الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) في الشروط فى النكاح
وهي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر مما له فيه غرض، ومحل المعتبر منها صلب العقد، وكذا لو اتفقا عليه قبله في ظاهر المذهب قاله الشيخ تقي الدين، وقال: على هذا جواب أحمد في مسائل الحيل (1)؛ لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولا واحدا، قال في "الإنصاف" (2):"وهو الصواب الذي لا شك فيه". فإن لم يقع الشرط إلا بعد لزوم العقت لم يلزم نصا (3).
(والشروط في النكاح نوعان):
-
أحدهما: (صحيح) لازم للزوج فليس له فكه بدون إبانتها وهو ما لا ينافي مقتضى العقد، فإن بانت منه انفكت الشروط (كشرط زيادة في مهرها) قدرا معينا، وكذا لو شرطت عليه نفقة ولدها وكسوته مدة معينة وتكون من المهر، أو شرط كون مهرها من نقد معين، أو ألا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يتزوج أو يتسرى عليها، وأن لا يفرق بينها وبين أبويها أو أولادها، أو أن ترضع ولدها الصغير، أو أن يطلق ضرتها، أو أن يبيع أمته؛ لأن لها فيه قصدا صحيحا، ويروى
(1) ينظر: الفتاوى 29/ 353، 32/ 166 - 167، وكتاب الفروع 5/ 211، والمبدع 7/ 81، والإنصاف 20/ 389، وشرح منتهى الإرادات 3/ 39.
(2)
20/ 389.
(3)
ينظر: الإنصاف 20/ 389 وكشاف القناع 5/ 90.
صحة الشرط في النكاح وكون الزوج لا يملك فكه عن عمر (1) وسعد ابن أبي وقاص (2) وغيرهما، ويؤيده حديث:"إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج" متفق عليه (3) وحديث: "المسلمون على شروطهم"(4) وهو قول من سمي من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، وروى الأثرم:"أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر، فقال [لها] (5) عمر: لها شرطها، فقال الرجل: إذن يطلقننا النساء فقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط"(6)، ويصح جمع بين شرطين هنا بخلاف البيع، (فإن لم يف) زوج لها (بذلك) أي بما اشترطت (فلها الفسخ) لما تقدم من قول عمر ولم يلتفت إلى قول الزوج "إذن تطلقنا النساء"، وكالبيع على التراخي؛ لأنه لدفع ضرر أشبه خيار القصاص
(1) أورده البخاري تعليقا بصيغة الجزم، صحيح البخاري 7/ 18، ووصله عبد الرزاق برقم (10608)، المصنف 6/ 227، وسعيد بن منصور برقم (663) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 211، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 199، وابن حزم في المحلى 9/ 517، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 249، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 302 - 304.
(2)
لم أقف عليه مسندا، وذكره ابن قدامة في المغني 9/ 484.
(3)
متفق عليه من حديث عقبة، أخرجه البخاري، باب الشروط في النكاح، كتاب النكاح برقم (5151)، صحيح البخاري 7/ 19، ومسلم باب الوفاء بالشروط في النكاح، كتاب النكاح برقم (1418)، صحيح مسلم 2/ 1035 - 1036.
(4)
سبق تخريجه ص 181.
(5)
ما بين المعقوفين يستقيم الكلام بدونها.
(6)
أخرجه سعيد بن منصور برقم (662 - 663) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 211، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 199، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 249، ورواه ابن حزم في المحلى 9/ 517، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 303 - 304.
بفعله ما شرطت عليه لا بعزمه على الفعل قبله لعدم تحقق المخالفة، ولا يسقط ملكها الفسخ إلا بما يدل على رضاها من قول وتمكين مع العلم بفعله ما اشترطت أن لا يفعله، فإن مكنته قبل العلم لم يسقط فسخها؛ لأنه لا يدل على رضاها بترك الوفاء فلا أثر له كإسقاط الشفعة قبل البيع، ومن شرط لزوجته أن لا يخرجها من منزل أبويها فمات أحدهما بطل الشرط؛ لأن المنزل صار لأحد الأبوين بعد أن كان لهما فاستحال إخراجها من منزل أبوبها، فبطل الشرط، وكذا إن تعذر سكنى المنزل لنحو خراب فله أن يسكن بها حيث أراد سواء رضيت أو لا؛ لأنه الأصل والشرط عارض، وقد زال فرجعنا إلى الأصل وهو محض حقه.
(و) النوع الثاني من الشروط في النكاح: (فاسد) وهو ضربان: ضرب (يبطل العقد) من أصله (وهو) أي المبطل للنكاح من أصله (أربعة أشياء): -
أحدها: (نكاح الشغار) -بكسر الشين- وهو: أن يزوجه بنته أو أخته ونحوهما على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما (1)، يقال: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول فسمي هذا النكاح شغارا تشبيها في القبح برفع الكلب رجله ليبول (2)، وروي عن عمر وزيد بن ثابت أنهما فرقا فيه بين المتناكحين (3) لحديث ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"نهى عن الشغار" متفق عليه (4)، ولمسلم مثله عن أبي
(1) ينظر: المغني 10/ 43، وشرح الزركشي 5/ 219، والإقناع 3/ 191.
(2)
ينظر: لسان العرب 4/ 417، والقاموس المحيط 2/ 60.
(3)
لم أقف عليه مسندا عنهما، وذكره ابن قدامة في المغني 10/ 42.
(4)
أخرجه البخاري، باب الشغار، كتاب النكاح برقم (5112)، صحيح البخاري 7/ 12، ومسلم، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، كتاب النكاح برقم (1415)، صحيح مسلم 2/ 1034.
هريرة (1)، ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر فلم يصح كقوله:"بعني ثوبك على أن أبيعك ثوبي" وليس فساده من قبل التسمية بل لأنه وقفه على شرط فاسد، ولأنه شرط تمليك البضع لغير الزوج فإنه جعل تزويجه مهرا للأخرى فكأنه ملكه إياها بشرط انتزاعها منه، وسواء قال على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى أو لم يقله لحديث ابن عمر مرفوعا:"نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق" متفق عليه (2)، وكذا إن جعل بضع كل واحدة منهما مع دراهم معلومة مهرا للأخرى لم يصح لما تقدم، فإن سموا مهرا مستقلا غير قليل ولا حيلة صح النكاح نصا (3) سواء كان المسمى مهر المثل أو أقل، وإن سمى لإحداهما صح نكاحها فقط؛ لأن فيه تسمية وشرطا أشبه ما لو سمى لكل واحدة منهما مهرا.
(و) الثاني من الأربعة الأشياء: نكاح (المحلل) وهو: أن يتزوج المطلقة ثلاثا على أنه إذا أحلها لمطلقها طلقها أو أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما (4)، وهو حرام باطل
(1) أخرجه مسلم، باب تحريم نكاح الشغار، كتاب النكاح برقم (1416)، صحيح مسلم 2/ 1035، والنسائي، باب تفسير الشغار، كتاب النكاح برقم (3338)، المجتبى 6/ 112، وابن ماجة، باب النهي عن الشغار، كتاب النكاح برقم (1884)، سنن ابن ماجة 1/ 606، وأحمد برقم (7784) المسند 2/ 557.
(2)
سبق تخريجه قبل قليل في النهي عن الشغار.
(3)
المغني 10/ 43 - 44، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 20/ 401 - 402، والمحرر 2/ 23، وكتاب الفروع 5/ 215، وشرح الزركشي 5/ 220، وقال في المبدع 7/ 84:"وعليه أكثر الأصحاب".
(4)
ينظر: المغني 10/ 49، وكتاب الفروع 5/ 215، وكشاف القناع 5/ 94.
لحديث: "لعن اللَّه المحلل والمحلل له" رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي (1) وقال: "حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر وابنه وعثمان"(2)، وروي عن علي (3) وابن عباس (4)، وقال ابن مسعود:
(1) من حديث علي رضي الله عنه: أخرجه أبو داود، باب التحليل، كتاب النكاح برقم (2076)، سنن أبي داود 2/ 227، وابن ماجة، باب المحلل والمحلل له، كتاب النكاح برقم (1935)، سنن ابن ماجة 1/ 622، والترمذي، باب ما جاء في المحل والمحلل له، كتاب النكاح برقم (1119)، الجامع الصحيح 3/ 428، وأحمد برقم (846) المسند 1/ 172، ولفظه عندهم:"لعن رسول اللَّه. . . "، والحديث أعله الترمذي، وقال الحافظ ابن حجر:"في إسناده مجالد وهو ضعيف، وقد صححه ابن السكن وأعله الترمذي". التلخيص الحبير 3/ 170 ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه ابن ماجة، باب المحلل والمحلل له، كتاب النكاح برقم (1934)، سنن ابن ماجة 1/ 622، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 317.
ومن حديث ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه الترمذي، ، باب ما جاء في المحل والمحلل له، كتاب النكاح برقم (1120)، الجامع الصحيح 3/ 428 - 429، والنسائي، باب إحلال المطلقة ثلاثا وما فيه من التغليظ، كتاب الطلاق برقم (3416) المجتبى 6/ 149، وأحمد برقم (4296) المسند 2/ 31، والدارمي، باب في النهي عن التحليل، كتاب النكاح برقم (2258) سنن الدارمي 2/ 11، والبيهقي، باب ما جاء في نكاح التحليل، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 208، والحديث قال الترمذي:"حسن صحيح". وصححه الألباني في الإرواء 6/ 307.
(2)
ينظر: الجامع الصحيح 3/ 429.
(3)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10792) المصنف 6/ 269
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10779) المصنف 6/ 266، وسعيد برقم (1064) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 300، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57.
"المحلل والمحلل له ملعونان على لسان محمد" صلى الله عليه وسلم (1)، ولابن ماجة عن عقبة بن عامر مرفوعا:"ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: هو المحلل لعن اللَّه المحلل والمحلل له"(2) أو ينوي التحليل ولم يذكر الشرط في العقد فالنكاح باطل نصا (3) لدخوله في عموم ما سبق، وروى نافع (4) عن ابن عمر أن رجلا قال له: تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني ولم يعلم قال: "لا إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها، وإن كرهتها فارقتها، قال: وكنا نعده على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سفاحا،
(1) أخرجه الترمذي، باب ما جاء في المحل والمحلل له، كتاب النكاح برقم (1120)، الجامع الصحيح 3/ 428، والنسائي، باب إحلال المطلقة ثلاثا وما فيه من التغليظ، كتاب الطلاق برقم (3416)، المجتبى 6/ 149، والدارمي باب في النهي عن التحليل، كتاب النكاح برقم (2258) سنن الدارمي 2/ 211، والبيهقي، باب ما جاء في نكاح التحليل، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 208، والحديث قال الترمذي:"حسن صحيح"، وصححه الشوكاني في نيل الأوطار 6/ 165، والألباني في الإرواء 6/ 307.
(2)
أخرجه ابن ماجة، باب المحلل والمحلل له، كتاب النكاح برقم (1936)، سنن ابن ماجة 1/ 623، والدارقطني، باب المهر، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 251، والحاكم، باب لعن اللَّه المحل والمحلل له، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 199، والبيهقي، باب ما جاء في نكاح المحلل، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 208، والحديث قال الحاكم:"صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 307، 309 - 310.
(3)
المغني 10/ 51، والمحرر 2/ 23، وشرح الزركشي 5/ 233 والإنصاف 20/ 407، وكشاف القناع 5/ 94.
(4)
نافع: الإمام، المفتي، الثبت، أبو عبد اللَّه، العدوي، قيل: أصله من المغرب، وقيل: من نيسابور، مولى ابن عمر وراويته، توفي سنة 117 هـ.
ينظر: تهذيب الكمال 29/ 298 - 306، وسير أعلام النبلاء 5/ 95 - 101.
وقال: لا يزالا زانيين وإن مكثا عشرين سنة إذا علم أنه [ان](1) يريد أن يحلها" (2) وهذا قول عثمان (3)، وجاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثا أيحلها له رجل؟ قال: "من يخادع اللَّه يخدعه" (4)، وكذا إن اتفقا على أنه نكاح محلل قبل العقد ولم يذكر في العقد فلا يصح إن لم يرجع عنه وينوي حال العقد أنه نكاح رغبة، فإن حصل ذلك صح لخلوه عن نية التحليل وشرطه، وعليه يحمل حديث ذي الرقعتين (5) وكذا إن زوج عبده بمطلقته ثلاثا بنية هبته أو بعضه أو بيعه أو بعضه منها ليفسخ نكاحها فلا يصح قال أحمد: هذا نهى عنه عمر ويؤدبان جميعا، وعلل
(1) ما بين المعقوفين يستقيم الكلام بدونها.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، باب التحليل، كتاب النكاح برقم (10778)، المصنف 6/ 266، وابن أبي شيبة، باب في الرجل يطلق امرأته فيتزوجها رجل ليحلها له، كتاب النكاح، المصنف 4/ 294، والحاكم، باب لعن اللَّه المحل والمحلل له، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 199، والبيهقى، باب ما جاء في نكاح المحلل، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 208، والحديث قال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وواففه الذهبي، وصححه والألباني في الإرواء 6/ 311.
(3)
أخرجه البيهقي، باب ما جاء في نكاح المحلل، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 208 وذكره الترمذي في سننه، باب ما جاء في المحل والمحلل له، كتاب النكاح 3/ 429.
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10779) المصنف 6/ 266، وسعيد برقم (1065) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 300، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57.
(5)
أخرجه عبد الرزاق برقم 10786، المصنف 6/ 267، ولفظه عن ابن سيرين قال:"أرسلت امرأة إلى رجل فزوجته نفسها ليحلها لزوجها، فأمره عمر أن يقيم عليها ولا يطلقها، وأوعده بعاقبة إن طلقها، قال وكان مسكينا لا شيء له، كانت له رقعتان يجمع أحدهما على فرجه والأخرى على دبره وكان يدعى ذا الرقعتين". وأخرجه سعيد برقم (1999) سنن سعيد بن منصور 3/ 76/2 - 77، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 209، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 312.
فساده بشيئين، أحدهما: أنه شبه المحلل؛ لأنه إنما زوجها إياه ليحللها له، والثاني: كونه ليس بكفء لها (1)، ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته.
(و) الثالث من الأربعة أشياء: نكاح (المتعة) وهو أن يتزوجها إلى أمد أو يشرط طلاقها فيه بوقت كزوجتك ابنتي شهرا أو سنة أو إلى انقضاء الموسم ونحوه، فيبطل نصا (2)، لحديث الربيع بن سبرة (3) أنه قال: أشهد على أبي أنه حدث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نهى عنه في حجة الوداع" وفي لفظ: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء" رواه أبو داود (4)، ولمسلم عن سبرة: "أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين
(1) ينظر: المغني 10/ 54، والإنصاف 20/ 412، وكشاف القناع 5/ 96.
(2)
المغني 10/ 46، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 20/ 414، وشرح الزركشي 5/ 224، والمبدع 7/ 87 - 88.
(3)
الربيع بن سبرة هو: ابن معبد، ويقال: ابن عوسجة الجهني، المدني، ثقة من الثالثة، أخرج له مسلم والأربعة.
ينظر: تهذيب الكمال 9/ 82 - 86، وتقريب التهذيب ص 206.
(4)
أخرجه باللفظ الأول -أي بذكر حجة الوداع-: أبو داود، في باب نكاح المتعة، كتاب النكاح برقم (2072)، سنن أبي داود 2/ 226 - 227، وابن ماجة، باب النهي عن المتعة، كتاب النكاح برقم (1962)، سنن ابن ماجة 1/ 631، وأحمد برقم (14914) المسند 4/ 407، والدارمي، باب النهى عن متعة النساء، كتاب النكاح برقم (2195)، سنن الدارمي 2/ 188، والبيهقي، باب نكاح المتعة، كتاب النكاح 7/ 204، وجميعهم من طريق إسماعيل بن أمية عن الزهري قال:"كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء، فقال رجل يقال له: ربيع بن سمرة .. . . " فذكره باللفظ الأول، وقال البيهقي:"ورواية الجماعة عن الزهري أولى". يعني: أن ذكر "حجة الوداع" فيه شاذ، خالف فيه إسماعيل بن أمية رواية الجماعة". وهم كما ذكر قبل: معمر وابن عيينة وصالح بن كيسان، فقالوا:"عام الفتح"
أما رواية معمر فهي عند مسلم وأحمد والبيهقي من طريق إسماعيل بن علية عن معمر به بلفظ: =
دخلنا مكة ثم لم نخرج حتى نهانا عنها" (1) وحكي عن ابن عباس الرجوع عن قوله بجواز المتعة (2)، وأما إذن النبي صلى الله عليه وسلم فيها فقد ثبت نسخه (3)، قال الشافعي: "لا أعلم
= "نهى يوم الفتح عن متعة النساء" وأخرجه أبو داود من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر به دون قوله "يوم الفتح" وكذا اللفظ الثاني الوارد في المتن وهو رواية لأحمد.
ينظر: صحيح مسلم 2/ 1026 برقم (1406)، ومسند الإمام أحمد 4/ 407 - 408 برقم (14913، 14919)، وسنن أبي داود 2/ 227 برقم (2573)، والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 204.
وأما رواية ابن عيينة فهي عند الدارمي وسعيد بن منصور والبيهقي بلفظ: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة عام الفتح" وأخرجه مسلم وأحمد عن سفيان دون قوله: "يوم الفتح".
ينظر: صحيح مسلم 2/ 1026 برقم (1406)، ومسند الإمام أحمد 4/ 409 برقم (14935)، وسنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 251 برقم (847)، وسنن الدارمي 2/ 188 برقم (2196).
وأما رواية صالح بن كيسان فوصلها مسلم في صحيحه 2/ 1026 برقم (1406).
فهذه الروايات تدل على وهم إسماعيل بن أمية على الزهري وقوله عنه: "في حجة الوداع" وأن الصواب رواية الجماعة عن الزهري: "يوم الفتح". ينظر السنن الكبرى للبيهقي 7/ 204، والإرواء 6/ 313 - 314.
(1)
أخرجه مسلم، باب في نكاح المتعة، كتاب النكاح برقم (1406)، صحيح مسلم 2/ 1025، وسعيد بن منصور، باب ما جاء في المتعة، كتاب النكاح برقم (846)، سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 251، وأحمد برقم (14921) المسند 4/ 408، والبيهقي، باب نكاح المتعة، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 202.
(2)
أخرجه الترمذي، برقم (1122)، الجامع الصحيح 3/ 430، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 205، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 316.
(3)
أخرج النسخ: البخاري، في باب نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن نكاح المنعة آخرا، كتاب النكاح برقم (5119)، صحيح البخاري 7/ 12، ومسلم، باب نكاح المنعة وبيان أنه أبيح ثم =
شيئا أحله اللَّه ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة" (1)، أو ينوي طلاقها فيه بوقت بقلبه أو يتزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج فلا يصح لأنه شبيه بالمتعة.
(و) الرابع من الأربعة الأشياء: النكاح (المعلق على شرط غير مشيئة اللَّه تعالى) غير زوجت إن شاء اللَّه، قبلت إن شاء اللَّه، فيبطل النكاح المعلق على شرط مستقبل كزوجتك ابنتي إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها أو إن وضعت زوجتي ابنة فقد زوجتكها؛ لأنه عقد معاوضة فلا يصح تعليقه على شرط مستقبل كالبيع، ويصح تعليقه على شرط ماض وعلى شرط حاضر، فالماضي كقوله: زوجت فلانة إن كانت بنتي أو زوجتكها إن كنت وليها أو انقضت عدتها وهما يعلمان ذلك، والشرط الحاضر نحو زوجتكها إن شئت فقال: شئت وقبلت ونحوه فيصح النكاح؛ لأنه ليس بتعليق حقيقة بل توكيد وتقوية.
(و) النوع الثاني من الشروط الفاسدة: (فاسد لا يبطله) أي النكاح فيصح معه (كشرط) الزوج (ألا مهر، أو) أن (لا نفقة) للزوجة، (أو أن يقيم عندها أكثر من ضرتها، أو) أن يقيم عندها (أقل) من ضرتها، أو يشترطا أو أحدهما عدم وطء ونحوه كعزله عنها، أو أن لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة، أو شرط لها النهار دون الليل،
= نسخ ثم أبيح ثم نسخ واستقر تحريمه إلى يوم القيامة، كتاب النكاح برقم (1406)، صحيح مسلم 2/ 1023 - 1025.
قال الحافظ ابن حجر: "قال القاضي عياض ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها -يعني المتعة- إلا الروافض، وقال الخطابي تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة. . . " ا. هـ فتح الباري 9/ 173.
(1)
ينظر: التلخيص الحبير 3/ 154.
أو شرط على المرأة أن تنفق عليه، أو أن تعطيه شيئا، أو شرطا خيارا في عقد أو في مهر، أو شرطت عليه أنه إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما، أو شرطت عليه أن يسافر بها ولو لحج، أو أن تستدعيه لوطء عند إرادتها، أو أن لا تسلم نفسها إليه إلى مدة كذا فيصح النكاح دون الشرط في هذه الصور كلها لمنافاته مقتضى العقد وتضمنه إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده كإسقاط الشفيع شفعته قبل البيع، وأما العقد نفسه فصحيح؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره فيه ولا يضر الجهل به فلم يبطله كشرط صداق محرم فيه، ولأن النكاح صحيح مع الجهل بالعوض فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق، ومن طلق بشرط خيار وقع طلاقه لصدوره من أهله في محله، ولغا الشرط.
وإن شرطها مسلمة أو قال ولي: زوجتك هذه المسلمة أو ظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر فبانت كتابية، أو شرطها بكرا أو جميلة أو نسيبة فبانت بخلافه فله الفسخ، (وإن شرط نفي عيب) عن الزوجة (لا يفسخ (1) به النكاح) كشرطها سميعة أو بصيرة (فوجد بها) ذلك العيب (فله الفسخ) أي فهو بالخيار؛ لأنه شرط صفة مقصودة ففاتت أشبه ما لو شرطها حرة فبانت أمة، ولا شيء عليه إن فسخ قبل الدخول، وبعده يرجع بالمهر على الغار، وكذا لو شرطها حسناء فبانت شوهاء، أو بيضاء فبانت سوداء، أو طويلة فبانت قصيرة، أو ذات نسب فبانت دونه لا إن ظن (2) ذلك ولم يشترطه.
ولا خيار له إن شرط صفة فبانت أعلى منها، ومن تزوج أمة فظن أو شرط
(1) في الأصل: لا ينفسخ، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 220.
(2)
في الأصل: لان ظن.
أنها حرة فولدت منه فولده حر لاعتقاده حريته باعتقاد حرية أمه، ويفدي ما ولد له حيا لوقت يعيش لمثله لقضاء عمر (1) وعلي وابن عباس (2)، لأن الولد نماء الأمة المملوكة فسبيله أن يكون مملوكا لمالكها، وقد فوت رقه باعتقاده الحرية فلزمه ضمانه كما لو فوت رقه بفعله فيفديه بقيمته يوم ولادته، قضى به عمر وعلي وابن عباس؛ لأنه محكوم بحريته عند وضعه، وهو أول أوقات إمكان تقويمه، وقيمته التي تزيد بعد وضعه لم تكن مملوكة لمالك الأمة فلا يضمنها كما بعد الخصومة، ثم إن كان الزوج ممن لا يحل له نكاح الإماء فرق بينهما لظهور بطلان النكاح لفقد شرطه، وإلا فله الخيار، فإن رضي بالمقام معها مع ثبوت رقها فما ولدت بعد فهو رقيق لرب الأمة.
وإن كان المغرور بالأمة عبدا فولده حر أيضا؛ لأنه وطئها معتقدا حريتها أشبه الحر، وعلة رق الولد رق أمه خاصة، ولا عبرة بالأب بدليل ولد الحر من الأمة وولد العبد من الحرة، وهنا يقال: حر بين رقيقين، ويفديه إذا عتق لتعلقه بذمته، ويرجع زوج -حرا كان أو عبدًا- بفداء غرمه على من غره إن كان الغار أجنبيا؛ لأنه ضمن له سلامة الوطء كما ضمن له سلامة الولد، فكما يرجع عليه بقيمة الولد كذلك يرجع عليه بالمهر، وكذا أجرة انتفاعه بها إن غرمها، فإن كان الغار بالزوج سيدها ولم تعتق بذلك بأن لم يكن التغرير بلفظ تحصل به الحرية، أو كان الغار بالزوج إياها نفسها وهي مكاتبة فلا مهر له ولا لها؛ لأنه لا فائدة في أن يجب لأحدهما ما يرجع به عليه، وولدها مكاتب لولا التغرير تبعا لها، فيغرم أبوه قيمته لها إن لم تكن هي الغارة؛ لأنه فوته عليها ويرجع بما يغرمه على من غره.
(1) أخرجه عبد الرزاق برقم (13154) المصنف 7/ 277، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 219.
(2)
لم أقف عليه مسندا عنهما.
ولمستحق غرم من سيد وزوجة مكاتبة مطالبة غار لزوج ابتداء دون مطالبة الزوج، والغار من علم رقها أو رق بعضها ولم يبينه، ومن تزوجت رجلا على أنه حر، أو تظنه حرا فبان عبدا فلها الخيار إن صح النكاح بأن كملت شروطه وكان بإذن سيده؛ لأن اختلاف الصفة لا يمنع صحة العقد كما لو تزوج أمة على أنها حرة، فإن اختارت الفسخ لم يحتج إلى حكم حاكم، وإن اختارت إمضاءه فلأوليائها الاعتراض عليها إن كانت حرة لعدم الكفاءة، وإن كانت أمة فلها الخيار أيضا؛ لأنه إذا ثبت الخيار للعبد إذا غر بأمة ثبت للأمة إذا غرت بعبد.
وإن شرطت في زوج صفة ككونه نسيبا، أو عفيفا، أو جميلا، فبان أقل مما شرطت فلا فسخ لها؟ لأنه ليس معتبرا في صحة النكاح أشبه شرطها طوله أو قصره، إلا إذا شرطته حرا فبان عبدا فلها الفسخ كما لو كانت أمة وعتقت تحته فهنا أولى، وكذا شرطها فيه صفة يخل فقدها بالكفاءة كما جزم به في "الإقناع"(1).
ولمن عتقت كلها تحت رقيق كله الفسخ حكاه ابن المنذر وابن عبد البر (2) وغيرهما إجماعا (3)، لا إن كان حرا وهو
(1) 3/ 195.
(2)
هو: يوسف بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد البر النمري، القطبي، أبو عمر، الإمام، شيخ الإسلام، حافظ المغرب، صاحب التصانيف، ولد سنة 368 هـ، وطلب الحديث قبل مولد الخطيب بأعوام، من مؤلفاته:"التمهيد" و"الاستتذكار" و"الإستيعاب" و"الكافي" على مذهب الإمام مالك، توفي سنة 463 هـ وكان عمره 95 سنة.
ينظر: سير أعلام النبلاء 18/ 153 - 163، ، وتذكرة الحفاظ 3/ 1128 - 1132، والبداية والنهاية 12/ 112، وطبقات الحفاظ ص 431 - 432.
(3)
ينظر: الإجماع ص 97، والاستذكار 17/ 149، والمغني 10/ 68.
قول ابن عمر (1) وابن عباس (2)؛ لأنها كافأت زوجها في الكمال فلم [يثبت لها الخيار، أو عتقت تحت](3) حر أو مبعض فلا فسخ، أو عتقا معا فلا فسخ؛ لأنها لم تعتق كلها تحت رقيق، فتقول العتيقة إن اختارت الفسخ: فسخت نكاحي، أو (4) اخترت نفسي، أو اخترت فراقه، وقولها: طلقت نفسي كناية عن الفسخ فينفسخ به نكاحها إن نوت الفرقة؛ لأنه يؤدي معنى الفسخ فصح كونه كناية عنه كالكناية بالفسخ عن الطلاق، وليس فسخها لنكاحها إن نوت به الفرقة طلاقا لحديث:"الطلاق لمن أخذ بالساق"(5)، ولها الفسخ ولو متراخيا كخيار العيب ما لم يوجد منها ما يدل على الرضا بالمقام معه، روي عن ابن عمر وأخته حفصة (6) لحديث أبي داود: "أن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل
(1) أخرجه الإمام مالك برقم (1193) الموطأ ص 358، وعبد الرزاق برقم (13027) المصنف 7/ 254، وابن حزم في المحلى 10/ 153، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 222، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 321.
(2)
قال ابن حزم: "ينسب قوم ذلك إلى ابن عباس ولا نعلم هذا عنه" ا. هـ. المحلى 10/ 153.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 46.
(4)
في الأصل: و.
(5)
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا أخرجه: ابن ماجة باب طلاق العبد، كتاب الطلاق برقم (2081)، سنن ابن ماجة 1/ 672، والبيهقي، باب طلاق العبد بغير إذن سيده، كتاب الخلع والطلاق، السنن الكبرى 7/ 360، والحديث حسنه الألباني في الإرواء 7/ 108 بمجموع طرقه.
(6)
أخرجه عنهما الإمام مالك برقم (1193 - 1194) ص 358، وعبد الرزاق برقم (13016 - 13017)، المصنف 7/ 251 - 252، وسعيد برقم (1250، 1265) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 338، 341 - 342، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 211 - 212، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 225، وصححهما ابن عبد البر في الاستذكار 17/ 151.
أبي أحمد (1)، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: إن قربك فلا خيار لك" (2) وقال ابن عبد البر: "لا أعلم لابن عمر وحفصة مخالفا من الصحابة" (3).
ولا يحتاج فسخها لحكم حاكم للإجماع، وعدم احتياجه للاجتهاد كالرد بالعيب في البيع بخلاف خيار العيب في النكاح فإنه محل اجتهاد فافتقر إلى حكم الحاكم كالفسخ للإعسار، فإن عتق قبل فسخ، أو مكنته من وطئها، أو مباشرتها، ولو جاهلة عتقها أو ملك الفسخ بطل خيارها، لحديث الحسن عن عمرو بن أمية (4) قال: سمعت رجالا يحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها، إن شاءت فارقت، فإن وطئها فلا خيار لها" رواه أحمد (5) وروى مالك عن
(1) في الأصل: عبد لآل بني محمد، والمثبت من كتب الحديث.
(2)
من حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه: أبو داود، باب حتى متى يكون لها الخيار، كتاب الطلاق برقم (2236)، سنن أبي داود 2/ 271، والدارقطني، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 294، والبيهقي، باب ما جاء في وقت الخبار، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 225، وقال: تفرد به محمد بن إبراهيم، والحديث ضعفه ابن حزم في المحلى 10/ 158، وكذا الألباني في الإرواء 6/ 321.
(3)
ينظر: الاستذكار 17/ 151.
(4)
في الأصل: عمر، والمثبت من كتب الحديث والترجم.
وعمرو بن أمية هو: ابن خويلد بن عبد اللَّه بن إياس، أبو أمية الضمري، صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، بعثه إلى النجاشي وكيلا فعقد له على أم حبيبة، أسلم قديما، كان شجاعا مقداما، هاجر إلى الحبثة ثم إلى المدينة، وأول مشاهده بئر معونة، توفي عمرو آخر أيام معاوية قبل الستين.
ينظر: أسد الغابة 4/ 193 - 194، والإصابة 4/ 496.
(5)
أخرجه الإمام أحمد برقم 16183 - المسند 5/ 13، وابن حزم في المحلى 10/ 154 وضعفه.
نافع عن ابن عمر: "أن لها الخيار ما لم يمسها"(1)، ويجوز لزوجها وطؤها بعد عتقها مع عدم علمها به، ولبنت تسع أو بنت دونها إذا بلغتها (2)، ولمجنونة إذا عقلت الخيار دون ولي لأن طريقه الشهوة فلا تدخله الولاية كالقصاص، فإن طلقت قبل فسخ وقع الطلاق؛ لأنه من زوج عاقل يملك العصمة فنفذ كما لو لم تعتق، وبطل خيارها إن كان الطلاق بائنا لفوات محله.
وإن عتقت الرجعية أو عتقت ثم طلقها رجعيا فلها الخيار ما دامت في العدة، ولفسخها فائدة فإنها لا تأمن رجعته إذا لم تفسخ، وإذا فسخت بنت على ما مضى من عدتها؛ لأن الفسخ لا ينافي عدة الطلاق، وتتم عدة حرة؛ لأنها رجعية عتقت في عدتها.
ومتى فسخت بعد دخول فمهرها لسيدها لوجويه بالعقد وهي ملكه حالته، وإن فسخت قبله فلا مهر نصا (3) لمجئ الفرقة من قبلها كما لو ارتدت أو أرضعت من ينفسخ به نكاحها.
ومن شرط معتقها أن لا تفسخ نكاحها ورضيت صح ولزمها؛ لأن العتق بشرط صحيح.
ولمالك زوجين بيعهما، وله بيع أحدهما ولا فرقة بذلك؛ لأنه لا أثر له في النكاح، ويستحب لمن له عبد وأمة متزوجان إذا أراد عتقهما ابتدأ بالرجل لئلا يثبت لها
(1) أخرجه الإمام مالك برقم (1193) الموطأ ص 358، وعبد الرزاق برقم (13017) المصنف 7/ 251، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 225، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 321.
(2)
أي التسع سنين فلها الخيار.
(3)
المغني 10/ 76، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 20/ 468، والمبدع 7/ 99.
عليه خيار فتفسخ نكاحه، لحديث عائشة:"أنه كان لها غلام وجارية فتزوجا، فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أريد أن أعتقهما، فقال لها: ابدئي بالرجل قبل المرأة"(1) وعن صفية بنت أبي عبيد (2) أنها فعلت ذلك وقالت للرجل: "إني بدأت بعتقك لئلا يكون لها عليك خيار"(3).
في إعساره لإخلاله بنفقتها ومؤنة أولاده، ولهذا أملكت الفسخ بإعساره بالنفقة، ولأن العسرة نقص في عرف الناس يتفاضلون فيه كتفاضلهم في النسب، وإنما اعتبرت الكفاءة في الرجل دون المرأة؛ لأن الولد بشرف أبيه لا أمه، وقد تزوج رسول اللَّه -
(1) بنحوه أخرجه: أبو داود، باب في المملوكين يعتقان معا هل تخير امرأته؟ كتاب الطلاق برقم (2237)، سنن أبي داود 2/ 271، والنسائي، باب خيار المملوكين يعتقان، كتاب الطلاق برقم (3446)، المجتبى 6/ 161، وابن ماجة، باب من أراد عتق رجل وامرأته فليبدأ بالرجل، كتاب العتق برقم (2532)، سنن ابن ماجة 2/ 846، والحاكم، من أدب الإعتاق أن يبدأ بالرجل قبل امرأته، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 206، والبيهقي في السنن الكبرى، باب الأمة تعتق وزوجها عبد، كتاب النكاح 7/ 222، والحديث قال عنه الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". وتعقبه النصبي بقوله: "عبيد اللَّه -أحد رواته- اختلف في توثيقه ولم يخرجا له". وضعف الحديث الألباني في ضعيف سنن النسائي ص 124.
(2)
صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية، زوجة عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وهي أخت المختار بن أبي عبيد الكذاب.
ينظر: أسد الغابة 7/ 174، وتهذيب الكمال 35/ 212 - 216، والإصابة 8/ 218 - 219، وأعلام النساء 2/ 346 - 347.
(3)
أخرجه عبد الرزاق برقم (13037)، المصنف 5/ 257، ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 211، وصححه ابن حزم في المحلى 10/ 153.
-صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي (1)، وتسرى بالإماء (2)، وموالي بني هاشم لا يشاركونهم في الكفاءة في النكاح نصا، صححه في "الإنصاف" ونقل مهنا (3):"أنهم كفؤ لهم"(4).
(1) أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه في باب اتخاذ السراري ومن أعتق جاريته ثم تزوجها، كتاب النكاح برقم (5085)، صحيح البخاري 7/ 6 - 7، ومسلم في باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها، كتاب النكاح برقم (1365)، صحيح مسلم 2/ 1043 - 1044.
(2)
ينظر: زاد المعاد 1/ 114، وتقدم تخريج حديث مارية القبطية ص 213.
(3)
مهنا هو: بن يحيى، الشامي، السلمي، أبو عبد اللَّه، من كبار أصحاب الإمام أحمد، روى عنه كثيرا من المسائل، وكان أبو عبد اللَّه يكرمه ويعرف له حق الصحبة، قال مهنا: لزمت أبا عبد اللَّه ثلاثا وأربعين سنة.
ينظر: طبقات الحنابلة 1/ 345 - 389، والمنهج الأحمد 2/ 161 - 164.
(4)
مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 200، ومجموع الفتاوى 19/ 28، والمغني 9/ 396، وكتاب الفروع 5/ 190، وشرح الزركشي 5/ 74، والمبدع 7/ 54، والإنصاف 20/ 265، وكشاف القناع 5/ 68.