الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في سنة الطلاق وبدعته
(والسنة) لمن أراد الطلاق (أن يطلقها) أي زوجته (واحدة) رواه البخاري عن علي (1) رضي الله عنه (في طهر لم يجامعـ) ـها (فيه) -أي الطهر- ثم يدعها فلا يطلقها ثانية حتى تنقضى عدتها من الأولى، إذ المقصود من الطلاق فراقها وقد حصل فراقها بالأولى، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (2) قال ابن مسعود وابن عباس: "طاهرات من غير جماع"(3) إلا طلاقا في طهر متعقب في رجعة من طلاق في حيض فهو طلاق بدعة، لحديث ابن عمر: "أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فتغيظ فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها
(1) لم أقف عليه عند البخاري، وبنحوه أخرجه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 3 - 4، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 325، وابن عبد البر في الاستذكار 18/ 50.
(2)
سورة الطلاق من الآية (1).
(3)
قول ابن مسعود رضي الله عنه: أخرجه النسائي، برقم (3395) المجتبى 6/ 140، وابن ماجة، برقم (2020) سنن ابن ماجة 1/ 651، وعبد الرزاق، برقم (10927) المصنف 6/ 303، وسعيد، كتاب الطلاق، برقم (1057) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 298، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 1، 3، والدارقطني في سننه 4/ 6، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 325، وابن حزم في المحلى 10/ 172 وقال:"هذا في غاية الصحة عن ابن مسعود"، وصححه الألباني الإرواء 7/ 118.
وقول ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه عبد الرزاق برقم (10930) المصنف 6/ 303، والدارقطني في سننه 4/ 5، 13 - 14، وصححه الألباني في الإرواء 7/ 118.
فليطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر اللَّه عز وجل أن تطلق لها النساء" رواه الجماعة إلا الترمذي (1).
(وإن طلق) زوجة (مدخولا بها في حيض) أو نفاس (أو طهر جامع فيه) ولم يستبن حملها (فـ) هو طلاق (بدعه محرم)، أو علقه على أكلها ونحوه مما يعلم وقوعه حالة الحيض والطهر الذي أصابها فيه فهو طلاق بدعة محرم، (ويقع) نصا (2)، لحديث ابن عمر، قال نافع:"وكان عبد اللَّه طلقها تطليقة فحسبت من طلاقها وراجعها كما أمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(3)، ولأنه طلاق من مكلف في محل الطلاق فوقع كطلاق الحامل، (لكن تسن رجعتها) من طلاق البدعة للخبر، وأقل أحوال الأمر
(1) أخرجه البخاري، سورة الطلاق، كتاب التفسير برقم (4908) صحيح البخاري 6/ 129، ومسلم، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها. . .، كتاب الطلاق برقم (1471) صحيح مسلم 2/ 1093، وأبو داود، باب في طلاق السنة، كتاب الطلاق برقم (2179) سنن أبي داود 2/ 255، والترمذي، باب ما جاء في طلاق السنة، كتاب الطلاق واللعان برقم (1175 - 1176) الجامع الصحيح 3/ 478 - 479، والنسائي، باب وقت الطلاق للعدة. .، كتاب الطلاق برقم (3389) المجتبى 6/ 137 - 138، وابن ماجة، باب طلاق السنة، كتاب الطلاق برقم (2019) سنن ابن ماجة 1/ 651.
وبهذا تبين أن الحديث رواه الجماعة بدون استثناء.
(2)
المغني 10/ 327، والمحرر 2/ 51، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 22/ 172، وكتاب الفروع 5/ 370، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوعه. ينظر: الاختيارات ص 438.
(3)
أخرجه مسلم من طريق ابن نمير عن عبيد اللَّه، قال:"قلت لنافع: ما صنعت التطليقة؟ قال: واحدة اعتد بها" صحيح مسلم 2/ 1094 برقم (1471) وأخرجه الدارقطني، عن نافع عن ابن عمر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: هي واحدة" سنن الدارقطني 4/ 10 قال الألباني: "إسناده على شرط الشيخين". الإرواء 7/ 126.
الاستحباب، وليزول (1) المعنى الذي حرم الطلاق لأجله، فإن راجعها وجب إمساكها حتى تطهر لحديث:"ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر"(2)، فإذا طهرت سن إمساكها حتى تحيض ثانية ثم تطهر، ولو قال لها: إن قدم زيد أو قمت فأنت طالق، فوجد حال حيض طلقت للبدعة ولا إثم، وإن طلق ثلاثا بكلمة حرم نصا ووقعت (3)، ويروى ذلك عن عمر (4) وعلي (5) وابن مسعود (6) وابن عباس (7) وابن
(1) في الأصل: ليزيل.
(2)
تقدم تخريجه في ص 422.
(3)
مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانيء 1/ 223، ورواية أبي داود ص 169، والمغني 10/ 334، وشرح الزركشي 5/ 373، والشرح الكبير والإنصاف 22/ 179 - 180، وكتاب الفروع 5/ 371، والمبدع 7/ 262.
(4)
أخرجه عبد الرزاق برقم (11340، 11345) المصنف 6/ 393، 395 - 396، وسعيد برقم (1074، 1067) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 301، 303، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 11، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 334.
(5)
أخرجه الدارقطني 4/ 21، وابن حزم في المحلى 10/ 172، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 334 - 335.
(6)
أخرجه سعيد برقم (1063) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 299، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 58، وابن حزم في المحلى 10/ 172، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 335.
(7)
أخرجه أبو داود برقم (2197) سنن أبي داود 2/ 260، وعبد الرزاق برقم (11346، 11352) المصنف 6/ 396 - 397، وسعيد برقم (1064 - 1065) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 300، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 11، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 337، وصححه الألباني في الإرواء 7/ 121، 123.
عمر (1)، وعن مالك بن الحارث (2) قال:"جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثا. فقال: إن عمك عصى اللَّه وأطاع الشيطان، فلم يجعل له مخرجا"(3) ووجه ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} إلى قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (4) ثم قال بعد ذلك: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (5){وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (6) ومن جمع الثلاث لم يبق له أمر يحدث ولم يجعل اللَّه له مخرجا ولا من أمره يسرا، وروى النسائي بإسناده عن محمود بن لبيد (7) قال: "أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن رجلا طلق ثلاث طلقات جميعا، فغضب ثم قال: أيلعب بكتاب اللَّه وأنا بين
(1) أخرجه عبد الرزاق برقم (11344) المصنف 6/ 395، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 11، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57، والدارقطني في سننه 4/ 32، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 335 - 336.
(2)
مالك بن الحارث: السلمي، الرقي، الكوفي، توفي سنة 94 هـ.
ينظر: الجرح والتعديل 8/ 207، وتهذيب الكمال 27/ 129 - 130.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه 2/ 260 برقم (2197)، وسعيد برقم (1064 - 1065) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 300، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 11، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 337، وصححه الألباني في الإرواء 7/ 121.
(4)
سورة الطلاق الآية (1).
(5)
سورة الطلاق من الآية (2).
(6)
سورة الطلاق من الآية (4).
(7)
محمود بن لبيد هو: ابن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري، الأوسي، الأشهلي، ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأقام بالمدينة، وتوفي سنة 96 هـ.
ينظر: أسد الغابة 5/ 117 - 118، وتهذيب الكمال 27/ 309، والإصابة 6/ 35.
أظهركم؟ حتى قام رجل فقال: يا رسول اللَّه! ألا أقتله؟ " (1) وفي حديث ابن عمر قال: "قلت: يا رسول اللَّه! أرأيت لو طلقتها ثلاثا؟ ، قال: إذن عصيت وبانت منك امرأتك" (2) ولا فرق في ذلك بين ما قبل الدخول أو بعده، روى ذلك عن ابن عباس (3)، وأبي هريرة (4)، وابن عمر (5)، وعبد اللَّه بن عمر (6)، وعبد اللَّه بن
(1) أخرجه النسائي، باب الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ، كتاب الطلاق برقم (3401) المجتبى 6/ 142، قال ابن القيم:"إسناده على شرط مسلم، فإن ابن وهب قد رواه عن مخرمة بن بكير بن الأشج، قال: سمعت محمود بن لبيد، فذكره، ومخرمة ثقة بلا شك، وقد احتج مسلم في صحيحه بحديثه عن أبيه" ا. هـ. زاد المعاد 5/ 241. قال شعيب الأرنوؤط: "أخرجه النسائي ورجاله ثقات". هامش زاد المعاد 5/ 220.
(2)
أخرجه الدارقطني، كتاب الطلاق، سنن الدارقطني 4/ 31، قال في التعليق المغني على سنن الدارقطني:"الحديث في إسناده عطاء الخراساني، وهو مختلف فيه" ا. هـ.، وأخرجه البيهقي، باب الاختيار للزوج أن يطلق إلا واحدة، كتاب الخلع والطلاق، السنن الكبرى 7/ 330، وقال:"هذه الزيادات أتى بها عطاء الخراساني ليست في رواية غيره، وقد تكلموا فيه، ويشبه أن يكون قوله". وضعف إسناده الألباني في الإرواء 7/ 119.
(3)
أخرجه أبو داود برقم (2198) سنن أبي داود 2/ 261، ومالك برقم (1204) الموطأ ص 363، وسعيد برقم (1075) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 303، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 21 - 22، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57.
(4)
أخرجه مالك برقم (1206) الموطأ ص 364، وسعيد برقم (1075) سنن سعيد بن منصور 3/ 303، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 23، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57.
(5)
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 57.
(6)
أخرجه مالك برقم (1205) الموطأ ص 363، وسعيد برقم (1075) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 303، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 58.
مسعود (1)، وأنس (2)، وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة من بعدهم (3)، وكذا لو طلق ثلاثا بكلمات في طهر لم يصبها فيه، أو في أطهار قبل رجعة حرم ذلك نصا (4) لما تقدم، لا إن طلق اثنتين فلا يحرم لأنهما لا يمنعان من رجعة فلم يسد المخرج على نفسه، لكنه فوت على نفسه طلقة جعلها اللَّه له من غير فائدة تحصل له بها فكان مكروها كتضييع المال، قاله في "الشرح"(5)، ولا بدعة في الثلاث بعد رجعة أو عقد، كإن طلقها طلقة ثم راجعها أو عقد عليها ثم طلقها أخرى ثم واجعها أو عقد عليها ثم طلقها الثالثة.
(ولا سنة ولا بدعة) لا في زمن ولا عدد (لـ) زوجة (مستبين حملها و) لا لزوجة (صغيرة أو آيسة) لأنها لا تعتد بالأقراء فلا تختلف عدتها، (و)[لا](6) لزوجة (غير مدخول بها)، لأنها لا عدة لها فتنضر بتطويلها، فلو قال الزوج لإحداهن: أنت طالق للسنة أو للبدعة طلقت في الحال؛ لأن طلاقها لا يتصف بذلك فتلغو الصفة
(1) أخرجه سعيد برقم (1076) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 303 وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 21 - 22، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 58.
(2)
أخرجه سعيد برقم (1073) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 302، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 5/ 24، الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 59.
(3)
تنظر المسألة في: المبسوط 6/ 6 - 7، وشرح فتح القدير 3/ 330، والمدونة 2/ 419، ومنح الجليل 2/ 206، وروضة الطالبين 8/ 9، ونهاية المحتاج 6/ 455، والمغني 10/ 334، وكتاب الفروع 5/ 371، والمحرر 2/ 51، والمبدع 7/ 262.
(4)
المغني 10/ 330، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 22/ 179، والمبدع 7/ 261.
(5)
22/ 190.
(6)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
ويبقى الطلاق بدون الصفة فيقع في الحال، أو قال لإحداهن: أنت طالق للسنة طلقة وللبدعة طلقة وقعتا في الحال لما سبق، ويدين في غير آيسة إذا قال: أردت إذا صارت من أهل السنة أو البدعة لادعائه محتملا، ويقبل ذلك منه حكما لأنه فسر كلامه بما يحتمله وهو أعلم بنيته، وإن قاله لزوجة -لها سنة وبدعة وهي المدخول بها غير الحامل ذات الحيض- فواحدة تقع في الحال، لأنها لا تخلو من أحد الحالين فتقع المعلقة بها وتقع الأخرى في ضد حالها إذن، لأنها معلقة على ضد تلك الحال، أو قال لها: أنت طالق للسنة فقط، في طهر لم يطأها فيه وقع في الحال لوصفه الطلقة بصفتها فوقعت في الحال، أو قاله في حيض طلقت إذا طهرت لوجود الصفة، وفي طهر وطئ فيه طلقت إذا طهرت من الحيضة المستقبلة لما سبق.