الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
(وَإِنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشبْهَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) فرق بينهما و (أتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ)، سواء كانت عدته من نكاح صحيح أو فاسدٍ، أو وطء بشبهةٍ أو زنا ما لم تحمل من الثاني فتنقضي عدتها منه بوضع الحمل ثم تتم عدة الأول، (ولا يُحْتَسَب مِنْهَا) أي عدة الاول (مَقَامُهَا عِنْدَ ثَانٍ) بعد وطئه لانقطاعها بوطئه، وللأول رجعتها إن كانت رجعية في تتمة عدته لعدم انقطاع حقه من رجعتها، (ثُمَّ اعْتَدَّت) بعد تتمة عدة الأول (لـ) وطء (ثانٍ) لخبر مالك عن عليٍّ:"أنه قضى في التي تتزوج في عدتها أنه يفرق بينهما، ولها الصداق بما استحل من فرجها، وتكمل ما أفسدت من عدة الأول، وتعتد من الآخر"(1)، ولأنهما حقان اجتمعا لرجلين فلم يتداخلا وقدم أسبقهما كما لو تساويا في مباح غير ذلك.
وإن ولدت من أحدهما بعينه أو ألحقته به قافة وأمكن أن يكون ممن ألحقته به بأن تأتي [به](2) لنصف سنة فأكثر من وطئ الثاني أو لأربع سنين فأقل من بينونة الأول لحقه وانقضت عدتها به ممن ألحق به، لأنه حمل وضعته فانقضت عدة أبيه دون غيره ثم
(1) لم أقف عليه في الموطأ عن علي، وإنما عن عمر برقم 1137، ص 339.
وعن عليٍّ: أخرجه الإمام الشافعي في مسنده 2/ 57، وعبد الرزاق برقم (10532) المصنف 6/ 208، وسعيد برقم (699) سنن سعيد بن منصور 1/ 3/ 220، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 320، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 441، وقال الألباني:"رجاله ثقات لكن عطاء بن السائب -أحد الرواة- كان اختلط". الإرواء 7/ 203.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
اعتدت للآخر، وإن ألحقته القافة بهما ألحق وانقضت عدتها به منهما لثبوت نسبه منهما، وإن أشكل الولد على القافة اعتدت بعد وضعه بثلاثة قروء لتخرج من العدتين بيقين.
ومن وطئت زوجته بشبهة أو زنا ثم طلقها اعتدت لطلاق إن كان دخل بها لأنها عدة مستحقة بالزوجية فقدمت على غيرها لقوتها؛ ثم تتم العدة للشبهة أو الزنا لأنها عدة مستحقة عليها فلا تبطل بتقديم الأخرى عليها، ويحرم وطء زوج زوجة موطؤة بشبهة أو زنا ولو مع حمل منه قبل عدة وأطئ (1) لما تقدم، فإذا ولدت إعتدت للشبهة، ثم للزوج وطؤها.
ومن تزوجت في عدتها فنكاحها باطل، ويفرق بينهما، وتسقط نفقة رجعية وسكناها (2) عن الأول لنشوزها ولم تنقطع عدتها بالعقد حتى يطأ الثاني لأنه عقد باطل لا تصير به المرأة فراشًا، فإن وطئها انقطعت (3) ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول لسبق حقه واستأنفت العدة كاملة للثاني؛ لأنهما عدتان من رجلين فلا يتداخلان، وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين لعموم قوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (4) مع عدم المخصّص، ولأن تحريمها عليه إما أن يكون بالعقد الفاسد أو الوطء فيه أو بهما، وجميع ذلك لا يقتضي التحريم كما لو نكحها بلا ولي ووطئها، ولأنها لا تحرم على الزاني على التأبيد فهذا أولى، وما روي عن عمر في
(1) في الأصل: اوطى.
(2)
في الأصل: وسكنا.
(3)
في الأصل: انقضت.
(4)
سورة النساء من الآية (24).
تحريمها على التأبيد (1) خالفه فيه علي، وروي عن عمر أنه رجع إلى قول علي، فإن عليا قال:"إذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب"(2) فقال عمر: "ردوا الجهالات إلى السنة"(3)، ورجع إلى قول علي.
وتتعدد (4) عدة بتعدد واطئ بشبهة لحديث عمر (5)، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين
(1) روى ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: "أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم كان الآخر خاطبا من الخطاب، وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ثم لا يجتمعان أبدا" أخرجه الإمام مالك برقم (1137) الموطأ ص 339، والشافعي والمسند 2/ 52، وعبد الرزاق برقم (10539 - 10541) المصنف 6/ 210، وسعيد برقم (695 - 696) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 219، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 441، قال الألباني:"هذا إسناد صحيح على الخلاف في صحة سماع سعيد بن المسيب من عمر". الإرواء 7/ 203.
(2)
لم أقف عليه عن علي رضي الله عنه بهذا اللفظ، وبمعناه أخرجه عبد الرزاق برقم (10532 - 10533) المصنف 6/ 210، وسعيد برقم (699) سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 220، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 320، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 441 - 442، وقال الألباني عن إسناد البيهقي:"رجاله ثقات". الإرواء 7/ 204.
(3)
في الأصل: الشبه، والمثبت من كتب الحديث، وقد أخرجه سعيد برقم (1326) سنن سعيد ابن منصور 3/ 1/ 355، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 441 - 442.
(4)
في الأصل: وتعتد.
(5)
ولفظه: "أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق يينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خاطبا من الخطاب، وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم اعتدت من الأخر ثم لم ينكحها أبدا" وهو أثر سبق تخريجه ص 550.
فلا يتداخلا كالدينين، فإن تعدد الوطء من واحد فعدة واحدة (1) ولا تتعدد العدة بتعدد واطئ بزنا خلافًا لما في "الإقناع"(2)، وإن طلقت رجعية فلم تنقض عدتها حتى طلقت أخرى بَنَتْ على ما مضى من عدتها، وإن راجعها ثم طلقها استأنفت عدة الطلاق الثاني، وإن أبانها ثم نكحها في عدتها ثم طلقها قبل دخوله بها بنت على [ما] (3) مضى من طلاقها؛ لأن الطلاق الثاني في نكاح ثانٍ قبل المسيس والخلوة فلم يوجب عدة لعموم قوله تعالى:{ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية (4) بخلاف ما إذا راجعها ثم طلقها قبل ذلك؛ لأن الرجعة إعادة إلى النكاح الأول، فالطلاق في عدتها طلاق من نكاح واحد فكان استئناف العدة في ذلك أظهر لأنها مدخول بها، ولولا الدخول لما كانت رجعية، وفي البائن [بعد](5) النكاح طلاق عن نكاح متجدد لم يتصل به دخول ولذلك يتنصف به المهر.
وإن انقضت عدة البائن قبل طلاقه ثانيًا وقد نكحها ولم يدخل بها فلا عدة للطلاق الثاني، لأنه من نكاح لا دخول (6) فيه ولا خلوة، ولم يبق من عدة الطلاق الأول شيء تبني عليه.
(1) في الأصل: واحد.
(2)
4/ 116.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(4)
سورة الأحزاب من الآية (49).
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 226.
(6)
في الأصل: لا خول.