الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) في أركان النكاح وشروطه
وأركان الشيء أجزاء ماهيته، والماهية لا توجد بدون جزئها، فكذا الشيء لا يتم بدون ركنه (1).
والشرط: ما ينتفي المشروط بانتفائه وليس جزءا للماهية (2).
(أركانه) -أي النكاح- ثلاثة:
إحداها: (الزوجان الخاليان [عن] (3) الموانع) الآتية في باب المحرمات في النكاح، وأسقطه في "المنتهى" وغيره لوضوحه (4).
(و) الثاني: (إيجاب بلفظ أنكحتـ) ـك (أو زوجتـ) ـك.
(و) الثالث: (قبول بلفظ قبلت أو رضيت فقط، أو مع هذا النكاح أو تزوجتها) ولا ينعقد النكاح إلا بهما مرتبين الإيجاب أولا وهو اللفظ الصادر من قبل الولي أو (5) من يقوم مقامه، ثم القبول بعده وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، ولا يصح إيجاب ممن يحسن العربية إلا بلفظ "أنكحت" أو "زوجت" لورودهما في نص القرآن في قوله:{زَوَّجْنَاكَهَا} (6) {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ
(1) ينظر: شرح مختصر الروضة 3/ 226 - 227، والتعريفات ص 149.
(2)
ينظر: شرح مختصر الروضة 1/ 434، والتعريفات ص 165، والمدخل ص 162.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 216.
(4)
المنتهى 4/ 58، وينظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف 20/ 93، وكتاب الفروع 5/ 168 والمبدع 7/ 17.
(5)
في الأصل: و.
(6)
سورة الأحزاب من الآية (37).
آبَاؤُكُمْ} (1)، ولا يصح قبول ممن يحسن العربية إلا بلفظ "قبلت تزويجها"، أو "قبلت نكاحها" أو "قبلت هذا النكاح" أو"هذا التزويج" أو "تزوجتها" أو "رضيت هذا النكاح" أو "قبلت" فقط أو "تزوجت"؛ لأن ذلك صريح في الجواب فصح النكاح به كالبيع، أو قال الخاطب للولي: أزوجت؟ فقال: نعم، وقال للمتزوج: أقبلت؟ فقال: نعم. انعقد النكاح؛ لأن المعنى نعم زوجت، نعم قبلت هذا النكاح؛ لأن المسؤول عنه يكون مضمرا في الجواب معادا فيه بدليل قوله تعالى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} (2) أي وجدنا ما وعدنا ربنا حقا (3).
ويصح الإيجاب والقبول من هازل وتلجئة لحديث: "ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والرجعة" رواه الترمذي (4)، وعن الحسن
(1) سورة النساء من الآية (22).
(2)
سورة الأعراف من الآية (44).
(3)
ينظر: تفسير القرآن العظيم 2/ 206، فتح القدير للشوكاني 2/ 207.
(4)
أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" في باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق، كتاب الطلاق برقم (1184)، الجامع الصحيح 3/ 490، وأبو داود، باب في الطلاق على الهزل، كتاب الطلاق، برقم (2194)، سنن أبي داود 2/ 259، وابن ماجة، باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبا، كتاب الطلاق، برقم (2039)، سنن ابن ماجة 1/ 658، والدارقطني، باب المهر، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 256، والحاكم، باب ثلاث جدهن جد. .، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 198، والبيهقي، باب صريح ألفاظ الطلاق، كتاب الخلع والطلاق، السنن الكبرى 7/ 341، والحديث قال عنه الترمذي:"حسن غريب"، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد"، وخالفه الذهبي وقال:"فيه لين"، وحسنه الألباني في الإرواء 6/ 224.
قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من نكح لاعبا أو طلق لاعبا أو أعتق جاز"(1) وقال عمر: "أربع جائزات إذا تكلم بهن: الطلاق، والعتاق، والنكاح، والنذر"(2) وقال علي: "أربع لا لعب فيهن: الطلاق، والعتاق، والنكاح، والنذر"(3).
(ومن جهلهما) أي الإيجاب والقبول (لم يلزمه تعلم) بالعربية؛ لأنه عقد معاوضة كالبيع بخلاف تكبير الصلاة، ولأن القصد هنا المعنى دون اللفظ المعجز بخلاف القراءة، (وكفاه) أي العاجز عنهما بالعربية (معناهما الخاص بكل لسان) أي لغة؛ لأن ذلك في لغته نظير الإنكاح والتزويج ولا يكلف اللَّه نفسا إلا وسعها، ولا يصحان بما لا يؤدي معناهما الخاص كالعربي إذا عدل عن أنكحت أو زوجت إلى غيرهما، وإن أحسن أحدهما العربية وحده أتى بها والآخر بلغته، وترجم بينهما ثقة إن لم يحسن أحدهما لسان الآخر، ولا بد من معرفة الشاهدين لفظ العاقدين.
ولا يصح إيجاب ولا قبول بكتابة ولا إشارة مفهومة إلا من أخرس فيصحان
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في باب من قال ليس في الطلاق والعتاق لعب. . .، كتاب الطلاق، الكتاب المصنف 5/ 106، وأورده ابن حزم وقال:"لا حجة في مرسل"، المحلى 10/ 204، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 277 مرسلا. وله شواهد عن بعض الصحابة والتابعين. ينظر: مصنف عبد الرزاق 6/ 133 - 135، وسنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 415 - 417، ومصنف ابن أبي شيبة 5/ 105 - 106، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 341.
(2)
أخرجه بنحوه: عبد الرزاق برقم (10248)، المصنف 6/ 134، وسعيد بن منصور بلفظه برقم (1609)، سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 416، وابن أبي شيبة بنحوه، الكتاب المصنف 5/ 105، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 341، وقال الألباني في الإرواء 6/ 227:"رجاله ثقات إلا أن الحجاج وهو ابن أرطأة مدلس وقد عنعنه".
(3)
أخرجه بنحوه عبد الرزاق برقم 10247، المصنف 6/ 134.
منه بالإشارة نصا (1)، كبيعه وطلاقه، وإذا صحا منه بالإشارة فالكتابة أولى؛ لأنها بمنزلة الصريح في الطلاق والإقرار.
ولا يصح نكاح إن تقدم قبول على إيجاب سواء كان بلفظ الماضي كقوله: تزوجت ابنتك فيقول زوجتكها، أو الأمر كقوله: زوجني ابنتك، فيقول: زوجتكها؛ لأن القبول [إنما](2) يكون للإيجاب، فمتى وجد قبله لم يكن قبولا لعدم معناه كما لو تقدم بلفظ الاستفهام، بخلاف البيع فإنه يصح بالمعاطاة وكل ما أدى معناه، و [يفارق](3) الخلع؛ لأنه يصح تعليقه على شرط إذا نوف به الطلاق. وإن تراخى قبول عن إيجاب حتى تفرقا من المجلس أو تشاغلا بما يقطعه عرفا بطل الإيجاب للإعراض عنه بالتفرق أو الاشتغال أشبه ما لو رده، فإن طال الفصل بينهما ولم يتفرقا ولم يتشاغلا بما يقطعه صح العقد؛ لأن حكم المجلس حكم حالة العقد بدليل صحة القبض فيما يشترط لصحته قبضه في المجلس وثبوت الخيار في البيع فيه، ومن أوجب عقدا ولو في غير نكاح ثم جن أو غمي عليه قبل قبول بطل إيجابه بذلك، كبطلا [نه](4) بموته، ولا يبطل الإيجاب إن نام قبل بقوله إن قبل في المجلس؛ لأن النوم لا يبطل العقود الجائزة (5).
(1) المغني 9/ 462، وكتاب الفروع 5/ 169، والمبدع 7/ 19، والإنصاف 20/ 102.
(2)
في الأصل: لا، والصحيح ما أثبت.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، ويقتضيه السياق.
(4)
ساقطة من الأصل.
(5)
ينظر: المغني 9/ 463 - 464، والمبدع 7/ 19 - 20، وكشاف القناع 5/ 40 - 41.