الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِى كُلِّ عَامٍ، إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ حَاجَةٌ إِلَى تَأْخِيرِهِ.
ــ
لا يُمكِنُ إلَّا بآلةٍ، فاعْتُبِرَتِ القُدْرَةُ عليها. فإنْ كان الجِهادُ على مَسافةٍ قَرِيبةٍ؛ اشْتُرِطَ أن يَجِدَ الزَّادَ، ونَفَقَةَ عِيالِه في مُدَّةِ غَيْبَتِه، وسلاحًا يُقاتِلُ به، ولا تُعْتَبَرُ الرّاحِلَةُ؛ لقُرْبِ السَّفَرِ. وإن كانتِ المسافةُ تُقْصَرُ فيها الصَّلاةُ، اعْتُبِرَ مع ذلك الرّاحِلَةُ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} (1).
1384 - مسألة: (وأقلُّ ما يُفْعَلُ مَرَّةً في كلِّ عامٍ، إلَّا أن تَدْعُوَ الحاجَةُ إِلى تَأْخيرِه)
أقلُّ ما يُفْعَلُ الجِهادُ في كلِّ عامٍ مَرَّةً؛ لأنَّ الجِزْيَةَ
(1) سورة التوبة 92.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَجِبُ على أهلِ الذِّمَّةِ مَرَّةً في كلِّ عامٍ، وهى بَدَلٌ عن النُّصْرَةِ، فكذلك مُبْدَلُها وهو الجِهادُ. فإنْ دَعَتِ الحاجَةُ إلى تأخيرهِ، مثلَ أن يكونَ بالمُسْلِمين ضَعْفٌ في عَدَدٍ أو عُدَّةٍ، أو يكونَ مُنْتَظِرًا لمَدَدٍ يسْتَعِينُ به، أو يكونَ في الطَّرِيقِ إليهم مانِعٌ، أو ليس فيها عَلَفٌ أو ماءٌ، أو يَعْلَمَ مِن عَدُوِّه حُسْنَ الرَّأْى في الإِسْلامِ، ويَطْمَعَ في إسْلامِهم إن أخَّرَ قِتالَهم، ونحوَ ذلك ممّا يَرَى المصْلَحَةَ معه في تَرْكِ القِتالِ، فيَجُوزُ تَرْكُه بِهُدْنَةٍ وبغيرِ هُدْنَةٍ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قد صالَحَ قُرَيْشًا عشرَ سنينَ، وأخَّرَ قتالَهم حتى نَقَضُوا عَهْدَه (1)، وأخَّرَ قتالَ قبائلَ مِن العَربِ بغيرِ هُدْنَةٍ. وإن دَعَتِ الحاجَةُ إلى القِتالِ في عامٍ أكثرَ مِن مَرَّةٍ، وَجَب؛ لأنَّه فَرْضُ كِفايَةٍ، فوَجَبَ منه ما تَدْعُو الحاجةُ إليه.
(1) انظر ما ذكره الواقدى في: المغازى 2/ 611، 780.
وَمَنْ حَضَرَ الصَّفَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ، أَوْ حَصَرَ الْعَدُوُّ بَلَدَهُ، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ.
ــ
فصل: (ومَن حَضَر الصَّفَّ مِن أهلِ فَرْضِ الجِهادِ، أو حَضَر العَدُوُّ بَلَدَه، تَعَيَّنَ عليه) وجملةُ ذلك، أنَّ الجِهادَ يتَعَيَّنُ في ثلاثةِ مواضعَ؛ أحدُها، إذا الْتَقى الزَّحْفانِ وتَقابَلَ الصَّفّانِ، يَحْرُمُ على مَن حَضَر الانْصِرافُ، ويتَعَيَّنُ عليه المُقامُ، لقولِ اللَّهِ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} (1). وقولِه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} (2) الآية. الثانى، إذا نزلَ الكُفَّارُ ببَلَدٍ، تَعَيَّنَ على أهْلِه قتالُهم ودَفْعُهم. الثالثُ، إذا اسْتَنْفَرَ الإِمامُ
(1) سورة الأنفال 45.
(2)
سورة الأنفال 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قومًا لَزِمَهم النَّفِيرُ معه؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ