الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فيما تخالف الزوجة المدخول بها غيرها
تطلق مدخول بها بوطء أو خلوة في عقد صحيح بقول زوجها لها: أنت طالق أنت طالق ثنتين؛ لأن اللفظ للإيقاع فيقتضي الوقوع كما لو لم يتقدمه مثله، إلا أن ينوي بتكراره تأكيدا متصلا أو إفهاما لانصرافه عن الإيقاع بنية ذلك، وغير المدخول بها تبين بالأولى نوى بالثانية الإيقاع أو لا، متصلا أو لا، روي ذلك عن علي وزيد بن ثابت (1) وابن مسعود (2).
فإن لم يتصل بأن قال للمدخول بها: أنت طالق وسكت ما يمكنه كلام فيه ثم أعاده لها طلقت ثانية ولو نوى التأكيد؛ لأنه تابع وشرطه الاتصال كسائر التوابع، وإن قال لمدخول بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق وأكد الأولى بالثالثة لم يقبل للفصل بينهما بالثانية فتقع الثالثة، وإن أكد الأولى بهما قبل لعدم الفصل وتقع واحدة، أو قال: أردت تأكيد ثانية بثالثة قبل لما مر، وإن أطلق التأكيد فلم يعين تأكيد أولى ولا ثانية فواحدة لانصراف ما زاد عليها عن الإيقاع بنية التأكيد.
وإن قال لها: أنت طالق وطالق وطالق فثلاث طلقات مدخولا بها كانت أو غيرها؛ لأن الواو تقتضي الجمع بلا ترتيب، ويقبل منه حكما إرادة تأكيد ثانية بثالثة
(1) ما روي عن علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم: أخرجه سعيد برقم (1080) سنن سعيد ابن منصور 3/ 1/ 304، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 24، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 355.
(2)
أخرجه سعيد برقم (1085) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 305، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 335.
لمطابقتها لها في لفظها، ولا يقبل منه تأكيد أولى بثانية لعدم مطابقتها لها باقترانها بالعطف دونها، وكذا الفاء فلو قال: أنت طالق فطالق فطالق فتطلق مدخول بها ثلاثا، ويقبل منه حكما تأكيد ثانية بثالثة لا أولى بثانية، وكذا ثم.
وإن غاير الحروف فقال: أنت طالق وطالق فطالق، أو أنت طالق ثم طالق فطالق لم يقبل منه إرادة تأكيد لعدم المطابقة في اللفظ.
ويقبل حكما تأكيد في قوله: أنت مطلقة أنت مسرحة أنت مفارقة إذا أراد تأكيد الأولى بما بعدها أو الثانية بالثالثة لأنه أعاد اللفظ بمعناه، ولا يقبل منه إرادة التأكيد مع واو أو فاء أو ثم بأن قال: أنت مطلقة وأنت مسرحة وأنت مفارقة، أو أنت مطلقة فمسرحة فمفارقة أو مطلقة ثم مسرحة ثم مفارقة؛ لأن حروف العطف تقتضي المغايرة.
وإن أتى بشرط عقب جملة اختص بها كقوله: أنت طالق أنت طالق إن دخلت الدار فتطلق مدخول بها بالأولى في الحال والثانية إذا دخلت الدار، أو أتى باستثناء عقب جملة اختص بها فأنت طالق أنت طالق إلا واحدة يقع اثنتان لاختصاص الاستثناء بالجملة الأخيرة فقد استثنى الكل، أشبه أنت طالق طلقة إلا طلقة، أو أتى بصفة عقب جملة نحو: أنت طالق أنت طالق صائمة اختص بها فتطلق الأولى في الحال والثانية إذا صامت بخلاف معطوف ومعطوف عليه إذا تعقبه بشرط أو استثناء أو صفة، فيعودان للكل، فقوله: أنت طالق ثم أنت طالق إن قدم زيد لا تطلق حتى يقدم فيقع طلقتان إن دخل بها وإلا فواحدة، وكذأ أنت طالق وطالق صائمة فتطلق بصيامها طلقتين.
وإن قال لها: أنت طالق لا بل أنت طالق فواحدة نصا (1)؛ لأنه صرح بنفي الأولى ثم أثبته بعد نفيه فالمثبت هو المنفي بعينه وهو الطلقة الأولى فلا يقع به أخرى، وهو قريب من الاستدراك، كأنه نسي أن الطلاق الموقع لا ينفى فاستدرك وأثبته لئلا يتوهم السامع أن الطلاق قد ارتفع بنفيه، فهو إعادة للأول لا استئناف طلاق.
وإن قال لها: أنت طالق فطالق، أو ثم طالق، أو بل طالق، أو بل أنت طالق، أو طلقة بل طلقتين، أو طلقة بل طلقة فثنتان؛ لأن حروف العطف تقتضي المغايرة، وبل من حروف العطف إذا كان بعدها مفرد كما هنا؛ لأن اسم الفاعل من المفردات وإن تحمل الضمير، وفي طلقة بل طلقتين الأولى داخلة فيهما.
أو قال: طالق طلقة قبل طلقة أو قبلها طلقة ولم يرد في النكاح قبل ذلك أو من زوج قبل ذلك فثنتان، فإن أراد في النكاح ومن زوج قبله فواحدة، ويقبل منه ذلك حكما إن كان وجد نكاح أو زوج قبله.
وإن قال: أنت طالق طلقة معها طلقة أو تحتها طلقة أو تحت طلقة أو طالق وطالق فثنتان مدخول بها كانت أو غيرها، لإيقاعه الطلاق بلفظ يقتضي وقوعه طلقتين فوقعتا معا كما لو قال: أنت طالق طلقتين.
وإن قال: أنت طالق طالق طالق فطلقة لعدم ما يقتضي المغايرة ما لم ينو أكثر فيقع ما نواه.
ومعلق في هذا كمنجز، فلو قال: إن قمت فأنت طالق وطالق وطالق فقامت فثلاث
(1) المغني 10/ 541، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 22/ 354 - 355، والمبدع 7/ 302، وكشاف القناع 5/ 268.
ولو غير مدخول [بها](1)؛ لأن الواو لمطلق الجمع كما تقدم، وإن قال: إن قمت [فأنت](2) طالق فطالق أو ثم طالق فقامت وقع بها طلقة إن لم يدخل بها؛ لأنها تبين بالأولى فلا تلحقها الثانية، وإن كانت مدخولا [بها](3) فثنتان لوقوع الأولى رجعية وهي يلحقها طلاقه، وإن قصد إفهاما وتأكيدا في مكرر متصل مع جزاء كقوله: إن قمت فأنت طالق إن قمت فأنت طالق يقصد إفهامها أو التأكيد فواحدة لصرفه عن الإيقاع كما سبق في المنجز.
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.