الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) في تعليق الطلاق بالشروط
جمع شرط وتقدم معناه (1)، والمراد هنا الشرط اللغوي، وهو ترتيب شيء غير حاصل في الحال من طلاق وغيره على شيء حاصل أو غير حاصل بحرف "إن" -بكسر الهمزة وسكون النون- وهي أم أدوات الشرط أو أحد أخواتها.
(ومن علق طلاقا ونحوه) كعتق وظهار ونذر (بشرط لم يقع) الطلاق (حتى يوجد) الشرط؛ لأنه زوال ملك بني على التغليب والسراية أشبه العتق، وليس له إبطال التعليق لأن إبطاله رفع له وما وقع لا يرتفع، فإن مات أحدهما قبل وجود الشرط أو استحال وجوده كأن قال: أنت طالق إن قتلت زيدا فمات زيد سقطت اليمين ولا حنث لعدم وجود الصفة، وإن قال: عجلت ما علقته أو أوقعته لم يتعجل لأنه حكم شرعي (2) فلم يملك تغييره، (فلو لم يلفظ به) -أي الشرط- (وادعاه) دين لأنه أعلم بنيته، و (لم يقبل) منه ذلك (حكما) لأنه خلاف الظاهر.
(ولا يصح) تعليق طلاق (إلا من زوج) يصح تنجيزه منه حين التعليق، فمن قال: إن تزوجت امرأة فهي طالق لم يقع عليه إن تزوج ولو عين في قول أكثر أهل العلم (3)
(1) ص 239.
(2)
في الأصل: الشرعي.
(3)
ينظر: المدونة 3/ 19، ومسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 335، ورواية أبي داود ص 169، ورواية عبد اللَّه ص 358، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 22/ 439 - 440، والمحرر 2/ 62، وشرح الزركشي 7/ 116، والمبدع 7/ 324، والمحلى 10/ 205.
وروي عن ابن عباس (1) ورواه الترمذي عن علي (2) وجابر بن عبد اللَّه (3) لقوله تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (4)، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا:"لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق فيما لا يملك، ولا طلاق فيما لا يملك"، رواه أحمد وغيره (5)، وعن المسور بن مخرمة (6)
(1) أخرجه عبد الرزاق برقم (11449) المصنف 6/ 416، وسعيد برقم (1028) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 291، والحاكم في المستدرك 2/ 205، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 320 - 321، والحديث قال الحاكم:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الإرواء 7/ 151، 161.
(2)
أورده الترمذي معلقا في الجامع الصحيح 3/ 486، ورواه عبد الرزاق مرفوعا برقم (11450) المصنف 6/ 416، وقال الهيثمي:"رواه الطبراني في الصغير ورجاله ثقات". مجمع الزوائد 4/ 334.
وأخرجه أيضا عبد الرزاق موقوفا برقم (11451، 11453، 1154) المصنف 6/ 416 - 417، وسعيد برقم (1025، 1030) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 290 - 291، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 16، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 320، وصحح الألباني إسناد ابن أبي شيبة. الإرواء 7/ 152.
(3)
أورده الترمذي معلقا في الجامع الصحيح 3/ 486، ورواه مرفوعا البيهقي في السنن الكبري 7/ 319، وقال الهيثمي:"رواه الطبراني في الأوسط. . والبزار، ورجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد 4/ 334.
وأخرجه موقوفا ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 16.
(4)
سورة الأحزاب من الآية (49).
(5)
سبق تخريجه ص 186.
(6)
المسور بن مخرمة هو: ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف القرشي، الزهري، أبو عبد الرحمن، وأبو عثمان، صحابي ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، كان فقيها من أهل العلم والدين، يعد من صغار الصحابة، استشهد في حصار عبد اللَّه بن الزبير سنة 64 هـ وصلى عليه ابن الزبير.
مرفوعا: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك" رواه ابن ماجة (1)، ولأنه لو نجز الطلاق إذن لم يقع فكذا تعليقه.
ويصح تعليق مع تقدم شرط كإن قمت فأنت طالق، ومع تأخره (بصريح) كأنت طالق إن قمت (و) بـ (كنايته) -أي الطلاق- كأنت مسرحة إن دخلت الدار (مع قصد) الطلاق بالكناية، (ويقطعه) -أي التعليق- (فصل) بين الشرط وجوابه (بتسبيح) ونحوه كتهليل وتحميد وتكبير (و) بـ (سكوت) يمكنه كلام فيه ولو قل، و (لا) يضر فصل بين الشرط وجوابه بـ (كلام منتظم كأنت طالق يا زانية إن قمت) وإن قمت يا زانية فأنت طالق لأنه متصل حكما.
(وأدوات الشرط) أي الألفاظ التي يعين بها معناه المستعملة غالبا في طلاق وعتاق -بفتح العين- ست، (نحو إن) -بكسر الهمزة وسكون النون- (ومتى، وإذا) ومن -بفتح الميم- وأي -بفتح الهمزة وتشديد الياء- وكلما، وهي وحدها للتكرار بخلاف متى؛ لأن كلما تعم الأوقات، فهي بمعنى كل وقت، فمعنى كلما قمت قمت: كل وقت تقوم فيه أقوم، وأما متى فهي اسم زمان بمعنى أي وقت، وبمعنى إذا فلا تقتضي مالا يقتضيانه واستعمالها للتكرار في بعض الأحيان لا يمنع استعمالها في غيره، كإذا وأي فإنهما يستعملان في الأمرين، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي
= ينظر: أسد الغابة 5/ 175، وسير أعلام النبلاء 3/ 390، والإصابة 6/ 93.
(1)
في باب لا طلاق قبل النكاح، كتاب الطلاق برقم (2048) سنن ابن ماجة 1/ 660، وقال الحافظ ابن حجر:"إسناده حسن" ا. هـ. التلخيص الحبير 3/ 211، وصححه الألباني في الإرواء 7/ 152.
آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} (1)، {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} (2)، {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} (3)، وكذا أي وقت وأي زمان فإنهما يستعملان للتكرار، وسائر الحروف يجازي بها، إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره لا يحمل على التكرار إلا بدليل كذلك، وكل الأدوات المذكورة ومهما وحيثما على التراخي إذا تجردت عن لم أو نية فور أو قرينة، فأما إذا نوى الفورية أو كان هناك قرينة تدل عليها فإنه يقع في الحال ولو تجردت عن لم، فإذا اتصلت بلم صارت على الفور إلا إن فقط فإنها للتراخى نفيا وإثباتا مع عدم نية فور أو قرينة.
(1) سورة الأنعام من الآية (68).
(2)
سورة الأنعام من الآية (54).
(3)
سورة الأعراف من الآية (203).