الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) في الموصى إليه
وهو المأذون له في التصرف بعد الموت في المال وغيره مما للموصي التصرف فيه حال الحياة، وتدخله النيابة بملكه وولايته الشرعية (1).
ولا بأس بالدخول في الوصية (2) لفعل الصحابة رضي الله عنهم، فروي عن أبي عبيدة:"أنه لما عبر الفرات (3) أوصى إلى عمر"(4)، "وأوصى إلى الزبير ستة من الصحابة منهم عثمان وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف"(5)، وقياس قول
(1) ينظر: شرح منتهى الإرادات 2/ 574.
(2)
ينظر: المغني 8/ 560، والمبدع 6/ 100، وكشاف القناع 4/ 393.
(3)
الفرات: اسم نهر الكوفة، والفرات: الماء العذب، يقال ماء فرات ومياه فرات، وقد جعلها الشارح رحمه الله بالتاء المربوطة وهي بالتاء المفتوحة كما هو مثبت.
ينظر: لسان العرب 2/ 65 - 66، ومختار الصحاح ص 494.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة برقم (10958) الكتاب المصنف 11/ 199، وإسناده صحيح. ينظر: التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل ص 106.
(5)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/ 282 عن هشام بن عروة عن أبيه قال: "أوصى إلى الزبير رضي الله عنه عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وعبد اللَّه بن مسعود والمقداد بن الأسود مطيع بن الأسود رضي الله عنهم. . . "، وأخرج من طريق عامر بن عبد اللَّه بن الزبير قال:"أوصى عبد اللَّه بن مسعود فكتب: إن وصيتي إلى اللَّه وإلى الزبير بن العوام وإلى ابنه عبد اللَّه. . . "، وحسن هذا اللفظ الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 96، ولكن قال الألباني في الإرواء 6/ 101 - 102:"ضعيف. . وإسناده رجاله ثقات لكنه منقطع؛ لأن عامر بن عبد اللَّه لم يدرك عمر بن الخطاب. . . فقول الحافظ: إسناده حسن وهم منه رحمه الله".
أحمد أن عدم الدخول فيها أولى لما فيها من الخطر وهو لا يعدل بالسلامة شيئا (1).
(ويصح الإيصاء إلى كل مسلم مكلف رشيد عدل) إجماعا (2)(ولو) كانت عدالته (ظاهرا) أو كان عاجزا، ويضم إليه قوي أمين، أو كان قنا، أو أم ولد، ولو كانا لموص لصحة استنابتهما في الحياة أشبها الحر، ويقبلان إن كانا لغير موص بإذن سيد؛ لأن منافعهما مملوكة لغيره.
(و) يصح الإيصاء (من كافر إلى مسلم) إن لم تكن تركته خمرا أو خنزيرا ونحوهما.
(و) يصح الإيصاء من كافر إلى كافر (عدل في دينه)؛ لأنه يلي على غيره بالنسب، فيلي بالوصية كالمسلم (3).
وإن قال موص: ضع ثلثي حيث شئت، أو أعطه لمن شئت، أو تصدق به على من شئت لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى أداربه الوارثين ولو كانوا فقراء؛ لأنه متهم في حقهم. قال الحارثي:"والمذهب جواز الدفع إلى الولد والوالد ونحوهم"(4) واختاره صاحب "المحرر"(5) لاندراجه تحت اللفظ، والتهمة لا أصل لها، فإن هذه
(1) ينظر: المغني 8/ 560، والمبدع 6/ 100، والإنصاف 17/ 464، وكشاف القناع 4/ 393.
(2)
الإجماع ص 90، والإفصاح ص 72.
(3)
ينظر: المغني 8/ 553، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 17/ 493.
(4)
ينظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف 17/ 494 - 495.
(5)
1/ 393.
وكتاب المحرر: للإمام مجد الدين عبد السلام بن تيمية الحراني، حذا فيه حذو الهداية لأبي الخطاب، يذكر فيه روايات الحنابلة، فتارة يرسلها وتارة يبين اختياره فيها، وهو مطبوع في مجلدين. ينظر: المدخل لابن بدران ص 433.
العبارة تستعمل في الرضا بصرف الوصي إلى من يختاره كيف كان، ولا يجوز للوصي أيضا دفع الثلث إلى ورثة الموصي ولو كانوا فقراء؛ لأن الوصي نائب الميت فلم يكن له الدفع إلى من لا يدفع المستنيب إليه.
(ولا يصح) الإيصاء (إلا في) تصرف (معلوم) ليعلم موصى إليه ما وصي به إليه ليتصرف فيه كما أمر (يملك الموصي فعله)؛ لأنه أصيل والوصي فرعه، ولا يملك الفرع مالا يملكه الأصل، كوصية في قضاء دين، وتفريق وصية، ورد أمانة، وغصب، ونظر في أمر غير مكلف من أولاده، وتزويج مولياته، ويقوم وصيه مقامه في الإجبار، ولا تصح الوصية باستيفاء دينه مع رشد وارثه وبلوغه لانتقال المال إلى من لا ولاية له عليه، ومن وصي في فعل شيء لم يصر وصيا في غيره.
(ومن مات بمحل لا حاكم فيه ولا وصي) كمن مات ببرية (فلمسلم) حضر (حوز تركته وفعل الأصلح فيها من بيع) لما يراه منها كسريع الفساد؛ لأنه موضع ضرورة لحفظ مال المسلم عليه؛ إذ في تركه إتلاف له، (و) من (غيره) أي البيع لما لا يسرع فساده، (و) له (تجهيزه منها) أي تركته إن كانت (ومع عدمها) يجهزه (منه) أي من عنده (ويرجع عليها) أي تركته حيث وجدت، (أو على من تلزمه نفقته) -غير الزوج- إن لم تكن له تركة (إن نواه) أي الرجوع؛ لأنه قام عنه بواجب (أو استأذن) من كان عند ميت ببلد ولا شيء معه يجهز به (حاكما) في تجهيزه فله الرجوع على تركته إن كانت، أو على من تلزمه نفقته لئلا يمتنع الناس من فعله مع الحاجة إليه (1).
(1) ينظر: شرح مننهى الإرادات 2/ 577، وكشاف القناع 4/ 401 - 402.