانَ، فلا يُؤَمِّنُه؛ لأنَّه يُخافُ شَرُّه، وإن كانوا سَرِيَّةً، فلهم أمانُه. يعنى، أنَّ السَّرِيَّةَ