الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) في الرضاع
- بفتح الراء وقد تكسر- وهو لغة: مص لبن من ثدي وشربه (1).
وشرعا: مص لبن في الحولين ثاب عن حمل من ثدي امرأة أو شربه نحوه (2)، كأكله بعد تجبينه وسعوط به ووجور (3).
(ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، لقوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (4)، وحديث عائشة مرفوعا:"يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة"، رواه الجماعة، ولفظ ابن ماجة:"من النسب"، (5)، وأجمعوا
(1) ينظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 400، والمطلع ص 350، ولسان العرب 8/ 125 - 126، والقاموس المحيط 3/ 29 - 30.
(2)
ينظر: التعريفات ص 148، والمبدع 8/ 160، والاقناع 4/ 124، والتنقيح ص 254، وغاية المنتهى 3/ 215.
(3)
قال في المغني 11/ 313: "السعوط: أن يصب اللبن في أنفه من إناء غيره. والوجور: أن يصب في حلقه صبا من غير الثدي" ا. هـ. وينظر: لسان العرب 5/ 279، 4/ 317.
(4)
سورة النساء من الآية (23).
(5)
أخرجه البخاري، باب وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، كتاب النكاح برقم (5099) صحيح البخاري 7/ 9، ومسلم، باب ما يحرم من الرضاع. . .، كتاب الرضاع برقم (1444) صحيح مسلم 2/ 1068، وأبو داود، باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، كتاب النكاح برقم (2055) سنن أبي داود 2/ 221، والترمذي، باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، كتاب الرضاع برقم (1147) الجامع الصحيح 3/ 453، والنسائي، باب ما يحرم من الرضاع، كتاب النكاح برقم (3303) المجتبى 6/ 99، وابن ماجة، باب يحرم من =
على أن الرضاع محرم في الجملة (1).
(على رضيع) متعلق بيحرم أي يحرم على رضيع من الرضاع في الحولين ذكرا كان أو أنثى ما يحرم عليه من النسب، فإذا حملت امرأة من رجل ثبت نسب ولدها منه بأن تكون زوجته أو أمته أو موطوءته بشبهة فثاب لها منه لبن فارضعت به ولو مكرهة طفلا رضاعا محرما بأن يكون خمس رضعات في الحولين -ويأتي- صار الطفل ولدا لهما في تحريم النكاح للآية والخبر، وفي إباحة النظر والخلوة، وفي ثبوت المحرمية، وصار أولاد الطفل من البنين والبنات وإن سفلوا أولاد ولدهما، وصارا أبويه، وآباؤهما أجداده وجداته، وإخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته، وإخوة الرجل وأخواته أعمامه وعماته، وجميع أولاد المرضعة الذين ارتضع معهم الطفل والحادثين بعده وقبله من زوجها ومن غيره وجميع أولاد الرجل الذي انتسب الحمل إليه من المرضعة ومن غيرها إخوة المرتضع وأخواته، وأولاد أولادهما أولاد إخوته وأخواته وإن نزلت درجتهم.
(و) كذا يحرم على (فرعه) أي الرضاع (وإن نزل) في درجة أو درجات، فتنتشر حرمة الرضاع من المرتضع إلى أولاده وإن سفلوا، فيصيرون أولاد أولادهما؛ لأن الرضاع كالنسب، والتحريم في النسب يشمل ولد الولد وإن سفل، فكذا الرضاع يشمل الولد
= الرضاع ما يحرم من النسب، كتاب النكاح برقم (1937) سنن ابن ماجة 1/ 623، وأحمد برقم (23650) المسند 7/ 67.
(1)
الإجماع ص 96، والإفصاح ص 178. وينظر: المبسوط 5/ 132، والمدونة 2/ 405، وبداية المجتهد 2/ 35، ونهاية المحتاج 7/ 172، وروضة الطالبين 3/ 9، والمغني 11/ 309، وشرح الزركشي 5/ 584، والمبدع 8/ 160.
وإن نزل (فقط) فلا تنتشر الحرمة إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته؛ لأنها لا تنتشر في النسب فكذا في الرضاع، ولا تنتشر أيضا إلى من هو أعلى من المرتضع من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته؛ لأن الحرمة إذا لم تنتشر إلى من هو في الدرجة فلأن لا تنتشر إلى من هو أعلى منه بطريق الأولى، فتحل مرضعة لأبي مرتضع ولأخيه وعمه وخاله من النسب، ويحل لأبيه من النسب أن يتزوج أخته من الرضاع، وتحل أم مرتضع وأخته وعمته وخالته من النسب لأبيه وأخيه من الرضاع، قال أحمد:"لا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخيه من الرضاع ليس بينهما رضاع ولا نسب". (1)
وإن أرضعت امرأة بلبن ولدها من الزنا، أو المنفي بلعان طفلا رضاعا محرما صار ولدا لها؛ لأنه رضع من لبنها حقيقة، وحرم على الزاني والملاعن بتحريم المصاهرة؛ لأنه ولد موطوءته، والوطء الحرام الحلال في تحريم الربيب، ولا تثبت حرمة الرضاع في حقهما؛ لأن من شرط ثبوت حرمة الرضاع بين المرتضع والرجل الذي ثاب اللبن بوطئه [أن](2) ينسب الحمل إلى الواطن، فأما ولد الزنا ونحوه فلا.
وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم كلبن البكر التي لم تحمل لم تنتشر الحرمة نصا (3)؛ لأنه نادر لم تجر العادة به، أشبه لبن الرجل والبهيمة ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة، فلو ارتضع طفلان من لبن بهيمة لم يصيرا أخوين، أو من لبن رجل أو من لبن
(1) ينظر: المغني 11/ 319، والمبدع 8/ 162، وكشاف القناع 5/ 444.
(2)
في الأمل: أي، والمثبت من كشاف القناع 5/ 444.
(3)
المغني 11/ 324، والمحرر 2/ 112، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 24/ 223، والمبدع 8/ 164.
خنثى مشكل لم تنتشر الحرمة.
(ولا) تثبت (حرمة) الرضاع (إلا) بشرطين: (بخمس رضعات) فأكثر، لحديث عائشة قالت:"أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخ من ذلك خمس رضعات، وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك" رواه مسلم (1)، والآية فسرتها السنة وبينت الرضاعة المحرمة، وهذا الخبر يخصص عموم حديث:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، ومتى امتص طفل ثديا ثم قطعه ولو قهرا أو لتنفس أو لانتقال من ثدي إلى ثدي آخر أو من مرضعة إلى مرضعة أخرى فذلك رضعة تحسب من الخمس، ثم إن عاد ولو قريبا فرضعتان؛ لأن المصة الأولى زال حكمها بترك الارتضاع، فإذا عاد فامتص فهي غير الأولى.
ويحرم ما جبن من لبن ثاب عن حمل ثم أطعم للطفل؛ لأنه واصل من حلق يحصل به إنشاز العظم وإنبات اللحم فحصل به التحريم ما لو شربه، أو خلط بغيره وصفاته باقية فيحرم كالخالص؛ لأن الحكم للأغلب.
ولا تحرم حقنة بلبن امرأة ولو خمس مرات؛ لأنها ليست برضاع ولا يحصل بها تغذ.
(1) بنحوه في باب التحريم بخمس رضعات، كتاب الرضاع برقم (1452) صحيح مسلم 2/ 1075، وأبو داود، باب هل يحرم ما دون خمس رضعات، كتاب النكاح برقم (2062) سنن أبي داود 2/ 223 - 224، والترمذي، باب مما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان، كتاب الرضاع برقم 1150، الجامع الصحيح 3/ 455 - 456، والنسائي، باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، كتاب النكاح برقم (3307) المجتبى 6/ 100، وابن ماجة، باب لا تحرم المصة ولا المصتان، كتاب النكاج برقم (1942) سنن ابن ماجة 1/ 625.
ومن أرضع خمس أمهات أولاده، أو أربع زوجاته وأم ولده، أو ثلاث زوجاته وإماء ونحو ذلك بلبن زوجة له (1) صغرى لم يتم لها عامان أرضعتها كل واحدة منهن رضعة حرمت على زوجها أبدا لثبوت الأبوة؛ لأن الخمس رضعات من لبنه أشبه ما لو أرضعتها واحدة منهن الخمس، ولا تحرم عليه أمهات أولاده وزوجاته لعدم ثبوت الأمومة إذا لم ترضعها واحدة منهن خمس رضعات، فلم تكن أما لزوجته.
ومن أرضعت بلبنها من زوج طفلا ثلاث رضعات ثم انقطع لبنها ثم أرضعته بلبن زوج آخر رضعتين في العامين ثبتت الأمومة لإرضاعها (2) له خمس رضعات، لا الأبوة فلا تثبت لواحد منهما؛ لأنه لم يكمل عدد الرضعات من لبنه، ولا يحل مرتضع لو كان أنثى لواحد من الزوجين لأنها ربيبة قد دخل بأمها.
الشرط الثاني: أن تكون خمس الرضعات (في الحولين) فلو ارتضع بعدهما بلحظة لم تثبت الحرمة لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (3)، فجعل تمام الرضاعة حولين فدل على أنه لا حكم للرضاعة بعدهما، ولحديث عائشة مرفوعا:"فإنما الرضاعة من المجاعة"، متفق عليه (4)، قال في "شرح المحرر" (5):"يعني في حال الحاجة إلى الغذاء واللبن". وعن أم
(1) أي صاحب اللبن.
(2)
في الأصل: لا ضعها.
(3)
سورة البقرة من الآية (233).
(4)
أخرجه البخاري، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض. .، كتاب الشهادة برقم (2647) صحيح البخاري 3/ 149، ومسلم، باب إنما الرضاعة من المجاعة، كتاب الرضاع برقم (1455) صحيح مسلم 2/ 1078.
(5)
"شرح المحرر" للفقيه عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي، صفي الدين، المتوفى سنة 739 ص، في ستة مجلدات، يذكر المسألة من الكتاب ثم يشرع في شرحها ببيان مقاصدها مع ذكر الدليل والتعليق والتحقيق.
ينظر: الذيل 2/ 428 - 431، والمدخل ص 433، والدر المنضد ص 43.
سلمة مرفوعا: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح". (1)
(وتثبت) حرمة: رضاع (بسعوط) في أنف (و) بـ (وجور) في فم، لحديث ابن مسعود مرفوعا:"لا ما أنشز العظم، وأنبت اللحم" رواه أبو داود (2)، ولوصول اللبن بذلك إلى جوفه كوصوله بالارتضاع، وحصول إنشاز العظم وإنبات اللحم كما يحصل بالرضاع بالفم، (و) بـ (لبن) ميتة بأن حلب من ميتة؛ لأنه كلبن حية، وبلبن (موطوءة بشبهة)؛ لأن ولدها ملحق بالواطن، (و) بلبن (مشوب) أي مخلوط بغيره وصفاته باقية فيحرم كالخالص؛ لأن الحكم للأغلب، ولبقاء اسمه ومعناه، فإن غلبه
(1) أخرجه الترمذي، باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين، كتاب الرضاع برقم (1152) الجامع الصحيح 3/ 458، وابن حبان، باب ذكر الخبر الدال على أن الرضعة والرضعتين لا تحرمان، كتاب الرضاع برقم 4224، الإحسان 10/ 37 - 38، قال الألباني:"إسناده صحيح على شرطهما". الإرواء 7/ 221.
وله شاهد عند ابن ماجة عن عبد اللَّه بن الزبير، باب لا رضاع بعد الفصال، كتاب النكاح برقم 1946، سنن ابن ماجة 1/ 666، وسنده قوي. ينظر: الإرواء 7/ 222.
(2)
باب في رضاعة الكبير، كتاب النكاح برقم (2060) سنن أبي داود 2/ 222، وأحمد برقم (4103) المسند 1/ 713، والبيهقى، باب ما جاء في تحديد ذلك بحولين، كتاب الرضاع، السنن الكبرى 7/ 462، والحديث إسناده ضعيف. ينظر: التلخيص الحبير 4/ 4، والإرواء 7/ 223.
ما خلطه لم يثبت به تحريم؛ لأنه لا ينبت اللحم ولا ينشز العظم.
(وكل امرأة تحرم علمه بنتها [كأمه] (1) وجدته) وأخته وبنته، (وربيبته إذا أرضعت طفلة حرمتها علمه)؛ لأنها تصير ابنتها من الرضاع، فإن كانت المرضعة أمه فالمرتضعة أخته، وإن كانت المرضعة جدته فالمرتضعة عمته أو خالته، وإن كانت المرضعة أخته فالمرتضعة: بنت أخته، (وكل رجل تحرم عليه بنتة كأبيه وأخيه) وابيه (إذا أرضعت امرأته بلبنه طفلة حرمتها عله)؛ لأنها إن كانت المرضعة امرأة أبيه فالمرتضعة أخته، وإن كانت امرأة أخيه فالمرتضعة بنت أخيه وينفسخ في المسألتين النكاح إن كانت الطفلة زوجة، وإن تزوج بنت عمه أو عمته أو خاله أو خالته فأرضعت جدتهما أحدهما رضاعا محرما انفسخ النكاح وحرمتها عليه أبدا.
وكل امرأة أفسدت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها لمجيء الفرقة من قبلها، كما لو ارتدت وإن كانت طفلة بأن كانت تدب فترتضع من امرأة نائمة أو مغمى عليها؛ لأنه لا فعل للزوج في الفسخ، فلا مهر عليه، ولا يسقط المهر بعد الدخول والخلوة، وإن أفسده غير الزوجه لزم الزوج قبل دخول نصف المهر؛ لأنها لا فعل لها في الفسخ، أشبه ما لو طلقها، أو بعده كله (2) لتقرره، ويرجع زوج بما لزم من مهر أو نصفه على المفسد لنكاحه؛ لأنه أغرمه المال الذي بذله في نظير البضع بإتلافه عليه ومنعه منه، ولها الأخذ من المفسد لنكاحها ما وجب لها نصا (3)؛ لأن قرار الضمان
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 239.
(2)
أي: بعد الدخول يلزم الزوج المهر كاملا.
(3)
المغني 11/ 332، والمقنع والشرح الكبير 24/ 253 - 254، والمحرر 2/ 113، وكتاب الفروع 5/ 574، والمبدع 8/ 174، وغاية المنتهي 3/ 221.
عليه.
(ومن) تزوج فـ (قال: إن زوجته أخته من الرضاع بطل (1) نكاحه) لإقراره بما يوجب ذلك فلزمه، كما لو أقر أنه أبانها وبطل فيما بينه وبين اللَّه تعالى [وإن كان صادقا](2)؛ لأن كذبه لا يحرمها، والمحرم حقيقة الرضاع لا القول، (ولا مهر) لها (قبل دخول إن صدقته) على إقراره وهي حرة؛ لاتفاقهما على بطلان النكاح من أصله، أشبه ما لو ثبت ذلك ببينة، (ويجب) لها (نصفه) -أي المهر- (إن كذبته)؛ لأن قوله لا يقبل عليها، (و) يجب (كله) -أي المهر- (بعد دخول مطلقا) ولو صدقته بما نال من فرجها ما لم تطاوعه على الوطء عالمة بالتحريم فلا مهر لها؛ لأنها إذن زانية مطاوعة، (وإن قالت هي ذلك) -أي هو أخي من الرضاع- (وكذبها فهي زوجته حكما) حيث لا بينة لها، فلا يقبل قولها في فسخ النكاح؛ لأنه حق عليها، ثم إن أقرت قبل الدخول فلا مهر لها لإقرارها بأنها لا تستحقه، وبعد الدخول فإن أقرت بأنها كانت عالمة [بأنها](3) أخته وتحريمها عليه وطاوعته في الوطء فكذلك لإقرارها بأنها زانية مطاوعة، وإن أنكرت شيئا من ذلك فلها المهر؛ لأنه وطء بشبهة على زعمها، وهي زوجته ظاهرا، فأما فيما بينها وبين اللَّه تعالى فإن علمت ما أقرت به لم تحل لها مساكنته ولا تمكينه من وطئها، وعليها أن تفر منه وتفتدي بما أمكنها؛ لأن وطأه لها زنا، فعليها التخلص منه ما أمكنها كمن طلقها ثلاثا وأنكر.
(ومن شك في) وجود (رضاع أو) شك في (عدده) أي الرضاع (بنى على اليقين)؛ لأن
(1) لو قال: انفسخ، لكان أولى كما هي عبارة المنتهى، ولأن الإبطال يعود على ما مضى.
(2)
ما بين المعقوفين ليست في الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 242.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 242.
الأصل بقاء الحل، وكذا لو شك في وقوعه في العامين، (ويثبت) الرضاع (بإخبار مرضعة مرضية) متبرعة كانت بالرضاع أو بأجرة، لحديث عقبة بن الحارث (1) قال:"تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب (2)، فجاءت امرأة سوداء (3) فقالت: قد أرضعتكما، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: فكيف وقد زعمت ذلك" متفق عليه (4)، وفي لفظ للنسائى:"فأتيته من قبل وجهه، فقلت: إنها كاذبة فقال: كيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، خل سبيلها"(5) وقال الشعبي: "كانت
(1) عقبة بن الحارث: بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي، النوفلي، أبو سروعة المكي، أسلم يوم فتح مكة، مات في خلافة ابن الزبير.
ينظر: أسد الغابة 4/ 50، وتهذيب الكمال 20/ 192 - 194، والإصابة 4/ 427.
(2)
في الأصل: بنت إيهاب، والمثبت من كتب الحديث والتراجم.
واسمها: غنية بنت أبي إهاب، أم يحيى زوجة عقبة بن الحارث بن عامر النوفلي. ينظر: أسد الغابة 7/ 410، والإصابة 8/ 491.
(3)
قال الحافظ ابن حجر: "لم أقف على اسمها" ا. هـ. فتح الباري 1/ 185.
(4)
أخرجه البخاري، باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله، كتاب العلم برقم (88) صحيح البخاري 1/ 24، وأبو داود، باب الشهادة في الرضاع، كتاب الأقضية برقم (3603) سنن أبي داود 3/ 306 - 307، وأحمد برقم (15720) المسند 4/ 575، والدارمي، باب شهادة المرأة الواحدة على الرضاع، كتاب النكاح برقم (2255) سنن الدارمي 2/ 209، والبيهقي، باب شهادة النساء في الرضاع، السنن الكبرى 7/ 643.
والحديث من أفراد البخاري ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري 1/ 231.
(5)
أخرجه النسائي، باب الشهادة في الرضاع، كتاب النكاح برقم (3330) المجتبى 6/ 109، والبخاري، باب شهادة المرضعة، كتاب النكاح برقم (5104) صحيح البخاري 7/ 10، والترمذي، باب ما جاء في شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، كتاب الرضاع برقم (1151) الجامع الصحيح 3/ 457، وأحمد برقم (15715) المسند 4/ 575، والبيهقي، باب شهادة النساء =
القضاة يفرقون بين الرجل والمرأة بشهادة امرأة واحدة في الرضاع" (1)، وكالولادة.
(ويثبت) الرضاع (بشهادة)[عدل](2) مطلقا من رجل أو امرأة، ولأنه إذا ثبت بشهادة امرأة واحدة فالرجل من باب أولى.
وإن ادعت أمة أخوة سيدها بعد وطئه مطاوعة لم يقبل قولها، وقبل الوطء يقبل قولها في تحريم الوطء كدعواها أنها مزوجة قبل أن يملكها، ولا يقبل قولها في ثبوت عتق لدعواها زوال ملكله كما لو قالت: أعتقني.
وكره استرضاع فاجرة ومشركة وحمقاء وسيئة خلق؛ لأن الرضاع يغير الطباع، وكره استرضاع جذماء وبرصاء ونحوهما مما يخاف تعديه، وكذا بهيمة وعمياء وزنجية.
= في الرضاع، كتاب الرضاع، السنن الكبرى 7/ 463، وجميعهم بلفظ:"دعها عنك" بدلا من: "خل سبيلها".
(1)
أخرجه عبد الرزاق برقم (13977) المصنف 7/ 484، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف 4/ 197.
(2)
ما بين المعقوفين ليست في الأصل، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 239.