الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُلْزِمُهُمُ التَّمَيُّزَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِى شُعُورِهِمْ؛ بحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهِمْ وَتَرْكِ الْفَرْقِ، وَكُنَاهُمْ فَلَا يَكْتَنُوا بِكُنَى الْمُسْلِمينَ، كَأَبِى الْقَاسِمِ، وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ، وَرُكُوبِهِمْ بِتَرْكِ الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ، وَرُكُوبِهِمْ عَرْضًا عَلَى الْأُكُفِ، وَلِبَاسِهِمْ فَيَلْبَسُونَ ثَوْبًا يُخَالِفُ ثِيَابَهُمْ؛ كَالْعَسَلىِّ وَالْأَدْكَنِ، وَشَدِّ الْخِرَقِ فِى قَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ، وَتُؤْمَرُ النَّصَارَى بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوقَ ثِيَابِهِمْ، وَيُجْعَلُ فِى رِقَابِهِمْ خَوَاتِيمُ الرَّصَاصِ، وَجُلْجُلٌ يُدْخَلُ مَعَهُمُ الْحَمَّامَ.
ــ
1520 - مسألة: (ويُلْزِمُهم التَّمَيُّزَ عن المُسْلِمِين؛ فِى شُعُورِهم بحَذْفِ مَقادِم رُءُوسِهم وتَرْكِ الفَرْقِ، وكُناهم فلا يَتَكَنَّوْنَ بِكُنَى المُسْلِمِين؛ كأَبى القاسِمِ، وأبى عبدِ اللَّهِ، ورُكُوبِهم بتَرْكِ الرُّكُوبِ على السُّرُوجِ، ورُكُوبِهم عَرْضًا على الأُكُفِ، ولِباسهم فيَلْبَسُون ثِيابًا تخالِفُ ثيابَهم، كالعَسَلِىِّ والأدْكَنِ، وشَدِّ الخِرَقِ في قلانِسِهم وعَمائِمِهم، وتُؤْمَرُ النَّصارَى بشَدِّ الزُّنَّارِ
(1) فوقَ ثِيابِهم، ويُجْعَلُ في رِقابِهم خَواتِيمُ الرَّصاصِ، وجُلْجُل يُدْخَلُ معهم الحَمَّامَ) يَنْبَغِى للإِمامِ إذا عَقَد الذِّمَّةَ
(1) الزنار: حزام يشده النصراني على وسطه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يَشْرُطَ عليهم شُرُوطًا، نحوَ ما شَرَطَه عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقد رُوِيت عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، [في ذلك](1) أخْبارٌ، منها ما رَواه الخَلَّالُ، بإسْنادِه عن إسماعيلَ بنِ عَيّاشٍ، قال: حَدَّثَنا غيرُ واحدٍ مِن أهْلِ العِلْمِ، قالوا: كَتَب أهْلُ الجزيرَةِ إلى عبدِ الرحمنِ بنِ غَنْمٍ: إنّا حينَ قَدِمْنا (2) بلادَنا، طَلَبْنا إليك الأمانَ لأنْفُسِنا وأهْلِ مِلَّتِنا، على أنّا شَرَطْنا لك على أنْفُسِنا [وأهلِ مِلَّتِنا](3) أنَّا لا نُحْدِثُ في مَدِينَتِنا كنيسةً، ولا فيما حَوْلَها دَيْرًا، ولا قلايةً (4)، ولا صَوْمَعَةَ راهِبٍ، ولا نُجَدِّدُ ما خَرِبَ مِن كَنائِسِنا، ولا ما كانَ منها في خُطَطِ المُسْلِمِين، ولا نَمْنَعُ كنائِسَنا مِن المُسْلِمِين أن يَنْزِلُوها في الليلِ والنهارِ، وأن نُوَسِّعَ أبْوابَها للمارَّةِ وابنِ السَّبيلِ، ولا نأوِىَ فيها ولا في مَنازِلِنا جاسوسًا، وأن لا نَكْتُمَ أمرَ مَن غَشَّ المُسْلِمِين، وأن لا نَضْرِبَ نَواقِيسَنا إلا ضَرْبًا خَفِيًّا في جَوْفِ كنائِسِنا، ولا نُظْهِرَ علينا صليبًا، ولا نرْفَعَ أصْواتَنا في الصَّلاةِ ولا القراءَةِ في كَنائِسِنا فيما يحْضُرُه المُسْلِمُون، ولا نُخْرِجَ صَلِيبَنَا ولا كتابَنا في سُوقِ المُسْلِمِين، وأن لا نَخْرُجَ باعُوثًا (5) ولا شَعانِينَ (6)، ولا نَرْفَعَ أصْواتَنا مع أمْواتِنا، ولا
(1) سقط من: م.
(2)
هكذا بالنسخ، ولعلها:«قدمتم» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
القلاية: شبه صومعة تكون في كنيسة النصارى. تاج العروس (ق ل ى).
(5)
الباعوث: استسقاء النصارى.
(6)
الشعانين: عيد للنصارى يقع يوم الأحد السابق لعيد الفصح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نُظْهِرَ النِّيرانَ معهم في أسْواقِ المُسْلِمِين، وأن لا نُجاوِرَهم بالخنازِيرِ، ولا نَبِيعَ الخُمُورَ، ولا نُظْهِرَ شِرْكًا، ولا نُرَغِّبَ في دِينِنا، ولا نَدْعُوَ إليه أحَدًا، ولا نَتَّخِذَ شيئًا مِن الرَّقِيقِ الذين جَرَتْ عليهم سِهامُ المُسْلِمِين، وأن لا نَمْنَعَ أحدًا مِن أقْربائِنا إذا أرادُوا الدُّخُولَ في الإِسلامِ، وأن نَلْزَمَ زِيَّنا حيثما كُنّا، وأن لا نَتَشَبَّهَ بالمُسْلِمِين في لُبْسٍ قَلَنْسُوَةٍ ولَا عِمامَةٍ ولا نَعْلَيْن، ولا فَرْقِ شَعَرٍ، ولا في مَراكِبِهم، ولا نَتَكَلَّمَ بكلامِهم، ولا نَتَكَنَّى بكُناهم، وأن نَجُزَّ مقادِمَ رُءُوسِنا، ولا نَفْرِقَ نَواصِيَنا، ونَشُدَّ الزَّنانِيرَ على أوْساطِنا، ولا نَنْقُشَ خَواتِيمَنا بالعربِيَّةِ، ولا نَرْكَبَ السُّرُوجَ، ولا نَتَّخِذَ شيئًا مِن السِّلاحِ، ولا نَحْمِلَه، ولا نَتَقَلَّدَ السُّيُوفَ، وأن نُوَقِّرَ المُسْلِمِين في مَجالِسِهم، ونُرْشِدَ الطَّرِيقَ، ونَقُومَ لهم عن المَجالِسِ إذا أرادُوا المجالِسَ، ولا نَطَّلِعَ عليهم في مَنازِلِهم، ولا نُعَلِّمَ أوْلادَنا القرآنَ، ولا يُشارِكَ أحَدٌ مِنّا مُسْلِمًا في تِجارَةٍ، إلَّا أن يكونَ إلى المُسْلِمِ أمْرُ التِّجارَةِ، وأن نُضِيفَ كلَّ مُسْلِمٍ عابرِ سَبِيلٍ ثلاثةَ أيّامٍ، ونُطْعِمَه مِن أوْسَطِ ما نَجِدُ، ضَمِنّا ذلك على أنْفُسِنا، وذَرارِيِّنا، وأزْواجِنا، ومَساكِنِنا، وإن نحن غيَّرْنا أو خالَفْنا عمّا شَرَطْنا على أنْفُسِنا، وقَبِلْنا الأمانَ عليه، فلا ذِمَّةَ لنا، وقد حَلَّ لك مِنّا ما يَحِلُّ لأهْلِ المُعانَدَةِ والشِّقاقِ. فكَتَبَ بذلك عبدُ الرحمنِ بنُ غَنْمٍ إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، فكَتَبَ إليه عُمَرُ أن أمْضِ لهم ما سَألُوا، وألْحِقْ فيها حَرْفَيْن، اشْتَرِطْهُما عليهم مع ما شَرَطُوا على أنفُسِهم: أن لا يَشْتَرُوا مِن سَبايانا شيئًا، ومَن ضَرَب مُسْلِمًا عَمْدًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقد خَلَع عَهْدَه. فأنْفَذَ عبدُ الرحمنِ بنُ غَنْمٍ ذلك، وأقَرَّ مَن أقام مِن الرُّومِ في مَدائِنِ الشامِ على هذا الشَّرْطِ (1). فهذه جُمْلَةُ شُرُوطِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فلذلك يَلْزَمُهم التَّمَيُّزُ عن المُسْلِمِين في شُعُورِهم؛ بحَذْفِ مَقادِمِ رُءُوسِهم، ويَجُزُّون شُعُورَهم، ولا يَفْرِقُونَها؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَرَق شَعَرَه. وأمّا في الكُنَى، فلا يَتَكَنَّوْا بكُنَى المُسْلِمِين؛ كأبي القاسِمِ، وأبى عبدِ اللَّهِ، وأبى محمدٍ، وأبى بَكْرٍ، وأبى الحَسَنِ، وشِبْهِها. ولا يُمْنَعُونَ الكُنَى بالكُلِّيَّةِ، فإنَّ أحمدَ قال لطبيبٍ نَصْرَانِىٍّ: يا أبا إسْحاقَ. وقال: أليس النبىُّ صلى الله عليه وسلم حينَ دَخَل على سعدِ بنَ عُبادَةَ، قال:«ألَا تَرَى مَا يَقُولُ أبُو الحُبَابِ؟» (2). وقال لأُسْقُفِ نَجْرانَ: «أسْلمْ يا أبا الحارِثِ» (3). وقال عُمَرُ لنَصْرانِىٍّ: يا أبا حَسّان، أسْلِمْ تَسْلَمْ. وأمّا الرُّكوبُ، فلا يَرْكَبُون الخَيْلَ؛ لأنَّ رُكُوبَها عِزٌّ، ولهم ركوبُ ما سِوَاها، ولا يَرْكَبُونَ السُّروجَ، ويَرْكبون عَرْضًا، رِجْلاه إلى جانِبٍ وظَهْرُه إلى آخَرَ؛ لِما روَى الخَلَّالُ، أنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أمَرَ بِجَزِّ نَواصِى أهْلِ الذِّمَّةِ، وأن يَشُدُّوا المنَاطِقَ، وأن يَرْكَبُوا الأُكُفَ بالعَرْضِ (4). وأمّا في اللِّباسِ، فهو
(1) تقدم تخريجه في صفحة 439.
(2)
أخرجه البخارى 6/ 49، 50، ومسلم 3/ 1422.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب هل يعاد اليهودى، أو يعرض عليه الإِسلام؟، من كتاب أهل الكتابين. المصنف 10/ 316.
(4)
أخرجه أبو عبيد، في: باب الجزية كيف تجبى، وما يؤخذ به أهلها من الزى. . .، من كتاب سنن الفئ والخمس والصدقة. . . الأموال 53.