الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتمة في ميراث المفقود:
-
من فقدت الشيء فقدا وفقدانا بكسر الفاء وضمها، والفقدان أن تطلب الشيء فلا تجده (1)، والمراد هنا (2): من لا تعلم له حياة ولا موت لانقطاع خبره (3).
وله حالان: -
أحدهما: من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة؛ كأسر وتجارة وسياحة فينتظر به تتمة تسعين سنة منذ ولد؛ لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا، فإن فقد ابن تسعين سنة اجتهد الحاكم في تقدير مدة انتظاره.
الثاني: من انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك كالذي فقد من بين أهله، أو في مفازة مهلكة وهي الأرض التي يكثر فيها الهلاك كدرب الحجاز (4)، وكمن فقد بين الصفين حالة الحرب أو غرقت سفينة وغرق قوم ونجا قوم فينتظر به مدة أربع سنين منذ فقد ثم يقسم ماله؛ لأنها مدة يتكرر فيها تردد المسافرين والتجار فانقطاع خبره عن أهله مع غيبته على هذا الوجه يغلب ظن الهلاك، إذ لو كان باقيا لم ينقطع خبره إلى هذه الغاية، ولاتفاق الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين على اعتداد امرأته بعد
(1) ينظر: لسان العرب 3/ 337، والقاموس المحيط 1/ 323.
(2)
أي: في كتاب الفرائض.
(3)
ينظر: كشاف القناع 4/ 464، والعذب الفائض 2/ 79.
(4)
هذا في زمن المؤلف أما في الوقت الحاضر فالطرق آمنة وميسرة وللَّه الحمد في ظل هذه الدولة -السعودية- وفقها اللَّه وأدام عليها نعمه.
تربصها هذه المدة وحلها للأزواج بعد ذلك (1)، ويزكى مال المفقود لما مضى قبل قسمه نصًّا (2).
وإن قدم بعد قسم ماله أخذ ما وجده منه بعينه لتبين عدم انتقال ملكه عنه ورجع على من أخذ الباقي ببدله لتعذر رده بعينه.
فإن مات مورث المفقود زمن التربص أخذ من تركته كل وارث غير المفقود اليقين وهو ما لا يمكن أن ينقص عنه مع حياة المفقود أو موته ووقف الباقي حتى يتبين أمر المفقود أو تنقضي مدة الانتظار، فاعمل له مسألة حياة ثم مسألة موت، وانظر بينهما بالنسب الأربع ثم اضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو وفقها في الأخرى إن توافقتا، واجتزئ بإحداهما إن تماثلتا وبأكثرهما إن تناسبتا ليحصل أقل عدد ينقسم على كلٍ من المسألتين، ويأخذ وارث منهما اليقين؛ لأن ما زاد عليه مشكوك فيه، فلو مات أبو المفقود وخلف المفقود وزوجة وأما وأخا فمسألة حياته من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة، وللأم أربعة، وللابن المفقود سبعة عشر، ومسألة موته من اثني عشر، للزوجة ثلاثة، وللأم أربعة، وللأخ خمسة، وهما متداخلان فاجتزئ بالأربعة والعشرين، للزوجة من مسألة الحياة ثلاثة، ومن مسألة الموت ستة فاعطها ثلاثة، وللأم من مسألة حياته أربعة ومن مسألة موته ثمانية فاعطها أربعة، ولا شيء للأخ من مسألة الحياة فلا تعطه شيئا، فإن قدم المفقود أخذ نصيبه وإن لا يقدم
(1) ينظر: الاستذكار 17/ 302 - 305، والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 445 - 447، ومصنف عبد الرزاق 7/ 85 - 91، وإعلام الموقعين 2/ 53، وفتح الباري 9/ 431، والمغني 9/ 186، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 18/ 228 - 229.
(2)
كتاب الفروع 5/ 38، والمبدع 6/ 216، والإنصاف 18/ 233، وشرح منتهى الإرادات 7/ 612.