الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) فى الرجعة
وهي بالفتح: فعل المرتجع مرة واحدة، فلهذا اتفق الناس على فتحها (1).
وشرعا: إعادة مطلقة طلاقا غير بائن إلى ما كانت عليه قبل الطلاق بغير عقد نكاح (2)، وأجمعوا عليها (3)، لقوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (4)، وحديث ابن عمر حين طلق امرأته فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مره فليراجعها" رواه مسلم وغيره (5)، و"طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة ثم راجعها"، رواه أبو داود وغيره (6)، وقال ابن المنذر: "أجمع
(1) ينظر: لسان العرب 8/ 115، والقاموس 3/ 28.
(2)
ينظر: المبدع 7/ 390، والمطلع ص 342، والمنتهى 4/ 335، وكشاف القناع 1/ 341.
(3)
ينظر: المبسوط 6/ 19، والبحر الرائق 4/ 54، والهداية شرح بداية المبتدي 2/ 6، والمدونة 2/ 324، والتاج والإكليل 4/ 99، وحاشية العدوي 2/ 104، والأم 5/ 259 - 260، والمهذب 2/ 102، وروضة الطالبين 8/ 214، ومغني المحتاج 3/ 335، والمغني 10/ 547، وشرح الزركشي 5/ 443، والمبدع 7/ 390، والمحلى 10/ 251.
(4)
سورة البقرة من الآية (228). في الأصل {بعولهن} .
(5)
سبق تخريجه ص 422.
(6)
من حديث عمر رضي الله عنه أخرجه أبو داود، باب في المراجعة، كتاب الطلاق برقم (2283) سنن أبي داود 2/ 285، وابن ماجة، باب حدثنا سويد بن سعيد، كتاب الطلاق برقم (2016) سنن ابن ماجة 1/ 650، والدارمي، باب في الرجعة، كتاب الطلاق برقم (2264) سنن الدارمي 2/ 214، والحاكم، كتاب الطلاق، المستدرك 3/ 197، والبيهقي، باب إباحة الطلاق، كتاب الخلع والطلاق، السنن الكبرى 7/ 322، والحديث قال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الإرواء 7/ 157، وللحديث شواهد عن أنس وعبد اللَّه بن عمر وعاصم بن عمر رضي الله عنهم.
أهل العلم على أن الحر إذا طلق دون الثلاث والعبد دون الاثنتين أن لهما الرجعة في العدة" (1)، (وإذا طلق حر) ظاهره ولو مميزا يعقله؛ لأن الرجعة إمساك وهو يملكه لا وليه (من) أي زوجة (دخل) بها (أو خلا بها) في نكاح صحيح طلاقا (أقل من ثلاث، أو) طلق (عبد) من دخل أو خلا بها في نكاح صحيح طلقة (واحدة) بـ (لا عوض) من المرأة أو من غيرها (فيهما) -أي في طلاق الحر والعبد- (فله) -أي المطلق حرا كان أو عبدا- رجعتها في عدتها، وظاهره ولو بلا إذن سيد زوج، (ولولي مجنون) طلق بلا عوض دون ما يملكه وهو عاقل ثم جن في عدة (رجعتها في عدتها مطلقا) رضيت أو كرهت لقيام ولي المجنون مقامه خشية الفوات بانقضاء عدتها، فإن لم يكن دخل بها أو خلا بها فلا رجعة، وكذا إذا كان النكاح فاسدا، كبلا ولي أو شهود (2) فيقع فيه الطلاق بائنا ولا رجعة.
وتحصل الرجعة بلفظ راجعتها ورجعتها وارتجعتها وأمسكتها ونحوه.
(وسن لها) -أي الرجعة- (إشهاد) وليس هو من شرطها [لأنها](3) لا تفتقر إلى قبول كسائر حقوق الزوج (4)، وكذا لا تفتقر إلى ولي ولا صداق ولا رضى المرأة ولا علمها
(1) ينظر: الإقناع لابن المنذر 4/ 302، والإجماع ص 112 - 113، والإشراف 4/ 302.
(2)
في الأصل: اشهود.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(4)
ينظر: المغني 10/ 559، وشرح الزركشي 5/ 447 - 448، والمبدع 7/ 392، والإنصاف 23/ 82 - 83.
إجماعا (1)؛ لأن حكم الرجعية حكم الزوجات، والرجعة إمساك لقوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (2).
(وتحصل) الرجعة (بوطئها مطلقا) ولو لم ينو الرجعة بالوطء؛ لأن الطلاق سبب زوال الملك، ومعه خيار، فتصرف المالك بالوطء في مدته يمنع عمله كوطء البائع الأمة المبيعة في مدة الخيار، ولا تحصل رجعتها بإنكار طلاقها لأنه مناف لوجوب حقه، ولا تحصل بمباشرة دون فرج ولا بنظر لفرج، وكذا خلوة لشهوة إلا على قول، قال المنقح:"اختاره الأكثر" انتهى (3)، قياسا على إلحاقها بالوطء في تكميل المهر ووجوب العدة، (والرجعية زوجة) يملك زوج منها ما يملكه ممن لم يطلقها، فيصح [أن](4) تلاعن وأن تطلق ويلحقها ظهاره وإيلاؤه، ويرث أحدهما صاحبه إجماعا (5)، ويصح خلعها لأنها زوجة يصح طلاقها ونكاحها باق فلا تأمن رجعته فهي زوجة (في غير قسم) صرح به الموفق وغيره (6)، ولها أن تتشرف لمطلقها وتتزين كما تزين النساء
(1) ينظر: المبسوط 6/ 19، وبداية المجتهد 2/ 85، ومغني المحتاج 3/ 336، والمغني 10/ 558، وشرح الزركشي 5/ 452، والإجماع ص 113.
(2)
سورة الطلاق من الآية (2).
(3)
التنقيح ص 245.
وتنظر المسألة في: المغني 10/ 560، وشرح الزركشي 5/ 449 - 450، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 23/ 90، والمبدع 7/ 394.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(5)
ينظر: المبسوط 6/ 20، 24، ومنح الجليل 2/ 303 - 304، وروضة الطالبين 8/ 222، والمغني 10/ 554، والمبدع 7/ 393، والمحلى 10/ 251.
(6)
ينظر: المغني 10/ 554، وكتاب الفروع 5/ 466، والمبدع 7/ 393.
لأزواجهن لإباحتها له كما قبل الطلاق، وله السفر والخلوة بها.
(وتصح) رجعة (بعد طهر من حيضة ثالثة قبل غسل) نصا (1)، وروي عن عمر (2) وعلي (3) وابن مسعود (4)؛ لأن أثر الحيض يمنع الزوج الوطء كما يمنعه الحيض، فيحرم وطؤها قبل الغسل، فوجب أن يمنع ذلك ما يمنعه الحيض ويوجب ما أوجبه الحيض كما قبل انقطاع الدم، وتنقطع بقية الأحكام من التوارث والطلاق واللعان والنفقة وغيرها بانقطاع الدم، وتصح الرجعة قبل وضع ولد متأخر إن كانت حاملا بعدد، وقبل خروج بقية ولد لبقاء العدة.
ولا يصح تعليق الرجعة بشرط كقوله: كلما طلقتك فقد راجعتك ولو عكس صح وطلقت كلما راجعها (5)(وتعود بعد عدة) بأن اغتسلت من حيضة ثالثة إن كانت من ذوات الحيض وأتمت ثلاثة أشهر أو وضعت كل حملها (بعقد جديد) لأنها بانت منه فلا
(1) المغني 10/ 556، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 23/ 94 - 95، والمبدع 7/ 395، وكشاف القناع 5/ 344.
(2)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10985، 10988) المصنف 6/ 315، وسعيد برقم (1216 - 1218، 1223) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 331 - 332، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 192 - 193، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 417.
(3)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10983) المصنف 6/ 315، وسعيد برقم (1219، 1223) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 332، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 193، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 417.
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10988، 10990) المصنف 6/ 315، وسعيد برقم (1218، 1223) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 332 - 333، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 192 - 193، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 417.
(5)
في الأصل: راجعتها.
تحل إلا بنكاح جديد إجماعا (1)، لمفهوم قوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (2) أي العدة، وتعود (على ما بقي من طلاقها) ولو كان عودها بعد وطء زوج آخر غير المطلق في قول أكابر الصحابة، منهم عمر (3) وعلي (4) وأبي (5) ومعاذ (6) وعمران بن حصين (7) وأبو هريرة (8) وزيد (9)
(1) ينظر: الإجماع ص 99.
(2)
سورة البقرة من الآية (228).
(3)
أخرجه الإمام مالك برقم (1244) الموطأ ص 375، والشافعي في الأم 5/ 267، وعبد الرزاق برقم (11149) المصنف 6/ 351، وسعيد برقم (1525) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 398، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 101، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 365، وفي معرفة السنن والآثار برقم (14859) 11/ 87.
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11154) المصنف 6/ 352، وسعيد بن منصور في سننه برقم (1528) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 398 - 399، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 102، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 365، وفي معرفة السنن والآثار برقم (14860) - 11/ 88.
(5)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11155) المصنف 6/ 352، وسعيد برقم (1527) سنن سعيد بن منصور 3/ 398/1، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 102، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 365، وفي معرفة السنن والآثار برقم (14860) - 11/ 88.
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 102، والبيهقي في معرفة السنن والآثار برقم (14867) - 11/ 89.
(7)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11156، 11158) المصنف 6/ 353، وسعيد برقم (1530) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 399، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 101 - 102، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 365.
(8)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11153) المصنف 6/ 352، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 365.
(9)
أخرجه سعيد برقم (1527) سنن سعيد بن منصور 3/ 2/ 398، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 102، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 11/ 89.
وعبد اللَّه بن عمر (1)؛ ولأن وطء الثاني لا يحتاج إليه في الإحلال فلا يغير حكم الطلاق كوطء الشبهة والسيد، ولأنه تزويج قبل استيفاء الثلاث أشبه ما لو رجعت إليه قبل وطء الثاني، وإن أشهد مطلق رجعيا على رجعتها في العدة ولم تعلم حتى اعتدت ونكحت من أصابها، ثم جاء وادعى رجعتها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة بذلك ردت إليه لثبوت أنها زوجته وأن نكاح الثاني فاسد، ولا يطؤها الأول حتى تعتد إن أصابها الثاني احتياطا للأنساب، وكذا إن صدقه الزوج والزوجة في أنه راجعها في عدتها حيث لا بينة له؛ لأن تصديقهما أبلغ من إقامة البينة، وإن لم يثبت رجعته ببينة وأنكراه رد قوله لتعلق حق الزوج الثاني بها، والنكاح صحيح في حقهما، وإن صدقه الزوج الثاني بانت منه لاعترافه بفساد نكاحه، وعليه مهرها إن كان دخل بها، وإلا فنصفه؛ لأنه لا يصدق عليها في إسقاط حقها عنه، ولا تسلم المرأة إلى المدعي؛ لأن قول الثاني لا يقبل عليها بل في حق نفسه فقط والقول قولها بغير يمين.
قال في "الإقناع"(2): "وإن صدقته المرأة لم يقبل (3) على الزوج الثاني في فسخ نكاحه ولا يلزمها مهر الأول له لأنه استقر لها بالدخول"، لكن متى بانت من الثاني عادت للأول بلا عقد جديد، ولا يطأ حتى تعتد للثاني إن دخل بها، وإن مات الأول قبل بينونتها من الثاني فقال الموفق ومن تبعه: "ينبغي أن ترثه لإقراره بزوجيتها وتصديقها له، وإن ماتت لم يرثها الأول لتعلق حق الثاني بالإرث، وإن مات الثاني لم ترثه هي
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 102.
(2)
4/ 68.
(3)
في الأصل: لم تقبل.
لإنكارها صحة نكاحه (1)، قال الزركشي:"ولا يمكن الأول من تزوج أختها ولا أربع سواها"(2).
(ومن ادعت انقضاء عدتها) بولادة أو غيرها (وأمكن) بأن مضى زمن يمكن انقضاؤها فيه (قبلـ) ـت دعواها، لقوله تعالى:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (3) قيل هو: الحيض والحمل (4) فلولا قبول قولهن لم يحرجن بكتمانه، ولأنه أمر تختص المرأة بمعرفته فقبل قولها فيه كالنية من الإنسان حيث اعتبرت.
وإن لم يمض ما يمكن انقضاء عدتها فيه رد قولها، فإن مضى ما يمكن صدقها فيه ثم ادعته فإن بقيت على دعواها المردودة لم تقبل، وإن ادعت انقضاءها في المدة كلها، أو في ما يمكن منها قبلت، و (لا) تقبل دعواها انقضاء عدتها (في شهر بحيض إلا ببينة) نصا (5)، لقول شريح: "إذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر، وجاءت ببينة من النساء العدول من بطانة أهلها ممن يرضى صدقه وعدله أنها رأت ما يحرم عليها الصلاة من الطمث، وتغتسل عند كل قرء وتصلي فقد انقضت عدتها، وإلا فهي
(1) ينظر: المغني 10/ 575 - 576، والشرح الكبير والإنصاف 23/ 105، والمبدع 7/ 398.
(2)
ينظر: شرح الزركشي 5/ 457.
(3)
سورة البقرة من الآية (228).
(4)
قال ابن كثير في تفسير القرآن العظيم 1/ 256: "قاله ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي والحكم. . . وغير واحد" ا. هـ. وينظر: أحكام القرآن للشافعي 1/ 248، وأحكام القرآن للجصاص 2/ 64، وفتح القدير للشوكاني 1/ 236.
(5)
المغني 10/ 564، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 23/ 105 - 106، والمبدع 7/ 399.
كاذبة. فقال له علي: قالون -ومعناه بالرومية- أصبت وأحسنت" (1)، وإنما لم تصدق في ذلك مع إمكانه لندرته بخلاف ما زاد على الشهر، وأقل زمن تنقضي فيه عدة حرة بأقراء تسعة وعشرون يوما ولحظة لما سبق؛ لأن الأقراء الحيض، وأقله يوم وليلة، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما، ويكون طلقها آخر الطهر واللحظة لتحقق انقطاع الدم، وحيث اعتبر الغسل اعتبر له لحظة أيضا.
وأقل ما تنقضي فيه عدة أمة خمسة عشر يوما ولحظة، وسواء في ذلك الفاسقة والمرضية والمسلمة والكافرة، لأن (2) ما يقبل فيه إخبار الإنسان عن نفسه لا يختلف باختلاف حاله.
ومن قالت ابتداء: انقضت عدتي في زمن يمكن فيه فقال زوجها: كنت راجعتك وأنكرته فقولها، أو تداعيا معا فقولها أيضا، ولو صدقه سيد أمة رجعية نصا (3)، ومتى رجعت قبل رجوعها، كجحد أحدهما النكاح ثم يعترف به، وإن سبق الزوج فقال: ارتجعتك فقالت: انقضت عدتي قبل رجعتك فقوله لسبق دعواه الرجعة إخبارها بانقضاء عدتها، والأصل بقاؤها، ودعواها ذلك بعد دعوى الزوج الرجعة تقصد به إبطال حقه فلا يقبل منها.
(1) أخرجه سعيد برقم (1310) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 351، والدارمي برقم (855) سنن الدارمي 1/ 233، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 417 - 419.
(2)
في الأصل: قال، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 186.
(3)
المغني 10/ 569 - 570، وكتاب الفروع 5/ 468، والمبدع 7/ 403.