المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ الصَّدَاقِ) بفتح الصاد وكسرها (1)، يقال: ، صْدَقْتُ المرأةَ ومَهَرْتُهَا، - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ٣

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول: مؤلف الكتاب

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده وأسرته

- ‌أولًا: اسمه

- ‌ثانيًا: نسبه

- ‌ثالثًا: مولده

- ‌رابعًا: أسرته

- ‌المبحث الثاني: نشأته وطلبه للعلم

- ‌المبحث الثالث: أهم أعماله

- ‌المبحث الرابع: صفاته

- ‌المبحث الخامس: عقيدته ومذهبه

- ‌أولا: عقيدته:

- ‌ثانيا: مذهبه:

- ‌المبحث السادس: وفاته ورثاء الناس له

- ‌المبحث السابع: شيوخه

- ‌المبحث الثامن: تلاميذه

- ‌المبحث التاسع: مكانته العلمية

- ‌المطلب الأول: الجوانب العلمية

- ‌المطلب الثاني: وصفه من حيث التقليد والاجتهاد

- ‌المبحث العاشر: مؤلفاته عامة

- ‌الفصل الثاني: الكلام عن الكتاب المحقّق

- ‌المبحث الأول إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف ووصف المخطوط وبيان أماكن وجوده

- ‌أولًا: إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف:

- ‌ثانيًا: وصف المخطوط:

- ‌ثالثًا: مكان المخطوط

- ‌المبحث الثاني تعريف موجز بالكتاب

- ‌المبحث الثالث منزلته بين كتب الفقه عامة وبين كتب مذهبه بخاصة

- ‌المبحث الرابع منهجه في الكتاب

- ‌المبحث الخامس مصادره في الكتاب

- ‌المبحث السادس الكتاب من حيث التبعية والاستقلال

- ‌المبحث السابع اختياراته الفقهية في الكتاب

- ‌المبحث الثامن محاسن الكتاب

- ‌المبحث التاسع الملحوظات على الكتاب

- ‌المبحث العاشر الأبواب والفصول التي يتناولها التحقيق

- ‌الفصل الثالث دراسة عشرين مسألة فقهة مقارنة تحدد بمعرفة المشرف

- ‌(كتاب الوصايا)

- ‌(فصل) في الموصى إليه

- ‌(كتاب الفرائض)

- ‌(أسباب الإرث):

- ‌(وموانعه):

- ‌(وأركانه):

- ‌(وشروطه):

- ‌(فصل): في ميراث الجد مع الإخوة

- ‌(فصل) فى الحجب

- ‌(فصل) في العصبة

- ‌تتمة: العصبة ثلاثة:

- ‌(فصل) في أصول المسائل

- ‌تتمة:

- ‌تتمة ثانية:

- ‌تنبيه:

- ‌(فصل في ذوي الأرحام)

- ‌فصل: في ميراث الحمل

- ‌تتمة في ميراث المفقود:

- ‌تتمة ثانية: في ميراث الخنثى:

- ‌فصل في ميراث الغرقى

- ‌فصل فى بيان من يرث من المطلقات ومن لا يرث

- ‌[فصل فى الإقرار بمشارك في الميراث]

- ‌[فصل فى ميراث القاتل]

- ‌[فصل في ميراث الرقيق]

- ‌(كتاب العتق)

- ‌فصل في الكتابة

- ‌فصل في حكم أمهات الأولاد

- ‌فصل

- ‌(كتاب النكاح)

- ‌فصل

- ‌(فصل) في أركان النكاح وشروطه

- ‌فصل (وشروطه) -أي النكاح- (أربعة):

- ‌(فصل) في المحرمات في النكاح

- ‌(فصل) في الشروط فى النكاح

- ‌(والشروط في النكاح نوعان):

- ‌(فصل) في حكم العيوب فى النكاح

- ‌فصل فى حكم نكاح الكفار

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ فى المُفَوّضَةِ

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌(فصل) في الوليمة

- ‌(فصل) في عشرة النساء

- ‌فَصْلٌ في القَسْمِ

- ‌فصل

- ‌فصل في النشوز

- ‌(باب الخلع)

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌فصل

- ‌فصل في سنة الطلاق وبدعته

- ‌فصل

- ‌فصل في صريح الطلاق وكنايته

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يختلف به عدد الطلاق

- ‌فصل فيما تخالف الزوجة المدخول بها غيرها

- ‌فصل الاستثناء في الطلاق

- ‌فصل في الطلاق في الماضي والمستقبل

- ‌فصل

- ‌(فصل) في تعليق الطلاق بالشروط

- ‌فصل في تعليق الطلاق بالحيض والطهر والحمل والولادة

- ‌فصل في تعليقه بالطلاق والحلف

- ‌فصل في تعليقه بالكلام والإذن ونحو ذلك

- ‌فصل في تعليقه بالمشيئة

- ‌فصل في التأويل في الحلف

- ‌فصل في الشك في الطلاق

- ‌(فصل) فى الرجعة

- ‌فصل

- ‌(فصل) في الإيلاء وأحكام المولي

- ‌(فصل) في الظهار

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌فصل في كفارة الظهار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فصل) في اللعان

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يلحق من النسب وما لا يلحق منه

- ‌فصل

- ‌(باب العدد)

- ‌(والمعتدات ست):

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فصل في استبراء الإماء

- ‌(فصل) في الرضاع

الفصل: ‌ ‌(بَابُ الصَّدَاقِ) بفتح الصاد وكسرها (1)، يقال: ، صْدَقْتُ المرأةَ ومَهَرْتُهَا،

(بَابُ الصَّدَاقِ)

بفتح الصاد وكسرها (1)، يقال: ، صْدَقْتُ المرأةَ ومَهَرْتُهَا، وهو العوض المسمى في عقد نكاح وبعده لمن لم يسم لها فيه (2)، وكما يسمى صداقًا يسمى مهرًا، وصَدُقَةً، ونِحْلَةً، وفَرِيْضَةً، وأجْرًا، وعلائق (3)، وعُقرًا (4)، وحِبَاءً (5)، وقد نظم بعضهم منها ثمانية في بيت فقال:

صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نِخلَةٌ وفَرِيْضَةٌ

حَبَاءٌ وأجْرٌ ثُمَّ عَقْرٌ عَلَائق (6)

وهو مشروع في نكاح إجماعًا (7) لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ

(1) ينظر: لسان العرب 10/ 197، والقاموس المحيط 3/ 253.

(2)

ينظر: المطلع ص 326، وكشاف القناع 5/ 128.

(3)

يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أدوا العلائق. قالوا: يا رسول اللَّه وما العلائق؟ قال: ما يرضى به الأهلون" أخرجه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 186، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 239.

العَلائِقُ: المُهُور، الواحدة: عَلَاقَةٌ، ينظر: لسان العرب 10/ 262.

(4)

العُقْرُ: بالضم: دية الفرج المغصوب، وصداق المرأة، ينظر: القاموس 2/ 93.

(5)

الحِبَاءُ: هو العطاء، قال ابن منظور: "جعل المهلهل مَهْرَ المرأة حِبَاءً، فقال:

أنكَحَها فقدُها الأَراقِمَ في

جَنْبٍ وكان الحِباءُ من أدَمِ

أراد أنّهم لم يكونوا أرباب نَعَمٍ فيمهرونها الإبل، وجعلهم دَبَّاغِين للأَدَم" ا. هـ. لسان العرب 14/ 163.

(6)

الناظم هو: الإمام شمس الدين محمد البعلي، صاحب كتاب "المطلع على أبواب المقنع". ينظر: المطلع ص 326.

(7)

ينظر: بدائع الصنائع 2/ 274، وبداية المجتهد 2/ 18، ومغني المحتاج 3/ 220، الإفصاح 2/ 135، والمغني 10/ 97.

ص: 359

نِحْلَةً} (1) قال أبو عبيد (2): "يعني عن طيب نفس به كما تطيب النفس بالهبة". (3) وقيل: نحلة من اللَّه للنساء (4)؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم تزوج وزوج بناته على صدقات ولم يتركه في النكاح (5).

و(يُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ) أي الصداق (في العَقْدِ) لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (6) ولما تقدم من فعله عليه السلام، ولأن تسميته أقطع (7) للنزاع وليست شرطا لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ

(1) سورة النساء من الآية (4).

(2)

هو: الإمام الحافظ، القاسم بن سلّام بن عبد اللَّه، ولد سنة 157 هـ بهراة، ورحل في طلب العلم، وكان عالمًا بالقراءات واللغة والغريب، صاحب التصانيف المشهورة، منها:"كتاب الأموال"، و"الغريب"، و"فضائل القرآن"، توفي سنة 224 هـ.

ينظر: طبقات الحنابلة 1/ 259 - 262، وصفة الصفوة 4/ 130 - 132، وسير أعلام النبلاء 10/ 490 - 509.

(3)

ينظر: الصحاح 5/ 1826، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 119، وزاد المسير 2/ 11، وفتح القدير للشوكاني 1/ 422.

(4)

ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج 2/ 12، ولسان العرب 11/ 650، وتفسير أبي السعود 2/ 143، وزاد المسير 2/ 11، وإيجاز البيان عن معاني القرآن، للنيسابوري 1/ 194.

(5)

ينظر: صحيح مسلم، باب الصداق، كتاب النكاح 2/ 1042، وسنن أبي داود، باب ما جاء في الصداق، كتاب النكاح 2/ 235 - 236، والجامع الصحيح للترمذي، باب ما جاء في مهور النساء، كتاب النكاح 3/ 420 - 423، وسنن الدارمي، باب كم كانت مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته، كتاب النكاح 2/ 189.

(6)

سورة النساء من الآية (24).

(7)

في الأصل: قطع، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 62.

ص: 360

عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (1) وروي أنه عليه السلام: "زوج رجلا امرأة ولم يُسَمِّ لها مهرًا"(2).

(و) يسن (تَخْفِيْفُهُ) -أي الصداق- لحديث عائشة مرفوعًا: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة" رواه أبو حفص (3)، وعن أبي هريرة:"أن رجلا تزوج امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم على كم تزوجتها؟ فقال: على أربع أواق قال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أواق! تنحتون الفضة من عُرْضِ (4) هذا الجبل" رواه

(1) سورة البقرة من الآية (236).

(2)

من حديث عقبة بن عامر أخرجه: أبو داود، باب فيمن تزوّج ولم يسمّ صداقًا حتى مات، كتاب النكاح برقم (2117) سنن أبي داود 2/ 238، والحاكم، باب خير الصداق أيسره، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 182، والبيهقي، باب النكاح ينعقد بغير مهر، كتاب الصداق، السنن الكبرى 7/ 232، والحديث قال عنه الحاكم:"حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصحّحه الألباني في الإرواء 6/ 344.

(3)

من حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه ابن أبي شيبة، باب ما قالوا في مهر النساء واختلافهم في ذلك، كتاب النكاح، الكتاب المصنف 4/ 189، وأحمد برقم (24595) المسند 7/ 208، والحاكم، باب أعظم النساء بركة. .، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 178، والييهقي، باب ما يستحب من القصد في الصداق، كتاب الصداق، السنن الكبرى 7/ 235، والحديث صحّحه الحاكم ووافقه الذهبي، قال في مجمع الزوائد 4/ 255:"رواه أحمد والبزار، وفيه ابن سخبرة، يقال اسمه عيسى بن ميمون وهو متروك". وضعّف الحديث الألباني في الإرواء 6/ 348 وقال عن تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي له: هو من أوهامهما.

(4)

في الأصل: عروق، والمثبت من صحيح مسلم.

ص: 361

مسلم (1)، ويستحب أن لا ينقص عن عشرة دراهم، وأن يكون من أربعمائة درهم فضة وهو صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم إلى خمسمائة درهم وهي صداق أزواجه صلى الله عليه وسلم لما روى أبو العجفاء (2) قال:"سمعت عمر يقول: لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه أكثر من ثنتي عشرة أوقية" رواه الترمذي (3)، وعن أبى سلمة قال: "سألت عائشة كم كان صداق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا، قالت: أتدرى ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية

(1) في باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، كتاب النكاح برقم (1424) صحيح مسلم 2/ 1040، وابن حبان، باب الإخبار عن كراهية الإكثار في الصداق، كتاب النكاح برقم (4094) الإحسان 9/ 404، والبيهقي، باب ما يستحب من القصد في الصداق، كتاب الصداق، السنن الكبرى 7/ 235.

(2)

اسمه هرم بن نسبب، وقيل: نسيب بن هرم السلمي، البصري.

ينظر: تهذيب الكمال 34/ 78 - 81، والجرح والتعديل 9/ 110.

(3)

في باب ما جاء في مهور النساء، كتاب النكاح برقم (1114) الجامع الصحيح 3/ 422، وأبو داود، باب الصداق، كتاب النكاح برقم (2106) سنن أبي داود 2/ 235، والنسائي، باب القسط في الأصدقة، كتاب النكاح برقم (3349) المجتبى 6/ 117، وابن ماجة، باب صداق النساء، كتاب النكاح برقم (1887) سنن ابن ماجة 7/ 601، وأحمد برقم (287) المسند 1/ 67، والدارمي، باب كم كانت مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته، كتاب النكاح برقم (2200) سنن الدارمي 2/ 190، والحاكم، باب كان صداقنا إذا كان فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر أواق، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 175، والبيهقي، باب ما يستحب من القصد في النساء، كتاب الصداق، السنن الكبرى 7/ 234، والحديث صحّحه الترمذي والحاكم، وقال الذهبي في تلخيص المستدرك 2/ 177:"تواترت الأسانيد بصحة خطبة عمر بذلك" ا. هـ. وصحّحه الألباني في الإرواء 6/ 347.

ص: 362

فتلك خمسمائة درهم" رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1)، والأوقية كانت أربعين درهما، وإن زاد الصداق على خمسمائة درهم فلا بأس؛ لحديث أم حبيبة (2): "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بأرض الحبشبة زوجها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف وجهزها من عنده وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة (3) فلم يبعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء" رواه أحمد والنسائي (4)، ولو كره لأنكره، وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلا مهر لقوله تعالى: {

(1) أخرجه مسلم، باب الصداق، كتاب النكاح برقم (1426) صحيح مسلم 2/ 1042، وأبو داود، باب الصداق، كتاب النكاح برقم (2105) سنن أبي داود 2/ 234، والنسائي، باب القسط في الأصدقة، كتاب النكاح برقم (3347) المجتبى 6/ 116، وابن ماجة، باب صداق النساء، كتاب النكاح برقم (1886) سنن ابن ماجة 1/ 607، وأحمد برقم (24105) المسند 7/ 136، والدارمي، باب كم كانت مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، كتاب النكاح برقم (2199) سنن الدارمي 2/ 189.

(2)

هي: رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، أم حيبة، القرشية، الأموية، أم المؤمنين رضي الله عنها زوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما، أسلمت قديما بمكة، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيد اللَّه بن جحش فننصر ومات بها وثبتت على إسلامها، فتزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي بالحبشة، توفيت بالمدينة سنة 44 هـ.

ينظر: أسد الغابة 7/ 115 - 117، والإصابة 8/ 140 - 142.

(3)

شرحبيل بن حسنة: وهي أمه، واسم أبيه عبد اللَّه بن المطاع، قيل: إنه كندي، وقيل: تميمي، وقيل غير ذلك، يكنى أبا عبد اللَّه، وأمه حسنة مولاة لمعمر بن حبيب الجمحي، له صحبة، كان من مهاجرة الحبشة، ومن وجوه قريش، سيره أبو بكر وعمر على جيش إلى الشام، ولم يزل واليا على بعض نواحي الشام لعمر إلى أن توفي في طاعون عمواس سنة 18 هـ، وله سبع وستون سنة. ينظر: أسد الغابة 2/ 512 - 513، والإصابة 3/ 265 - 266.

(4)

أخرجه الإمام أحمد برقم (26862) المسند 7/ 579، والنسائي، باب القسط في الأصدقة، كتاب النكاح برقم (3350) المجتبى 6/ 119، وأبو داود، باب الصداق، كتاب النكاح برقم (2107) =

ص: 363

وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ. . .} الآية (1).

(و) لا يتقدر الصداق فـ (كل ما صح ثمنا) في بيع (أو أجرة) في إجارة (صح مهرا) وإن قل لحديث: "التمس ولو خاتما من حديد"(2)، وحديث:"لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يده طعاما كانت له حلالا" رواه أبو داود بمعناه (3)، وعن

= سنن أبي داود 2/ 235، والحاكم، باب مهر أم حبيبة أربعة آلاف، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 181 والبيهقي، باب لا وقت في الصداق كثر أو قل، كتاب الصداق، السنن الكبرى 7/ 232، والحديث قال عنه الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 396.

(1)

{إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} من الآية (50) من سورة الأحزاب.

(2)

متفق عليه من حديث سهل بن سعد، أخرجه البخاري، باب تزويج المعسر، كتاب النكاح برقم (5087) صحيح البخاري 7/ 7، ومسلم، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن. .، كتاب النكاح برقم (1425) صحيح مسلم 2/ 1040 - 1041.

(3)

من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه أخرجه: أبو داود، باب قلة المهر، كتاب النكاح برقم (2110) سنن أبي داود 2/ 236، وأحمد برقم (14410) المسند 4/ 323، والدارقطني، باب المهر، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 243، والبيهقي، باب ما يجوز أن يكون مهرا، كتاب الصداق، السنن الكبرى 7/ 238، والحديث قال أبو داود:"رواه عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان، عن أبي الزبير عن جابر موقوفا" ا. هـ. سنن أبي داود 2/ 236، وقال الحافظ في التلخيص الحبير 3/ 190:"في إسناده مسلم ين رومان وهو ضعيف، وروي موقوفا وهو أقوى" ا. هـ. وقال في التعليق المغني 3/ 243: "وقال عبد الحق لا يعول على من أسنده".

ص: 364

عامر بن ربيعة (1): "أن امرأة من فزارة (2) تزوجت على نعلين، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أرضيت من مالك ونفسك بنعلين؟ قالت: نعم، فأجازه" رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه (3)، واشترط الخرقي (4): أن يكون له نصف يتمول فلا

(1) عامر بن ربيعة هو: ابن كعب بن مالك العنزي، أحد السابقين الأولين، هاجر إلى الحبشة هو وامرأته، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ينظر: أسد الغابة 3/ 121 - 122، والإصابة 3/ 469.

(2)

هي قبيلة من غطفان، نسبة إلى فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن معد بن عدنان، كانت منازلهم بنجد ووادي القرى، ثم تفرقوا، قدم وفد منهم في بضعة عشر رجلا على النبي صلى الله عليه وسلم مقرين بالإسلام.

ينظر: نهاية الأرب ص 392 - 363، ومعجم قبائل العرب 3/ 920، معجم ما استعجم 1/ 90، 170، 316.

(3)

أخرجه الإمام أحمد برقم (15249 - 15252) المسند 4/ 473، وابن ماجة، باب صداق النساء، كتاب النكاح برقم (1888) سنن ابن ماجة 8/ 601، والترمذي، باب ما جاء في مهور النساء، كتاب النكاح برقم (1113) الجامع الصحيح 3/ 420، والبيهقي، باب لا يرد النكاح بنقص المهر إذا رضيت المرأة له. .، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 138، والحديث قال الترمذي:"حسن صحيح". وفي سنده عاصم بن عبيد اللَّه بن عاصم قال البيهقي: "تكلموا فيه، ومع ضعفه روى عنه الأئمة". السنن الكبرى 7/ 239، وقال الحافظ ابن حجر:"ضعيف". التقريب ص 285، وقال الألباني:"عاصم بن عبيد اللَّه ضعيف كما قال الحافظ في التقريب، وهو من الضعفاء المعروفين بسوء الحفظ والذي أجمع عليه الأئمة المتقدمون كمالك وابن معين والبخاري على تضعيفه، وتصحيح الترمذي له من تساهله الذي عرف به". الإرواء 6/ 346.

(4)

الخرقي هو: عمر بن الحسين بن عبد اللَّه بن أحمد، أبو القاسم، البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، والثقات الأثبات، شيخ الحنابلة في عصره، صاحب المختصر المشهور في الفقه الحنبلي، تفقه على والده الحسين، وعلى صالح وعبد اللَّه ابني الإمام أحمد، وقرأ عليه جماعة من شيوخ المذهب منهم ابن بطة، وأبو الحسين التميمي، توفي سنة 334 هـ بدمشق.

ص: 365

يجوز على فلس ونحوه. وتبعه عليه جمع وصاحب "الإقناع"(1)، فيصح النكاح على عين ودين حال ومؤجل ولو على منفعة زوج أو غيره معلومة مدة معلومة، كرعاية غنمها مدة معلومة أو على عمل معلوم كلخياطة ثوبها ورد قنها من محل معين، ومنافع الحر والعبد سوءا لقوله تعالى حكاية عن شعيب وموسى:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (2) ولأن منفعة الحر يجوز العوض عنها في الإجارة فجازت صداقا كمنفعة العبد، والقول بأنها ليست مالا ممنوع بأنه يجوز المعاوضة عنها وبها ثم إن لم تكن المنفعة مالا فقد أجريت مجرى المال، فإن كانت المنفعة مجهولة كرد عبدها أين كان وخدمتها فيما شاءت لم تصح التسمية (3) كالثمن في المبيع والأجرة في الإجارة، ويصح النكاح على تعليم معين من فقه أو حديث إن كانت مسلمة أو شعر مباح أو أدب أو صنعة، كخياطة أو كتابة ولو لم يعرف العمل الذي أصدقه إياها ويتعلمه ثم يعلمها إياه لأن التعليم يكون في ذمته

= ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 75 - 118، وسير أعلام النبلاء 15/ 363 - 364.

(1)

ينظر: المغني 10/ 108، وشرح الزركشي 5/ 280، والمبدع 7/ 132، والإنصاف 21/ 85، والإقناع 3/ 210 - 211.

وقال الزركشي: "وليس في كلام أحمد هذا الشرط، وكذا كثير من أصحابه" ا. هـ. شرح الزركشي 5/ 282.

(2)

سورة القصص من الآية (27).

(3)

جاء في هامش المخطوط بعد هذه الكلمة ما نصه: [وقال في الأصل لم يصح الإصداق فأشرت إلى الشخط علسه وكتابة لم تصح التسمية وهو الأولى لأن الفساد خاص بها مع صحة العقد ولها مهر المثل .. شيخنا].

ص: 366

أشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته لا يقدر عليه حال الإصداق، ويجوز أن يقيم لها من يعلمها، وإن تعلمته من غيره لزمته أجرة تعليمها، وكذا إن تعذر عليه تعليمها أو أصدقها خياطة ثوب فتعذرت عليه كما لو تلف الثوب، وإن أتته بغيرها ليعلمه ما أصدقها لم يلزمه لأن المستحق عليه العمل في عين لم يلزمه إيقاعه في غيرها كما لو استأجرته لخياطة ثوب معين فاتته بغيره ليخيطه لها، ولأن المتعلمين يختلفون في التعليم اختلافا كثيرا، وقد يكون له غرض في تعليمها فلا يلزمه تعليم غيرها، وإن أتاها بغيره ليعلمها لم يلزمها قبوله لاختلاف المعلمين في التعليم، وقد يكون لها غرض في التعلم منه لكونه زوجها، وعليه بطلاقها قبل تعليم ودخول نصف الأجرة وبعد دخول كلها، وإن علمها ثم سقط الصداق لمجيء الفرقة من قبلها رجع بالأجرة، ويرجع مع تنصفه لنحو طلاقها بعد أن علمها وقبل دخول بنصف الأجرة، وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن ولو معينا لم يصح؛ لأن الفروج لا تستباح إلا بالأموال لقوله تعالى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (1) وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} (2) والطول: المال (3)، وما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا

(1) سورة النساء من الآية (24).

(2)

سورة النساء من الآية (25).

(3)

ينظر: تفسير القرآن العظيم 1/ 450، وجامع البيان للطبري 5/ 15، وزاد المسير 2/ 55، وفتح القدير للشوكاني 1/ 450.

ص: 367

على سورة من القرآن ثم قال: "لا تكون لأحد بعدك" رواه البخاري (1)، ولأن تعليم القرآن لا يقع إلا قربة لفاعله فلم يصح أن يقع صداقا كالصوم والصلاة، وأما حديث الموهوبة وقوله عليه السلام فيه:"زوجتكها بما معك من القرآن" متفق عليه (2)، فقيل معناه زوجتكها لأنك من أهل القرآن، كما زوج أبا طلحة (3) على إسلامه (4) وليس في الحديث الصحيح ذكر التعليم، ويحتمل أن يكون خاصا بذلك

(1) في الأصل: رواه النجاد ثم وضع عليها خط وكتب البخاري تبعا للبهوتي في شرح منتهى الإرادات 3/ 65، ولكن الصحيح ما ذكره الشارح أولا وهو ما ذكره ابن قدامة في المغني قال: رواه النجار بإسناده.

والحديث لم أقف عليه عند البخاري، وأخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزدي في باب تزويج الجارية الصغيرة، كتاب النكاح برقم (642)، سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 206، قال الحافظ ابن حجر:"هذا مع إرساله فبه من لم يعرف". فتح الباري 9/ 212، وقال الألباني: منكر، والنجاد هو أبو بكر أحمد بن الحسن الفقيه الحنبلي المحدث، وكثيرا ما يقع في بعض الكتب المطبوعة محرفا إلى "البخاري" بسبب جهل الطابعين بالحديث ورجاله، ومن الأمثلة على ذلك هذا الحديث نفسه، فقد وقع في كتاب "الروض المربع" معزوا للبخاري! فاقتضى التنبيه. الإرواء 6/ 350.

(2)

هذا جزء من حديث سبق تخريجه حيث جاء فيه: "إلتمس ولو خاتما من حديد" ص 318.

(3)

أبو طلحة: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري، الخزرجي، النجاري، مشهور بكنيته، أمه عبادة بنت مالك، وهو زوج أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك، وهو الذي حفر قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولحده، اختلف في سنة وفاته فقيل سنة 34 هـ، وقيل قبلها بسنتين، وقال الحافظ ابن حجر: سنة خمسين أو إحدى وخمسين.

ينظر: أسد الغابة 2/ 289 - 290، والإصابة 2/ 502 - 504.

(4)

وهو ما أخرجه النسائي، في باب التزويج على الإسلام، كتاب النكاح برقم (3340) المجتبى 6/ 114 من حديث أنس رضي الله عنه قال: "تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما =

ص: 368

الرجل لحديث البخاري (1)، ومن تزوج أو خالع نساء بمهر أو عوض واحد صح وقسم بينهن على قدر مهور مثلهن لأن الصفقة اشتملت على أشياء مختلفة القيمة فوجب تقسيم العوض عليها بالقيمة كما لو اشترى شقصا وسيفا، ولو قال بينهن قسم على عددهن بالسوية؛ لأن إضافته إليهن إضافة واحدة.

(فإن لم يسم) الصداق في العقد وهو تفويض البضع (أو بطلت التسمية) كعلى خمر أو خنزير أو مال مغصوب (وجب مهر) الـ (مثل بعقد) لأن المرأة لا تسلم إلا ببدل ولم يسلم البدل وتعذر رد العوض فوجب بدله كبيعه سلعة عمر فتتلف عند مشتر، ولا يضر جهل يسير في صداق، فلو أصدقها عبدا من عبيده أو دابة من دوابه أو قميصا من قمصانه ونحره صح ولها أحدهم بقرعة نصا (2) لأن الجهالة فيه يسيرة ويملك التعيين فيه بالقرعة بخلاف ما إذا أصدقها عبدا وأطلق، ولو أصدقها قفيزا من حنطة ونحوه صح ولها الوسط لأنه العدل، وإن تزوجها على ألف إِن لم تكن له زوجة أو إن لم يخرجها من دارها أو من بلدها، وعلى ألفين إن كانت له زوجة أو أخرجها صح

= الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت فإن أسلمت نكحتك، فأسلم، فكان صداق ما بينهما" والحديث صححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/ 703.

(1)

الذي تقدم ذكره، والذي رواه النجاد كما سبق التنببه على ذلك.

وينظر في المسألة: فتح الباري 9/ 212 - 213، وزاد المعاد 5/ 178 - 179، ومختصر اختلاف العلماء 2/ 282، وبدائع الصنائع 2/ 277، وبداية المجتهد 2/ 19، ومغني المحتاج 3/ 238 - 239، والمغني 10/ 103 - 104، والإفصاح 2/ 136.

(2)

المغني 10/ 113، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 21/ 111 - 112، والمحرر 2/ 31، وكتاب الفروع 5/ 258، والمبدع 7/ 138.

ص: 369

ذلك، لأن خلو المرأة من ضرة أو سرية تغايرها وتضيق عليها من أكبر أغراضها المقصودة، وكذا بقاؤها بدارها أو بلدها بين أهلها وفي وطنها ولذلك تخفف صداقها لتحصيل غرضها وتغليه عند فواته، وإن أصدقها عتق قن له صح لا طلاق زوجة له أو جعل طلاقها إليها مدة ولو معلومة لحديث ابن عمر مرفوعا:"لا يحل لرجل أن ينكح امرأة بطلاق أخرى"(1) ولأن خروج البضع من الزوج ليس يتمول فهو كما لو أصدقها نحو خمر ولها مهر مثلها لفساد التسمية، ومن قال لسيدته:"أعتقيني على أن أتزوجك" فأعتقته أو قالت ابتداء: "أعتقتك على أن تتزوجني" عتق مجانا فلا يلزمه أن يتزوج بها؛ لأن ما شرطته عليه حق له فلا يلزمه، ومن قال:"أعتق عبدك عني على أن أزوجك ابنتي" فأعتقه على ذلك لزمته قيمته لمعتقه بعتقه ولم يلزمه تزويج ابنته، كقوله لآخر:"أعتق عبدك على أن أبيعك عبدي"، وإن تزوجها على أن يعتق أباها صح نصا (2) فإن تعذر عليه عتقه فلها قيمته، وإن تزوجها على عبد فخرج حرا أو مغصوبا فلها قيمته ويقدر حر عبدا يوم عقد لرضاها بقيمته إن ظنته مملوكا له وكما لو وجدته معيبا فردته، وتخير في عين جعلت لها صداقا كدار وعبد بان جزء منها مستحقا بين أخذ قيمة العين كلها أو أخذ الجزء غير المستحق وقيمة الجزء المستحق لأن الشركة عيب فكان لها الفسخ بها كغيرها من العيوب، أو عين ذرعها فبانت أقل

(1) أخرجه الإمام أحمد برقم (6609) المسند 2/ 369، من حديث عبد اللَّه بن عمرو، والحديث قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 63 - 64:"رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو لين، وبقية رجاله رجال الصحيح" وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 351.

(2)

المغني 10/ 112، والشرح الكبير 21/ 116، والمبدع 7/ 139، وكشاف القناع 5/ 130.

ص: 370

[خُيِّرت](1) بين أخذه وأخذ قيمة ما نقص وبين الرد وأخذ قيمة الجميع، وما وجدت به عيبا أو ناقصا صفة شرطتها فكمبيع يجده مشترٍ معيبا أو ناقصا صفة شرطها فيه، ولمتزوجة على عصير بان خمرا مثل العصير لأنه مثلي، وإن قال أصدقتها هذا الخمر وأشار إلى خل أو عبد فلان هذا وأشار إلى عبده صحت التسمية ولها المشار إليه كبعتك هذا الأسود أو الطويل مشيرا إلى أبيض أو قصير.

(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا) -أي المرأة- (على ألفٍ لها وألفٍ لأَبِيها) أو على أن كل الصداق لأبيها إن صح تملكه من مال ولده، وتقدم بيان شروطه في الهبة (صَحَّ، فلو طَلَّقَ قَبْلَ دُخولٍ رَجَعَ بأَلفِها) فقط (ولا شئَ على الأَبِ لهما) لأنه أخذ من مال ابنته ألفا فلا يجوز الرجوع به عليه، وإن شرط الأب الكل له وطلق الزوج قبل دخول رجع عليها بقدر نصف الصداق، ولا شيء على الأب إن قبضه بنية تملكه لأنا قدرنا أن الجميع صار لها ثم أخذه الأب منها، فصار كأنها قبضته ثم أخذه منها وعلم منه أن الأب لا يملكه بالشرط بل بالقبض مع النية، (وإِنْ شُرِطَ لغيرِ الأبِ شيءٌ) كجدها وأخيها (فالكُلِّ لَها) ويبطل الشرط نصًّا (2).

(وَيَصِحُّ تأْجِيلُهُ) -أي الصداق- (وإِنْ (3) أُطْلِقَ الأَجَلُ) ولم يذكر محله بأن قيل على كذا مؤجلا (فَمَحلُّهُ الفُرقَةُ) البائنة؛ لأن اللفظ المطلق يحمل على العرف والعرف في الصداق المؤجل ترك المطالبة إلى الموت أو البينونة فيحمل عليه فيصير حينئذ معلوما

(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.

(2)

المغني 10/ 120، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 21/ 143، والمحرر 2/ 33، وكتاب الفروع 5/ 265.

(3)

في الأصل: فإن، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 222.

ص: 371

بذلك، وإن أطلق فلم يقيد بحلول ولا أجل صح ويكون حالا لأن الأصل عدم التأجيل.

ولأب تزويج بكر وثيب بدون صداق مثلها ولو كبيرة وإن كرهت نصًّا (1) لأن عمر خطب الناس فقال: "ألا لا تغالوا في صداق النساء فما أصدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدًا من نسائه ولا أحدًا من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية"(2) وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر، فكان اتفاقا منهم على أن يزوج بذلك وإن كان دون صداق مهر المثل، وزوّج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين (3) وهو من أشراف قريش نسبًا وعلمًا ودينًا، ومن المعلوم أنهما ليسا مهر مثلها، ولأن المقصود من النكاح السكن والازدواج ووضع المرأة في منصب عند من يصونها ويحسن عشرتها دون العوض، ولا يلزم الزوج ولا الأب تتمته لصحة التسمية، وإن فعل ذلك غير الأب بأن زوجها بدون مهر مثلها بإذنها صح مع رشدها ولا اعتراض لأن الحق لها وقد أسقطته كما لو أذنت في بيع سلعتها بدون قيمتها وبدون إذنها يلزم زوجها تتمته لفساد التسمية إذن لأنها غير مأذون فيها فوجب على الزوج مهر المثل كما لو تزوجها بمحرّم، وعلى الولي ضمانه لأنه المفرط كما لو باع مالها بدون قيمته، ونَصّ الإمام أحمد يلزم الولي تتمته لأنه مفرط بعقده بدون مهر المثل (4)، كما يلزم تتمته مقدرًا من زوّج موليته بدون ما قدرته له من

(1) المغني 9/ 413، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 21/ 142 - 143، وكتاب الفروع 5/ 265، والمبدع 7/ 145، والإقناع 3/ 213.

(2)

سبق تخريجه ص 316.

(3)

أخرجه سعيد بن منصور برقم (620) سنن سعيد 3/ 1/ 200، وابن حزم في المحلى 9/ 501.

(4)

ينظر: المغني 9/ 414، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 21/ 146 - 147، وكتاب الفروع 5/ 265.

ص: 372

صداق، ولا يصح كون المهر المسمى من يعتق على زوجة كان تزوجها على أبيها أو أخيها أو عمها لأنه يؤدي إلى إتلاف الصداق عليها إذ لو صحت التسمية لملكته ولو ملكته لعتق عليها إلا أن يكون بإذن زوجة رشيدة فيصح لأن الحق لها وقد رضيت، وإن زوج أب ابنه الصغير بأكثر من مهر المثل صح ولزم المسمى الابن، لأن المرأة لم ترض بدونه فلا ينقص منه، وقد يكون للابن غبطة ومصلحة في بذل الزيادة على مهر المثل والأب أعلم بمصلحته في ذلك، ولا يضمنه أب مع عسرة ابن لنيابة الأب عنه في التزويج أشبه الوكيل في شراء سلعة، ولو قيل له: ابنك فقير من أين يؤخذ الصداق؟ فقال: عندي ولم يزد على ذلك لزمه المهر عنه لأنه صار ضامنا بذلك، وكذا لو ضمنه عنه غير الأب أو ضمن عنه نفقتها مدة معينة فيصح موسرا كان أو معسرا، ولو قضاه الأب عن ابنه ثم طلق الابن الزوجة ولم يدخل بها ولو قبل بلوغ فنصفه للابن دون الأب لأن الطلاق من الابن وهو سبب استحقاق الرجوع بنصف الصداق فكان لمتعاطي سببه دون غيره، وكذا لو أرتدت ونحوه فرجع كله ولا رجوع للأب فيه لأن الابن لم يملكه من قبله، وكذا لو قضاه عنه غير الأب ثم تنصف أو سقط ويأتي، ولأب قبض صداق بنت محجور عليها لصغر أو جنون أو سفه لأنه يلي مالها فكان له قبضه كثمن مبيعها، ولا يقبض أب ولا ولي غيره صداق رشيدة ولو بكرا إلا بإذنها لأنها المتصرفة في مالها فاعتبر إذنها في قبضه كثمن مبيعها.

ص: 373