الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنَ الرِّجَالِ مُسْلِمًا، جَازَ، وَلَا يَمْنَعُهُمْ أَخْذَهُ، وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقِتَالِهِمْ وَالْفِرَارِ مِنْهُمْ.
ــ
الآنَ كان باطِلًا، ولا يَجُوزُ قِياسُه على الصَّحِيحِ والإِلْحاقُ به.
1498 - مسألة: (وإن شَرَط رَدَّ مَن جاءَ مِن الرِّجالِ مُسْلِمًا، جازَ، ولَا يَمْنَعُهم أخْذَه، ولا يُجْبِرُه على ذلك، وله أن يَأْمُرَه بقِتَالِهم والفِرارِ مِنهم)
قد ذَكَر قِسْمَ الشُّروطِ الفاسِدَةِ. والشُّروطُ الصَّحيحَةُ، مثلَ أن يَشْتَرِطَ عليهم مالًا، أو مَعُونَةَ المُسْلِمِين عندَ حاجَتِهم إليهم، أو يَشتَرِطَ رَدَّ مَن جاءَ مِن الرِّجالِ مُسْلِمًا أو بأمانٍ، فهذا صَحِيحٌ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: لا يَصِحُّ شَرْطُ رَدِّ المسلمِ، إلَّا أنْ تكونَ له عَشِيرَةٌ تَحْمِيه وتَمْنَعُه. ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم شَرَط ذلك في صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ، ووَفَّى لهم به، فرَدَّ أبا جَنْدَلٍ وأبا بَصِيرٍ، ولم يَخُصَّ بالشَّرْطِ ذا العَشِيرَةِ، ولأنَّ ذا العَشيرةِ إذا كانت عَشِيرَتُه هى التى تَفْتِنُه وتُؤْذِيه، فهو كمَن لا عَشِيرَةَ له، لكنْ إنَّما يَجُوزُ هذا الشَّرْطُ عندَ شِدَّةِ الحاجَةِ إليه، وتَعَيُّنِ المَصْلَحَةِ فيه. ومتى شَرَط لهم ذلك، لَزِم الوَفاءُ به، بمعنَى أنَّهم إذا جاءُوا في طَلَبِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَمْنَعْهم أخْذَه، ولا يُجْبِرُه على المُضِىِّ معهم، وله أن يأْمُرَه سِرًّا بالهَرَبِ منهم ومُقاتَلَتِهم، فإنَّ أبا بَصِيرٍ لمَّا جاءَ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، وجاءَ الكُفّارُ في طَلَبِه، قال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّا لَا يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْه، وَلَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» (1). فلمَّا رَجَع مع الرَّجُلَيْن، قَتَل أحَدَهما في طريقِه، ثمَّ رَجَع إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، قد أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَك، قد رَدَدْتَنِى إليهم، وأنْجانِى اللَّهُ منهم. فلم يُنْكِرْ عليه النبىُّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَلُمْه، بل قال:«وَيْلُ امِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ» . فلمَّا سَمِع ذلك أبو بَصِيرٍ، لَحِقَ بساحِلِ البَحْرِ، وانْحازَ إليه أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ ومَن معه مِن المُسْتَضْعَفِينَ بمكَّةَ، فجعلُوا لا تَمُرُّ عِيرٌ لقُرَيْشٍ إلَّا عَرَضُوا لها فأخَذُوها وقَتَلُوا مَن معها، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم تُناشِدُه اللَّهَ والرَّحِمَ، أنْ يَضُمَّهم إليه، ولا يَرُدَّ إليهم أحَدًا جاءَه، فَفَعَلَ. فيجوزُ حينئذٍ لمَن أسْلَمَ مِن الكُفَّارِ، أنْ يتَحَيَّزُوا ناحِيَةً ويَقْتُلوا مَن قَدَرُوا عليه مِن الكُفَّارِ، ويأْخُذُوا أمْوالَهم، ولا يَدْخُلون في الصُّلْحِ.
(1) تقدم تخريجه في 352.