الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(وإن طلق حر) زوجته (ثلاثا أو) طلق (عبد اثنتين) ولو عتق قبل انقضاء عدتها (لم تحل له حتى يطأها زوج غيره في نكاح صحيح)، قال ابن عباس:"كان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثا فنسخ ذلك قوله تعالى: {مرتان} إلى قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (1) " رواه أبو داود والنسائي (2)، وعن عائشة قالت:"جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كنت عند رفاعة القرظي فطلقني، فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير -بكسر الموحدة من تحت-، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" رواه الجماعة (3)، وعن ابن عمر قال:"سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا، فيتزوجها آخر، فتغلق الباب، وترخى الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، هل تحل للأول؟ قال: لا، حتى تذوق عسيلته" رواه أحمد والنسائي
(1) سورة البقرة الآية (229 - 230).
(2)
أخرجه أبو داود، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، كتاب الطلاق برقم (2195) سنن أبي داود 2/ 259، والنسائي، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، كتاب الطلاق برقم (3554) المجتبى 6/ 212، والبيهقي، باب من جعل الثلاث واحدة، كتاب الخلع والطلاق، السنن الكبرى 7/ 337، وصححه الألباني في الإرواء 7/ 161.
(3)
سبق تخريجه ص 282.
وقال: " [لا] (1) حتى يجامعها الآخر"(2)، وعن عائشة مرفوعا:"العسيلة: هي الجماع (3) " في قبل لأن الوطء المعتبر لا يكون في غيره بنكاح صحيح؛ لأن غير الصحيح لا يعتد به كنكاح المحلل والمتعة والشغار، ونكاح السيد إن كانت أمة؛ لأنه ليس بزوج (مع انتشار)، لحديث العسيلة؛ [لأنها](4) لا تكون [إلا](5) مع انتشار، ولو كان الزوج الواطئ مجبوبا (6) أو خصيا مع بقاء ذكره، أو نائما أو مغمى عليه وأدخلته في رحمها مع انتشار لوجود (7) حقيقة الوطء من زوج أشبه حال إفاقته ووجود خصيتيه، أو كان الزوج الثاني ذميا وهي ذمية لحلها له فيحلها لمطلقها الأول ولو مسلم، (ويكفي) في حلها (تغييب حشفة) أو قدرها من مجبوب الحشفة؛ لأنه
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(2)
أخرجه الإمام أحمد برقم (4762) المسند 2/ 101، والنسائي، باب إحلال المطلقة ثلاثا والنكاح الذي يحلها به، كتاب الطلاق برقم (3415) المجتبى 6/ 149، وابن أبي شيبة، باب في الرجل يطلق امرأته ثلاثا فتزوج زوجا، كتاب النكاح، الكتاب المصنف 4/ 274 - 275، والبيهقي، باب المطلقة ثلاثا، كتاب الرجعة، السنن الكبرى 7/ 375، وضعف إسناده الألباني في الإرواء 7/ 163.
(3)
في الأصل: العسيلة الجماع هي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد برقم (23810) المسند 7/ 92، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 341، وقال:"رواه أحمد وأبو يعلى وفيه أبو عبد الملك المكي، ولم أعرفه بغير هذا الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح"ا. هـ. وصحح الألباني معناه في الإرواء 7/ 163.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(6)
في الأصل: مجنونا.
(7)
في الأصل: الوجود.
جماع يوجب الغسل ويفسد الحج، أشبه تغييب الذكر، ويكفى في حلها وطء محرم لمرض الزوجة وتضررها بالوطء، ولضيق وقت صلاة، وفي مسجد، وفي حال منع الزوجة نفسها في قبض مهرها ونحوه؛ لأن الحرمة في هذه الصور لا لمعنى فيها لحق اللَّه تعالى (ولو لم ينزل) لما تقدم أن العسيلة هي الجماع، (أو يبلغ عشرا) لعموم:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ، أو ظنها أجنبية حين وطئه لوجود حقيقة الوطء من زوج في نكاح صحيح.
و(لا) يحلها وطء محرم (في حيض، أو نفاس، أو إحرام، أو صوم فرض، أو ردة)، أو في دبر، أو نكاح باطل أو فاسد؛ لأن التحريم في هذه الصور لمعنى فيها لحق اللَّه تعالى، ولأن النكاح الفاسد لا أثر له في الشرع في الحل فلا يدخل في قوله:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ، ولا يكفي في حل المطلقة وطؤها بشبهة أو ملك يمين لما تقدم، وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره (1) للآية، ويطأها للحديث، ولو طلق عبد طلقة ثم عتق قبل ثانية ملك تتمة ثلاث؛ لأنه في حال طلاق الثانية حر فاعتبر حاله إذن، ككافر حر طلق زوجته ثنتين ثم رق فيملك الثالثة وله أن يتزوجها قبل أن تنكح زوجا غيره؛ لأن الطلقتين كانتا غير محرمتين فلا يتغير حكمهما بما طرأ بعدهما، كما لو طلق العبد ثنتين ثم عتق فليس له أن ينكحها حتى تنكح زوجا غيره، لوقوعهما محرمتين.
ومن غاب عن مطلقته ثلاثا ثم حضر، فذكرت له أنها نكحت من أصابها وانقضت عدتها، وأمكن ذلك بأن مضى زمن يتسع له -وكذا لو غابت عنه ثم حضرت وذكرت
(1) في الأصل: غير.
ذلك- فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها؛ لأنها مؤتمنة على نفسها وعلى ما أخبرت به عن نفسها، ولا سبيل إلى معرفة ذلك حقيقة إلا من جهتها فوجب الرجوع إليها فيه، كإخبارها بانقضاء عدتها، فإن لم يغلب على ظنه صدقها لم يحل له نكاحها؛ لأن الأصل التحريم ولم يوجد ما ينقل عنه.
ولو تزوجت امرأة رجلا وفارقها وادعت إصابته وهو منكرها فقوله في تنصيف مهر إن لم يقر بخلوة، وقولها في حلها لمطلقها ثلاثا، ووجوب العدة عليها وكل ما يلزمها بالوطء، وكذا لو أنكر أصل النكاح، ولمطلقها ثلاثا نكاحها إن غلب على ظنه صدقها.
وإن أتت امرأة حاكما وادعت أن زوجها طلقها وانقضت عدتها فله تزويجها إن ظن صدقها ولاسيما إن كان الزوج لا يعرف؛ لأن الإقرار المجهول لا يصح، وأيضا الأصل صدقها ولا منازع، والإقرار المعين إنما يثبت الحق إذا صدق مقر له.