الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة:
-
قال الشيخ في "الفتاوى المصرية"(1): "وهل له أن يتزوج المعتدة منه في نكاح فاسد؟ فيه قولان لأحمد: -
أحدهما: يجوز كمذهب أبى حنيفة والشافعي.
والثاني: لا يجوز كمذهب مالك". انتهى.
(ولها) أي الزوجة (منع نفسها) من زوج قبل دخول (حتى تقبض مهرا حالا) مسمى لها كانت أو مفوضة حكاه ابن المنذر إجماعا (2)؛ ولأن المنفعة المعقود عليها تتلف بالاستيفاء فإذا تعذر عليها استيفاء المهر لم يمكنها استرجاع بدله بخلاف المبيع، و (لا) تمنع نفسها حتى تقبض مؤجلا (إذا حل قبل تسليم) لأنها رضيت بتأخيره، ولها زمن منع نفسها لقبض حال مهر النفقة لأن الحبس من قبله نصا (3)، ولها السفر بلا إذنه لأنه لم يثبت له عليها حق الحبس فصارت كمن لا زوج لها، وبقاء درهم منه كبقاء جميعه كسائر الديون، ومتى سافرت بلا إذنه فلا نفقة لها كلما بعد الدخول، ولو قبضت المهر الحال وسلمت نفسها ثم بان معيبا فلها منع نفسها حتى تقبض بدله لأنها إنما سلمت نفسها ظنا منها أنها قبضته فتبين عدمه، ولو أبى كل من الزوجين تسليم ما وجب عليه بأن قال الزوج لا أسلم المهر حتى أتسلمها، وقالت لا أسلم نفسي حتى أقبض حال مهري أجبر زوج أولا على تسليم صداق ثم أجبرت زوجة على تسليم نفسها لأن في
(1) الفتاوى الكبرى 5/ 458، ومجموع الفتاوى 32/ 76.
(2)
ينظر: الإجماع ص 91.
(3)
المغني 10/ 171، والشرح الكبير والإنصاف 21/ 303 - 304، وكتاب الفروع 5/ 290، وشرح الزركشي 5/ 324، وكشاف القناع 5/ 163.
إجبارها على تسليم نفسها أولا خطر إتلاف البضع والامتناع من بذل الصداق ولا يمكن الرجوع في البضع، وإن بادر أحدهما ببذل ما وجب عليه أجبر الآخر لانتفاء عذره في التأخير، ولو أبت زوجة تسليم نفسها بلا عذر فله استرجاع مهر قبض، (أو تبرعت بتسليم نفسها) قبل تسليم مهر فليس لها منع نفسها منه بعد ذلك لاستقرار العوض بالتسليم برضاها، فإن وطئها مكرهة لم يسقط حقها من الامتناع بعد لحصوله بغير رضاها كالمبيع إذا أخذه المشتري من البائع كرها.
(وإن أعسر) زوج (بـ) مهر (حال) ولو بعد دخول (فلها) -أي لزوجة- حرة مكلفة (الفسخ) لتعذر الوصول إلى العوض كما لو أفلس مشتر بثمن ما لم تكن تزوجته عالمة بعسرته حين العقد لرضاها بذلك، والخيرة في الفسخ لحرة مكلفة وسيد أمة لأن الحق في المهر لهما، ولا خيرة لولي صغيرة ومجنونة لأنه لا حق له في المهر لأنه عوض منفعة البضع، ولا يصح الفسخ لذلك إلا (بـ) حكم (حاكم) لأنه فسخ مختلف فيه أشبه الفسخ للعنة والإعسار بالنفقة، ومن اعترف لامرأة أن هذا ابنه منها لزمه لها مهر مثلها لأنه الظاهر قاله في "الترغيب"(1).
(ويقرر) المهر (المسمى كله موت) أحد الزوجين (وقتل) أحدهما الآخر أو قتل أحدهما نفسه لبلوغ النكاح لنهايته فقام ذلك مقام الاستيفاء في تقرير المهر ولأنه أوجب العدة فأوجب كمال المهر كالدخول، (ووطء) زوجة حية (في فرج ولو دبرا) أو بلا خلوة لأنه استوفى المقصود فاستقر عليه عوضه، فإن وطئها ميتة فقد تقرر
(1) ينظر: كتاب الفروع 5/ 295، وشرح منتهى الإرادات 3/ 85.
وكتاب "الترغيب" من تأليف الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الصقال الطيبي مفتي العراق، المتوفى سنة 599 هـ. ينظر: الذيل 3/ 440.
بالموت، (و) يقرر المهر المسمى كله (خلوة) زوج بها وإن لم يطأها روي من الخلفاء الراشدين، وزيد (1) وابن عمر (2)، وروى أحمد والأثرم عن زرارة بن أوفى (3) قال:"قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد أوجب المهر ووجبت العدة"(4) ورواه أيضا عن الأحنف (5) عن عمر
(1) أخرجه الإمام مالك برقم (1122) الموطأ ص 334، وعبد الرزاق برقم (19866) المصنف 6/ 286، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 234، والدارقطني في سننه 3/ 307، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 256.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 234، والدارقطني 6/ 303، وعنه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 255 من رواية ابن عمر عن أبيه، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 357.
(3)
في الأصل: زرارة بن أبي أوفى، والمثبت من كتب الحديث والتراجم.
زرارة بن أوفى العامري الحرشي البصري، أبو حاجب، تابعي ثقة، ولي قضاء البصرة، كان من العباد، مات وهو ساجد سنة 93 هـ في خلافة الوليد بن عبد الملك.
ينظر: الجرح والتعديل 3/ 603، وتهذيب الكمال 9/ 339 - 341، وسير أعلام النبلاء 4/ 515 - 516.
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (10875) المصنف 6/ 288، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 235، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 255 - 256، وقال:"هذا مرسل، زرارة لم يدركهم، وقد روبناه عن عمر وعلي موصولا" ا. هـ، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 356 عن عمر وعلي رضي الله عنهم أجمعين-.
(5)
الأحنف هو: ابن قيس بن معاوية بن حصين التميمي السعدي، والأحنف لقب له، واسمه: الضحاك، وقيل: صخر، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له، وكان أحد الحكماء الدهاة العقلاء، توفي بالكوفة سنة 67 هـ.
ينظر: أسد الغابة 1/ 68، تهذيب الكمال 2/ 283.
وعلي (1)، وهذه قضايا اشتهرت ولم يخالفهم أحد في عصرهم فكان كالإجماع، وأما قوله تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (2) فيحتمل أنه كنى بالسبب عن المسبب الذي هو الخلوة بدليل ما سبق (عن مميز) وبالغ مطلقا، مسلما كان أو كافرا ذكرا أو أنثى أعمى أو بصيرا عاقلا أو مجنونا إن كان الزوج (ممن يطأ مثله) كابن عشر فأكثر (مع علمه) بالزوجة (إن لم تمنعه) من وطئها وكانت ممن يوطأ مثلها كبنت تسع فأكثر، فإن كان أحدهما دون ذلك أو منعته لم يتقرر المهر لعدم التمكين التام، ولا تقبل دعواه عدم علمه بها لنحو نوم أو عمى نصا (3) لأن العادة عدم خفاء ذلك، أو كان بهما أو بأحدهما مانع حسي كجب ورتق أو مانع شرعي كحيض وإحرام وصوم واجب فإذا خلا بها ولو في حال من هذه تقرر الصداق بالشروط السابقة، لأن الخلوة نفسها مقررة للمهر لعموم ما سبق.
(و) يقرر المهر كاملا (طلاق في مرض موت أحدهما) المخوف قبل دخول لأنه يجب عليها عدة الوفاة إذا كان هو الميت ومعاملة له بضد قصده كالفار بالطلاق من الإرث ما لم تتزوج قبل موته أو ترتد عن الإسلام لأنها لا ترثه إذن، (و) يقرره (لمس) الزوج الزوجة (أو نظر) هـ (إلى فرجها بشهوة فيهما) -أي في اللمس والنظر إلى فرجها- ولو
(1) أخرجه عبد الرزاق برقم (10877) المصنف 6/ 289، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 235، والدارقطني في سننه 3/ 306 - 307، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 255، قال الحافظ ابن حجر:"فيه انقطاع" ا. هـ. التلخيص الحبير 1/ 193، وصححه الألباني عنهما في الإرواء 6/ 356.
(2)
سورة البقرة من الآية (237).
(3)
مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 215، والمغني 10/ 157، وشرح الزركشي 5/ 316، والإقناع 3/ 220، وكشاف القناع 5/ 152.