الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(ويصح) الظهار (ممن) -أي من كل زوج- (يصح طلاقه) مسلما كان أو كافرا، حرا أو عبدا، كبيرا أو صغيرا أو مميزا يعقله؛ لأنه تحريم كالطلاق فجرى مجراه وصح ممن يصح منه، ويكفر كافر بعتق أو إطعام؛ لأن الصوم لا يصح منه.
ويصح من كل زوجة مسلمة كانت أو ذمية حرة أو أمة وإن لم يكن وطئها، لقوله تعالى:{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ. .} الآية (1) فخصهن بالظهار، ولأنه لفظ يتعلق به تحريم الزوجة فاختص بها كالطلاق، ولأنه كان طلاقا في الجاهلية فنقل حكمه وبقي محله، ولا يصح ظهار من أمته أو أم ولده، ويكفر سيد قال لأمته أو أم ولده: أنت علي كظهر أمي، أو أنت علي حرام كيمين بحنث، قال نافع:"حرم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاريته، فأمره اللَّه أن يكفر يمينه"(2).
وإن نجز الظهار لأجنبية بأن قال لها: أنت علي كظهر أمي صح ظهارا، رواه أحمد عن عمر (3) ، وكاليمين باللَّه تعالى، والآية خرجت مخرج الغالب، أو علقه بتزويجها بأن قال لها: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، أو قال: النساء علي كظهر
(1) سورة المجادلة من الآية (2).
(2)
لم أقف عليه عن نافع، وبهذا اللفظ عن الشعبي: أخرجه ابن جرير في جامع البيان 28/ 156.
(3)
لم أقف عليه في المسند، وهو في مسائل الإمام أحمد رواية صالح 1/ 442، ورواية عبد اللَّه ص 360، وأخرجه الإمام مالك، برقم (1187) الموطأ ص 355، وعبد الرزاق برقم (11550) المصنف 6/ 435 - 436، وسعيد برقم (1023) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 290، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 383 وأعله بالانقطاع، وكذا الألباني في الإرواء 7/ 176.
أمي، أو كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي، ذكره في "الشرح"(1).
أو قال لأجنبية: أنت علي حرام ونوى أبدا صح ذلك ظهارا؛ لأنه ظهار في الزوجة فكذا الأجنبية، فإن تزوجها لم يطأها حتى يكفر، ولا يكون قوله لأجنبية: أنت علي حرام ظهارا إن أطلق فلم ينو أبدا، أو نوى أنها حرام عليه إذن لأنه صادق في، حرمتها عليه قبل عقد التزويج ويقبل منه حكما لأنه الظاهر.
ويصح الظهار منجزا كما تقدم، ومعلقا كإن قمت فأنت علي كظهر أمي، فمن حلف بظهار أو بطلاق أو عتق أو حنث لزمه ما حلف به.
ويصح الظهار مطلقا كما تقدم، ومؤقتا كأنت علي كظهر أمي شهر رمضان، فإن وطئ فيه كفر، وإلا زال حكم الظهار بمضيه، لحديث سلمة بن صخر (2) وفيه:"ظاهرت (3) من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابها فيه، فأمره بالكفارة، ولم ينكر تقييده"(4) بخلاف الطلاق فإنه يزيل الملك، وهذا
(1) 23/ 259.
(2)
في الأصل: صخر بن سلمة، والمثبت من كتب الحديث والتراجم.
وسلمة هو: ابن صخر بن سلمان بن الصمة الخزرجي، البياضي، له صحبة، وهو أحد البكائين.
ينظر: تهذيب الكمال 11/ 288، والإصابة 3/ 126.
(3)
في الأصل: ظاهرة.
(4)
أخرجه أبو داود، باب في الظهار، كتاب الطلاق برقم (2213) سنن أبي داود 2/ 265، والترمذي، باب ماجاء في المظاهر. .، كتاب الطلاق برقم (1198) الجامع الصحيح 3/ 502، وابن ماجة، باب الظهار، كتاب الطلاق برقم (2062) سنن ابن ماجة 1/ 665، وأحمد برقم (23188) المسند 6/ 608، والدارمي، باب في الظهار، كتاب الطلاق برقم (2273) سنن الدارمي 2/ 217، والدارقطني، باب المهر، سنن الدارقطني 3/ 318، والحاكم، باب الظهار، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 203، والبيهقي، باب لا =
يوقع تحريما يرفعه التكفير أشبه الإيلاء.
(ويحرم عليهما) -أي على مظاهر ومظاهر منها- (وطء ودواعيه قبل كفارته) -أي الظهار- لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (1) وقوله: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (2) ولو كان تكفيره بإطعام، لحديث عكرمة عن ابن عباس:"أن رجلا أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته، فوقع عليها، فقال: يا رسول اللَّه! إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر، قال: ما حملك على ذلك رحمك اللَّه؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك اللَّه" رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي (3)، ولأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام، بخلاف
= يجزئ أن يطعم أقل من ستين مسكينا. .، كتاب الظهار، السنن الكبرى 7/ 390، والحديث قال الترمذي:"حسن غريب". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي ا. هـ. وصححه الألباني في الإرواء 7/ 176 بشواهده.
(1)
سورة المجادلة من الآية (3).
(2)
سورة المجادلة من الآية (4).
(3)
أخرجه أبو داود، باب في الظهار، كتاب الطلاق برقم (2223، 2225) سنن أبي داود 2/ 268، والترمذي، باب ما جاء في الظهار، كتاب الطلاق برقم (1199) الجامع الصحيح 3/ 503، والنسائي، باب الظهار، كتاب الطلاق برقم (3457) المجتبى 6/ 167، وابن ماجة، باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر، كتاب الطلاق برقم (2065) سنن ابن ماجة 1/ 666، والدارقطني، باب المهر، سنن الدارقطني 3/ 316 - 317، والحاكم، باب الظهار، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 204، والبيهقي، باب لا يقربها حتى يكفر، كتاب الظهار، السنن الكبرى 7/ 386، والحديث قال عنه الترمذي:"حسن غريب صحيح"، وقال =
كفارة يمين فله إخراجها قبل حنث وبعده.
وتستقر كفارة الظهار في ذمته بالعود وهو الوطء نصا (1) لا العزم، ولو كان الوطء من مجنون بأن ظاهر ثم جن، وكذا لو بانت منه ثم زنا بها لا من مكره لأنه معذور.
ويأثم مكلف بوطء ودواعيه قبل تكفير لما تقدم، ثم إن وطئ قبل أن يكفر لا يطأ بعد حتى يكفر للخبر، ولبقاء التحريم.
وتجزئه كفارة واحدة ولو كرر الوطء للخبر، ولأنه وجد العود والظهار فدخل [في] (2) عموم قوله تعالى:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ. .} الآيتين، كمكرر ظهار من امرأة واحدة قبل تكفير ولو كرره بمجالس وأراد بتكراره استئنافا نصا (3)؛ لأن تكريره لا يؤثر في تحريم الزوجة لتحريمها بالقول الأول، فلم تجب كفارة ثانية كاليمين باللَّه تعالى، وكذا لو ظاهر من نسائه بكلمة، كقوله: أنتن علي كظهر أمي فلا يلزمه إلا كفارة واحدة، رواه الأثرم عن عمر (4) وعلي (5)، ولأنه ظهار واحد، وإن ظاهر
= ابن حزم في المحلى 10/ 55: "هذا خبر صحيح من رواية الثقات، لا يضره إرسال من أرسله" ا. هـ. وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح 9/ 433.
(1)
مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 334، والمغني 11/ 73، والمحرر 2/ 90، وشرح الزركشي 5/ 485، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 23/ 268، والمبدع 8/ 42.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(3)
المغني 11/ 114، وشرح الزركشي 5/ 509، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 23/ 277.
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11566) المصنف 6/ 438، وسعيد برقم (1831) سنن سعيد بن منصور 3/ 2/ 39 - 40، والدارقطني في سننه 3/ 319، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 383.
(5)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11560) المصنف 6/ 437.
منهن بكلمات بأن قال لكل واحدة منهن: أنت علي كظهر أمي فعليه لكل واحدة كفارة؛ لأنها أيمان مكررة على أعيان متفرقة، ولأنها أيمان لا يحنث في إحداها بالأخرى فلا تكفرها كفارة واحدة.
ويلزم إخرج كفارة ظهار بعزم على وطء نصا (1) لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا. .} الآيتين، وحديث "فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك اللَّه" حيث أمر بالكفارة قبل التماس، وإن اشترى زوجته التي ظاهر منها وهي أمة فظهاره بحاله وله عتقها عنه، فإن عاد وتزوجها فلا كفارة، وإن أعتقها عن غيره ثم تزوجها فعليه الكفارة بالعود.
وإن بانت زوجة ظاهر منها قبل الوطء ثم أعادها فظهاره بحاله نصا (2).
وإن مات أحدهما بعد ظهار قبل الوطء سقطت كفارة الظهار؛ لأنه لم يوجد الحنث، ويرثها وترثه كما بعد التكفير.
(1) المقنع لابن البنا 3/ 991، والمغني 11/ 73، والمحرر 2/ 90، والمبدع 8/ 42، والإقناع 4/ 84.
(2)
مسائل الإمام أحمد رواية عبد اللَّه ص 367، والمغني 11/ 72، والمحرر 2/ 90، وشرح الزركشي 5/ 487، وكتاب الفروع 5/ 494، والمبدع 8/ 44.