الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ عَقْدُ الأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمِنِ، وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ. وَقَالَ أبو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً وَاحِدَةً إِلَّا بِجِزْيَةٍ.
ــ
لا يَخافُون مِن غَدْرِ العِلْجِ، بخِلافِ الواحِدِ. وإن لَقِيَتِ السَّرِيَّةُ أعْلاجًا، فادَّعَوْا أنَّهم جاءُوا مُسْتَأْمِنين، فإن كان معهم سِلاحٌ، لم يُقْبَلْ منهم؛ لأنَّ حَمْلَهم السِّلاحَ يدُلُّ على مُحارَبَتِهم، وإن لم يكُنْ معهم سِلاحٌ، قُبِلَ قوْلُهم (1)؛ لأنَّه دليلٌ على صِدْقِهم.
1488 - مسألة: (وَيَجُوزُ عَقْدُ الأمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمِنِ، وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ. وَعندَ أبو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً إِلَّا بِجِزْيَةٍ)
يَجُوزُ عَقْدُ الأمانِ للرَّسُولِ والمُسْتَأْمِنِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم يُؤَمِّنُ رُسُلَ المُشْرِكِين. ولمّا جاءَه رَسُولًا مُسَيْلِمَةَ، قال:«لَوْلَا أنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمَا» (2). ولأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى ذلك؛ لأنَّنا لو قَتَلْنا رُسُلَهم، لَقَتَلُوا رُسُلَنا، فتَفُوتُ مَصْلَحَةُ المُراسَلَةِ. ويجوزُ عَقْدُ الأمانِ
(1) في م: «قوله» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الرسل، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 76. والدارمى، في: باب في النهى عن قتل الرسل، من كتاب السير. سنن الدارمى 2/ 235. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 391.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لكلِّ واحدٍ منهما مُطْلَقًا ومُقَيَّدًا بمُدَّةٍ، سَواءٌ كانت طَوِيلةً أو قَصِيرَةً، بخِلافِ الهُدْنَةِ، فإنَّها لا تَجُوزُ إلَّا مُقَيَّدَةً؛ لأنَّ في جَوازِها مُطْلَقَةً تَرْكًا للجِهادِ، وهذا بخلافِه. ويَجُوزُ أنْ يُقِيمُوا مدَّةَ الهُدْنَةِ بغيرِ جزْيَةٍ. ذَكَرَه القاضى. قال أبو بكرٍ: هذا ظاهِر كلامِ أحمدَ. وقال أبو الخَطّابِ: عندِى أنَّه لا يَجُوزُ أن يُقِيمَ سَنَةً بغيرِ جِزْيَةٍ. وهو قولُ الأوْزَاعِىِّ، والشافعىِّ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (1). ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه كافِرٌ أُبِيحَ له الإِقامَةُ في دارِ الإِسلامِ مِن غيرِ التِزامِ جِزْيَةٍ، فلم يَلْزَمْه جِزْيَةٌ (2)، كالنِّساءِ والصِّبْيانِ، ولأنَّ الرَّسُولَ لو كان ممَّن لا يجوزُ أخْذُ الجِزْيَةِ منه، لاسْتَوَى في حَقِّه السَّنَةُ وما دُونَها، في أنَّ الجِزْيَةَ لا تُؤْخَذُ منه في المُدَّتَيْن، فإذا جازَتْ له الإِقامَة فِي إحْداهما، جازَتْ في الأُخْرَى، قياسًا لها عليها. وقَوْلُه تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} . أي يَلْتَزِمُونها، ولم يُرد حَقِيقَةَ الإِعْطاءِ، وهذا مَخْصُوصٌ منها بالاتِّفاقِ، فإنَّه يَجُوزُ له الإِقامَةُ مِن غيرِ التِزامٍ لها، ولأنَّ الآيةَ تَخصَّصَتْ بما دُونَ الحَوْلِ، فنَقِيسُ على المَحَلِّ المَخْصُوصَ.
(1) سورة التوبة 29.
(2)
سقط من: م.