الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (وشروطه) -أي النكاح- (أربعة):
-
أحدها: (تعيين الزوجين) في العقد؛ لأن النكاح عقد معاوضة أشبه البيع، فلا يصح النكاح إن قال الولي:"زوجتك بنتي" وله بنت غيرها حتى يميزها باسمها كفاطمة، أو صفة لا يشاركها فيها غيرها من أخواتها كالكبرى أو الطويلة، أو يشير إليها إن كانت حاضرة كهذه، وإلا يكن له إلا بنت واحدة صح النكاح بقوله:"زوجتك بنتي" ولو سماها بغير اسمها؛ لأنه لا تعدد هنا، وإن سماها باسمها ولم يقل: بنتي لم يصح (1) العقد لاشتراك هذا الاسم وهذه الصفة بينها وبين سائر الفواطم والطوال، أو قال من له بنتان: عائشة وفاطمة: زوجتك بنتي عائشة فقبل، ونويا فاطمة لم يصح؛ لأنهما لم يتلفظا بما يصح العقد بالشهادة عليه فأشبه ما لو قال: زوجتك بنتي فقط أو عائشة فقط، ولأن اسم أختها لا يميزها بل يصرف به العقد عنها كمن سمي له في العقد غير مخطوبته فقبل يظنها إياها (2).
(و) الشرط الثاني: (رضاهما) أي الزوجين العاقلين ولو كان الزوج رقيقا نصا (3) إذا كان مكلفا والزوجة حرة ثيبا تم لها تسج سنين، ولها إذن صحيح معتبر،
(1) في الأصل: صح، وهو خطأ بدلالة التعليل بعده.
(2)
ينظر: المغني 9/ 481 - 483، وكتاب الفروع 5/ 170، والبدع 7/ 20 - 21، وشرح منتهى الإرادات 3/ 13.
(3)
المقنع لابن البنا 3/ 891، وكتاب الفروع 5/ 170، والمبدع 5/ 27، والإنصاف 20/ 119 - 120.
فيشترط مع ثيوبتها، ويسن مع بكارتها نصا (1)؛ لحديث أبي هريرة مرفوعا:"لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول اللَّه! وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت" متفق عليه (2)، وخص بنت تسع لحديث أحمد عن عائشة قالت:"إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة"(3)، وروي عن ابن عمر مرفوعا (4)، ومعناه في حكم المرأة، ولأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه أشبهت البالغة، (لكن لأب) دون سائر الأولياء (ووصيه) -أي الأب- (في نكاح تزويج) ابن (صغير) -أي [غير] (5) بالغ- لما روي أن ابن عمر:"زوج ابنه وهو صغير، فاختصموا إلى زيد، فأجازاه جميعا" رواه الأثرم (6)، وله تزويجه أكثر من واحدة إن رآه مصلحة بغير رضاه، ولأب أو وصيه تزويج ابن (بالغ معتوه) أو مجنون مطبقا ولو كان بلا شهوة بلا إذنه؛ لأنه غير مكلف أشبه الصغير، ولأنه ربما كان
(1) مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 210 - 211، ورواية أبي داود ص 162 - 163، ورواية عبد اللَّه ص 326، والمغني 9/ 404، وشرح الزركشي 5/ 86، والإنصاف 8/ 54 - 56.
(2)
أخرجه البخاري، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، كتاب النكاح برقم 5136، صحيح البخاري 7/ 16، ومسلم، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، كتاب النكاح برقم 1419، صحيح مسلم 2/ 1036.
(3)
لم أقف عليه في المسند، وذكره الترمذي في كتاب النكاح، الجامع الصحيح 3/ 418، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 320، وينظر: إرواء الغليل 1/ 199.
(4)
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/ 273، وقال الألباني:"إسناده ضعيف". الإرواء 6/ 229.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 14.
(6)
وأخرجه بنحوه: عبد الرزاق برقم (10889)، المصنف 6/ 292، وسعيد بن منصور في سننه برقم (925) - 3/ 1/ 266، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 246، وصحح الألباني إسناده في الإرواء 6/ 228.
النكاح دواء له يرجى به شفاؤه، وقد يحتاج إلى الإيواء والحفظ، فإن عدم الأب ووصيه وثم حاجة إلى النكاح زوجهما -أي الابن الصغير والكبير المعتوه-[حاكم](1)؛ لأنه ينظر في مصالحهما بعد الأب ووصيه، ومن يخنق في [بعض](2) الأحيان إذا بلغ لا يصح تزويجه إلا بإذنه؛ لأنه ممكن، ومن أمكن أن يتزوج لنفسه لم تثبت ولاية تزويجه لغيره كالعاقل، ومن زال عقله ببرسام (3) أو مرض يرجى زواله فكالعاقل، ويصح قبول مميز لنكاحه بإذن وليه.
(و) لأب ووصيه تزويج بنت (مجنونة) ولو كانت بلا شهوة أو ثيبا أو بالغة؛ لأن ولاية الإجبار انتفت عن العاقلة بخيرة نظرها لنفسها بخلاف المجنونة، ويزوجها مع شهوتها كل ولي لحاجتها إلى النكاح، ولدفع ضرر الشهوة عنها وصيانتها عن الفجور وتحصيل المهر والنفقة، وتعرف شهوتها من كلامها وقرائن أحوالها كتتبعها الرجال وميلها إليهم.
(و) لأب ووصيه تزويج بنت (ثيب لها دون تسع) سنين؛ للأنه لا إذن لها معتبر (وبكر طلقا) أي ولو كانت مكلفة؛ لحديث ابن عباس مرفوعا: "الأيم أحق
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(3)
قال في لسان العرب 12/ 46: "البرسام: الموم. ويقال لهذه العلة البرسام وكأنه معرب، وبر: هو الصدر، وسام من أسماء الموت لأن العلة إذا كانت في الرأس يقال سرسام، وسر هو الرأس، والبلسم والبرسم واحد" ا. هـ. وهو نوع من اختلال العقل والجنون، يحدث عند الإلتهاب في الغشاء المحيط بالرئة.
ينظر: المحيط في اللغة 8/ 434، وتحرير ألفاظ التنبيه ص 241.
بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها صماتها" رواه أبو داود (1)، فقسم النساء قسمين وأثبت الحق لأحدهما فدل على نفيه عن الآخر وهي البكر، فيكون وليها أحق منها بنفسها، ودل الحديث على أن الاستئمار هنا والاستئذان في الحديث السابق مستحب غير واجب.
ويسن استئذان البكر إذا تم لها تسع سنين مع استئذان أمها؛ لحديث ابن عمر مرفوعا: "آمروا النساء في بناتهن" رواه أبو داود (2).
و(كـ) أب ووصيه (سيد مع إمائه) مطلقا كبارا كن أو صغارا أبكارا أو ثيبات أو مدبرات أو أمهات أولاد؛ لأن منافعهن مملوكة له، والنكاح عقد على منفعة أشبه عقد الإجارة (3)، (و) مع (عبده الصغر) أو المجنون كابنه وأولى لتمام ملكه، ولا يجبر سيد مكاتبا أو مكاتبة ولو صغيرين؛ لأنهما بمنزلة الخارجين عن ملكه، ولذلك لا يلزمه نفقتهما، ولا يملك إجارتهما ولا أخذ مهر المكاتبة، ويعتبر في نكاح معتق بعضها
(1) في باب الثيب، كتاب النكاح برقم (2098)، سنن أبي داود 2/ 232، ومسلم، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، كتاب النكاح برقم (1421)، صحيح مسلم 2/ 1037، والترمذي، باب ما جاء في استثمار البكر والثيب، كتاب النكاح برقم (1108)، الجامع الصحيح 3/ 416، والنسائي، باب استئذان البكر في نفسها، كتاب النكاح برقم (3260)، المجتبى 6/ 84، وابن ماجة، باب استئمار البكر والثبب، كتاب النكاح برقم (1870)، سنن ابن ماجة 1/ 601، وأحمد برقم (1891) المسند 1/ 361.
(2)
في باب الاستئمار، كتاب النكاح برقم (2095)، سنن أبي داود 2/ 232، وأحمد برقم (4887) المسند 2/ 119، والبيهقي، باب ما جاء في إنكاح الآباء الأبكار، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 115، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزياداته 1/ 60.
(3)
في الأصل: الارة.
إذنها وإذن معتقها وإذن مالك البقية كالشريكين في أمة ويقول كل: زوجتكها، ولا يقول: زوجتك نصيبي منها؛ لأن النكاح لا يقبل التبعيض والتجزء بخلاف البيع والإجارة، (فلا يزوج باقي الأولياء) غير أب أو وصيه (صغرة) دون تسع سنين (بحال) من الأحوال؛ لأنه لا إذن لها وغير الأب أو وصيه لا إجبار له (ولا) يزوج (بنت تسع) سنين فأكثر (إلا بإذنها) نصا (1)، لحديث أبي هريرة مرفوعا:"تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت لم تكره" رواه أحمد (2)، فدل على أن اليتيمة تزوج بإذنها، وأن لها إذنا صحيحا، وقد انتفى ذلك فيمن لم تبلغ تسعا باتفاق (3) فوجب حمله على من بلغت تسعا جمعا بين الأخبار، (وهو) أي إذنها المعتبر (صمات بكر) لحديث أبي هريرة المتقدم، وعن عائشة أنها قالت: "يا رسول اللَّه! إن
(1) مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 210 - 211، ورواية أبي داود ص 163، ورواية عبد اللَّه ص 326، والمغني 9/ 404، وكتاب الفروع 5/ 172، والمبدع 7/ 26.
(2)
في المسند برقم (7475) - 2/ 511، وأبو داود، باب في الاستئمار، كتاب النكاح برقم (2093)، سنن أبي داود 2/ 231، والترمذي، باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج، كتاب النكاح برقم (1109)، الجامع الصحيح 3/ 417 - 418، والنسائي، باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة، كتاب النكاح برقم (3270)، المجتبى 6/ 87، وابن حبان، باب ذكر الأخبار عما يجب على الأولياء من استثمار النساء أنفسهن. . .، كتاب النكاح برقم (4079)، الإحسان 9/ 392، والبيهقي، باب ما جاء في إنكاح اليتيمة، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 120، والحديث حسنه الترمذي، وكذا الألباني في الإرواء 6/ 232، وهو عندهم بلفظ:(فلا جواز عليها)، وقوله (لم تكره)، ورد في رواية أبي موسى، كما عند البيهقي في السنن الكبرى 7/ 120 ورواه غيره.
(3)
ينظر: الإجماع ص 91، والإفصاح 2/ 112.
البكر تستحي قال: رضاها صماتها" متفق عليه (1)، ولو ضحكت أو بكت كان ذلك إذنا لحديث أبي هريرة مرفوعا: "تستأمر اليتيمة، فإن بكت أو سكتت فهو رضاها، وإن أبت فلا جواز عليها" (2)؛ ولأنها غير ناطقة بالامتناع مع سماع الاستئذان فكان ذلك إذنا منها كالصمات، والبكاء يدل على الحياء لا الكراهة، ونطقها أبلغ من صماتها؛ لأنه الأصلي في الإذن، ويعتبر في استئذان من يشترط إذنها تسمية الزوج على وجه تقع المعرفة به لتكون على بصيرة في إذنها في تزويجه، ولا يعتبر تسمية المهر، ومن زالت بكارتها بغير وطء فكبكر (3) (ونطق ثيب) وهي من وطئت في قبل ولو بزنا أو مع عود بكارة بعد وطئها، للحديث: "الثيب تعرب عن نفسها" (4)، ولمفهوم حديث: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح
(1) أخرجه البخاري، باب لا ينكح الأب وغير البكر والثيب إلا برضاها، كتاب النكاح برقم (5137)، صحيح البخاري 7/ 16، ومسلم بنحوه، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، كتاب النكاح برقم (1420)، صحيح مسلم 2/ 1037.
(2)
أخرجه أبو داود، باب في الاستئمار، كتاب النكاح، برقم (2094) سنن أبي داود 2/ 231 - 232، ومن طريقه البيهقي، باب إذن البكر الصمت وإذن الثيب الكلام، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 122، والحديث قال أبو داود:"وليس "بكت" بمحفوظ وهو وهم في الحديث، الوهم من ابن إدريس أو محمد بن العلاء". ا. هـ، وقال الألباني:"حسن دون قوله "بكت" فإنه شاذ". الإرواء 6/ 235.
(3)
ينظر: المغني 9/ 411، والمبدع 7/ 27، والإنصاف 20/ 150، وكشاف القناع 5/ 47.
(4)
من حديث عدي الكندي عن أبيه: أخرجه ابن ماجة، باب استئمار البكر والثيب، كتاب النكاح برقم (1872)، سنن ابن ماجة 1/ 602، وأحمد برقم (17269) المسند 5/ 213، والطحاوي، باب تزويج الأب ابنته البكر. . .، كتاب الزيادات، شرح معاني الآثار 4/ 368، والبيهقي، باب =
البكر حتى تستأذن، وإذنها أن تسكت" (1)؛ لأنه لما قسم النساء قسمين وجعل السكوت إذنا لأحدهما وجب أن يكون الآخر بخلافه.
(و) الشرط الثالث -من شروط النكاح-: (الولي) نصا (2) إلا على النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (3)، والأصل في اشتراط الولي حديث أبي موسى مرفوعا:"لا نكاح إلا بولي" رواه الخمسة إلا النسائي (4)، وصححه أحمد
= إذن البكر الصمت وإذن الثيب الكلام، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 123، والحديث صححه الألباني بشواهده في الإرواء 6/ 234 - 235.
(1)
سبق تخريجه ص 244.
(2)
مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 210، ورواية أبي داود ص 162، ورواية عبد اللَّه ص 319، والمغني 9/ 34، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 20/ 155، وكتاب الفروع 5/ 175، والمبدع 7/ 27.
(3)
سورة الأحزاب من الآية (6).
(4)
أخرجه أبو داود، باب في الولي، كتاب النكاح برقم (2085)، سنن أبي داود 2/ 229، والترمذي، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح برقم (1101)، الجامع الصحيح 3/ 407، وابن ماجة، باب لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح برقم (1881)، سنن ابن ماجة 1/ 605، وأحمد برقم (19247) المسند 5/ 573، والدارمي، باب النهي عن النكاح بغير ولي، كتاب النكاح برقم (2183)، سنن الدارمي 2/ 185، وابن حبان، باب البيان بأن الولاية في الإنكاح إنما هي للأولياء دون النساء، كتاب النكاح برقم (4077)، الإحسان 9/ 389، والطحاوي، باب النكاح بغير ولي عصبة، كتاب النكاح، شرح معاني الآثار 3/ 8 - 9، والحاكم، باب لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 169 - 170، والبيهقي، باب لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 109، والحديث قال عنه الحاكم بعد ذكر طرقه:"أسانيدها كلها صحيحة" ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 235.
وابن معين (1)، وعن عائشة مرفوعا:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي لها" رواه الخمسة إلا النسائي (2)، وقوله تعالى:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (3) لا يدل على صحة نكاحها نفسها بل على أن نكاحها إلى الولي؛ لأنها نزلت في معقل بن يسار (4) حين امتنع من تزويج أخته، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم
(1) هو: الإمام، الحافظ، شيخ المحدثين، أبو زكريا، يحيى بن معين بن عون بن زياد الغطفاني، البغدادي، ولد سنة 158 هـ، وتوفي بالمدينة سنة 233 هـ، وحمل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم.
ينظر: تهذيب الكمال 31/ 543 - 568، وطبقات الحنابلة 1/ 402 - 407، وسير أعلام النبلاء 11/ 71 - 96.
(2)
أخرجه أبو داود، باب في الولي، كتاب النكاح برقم (2083)، سنن أبي داود 2/ 229، والترمذي -واللفظ له- باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح برقم (1102)، الجامع الصحيح 3/ 407 - 408، وابن ماجة، باب لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح برقم (1879)، سنن ابن ماجة 1/ 605، وأحمد برقم (23851) المسند 7/ 98، والدارمي، باب النهي عن النكاح بغير ولي، كتاب النكاح برقم (2184)، سنن الدارمي 2/ 185، وابن حبان، باب ذكر بطلان النكاح الذي نكح بغير ولي، كتاب النكاح برقم (4074)، الإحسان 9/ 384، والحاكم، باب أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها. . .، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 168، والبيهقي، باب لا نكاح إلا بولي، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 105، والحديث حسنه الترمذي، وقال الحاكم:"حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 243.
(3)
سورة البقرة من الآية (232).
(4)
معقل بن يسار: بن عبد اللَّه المزني، أبو علي، صحابي، من أهل بيعة الرضوان، توفي في آخر خلافة معاوية.
ينظر: أسد الغابة 5/ 232 - 233، والإصابة 6/ 146 - 147.
فزوجها (1)، فلو لم يكن لمعقل ولاية النكاح لما عاتبه تعالى على ذلك، وإنما أضافه إلى النساء لتعلقه بهن وعقده عليهن، فلا يصح من امرأة إنكاحها لنفسها كما تقدم أو إنكاحها لغيرها، فيزوج أمة المحجور عليها وليها ولغير المحجور عليها من يزوج سيدتها بشرط إذن سيدتها؛ لأنه تصرف في مالها ولا يتصرف في مال رشيدة بغير إذنها نطقا ولو كانت السيدة بكرا، ولا إذن لمولاة معتقة في تزويجها لملكلها نفسها بالعتق، ويزوجها بإذنها أقرب عصبتها نسبا كحرة الأصل، فإن عدموا فعصبتها ولاء كالميراث، ويقدم ابن المولاة على أبيها؛ لأن الولاية بمقتضى ولاء العتق، والولاء يقدم فيه الابن على الأب.
(وشروطه) -أي الولي- ستة:
أحدها: (تكليف) وهو العقل والبلوغ؛ لأن الولاية يعتبر لها كمال الحال لأنها تنفيذ تصرف في حق غيره، وغير المكلف مولى عليه لقصور نظره، فلا تثبت له ولاية كالمرأة. قال أحمد:"لا يزوج الغلام حتى يحتلم ليس له أمر"(2).
(و) الشرط الثاني: (ذكورة)؛ لأن المرأة لا يثبت لها ولاية على نفسها فعلى غيرها أولى.
(و) الشرط الثالث: (حرية)؛ لأن العبد والمبعض لا يستقلان بولاية على أنفسهما فعلى غيرهما أولى.
(1) ينظر: تفسير القرآن العظيم 1/ 267، وأخرجه البخاري، باب:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ. . .} كتاب التفسير برقم (4529) صحيح البخاري 6/ 24 - 25.
(2)
ينظر: المغني 9/ 367، والمقنع الشرح الكبير والإنصاف 20/ 179 - 182، وشرح منتهى الإرادات 3/ 18.
(و) الشرط الرابع: (رشد) وهو هنا: معرفة الكفء ومصالح النكاح وليس هو حفظ المال، فإن رشد كل مقام بحسبه.
(و) الشرط الخامس: (اتفاق دين) الولي والمولى عليها (1)، فلا ولاية لكافر على مسلمة وكذا عكسه، ولا لنصراني على مجوسية ونحوها؛ لأنه لا توارث بينهما بالنسب إلا أم ولد لكافر أسلمت فيزوجها لمسلم لأنها مملوكلته، ولأنه عقد عليها فيليه كإجارتها، وإلا أمة كافرة لمسلم فله أن يزوجها لكافر لما تقدم، وكذا أمة كافرة لمسلمة فيزوجها ولي سيدتها على ما سبق، وإلا السلطان فيزوج من لا ولي لها من الكوافر لعموم ولايته على أهل دار الإسلام، وهذه من أهل الدار فثبت له الولاية عليها كالمسلمة.
(و) الشرط السادس: (عدالة) نصا (2) لقول ابن عباس: "لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد"(3) قال أحمد: "أصح شيء في هذا قول ابن عباس"(4) يعني وقد روي عن ابن عباس مرفوعا: "لا نكاح [إلا] (5) بولي وشاهدي عدل، وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط فنكاحها باطل"(6)؛ ولأنها ولاية نظرية فلا يستبد بها
(1) في الأصل: عليه، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 18.
(2)
المغني 9/ 368، وكتاب الفروع 5/ 177، والمبدع 7/ 35، والإنصاف 20/ 182.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 126، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 251.
(4)
ينظر: المغني 9/ 368.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(6)
أخرجه الدارقطني، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 221 - 222، والبيهقي، باب لا نكاح إلا بولي مرشد، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 124، والحديث قال عنه البيهقي:"ضعيف والصحيح موقوف"، وذكره الزيلعي في نصب الراية 3/ 188 وقال: "رجاله ثقات، إلا أن المحفوظ
الفاسق كولاية المال، (ولو) كانت العدالة (ظاهرا)(1) فيكفي مستور الحال كولاية المال (إلا في سلطان) فلا يشترط في تزويجه بالولاية العامة العدالة للحاجة، (و) إلا في (سيد) أمة لأنه يتصرف في ملكه كما لو آجرها.
(ويقدم وجوبا) في نكاح حرة (أب)؛ لأن الولد موهوب لأبيه، قال تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} (2)؛ ولأن الأب [أكمل](3) نظرا وأشد شفقة، (ثم وصيه) -أي الأب- (فيه) في الإنكاح، لأنه بمنزلته، (ثم جد لأب وإن علا) الجد للأب فيقدم على الابن وابنه؛ لأن له إيلادا وتعصيبا فيقدم عليهما كالأب، فإن اجتمع أجداد فأولاهم أقربهم كالجد مع الأب، (ثم ابن) للحرة فابنه (وإن نزل) يقدم الأقرب فالأقرب؛ لحديث أم سلمة: "فإنها لما انقضت عدتها أرسل إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطبها فقالت: يا رسول اللَّه! ليس أحد من أوليائي شاهدا، قال: ليس من
= من قول ابن عباس، ولم يرفعه إلا عبد اللَّه بن الفضل". ا. هـ، وقال الألباني: "ضعيف مرفوعا والصحيح موقوف". إرواء الغليل 6/ 251.
وروي الحديث من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها: أخرجه ابن حبان، باب ذكر نفي إجازة عقد النكاح بغير ولي وشاهدي عدل، كتاب النكاح برقم (4075)، الإحسان 9/ 386، والدارقطني، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 226 - 227، والبيهقي، باب لا نكاح إلا بشاهدين عدلين، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 125، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 156:"صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" ا. هـ، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 258 - 259 بشواهده.
(1)
في الأصل: ظاهرة، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 217.
(2)
سورة الأنبياء من الآية (90).
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 17.
أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك، فقالت: قم يا عمر ابن أبي سلمة (1)، فزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فزوجه" رواه النسائي (2)، قال الأثرم: "قلت لأبي عبد اللَّه عمر بن أبي سلمة حين زوج النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة: أليس كان صغيرا؟ قال: ومن يقول كان صغيرا؟ أليس فيه بيان؟ " (3)، ولأنه عدل من عصبتها فثبت له ولاية تزويجها كأخيها، (وهكذا) يرتب الأولياء في التزويج (على ترتيب الميراث) فيقدم بعد الابن وإن نزل أخ لأبوين ثم أخ لأب فابن أخ لأبوين، فابن أخ لأب وإن سفلا، فعم لأبوين فعم لأب ثم بنوهما كذلك وإن سفلوا، ثم أقرب عصبة نسب كالإرث، ولا ولاية لغير العصبات كالأخ لأم والعم لأم والخال وبنيهم وأبي الأم، ونحوهم نصا (4)
(1) عمر بن أبي سلمة: بن عبد الأسد بن هلال القرشي، المخزومي، أبو حفص، ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بسنتين أو أكثر، وتوفي سنة 83 هـ.
ينظر: أسد الغابة 4/ 183، وسير أعلام النبلاء 3/ 406 - 408، والإصابة 4/ 487.
(2)
بنحوه، في باب إنكاح الابن أمه، كتاب النكاح برقم (3254)، المجتبى 6/ 81 - 82، وأحمد برقم 26129 المسند 7/ 443، والحاكم، باب خطبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة رضي الله عنها، كتاب معرفة الصحابة، المستدرك 4/ 16 - 17، والبيهقي، باب الابن يزوجها إذا كان عصبة لها بغير البنوة، كتاب النكاح 7/ 131، والحديث قال عنه الحاكم:"صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 251.
(3)
ينظر: المغني 9/ 357، وشرح الزركشي 5/ 29، وكشاف القناع 5/ 50 - 51.
(4)
مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/ 196، ورواية عبد اللَّه ص 324، والمغني 9/ 359، وكتاب الفروع 5/ 178، والمبدع 7/ 32.
لقول علي: "إذا بلغ النساء نص الحقائق فالعصبة أولى"(1) يعني: إذا أدركن (2)؛ ولأن من ليس من عصبتها شبيه بالأجنبي منها.
(ثم) يلي نكاح حرة بعد عصبة النسب (المولى المنعم) أي المعتق؛ لأنه يرثها ويعقل عنها فكان له تزويجها وقدم عليه عصبة النسب كما قدموا في الإرث، (ثم أقرب عصبته) أي المولى المنعم كالميراث (فسبا ثم) أقرب عصبته (ولاء) وهكذا، (ثم السلطان) وهو الإمام الأعظم أو نائبه، قال أحمد:"والقاضي أحب إلي من الأمير في هذا"(3). ولو كان السلطان أو نائبه من بغاة إذا استولوا على بلد فيجري فيه حكم سلطانهم وقاضيهم مجرى الإمام وقاضيه، قال الشيخ تقي الدين:"تزويج الأيامى فرض كفاية إجماعا"(4). فإن أباه حاكم إلا بظلم كطلبه جعلا لا يستحقه صار وجوده كعدمه، فإن عدم الكل زوجها ذو سلطان في مكانها كعضل أوليائها مع عدم إمام و (5) نائبه في مكانها، والعضل: الامتناع من تزويجها (6) يقال: داء عضال إذا أعيا الطبيب
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 121، وأبو عبيد في غريب الحديث 3/ 456 - 457، وأورده ابن الأثير في النهاية 1/ 414، وصحح إسناده الشيخ صالح آل الشيخ في التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل ص 127.
(2)
ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد 3/ 457، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1/ 414.
(3)
مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود ص 162، ورواية عبد اللَّه ص 319، وكتاب الفروع 5/ 178، والمبدع 7/ 32.
(4)
الاختيارات الففهية ص 351.
(5)
في الأصل: أو.
(6)
ينظر: المغني 9/ 383، والمطلع ص 320.
دواءه وامتنع عليه (1)، فإن تعذر ذو سلطان في مكانها وكلت عدلا في ذلك المكان يزوجها، قال أحمد في دهقان قرية (2):"يزوج من لا ولي لها إذا احتاط لها في الكفء والمهر إذا لم يكن في الرستاق (3) قاض"(4)؛ لأن اشتراط الولي في هذه الحال يمنع النكاح بالكلية.
(فإن عضل الأقرب، أو لم يكن أهلا) للولاية [كإن](5) كان فاسقا ونحوه (أو كان مسافرا فوق [مسافة] (6) قصر) لا دونها (زوج حرة) ولي (أبعد، و) زوج (أمة) غاب سيدها أو تعذرت مراجعته بنحو أسر (حاكم)؛ لأن له النظر في مال الغائب ونحوه، وإن زوج حاكم مع وجود ولي لم يصح، أو زوج ولي أبعد بلا عذر للأقرب لم يصح النكاح؛ إذ لا ولاية للحاكم والأبعد مع من هو أحق منهما أشبها الأجنبي، فلو كان الأقرب عند تزويج الحاكم أو الأبعد لا يعلم أنه غصبة ثم علم بعد العقد لم يعد، أو كان المعهود عدم أهلية الأقرب، لصغر ونحوه ولم يعلم أنه صار أهلا ببلوغه ونحوه ثم علم بعد العقد لم يعد، أو كان الأقرب مجنونا مثلا ولم يعلم عند التزويج أنه عاد أهلا ثم علم أنه عاد أهلا بعد تزويجها لم يعد، أو كان الأقرب غائبا وقدم بعد العقد لم يعد، ويلي كتابي نكاح موليته الكتابية حتى من مسلم.
(1) ينظر: معجم مقاييس اللغة 4/ 345 - 346، ولسان العرب 11/ 451 - 452.
(2)
الدهقان والدهقان: القوي على التصرف مع حدة. ينظر: لسان العرب 13/ 164.
(3)
الرستاق: هي السواد. ينظر: لسان العرب 10/ 116، ومختار الصحاح ص 242.
(4)
ينظر: المغني 9/ 362، والمبدع 7/ 33، وشرح منتهى الإرادات 3/ 18، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ينظر: الاختيارات ص 350.
(5)
ما بين المعقوفين ليست في الأصل.
(6)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 218.
وإن استوى وليان فأكثر في درجة كإخوة كلهم لأبوين أو لأب أو بني إخوة كذلك أو أعمام أو بنيهم كذلك صح التزويج من كل واحد منهم (1)، والأولى تقديم أفضلهم علما ودينا، فإن استووا في الفضل فأسن؛ لأنه صلى الله عليه وسلم:"لما تقدم إليه محيصة (2) وحويصة (3) وعبد الرحمن بن سهل (4) وكان أصغرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كبر كبر -أي قدم الأكبر- فتقدم حويصة"(5)؛ ولأنه أحوط للعقد في اجتماع شروطه والنظر في الحظ، وإن تشاحوا أقرع بينهم في الحق، فإن سبق غير من قرع فزوج وقد أذنت لكل منهم صح التزويج لصدوره من ولي كامل الولاية، وإن زوج
(1) مراده: من أي واحد منهم.
(2)
محيصة هو: بن مسعود بن كعب بن عامر بن عدي الأنصاري، أبو سعد، المدني، أسلم قبل أخيه حويصة، وهو أصغر منه، شهد أحدا والخندق وما بعدها من المشاهد، وبعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى فدك يدعوهم إلى الإسلام.
ينظر: أسد الغابة 5/ 119 - 120، وتهذيب الكمال 27/ 312 - 313، والإصابة 6/ 37 - 38.
(3)
حويصة هو: بن مسعود بن كعب بن عامر بن عدي الأنصاري، أبو سعد، أخو محيصة لأبيه وأمه شهد أحدا والخندق وما بعدها.
ينظر: أسد الغابة 2/ 74، والإصابة 2/ 124.
(4)
عبد الرحمن بن سهل هو: بن زيد بن كعب بن عامر بن عدي الأنصاري، أخو عبد اللَّه المقتول بخيبر، قيل: شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، نهشته حية فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمارة بن حزم فرقاه.
ينظر: أسد الغابة 3/ 457 - 458، والإصابة 4/ 265 - 266.
(5)
أخرجه البخاري عن سهل بن أبي حثمة، باب الموادعة. . . كتاب الجزية برقم 3173، صحيح البخاري 4/ 80، ومسلم، باب القسامة، كتاب القسامة والمحاربين. . . برقم 1669، صحيح مسلم 3/ 1291.
وليان مستويان درجة موليتهما لاثنين وجهل السبق مطلقا أو علم سابق ثم نسي أو علم السبق وجهل السابق منهما فسخهما حاكم نصا (1)؛ لأن أحدهما صحيح ولا طريق للعلم به ولا مرجح لأحدهما على الآخر، وإن طلقا لم (2) يحتج للفسخ، فإن عقد عليها أحدهما بعد لم ينقص بهذا الطلاق عدده؛ لأنه لم يتعين وقوع الطلاق، وإن أقرت بسبق لأحدهما لم يقبل نصا (3)، وإن علم وقوع العقدين معا بطلا فلا يحتاجان إلى فسخ ولا توارث فيهما، كان لم يعلم وقوعهما معا فلها نصف المهر على أحدهما بقرعة، فمن (4) خرجت عليه القرعة أخذت منه نصف المسمى؛ لأن عقد أحدهما صحيح وقد انفسخ قبل الدخول فوجب عليه نصف المهر، وأما إذا علم وقوعهما معا فلا شيء لها عليهما، وإن ماتت في غير الأخيرة قبل فسخ الحاكم نكاحهما فلأحدهما نصف ميراثها إن لم يكن لها ولد بقرعة فيأخذه من خرجت له القرعة بلا يمين؛ لأنه يقول: لا أعرف الحال، وإن مات الزوجان فإن كانت أقرت بسبق لأحدهما فلا إرث لها من الآخر، وهي تدعي ميراثها ممن أقرت له بالسبق، فإن كان ادعى ذلك أيضا قبل موته دفع إليها إرثها منه، وإلا فلا يدفع إليها شيء إن أنكر ورثته سبقه، ولها تحليفهم أنهم لا يعلمون أنه السابق فإن نكلوا قضي عليهم، كان لم تكن أقرت بسبق لأحدهما ورثت من أحدهما بقرعة، فمن خرجت عليه فلها إرثها منه، وروى حنبل
(1) المغني 9/ 432، وكتاب الفروع 5/ 184، والمبدع 7/ 42، والإنصاف 215/ 20 - 216، وكشاف القناع 5/ 60.
(2)
في الأصل: لا.
(3)
المغني 9/ 433، وكتاب الفروع 5/ 185، والمبدع 7/ 43، والإنصاف 20/ 225، وكشاف القناع 5/ 60.
(4)
في الأصل: فان، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 22.
عن أحمد: في رجل له ثلاث بنات زوج إحداهن من رجل ثم مات الأب ولم [يعلم](1) أيتهن زوج؟ يقرع فأيتهن أصابتها القرعة فهي زوجته، وإن مات الزوج فهي التي ترثه (2)، ومن زوج عبده الصغير بأمته جاز أن يتولى طرفي العقد، أو زوج ابنه الصغير ونحوه بنت أخيه، أو زوج وصي في نكاح صغيرا بصغيرة تحت حجره، أو زوج ابنه بصغيرة وهو وصي عليها صح أن يتولى طرفي العقد، وكذا ولي عاقلة تحل له كابن عم ومولى وحاكم إذا أنت له في تزويجها صح أن يتولى طرفي العقد، لما روي عن البخاري عن عبد الرحمن بن عوف قال لأم حكيم بنت قارظ (3):"أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم. قال: قد تزوجتك"(4)؛ ولأنه يملك الإيجاب والقبول فجاز أن يتولاهما كما لو زوج أمته عبده الصغير، وكذا لو وكل زوج وليا وعكسه أو وكلا واحدا جاز أن يتولى طرفي العقد، كما يجوز ذلك في سائر العقود كالبيع والإجارة، ولا يشترط في تولي طرفي العقد الجمع بين الإيجاب والقبول، بل يكفي زوجت فلانة بنت فلان فلاتا وينسبه بما يتميز به، أو يقول: تزوجتها إن كان هو الزوج، أو كان وكيله فيقول: تزوجتها لموكلي فلان إلا بنت عمه وعتيقته المجنونتين إذا أراد تزوجهما، فيشترط ولي غيره إن كان أو حاكم؛ لأن الولي اعتبر للنظر للمولى
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 22.
(2)
ينظر: المغني 9/ 434، والإنصاف 20/ 228، وكشاف القناع 5/ 61.
(3)
أم حكيم بنت قارظ: بن خالد بن عبيد بن سويد بن قارظ، من بني ليث حلفاء بني زهرة، زوج عبد الرحمن بن عوف.
ينظر: الإصابة 8/ 383 - 384.
(4)
ذكره البخاري في صحيحه تعليقا 7/ 15، ووصله ابن سعد في الطبقات 8/ 472. والحديث صححه الألباني في الإرواء 6/ 255 - 256.
عليه والاحتياط له ولا يجوز له التصرف (1) في ما هو مولى عليه لمكان التهمة، كالوكيل في البيع لا يبيع لنفسه فيزوجه ولي غيره ولو أبعد منه إن وجد وإلا فالحاكم لتنتفي التهمة.
ومن قال لأمته التي يحل له نكاحها لو كانت حرة من قن أو مدبرة أو مكاتبة أو معلق عتقها بصفة أو أم ولده: "أعتقتك وجمعلت عتقك صداقك"، أو "جعلت عتق أمتي صداقها"، أو "جعلت صداق أمي عتقها" جاز، أو قال:"قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها"، أو قال:"أعتقتها على أن عتقها صداقها"، أو قال:"أعتقتك على أن أتزوجك" أو"عتقي صداقك" أو"عتقك صداقك" صح العتق والنكاح في هذه الصور كلها وإن لم يقل تزوجتك أو تزوجتها لتضمن قوله: وجعلت عتقها ونحوه صداقها ذلك، والأصل فيه حديث أنس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها" رواه أحمد وغيره (2)، وعن صفية قالت:"أعتقني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقي صداقي" رواه الأثرم (3)، وله بإسناده عن علي أنه كان يقول:"إذا أعتق الرجل أم ولده فجعل عتقها صداقها، فلا بأس بذلك (4) "، وكذا
(1) يعني لنفسه.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم 12276 - 3/ 644، والبخاري، باب من جعل عتق الأمة صداقها، كتاب النكاح برقم 5086، صحيح البخاري 7/ 7، ومسلم، باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها، كتاب النكاح برقم 1365، صحيح مسلم 2/ 1045.
(3)
وأخرجه أبو يعلى في مسنده 13/ 35، والطبراني في البر 24/ 74، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 282، وقال:"رجاله ثقات" ا. هـ، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 257.
(4)
أخرجه عبد الرزاق بنحوه برقم (13114)، المصنف 7/ 270 - 271، وابن أبي شيبة، الكتاب المصنف 4/ 156.
لو قال: أعتقتها وتزوجتها على ألف ونحوه إن كان الكلام متصلا ولو حكما وكان بحضرة شاهدين عدلين، فإن قال: أعتقتك وسكت سكوتا يمكنه الكلام فيه، أو تكلم بأجنبي ثم قال: وجعلت عتقك صداقك ونحوه لم يصح النكاح لصيرورتها بالعتق حرة، فيحتاج أن يتزوجها برضاها بصداق جديد، وكذا إن كان لا بحضرة شاهدين لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي (1) عدل" ذكره أحمد في رواية ابنه عبد اللَّه (2)، ومن طلقت قبل الدخول وقد جعل عتقها أو عتق بعضها صداقها رجع عليها بنصف قيمة ما أعتق منها نصا (3)، وإن سقط لرضاع ونحوه رجع بكلها وتجبر
(1) في الأصل: وشاهدين.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" برقم 19024 - 5/ 536 بدون "وشاهدي عدل"، وبهذا اللفظ عن عمران بن حصين مرفوعا، أخرجه عبد الرزاق، باب النكاح بغير ولي، كتاب النكاح برقم 10473، المصنف 6/ 196، والطبراني في المعجم الكبير برقم 299 - 18/ 142، والدارقطني، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 225، والبيهقي، باب لا نكاح إلا بشاهدين عدلين، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 125، وقال الحافظ ابن حجر:"في إسناده عبد اللَّه بن محرر وهو متروك، ورواه الشافعي من وجه آخر عن الحسن مرسلا وقال: وهذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقولون به" ا. هـ التلخيص الحبير 3/ 156، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 261 لشواهده. ولم أقف عليه برواية عبد اللَّه ابن الإمام أحمد.
وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: أخرجه ابن حبان، برقم (4075)، الإحسان 9/ 386 وحسنه شعيب الأرناؤوط، وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 227، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 125، وفي الباب عن ابن مسعود وابن عباس مرفوعا.
(3)
المغني 9/ 455، وشرح الزركشي 5/ 127، والمبدع 7/ 45، والإنصاف 20/ 238، وكشاف القناع 5/ 63.
على الإعطاء إن كانت مليئة وتجبر على الكسب غير المليئة، وإن قال لأمته: زوجتك لزيد وجعلت عتقك صداقك ونحوه صح على قياس ما سبق.
(و) الشرط الرابع -من شروط النكاح-: (شهادة رجلين مكلفين) أي عاقلين بالغين (عدلين ولو ظاهرا)؛ لأن الغرض من الشهادة إعلان النكاح وإظهاره، ولذلك يثبت بالاستفاضة، فإذا حضر من يشتهر بحضوره صح فلا ينقض النكاح ولو بان الشاهدان فاسقين لوقوع النكاح في القرى والبوادي وبين عامة الناس ممن لا يعرف حقيقة العدالة، فاعتبار ذلك يشق فاكتفي بظاهر الحال فيه، قال الشيخ منصور:"قلت: وكذا لا ينقض إن بأن الولي فاسقا" انتهى (1). (سميعين ناطقين) مسلمين ولو أن الزوجة ذمية، غير متهمين لرحم بأن لا يكونا من عمودي نسب الزوجين والولي، فلا تصح شهادة أبي الزوجة أوجدها فيه ولا ابنها وابنه فيه، وكذا أبو الزوج وجده وابنه وابن ابنه وإن نزل للتهمة، وكذا الولي وابنه، ولا يشترط كون الشاهدين بصيرين لأنها شهادة على قول أشبهت الاستفاضة، ويعتبر أن يتيقن الصوت بحيث لا يشك في العاقدين كما يعلمه من رآهما، ولو أنهما عدوا الزوجين أو أحدهما أو الولي لأنه ينعقد بهما نكاح غير هذين الزوجين فانعقد نكاحهما كسائر العدول، ولا يبطل العقد تواصل بكتمانه؛ لأنه لا يكون مع الشهادة مكتوما وإنما شرطت الشهادة في النكاح احتياطا للنسب خوف الإنكار لحديث عائشة مرفوعا:"لا بد في النكاح من حضور أربعة: الولي، والزوج، والشاهدان" رواه
(1) ينظر: شرح منتهى الإرادات 3/ 25.
الدارقطني (1)، وعن ابن عباس مرفوعا:"البغايا اللواتي يزوجن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي (2)، ولأنه عقد يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد فاشترطت فيه الشهادة لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه، ويكره كتمان النكاح قصدا ولو أقر رجل وامرأة أنهما متناكحان بولي وشاهدي عدل مبهمين ثبت النكاح بإقرارهما، ولا تشترط الشهادة بخلو الزوجة من الموانع للنكاح كالعدة والردة؛ لأن الأصل عدمها، ولا إذنها لوليها في العقد، والاحتياط الإشهاد قطعا للنزاع، وإن ادعى زوج إذنها لوليها في العقد وأنكرت صدقت قبل دخول زوج بها مطاوعة لا بعده؛ لأن دخوله بها كذلك دليل كذبها.
(والكفاءة شرط للزومه) -أي للزوم النكاح- لا لصحته على الصحيح كما
(1) في كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 225، وأشار إليه البيهقى في السنن الكبرى 7/ 143. والحديث قال عنه الدارقطني: أبو الحصيب -أحد رواته- مجهول، واسمه نافع بن ميسرة" ا. هـ، وقال البيهقي: "ضعيف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاثشة مرفوعا"، وذكره الحافظ الزيلعي في نصب الراية 3/ 187 وقال: "حديث منكر والأشبه أن يكون موضوعا" ا. هـ، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 261.
(2)
في باب ما جاء لا نكاح إلا ببينة، كتاب النكاح برقم (1103)، الجامع الصحيح 3/ 411، والبيهقي، باب لا نكاح إلا بشاهدين عدلين، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 125 - 126 وأخرجه موقوفا على ابن عباس الترمذي برقم (1104) الجامع الصحيح 3/ 411، وعبد الرزاق برقم (10481)، المصنف 6/ 197، وسعيد بن منصور برقم (533) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 176، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 135، والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 126، والحديث ضعفه مرفوعا الترمذي، والبيهقي، والألباني في الإرواء 6/ 261، وصححه موقوفا الترمذي والبيهقي.
قال به أكثر العلماء (1)؛ لما روت عائشة: "أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة (2) تبنى سالما (3) وأنكحه ابنة أخيه (4) الوليد بن عتبة (5) وهو مولى لامرأة من الأنصار" رواه البخاري (6)، "وأمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد فنكحها
(1) ينظر: بدائع الصنائع 7/ 312، وفتح القدير 3/ 185، والمدونة 2/ 163، ومنح الجليل 2/ 44، والأم 5/ 16، ومغني المحتاج 3/ 164، والمغني 9/ 387 - 388، وشرح الزركشي 5/ 59، والإنصاف 20/ 253، وكشاف القناع 5/ 67.
(2)
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، العبشمي، قيل: اسمه: مهشم، أو هشيم، أو هاشم، كان من السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين، وصلى إلى القبلتبن، وشهد المشاهد كلها، استشهد يوم اليمامة وعمره 56 سنة.
ينظر: أسد الغابة 6/ 70 - 72، والإصابة 7/ 74.
(3)
سالم هو: بن معقل، أبو عبد اللَّه، أصله من فارس، وهو من المهاجرين، وكان مشهورا بقراءة القرآن، شهد المشاهد كلها، وقتل شهيدا يوم اليمامة.
ينظر: أسد الغابة 2/ 307 - 308، والإصابة 3/ 11 - 13.
(4)
اسمها: هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشية، العبشمية، ويقال لها: أيضا فاطمة.
ينظر: أسد الغابة 7/ 295، والإصابة 8/ 349.
(5)
الوليد بن عتبة: قتل يوم بدر كافرا، ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح 9/ 133.
(6)
في: باب الأكفاء في الدين، كتاب النكاح برقم (5088) صحيح البخاري 7/ 7، وأبو داود، باب فيمن حرم به، كتاب النكاح برقم (2061)، سنن أبي داود 2/ 223، والنسائي، باب تزوج المولى العربية، كتاب النكاح برقم (3223)، المجتبى 6/ 63 - 64، ومالك، باب ما جاء في الرضاعة بعد الكبر، كتاب الرضاع برقم (1288)، الموطأ ص 389.
بأمره" متفق عليه (1)، وعن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي (2) عن أمه (3) قالت: "رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف (4) تحت بلال" رواه الدارقطني (5)، (فيحرم تزويجها) -أي المرأة- (بغيره) -أي بغير الكفء- ويفسق به الولي (إلا برضاها) فإذا رضيت صح النكاح، ولمن لم يرض من أوليائها الفسخ فهي حق للمرأة والأولياء كلهم القريب والبعيد، ويملكه الأبعد مع رضا الأقرب. والزوجة دفعا لما يلحقه
(1) من حديث فاطمة بنت قيس: أخرجه مسلم، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، كتاب الطلاق برقم (1480)، صحيح مسلم 2/ 1114، وأبو داود، باب في نففة المبتوتة، كتاب الطلاق برقم (2284)، سنن أبي داود 2/ 285 - 286، والنسائي، باب تزوج المولى بالعربية، كتاب النكاح برقم (3222)، المجتبى 6/ 62 - 63، وأحمد برقم (26782) المسند 7/ 562، ومالك، باب ما جاء في نفقة المطلقة، كتاب الطلاق برقم (1234)، الموطأ ص 371. والحديث لم أقف عليه عند البخاري، وعزاه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 151، 165 لمسلم وحده. وقال الألباني في الإرواء 6/ 210، 264: هو من إفراد البخاري.
(2)
في الأصل: أبى حنظلة بن أبي سفيان الجحمي، والمثبت من سنن الدارقطني 3/ 302.
وهو: حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي، القرشي، المكي، الحافظ، من أثمة الحديث في مكة، توفي سنة 151 هـ.
ينظر: تهذب الكمال 7/ 443 - 447، وسير أعلام النبلاء 6/ 336 - 338، وتذكرة الحفاظ 1/ 176.
(3)
هي: حفصة بنت عمرو بن أبي عقرب، من بني عريج بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
ينظر: الثقات 6/ 225، والطبقات الكبرى 5/ 493.
(4)
اسمها: هالة بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة القرشية، الزهرية. ينظر: الإصابة 8/ 339.
(5)
في باب المهر، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 301 - 302، والبيهقي، باب لا يرد نكاح غير الكفو إذا رضيت به الزوجة. . .، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 137.
منـ[لحوق](1) العار، فلو زوج الأب بنته برضاها بغير كفء فللإخوة الفسخ نصا (2)، ولو زالت الكفاءة بعد العقد فللزوجة الفسخ دون سائر أوليائها كعتقها تحت عبد؛ لأن حق الأولياء في ابتداء العقد لا في استدامته، وخيار الفسخ لفقد الكفاءة على التراخي، فلا يسقط إلا بإسقاط عصبة أو بما يدل على رضا الزوجة من قول أو فعل، كأن مكنته عالمة بأنه غير كفء فيسقط خيارها فقط.
والكفاءة لغة: المماثلة والمساواة (3)، ومنه حديث:"المسلمون تتكافأ دماؤهم"(4) -أي تتساوى- فدم الوضيع منهم كدم الرفيع، وهي معتبرة هنا في خمسة أشياء: -
أحدها: دين، فلا تزوج عفيفة عن زنا بفاجر أي فاسق بقول أو فعل أو اعتقاد؛ لأنه مردود الشهادة والرواية وذلك نقص في إنسانيته فليس كفؤ العدل لقوله تعالى:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)} (5).
(1) يستقيم الكلام بدونها.
(2)
المغني 9/ 389 - 390، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 20/ 258، والمبدع 7/ 51، وكشاف القناع 5/ 67.
(3)
ينظر: لسان العرب 1/ 139، والقاموس المحيط 1/ 26.
(4)
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أخرجه أبو داود، باب في السرية ترد على أهل العسكر، كتاب الجهاد برقم (2751)، سنن أبي داود 3/ 80، وابن ماجة، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، كتاب الديات برقم (2685)، سنن ابن ماجة 2/ 895، وأحمد برقم (6758) المسند 2/ 395، والبيهقي، باب فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدين، كتاب الجنايات، السنن الكبرى 8/ 29، والحديث له طرق كثيرة صححه بمجموعها الألباني في الإرواء 7/ 265 - 266.
(5)
سورة السجدة الآية (18).
الثاني: منصب، وهو النسب فلا تزوج عربية بعجمي، ولا بولد زنا لقول عمر:"لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء" رواه الدارقطني (1)، ولأن العرب يعتمدون الكفاءة في النسب ويأنفون من نكاح الموالي ويرون ذلك نقصا وعارا، والعرب قريش وغيرهم بعضهم لبعض أكفاء.
والثالث: حرية، فلا تزوج حرة ولو عتيقة بعبد ولا بمبعض قاله الزركشي (2)، لأنه منقوص بالرق؛ [لأنه](3) ممنوع من التصرف في كسبه غير مالك له، ولأن ملك السيد له يشبه ملك البهيمة فلا يساوي الحرة لذلك.
والرابع: الصناعة، بأن لا يكون صاحب صناعة دنيئة، فلا تزوج بنت بزاز (4) -أي تاجر في البز- بحجام، ولا بنت تانئ (5) -أي صاحب عقار- بحائك
(1) في سننه 3/ 298، وبنحوه أخرجه عبد الرزاق برقم (10324)، المصنف 6/ 152، وسعيد بن منصور في سننه برقم (537) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 177، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 418، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 133، والأثر ضعفه الألباني في الإرواء 6/ 265.
(2)
ينظر: شرح الزركشي 5/ 75.
والزركشي هو: شمس الدين، محمد بن عبد اللَّه بن محمد، المصري، أبو عبد اللَّه، الإمام، العلامة، المحقق، ولد سنة 758 هـ بالقاهرة، كان إماما في المذهب، صاحب التصانيف الكثيرة، منها:"شرح مختصر الخرقي"، توفي سنة 772 هـ.
ينظر: السحب الوابلة 3/ 966 - 968، والمنهج الأحمد 5/ 137 - 138، وشذرات الذهب 6/ 224 - 225.
(3)
ما بين المعقوفين يستقيم الكلام بدونها.
(4)
البز: الثياب، والبزاز: بائع البز وحرفته البزازة.
ينظر: لسان العرب 5/ 311 - 312.
(5)
التانئ بالمهمز بلا خلاف. ينظر: المطلع ص 321.
وكساح ونحوه (1)؛ لأنه نقص في عرف الناس أشبه نقص النسب، وفي حديث:"العرب بعضهم لبعض أكفاء إلا حائكا أو حجاما"(2)، قيل لأحمد: وكيف تأخذ به وأنت تضعفه؟ قال: "العمل عليه"(3) أي أنه يوافق العرف.
الخامس: يسار، بحسب ما يجب لها فلا تزوج موسرة بمعسر؛ لأن عليها ضررا.
(1) الكسح: الكنس.
ينظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 179، ولسان العرب 2/ 571.
(2)
من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه البيهقي، باب اعتبار الصنعة في الكفاءة، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 134، والحديث قال عنه البيهقي:"منقطع"، وذكره ابن عبد البر في التمهيد 19/ 165 وقال:"منكر موضوع" ا. هـ، وقال الألباني:"موضوع". الإرواء 6/ 268.
(3)
ينظر: المغني 9/ 395، وشرح منتهى الإرادات 3/ 27.