الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فى بيان من يرث من المطلقات ومن لا يرث
يثبت الإرث لأحد الزوجين من الآخر في عدة رجعية سواء أطلقها في الصحة أو المرض، قال في "المغني" (1):"بغير خلاف نعلمه"، وروي عن أبي بكر وعثمان وعلي وابن مسعود -رضي اللَّه تعالى عنهم- (2)؛ وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ويملك إمساكها بالرجعة بغير رضاها وبلا ولي ونحوه، فإن انقضت عدتها فلا توارث، لكن إن كان الطلاق برض موته المخوف وانقضت عدتها ورثته ما لم تتزوج أو ترتد، ويثبت الميراث لها فقط من مطلقها مع تهمته بقصد حرمانها بأن أبانها في مرض موته المخوف ابتداء بلا سؤالها، أو سألته طلاقا أقل من ثلاث فطلقها ثلاثا، أو علقه على ما لا بد لها منه شرعا كالصلاة المفروضة والصوم المفروض، قال في "المحرر" (3):"وكلام أبيها"، أو علقه على ما لا بد لها منه عقلا كأكل ونحوه كشرب ونوم، أو علقه على مرضه، أو على فعل له كإن دخلت الدار فأنت طالق ففعله في المرض المخوف، أو علقه على ترك فعل فمات قبل فعله، ولو كان ذلك قبل الدخول، أو انقضت عدتها قبل موته فترثه ما لم تتزوج غيره، أو ترتد عن الإسلام فلا ترثه ولو أسلمت بعد؛ لأنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول (4)، والأصل (5)
(1) 9/ 194.
(2)
سبق تخريجه عد الكلام على أسباب الإرث ص 74.
(3)
1/ 411.
(4)
في الأصل: الول.
(5)
في الأصل: والصل.
في إرث المطلقة من مبينها المتهم بقصد حرمانها أن عثمان: ورث بنت الأصبغ الكلبية (1) من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها في مرضه فبتها" (2) واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع، وروى أبو سلمة بن عبد الرحمن (3): "أن أباه طلق أمه وهو مريض فمات فورثته بعد انقضاء عدتها" (4)، وروى عروة (5) أن عثمان قال لعبد الرحمن: "لئن مت لأورثنها منك قال: علمت ذلك" (6)، وما روي عن عبد اللَّه بن الزبير أنه قال: "لا ترث
(1) هي: تماضر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة الكلبية، من دومة الجندل، أدركت حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أول كلبية نكحها قرشي نكحها عبد الرحمن بن عوف بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ينظر: الإصابة 8/ 56 - 57.
(2)
أخرجه الإمام مالك برقم (1209) الموطأ ص 364 - 365، والشافعي بنحوه في الأم 5/ 271، وسعيد برقم (1959) سنن سعيد بن منصور 3/ 2/ 66، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 362 - 363. والأثر قال عنه الشافعي:"متصل" ا. هـ، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 159.
(3)
أبو سلمة بن عبد الرحمن: بن عوف القرشي الزهري، الحافظ، أحد الأعلام بالمدينة، قيل: اسمه عبد اللَّه وقيل: إسماعيل، ولد سنة بضع وعشرين، كان ففيها كثير الحديث، توفي سنة 94 هـ.
ينظر: تهذيب الكمال 33/ 370 - 376، وسير أعلام النبلاء 4/ 287 - 292.
(4)
أخرجه الإمام مالك بنحوه برقم (1207) الموطأ ص 364، والشافعي في الأم 5/ 271، وسعيد برقم (1958) سنن سعيد بن منصور 3/ 2/ 66، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 362، والأثر قال عنه الشافعي:"منقطع" ا. هـ، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 160.
(5)
عروة: ابن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي، أبو عبد اللَّه، الأسدي، المدني، أحد الفقهاء السبعة، كان ثقة ثبتا مأمونا كثير الحديث والعلم والفقه، ولد سنة 23 هـ، توفي سنة 94 هـ.
ينظر: تهذيب الكمال 20/ 11 - 26، وسير أعلام النبلاء 4/ 421 - 437.
(6)
أخرجه بهذا اللفظ ابن حزم في المحلى 10/ 220، وبنحوه فيما سبق تخريجه آنفا.
مبتوتة" (1) فمسبوق بالإجماع السكوتي زمن عثمان (2)، ولأن المطلق [قصد](3) قصدا فاسدا في الميراث فعورض بنقيض قصده كالقاتل.
ويثبت الإرث للزوج فقط من زوجته إن فعلت في مرض موتها المخوف ما يفسخ نكاحها ما دامت معتدة إن اتهمت بقصد حرمانه، كإدخالها ذكر ابن زوجها أو أبيه في فرجها وهو نائم، أو إرضاعها ضرتها الصغيرة ونحوها؛ لأنها أحد الزوجين فلم يسقط فعلها ميراث الآخر كالزوج. قال الشيخ منصور -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح المنتهى" (4):"ومفهومه أنه لو انقضت عدتها انقطع ميراثه وهو مقتضى كلامه في "التنقيح" (5) و"الإنصاف" (6)، وظاهر كلامه في "الفروع" (7) كـ"المقنع" (8)
(1) جزء من حديث سبق تخريجه قبل حديثين، وفيه قال: ابن الزبير -بعد أن حكى قضاء عثمان- "أما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة" السنن الكبرى 6/ 362، وصححه الألباني 6/ 161.
(2)
ينظر: المغني 9/ 195، والمبدع 6/ 241، وكشاف القناع 4/ 482.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من كشاف القناع 4/ 482.
(4)
2/ 629 - 630.
(5)
ص 205.
(6)
18/ 315.
(7)
5/ 47.
كتاب "الفروع" للشيخ شمس الدين أبي عبد اللَّه محمد بن مفلح الحنبلي، أجاد فبه وأحسن على مذهبه، قل أن يوجد نظيره، قال فيه ابن حجر:"أجاد فيه إلى الغاية وأورد فيه من الفروع الغريبة ما بهر به العلماء"، وطريقته في هذا الكتاب أنه جرده من دليله وتعليله، ويقدم الراجح في المذهب، ولا يقتصر على المذهب. ينظر: المدخل ص 437. وهو مطبوع في ستة أجزاء.
(8)
18/ 315.
و"الشرح"(1) حيث أطلقوا ولو بعد العدة واختاره في "الإقناع"(2) وقال: إنه أصوب مما في التنقيح. انتهى".
وإلا تتهم الزوجة بقصد حرمانه الإرث بأن دب زوجها (3) الصغير أو ضرتها الصغيرة فارتضع منها وهي نائمة سقط ميراثه منها، كفسخ معتقة تحت عبد ثم ماتت؛ لأن [فسخ](4) النكاح لدفع الضرر لا للفرار، وكذا لو ثبتت عنة الزوج فأجل سنة ولم يصبها حتى مرضت آخر الحول فاختارت فراقه، ففرق بينهما، انقطع التوارث بينهما.
ويقطع التوارث بين الزوجين إبانة الزوجة في غير مرض الموت المخوف أو فيه بلا تهمة بأن سألته الخلع فأجابها إليه، ومثله الطلاق على عوض أو قبل الدخول، أو سألته الطلاق الثلاث فاجابها إليه أو سألته الطلاق فثلثه، أو علقها (5) على فعل لها منه بد شرعا وعقلا كخروجها من دارها ونحوه، ففعلت عالمة به لانتفاء التهمة منه، فإن جهلت التعليق ورثته؛ لأنها معذورة.
= "المقنع" للإمام موفق الدين المقدسي، اجتهد في جمعه وترتيبه وإيجازه وتقريبه، وسطا بين القصير والطويل، جامعا لأكثر الأحكام، عرية عن الدليل والتعليل، وهو مشتهر عند علماء المذهب، وله عدة شروح. ينظر: المدخل ص 433. وآخر طبعة له مع الشرح الكبير والإنصاف.
(1)
18/ 315.
(2)
3/ 118.
(3)
في الأصل: ابن زوجها، بدل زوجها.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 2/ 630.
(5)
أي الثلاث.
وترث من تزوجها مريض مضارة لورثته لينقص إرث غيرها؛ لأن له أن يوصي بثلث ماله، وكذا لو تزوجت مريضة مضارة لورثتها فيرث منها زوجها.
ومن جحد إبانة امرأة ادعتها عليه، ثم مات لم ترثه إن دامت على قولها إلى موته؛ لإقرارها أنها مقيمة تحته بلا نكاح، فإن أكذبت نفسها قبل موته ورثته لتصادقهما على بقاء النكاح ولا أثر لتكذيبها نفسها بعد موته؛ لأنها متهمة فيه إذن، وفيه رجوع عن إقراره لباقي الورثة.
ومن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد أو منقطع قطعا يمنع الإرث وجهل من يرث منهن أخرج من لا يرث بقرعة والميراث للباقي نص عليه (1)؛ لأنه إزالة ملك عن آدمي فتستعمل فيه القرعة عند الاشتباه كالعتق.
وإن طلق واحدة من زوجتين مدخول بهما غير معينة في صحته، ثم قال في مرض موته المخوف: أردت فلانة ثم مات قبل انقضاء العدة ففي "المغني"(2): "لم يقبل قوله؛ لأن الإقرار بالطلاق في المرض كالطلاق فيه". فإن كان للمريض امرأة أخرى سوى هاتين فلها نصف الميراث وللاثنتين نصفه، وإن طلق متهم أربعا كن معه وانقضت عدتهن منه، وتزوج أربعا سواهن ثم مات ورث منه الثمان ما لم تتزوج المطلقات أو يرتددن (3).
(1) المغني 9/ 192، والمقنع 18/ 316، والمبدع 6/ 245، وكشاف القناع 4/ 484.
(2)
9/ 207.
(3)
ينظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف 18/ 317 - 318، والمبدع 6/ 245، وغاية المنتهى 2/ 409.