الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(وحرم تصريح) وهو ما لا يحتمل غير النكاح (بخطبة معتدة) -بكسر الخاء- ومثلها مستبرأة عتقت بموت سيد ونحوه، كقوله: أريد أن أتزوجك، أو إذا انقضت عدتك تزوجتك، أو زوجينى نفسك لمفهوم قوله تعالى {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ [بِهِ] (1) مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (2) إذ تخصيص التعريض بنفي الحرج يدل على عدم جواز التصريح، ولأنه لا يؤمن أن يحملها الحرص على النكاح على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها (على غير زوج تحل له) كالمخلوعة والمطلقة دون ثلاث (3) على عوض؛ لأنه يباح له نكاحها في عدتها، أشبهت غير المعتدة بالنسبة إليه، فإن وطئت بشبهة أو زنا في عدتها فالزوج كأجنبي؛ لأنها لا تحل له إذن كالمطلقة ثلاثا.
(و) يحرم (تعريض بخطبة رجعية)؛ لأنها في حكم الزوجات أشبهت التي في صلب النكاح، ويجوز التعريض بخطبة معتدة في عدة وفاة وبائن بطلاق ثلاثا، وبغير الثلاث كالمختلعة والمطلقة على عوض والبائن بفسخ لعنة وعيب ورضاع ونحوه، لقوله تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (4)، والمرأة في
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(2)
سورة البقرة من الآية (235).
(3)
في الأصل: ثلاثا.
(4)
سورة البقرة من الآية (235).
الجواب كالرجل فيما يحل ويحرم، فيجوز للبائن التعريض في الإجابة ويحرم عليها التصريح، وعلى الرجعية التعريض والتصريح ما دامت في العدة، والتعريض من الخاطب مثل أن يقول:"إني في مثلك لراغب" و"لا تفوتيني نفسك" و"إذا انقضت عدتك فأعلميني"، وما أشبه ذلك، وتجيبه:" [ما يرغب] (1) عنك" و"إن قضى شيئا كان" ونحو ذلك، ودخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على امرأة أبي سلمة وهي متأيمة فقال:"لقد علمت أني رسول اللَّه، وخيرته من خلقه، وموضعي من قومي، وكانت تلك خطبته" رواه الدارقطني (2)، فلو صرح الخاطب بالخطبة أو عرض في موضع يحرمان فيه ثم تزوجها بعد حلها وانقضاء عدتها صح نكاحه؛ لأن أكثر ما في ذلك تقديم حظر على العقد.
(و) حرم (خطبة على خطبة مسلم أجيب) ولو تعريضا إن علم الثاني إجابة الأول؛ لحديث أبي هريرة مرفوعا: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك" رواه البخاري (3)، ولما فيه من الإفساد على الأول وإيذائه وإيقاع العدواة بينهما، وإن لم يعلم بإجابة الأول، أو ترك الخطبة، أو أخر العقد حتى طالت المدة وتضررت المخطوبة أو أذن للثاني في الخطبة جاز، لحديث ابن عمر يرفعه: "لا يخطب
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(2)
في كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 224 دون قوله:"من خلقه"، وأخرجه البيهقي، باب التعريض بالخطبة، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 178، وأعله الشوكاني في نيل الأوطار 6/ 130 بالانقطاع. وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 216.
(3)
في باب لا يخطب على خطبة أخيه، كتاب النكاح، برقم (5144) صحيح البخاري 7/ 17، ومسلم، باب تحريم الخطبة على خطبة أخبه حتى يأذن أو يترك، كتاب النكاح، برقم (1413) صحيح مسلم 2/ 1033.
الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن لخاطب" رواه أحمد والبخاري (1)، وكذا لو سكت الخاطب الأول بأن استأذنه الثاني فسكت جاز للثاني؛ لأن سكوته عند استئذانه في معنى الترك، وهذا من المواضع التي يكون السكوت فيها رضا، ومن ذلك سكوت البكر عند الاستئذان للنكاح، وسكوت من بشر بولد ولم ينفه، وصلاة إمام خلف من أم بغير إذنه.
وإن رد الأول ولو بعد إجابته جاز للثاني أن يخطب، ويكره رد الأول بلا غرض صحيح، والتعويل في رد وإجابة على ولي مجبر، وهو الأب ووصيه إن كانت الزوجة حرة [بكرا وكذا سيد أمة](2) بكرا وثيبا فلا أثر لإجابة المجبرة؛ لأن وليها يملك تزويجها بغير اختيارها، لكن إن كرهت من أجابه وليها وعينت غيره سقط حكم إجابة [عليها دون](3) وليها لتقديم اختيارها عليه، وإلا تكن مجبرة كحرة ثيب عاقلة تم لها تسع سنين فالتعويل في رد وإجابة عليها دون وليها؛ لأنها أحق بنفسها، فإن خطب كافر كتابية لم تحرم خطبتها على مسلم نصا (4)؛ لأن الكافر ليس أخا للمسلم.
(وسن عقده) أي النكاح (يوم الجمعة مساء)؛ لأنه يوم شريف ويوم عيد والبركة في النكاح مطلوبة فاستحب له أشرف الأيام طلبا للبركة، والإمساء به أن يكون
(1) أخرجه الإمام أحمد برقم (6240) المسند 2/ 308، والبخاري، باب لا يخطب على خطبة أخيه. . .، كتاب النكاح، برقم (5142) صحيح البخاري 7/ 17، ومسلم، باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه. . .، كتاب النكاح، برقم (1412) صحيح مسلم 2/ 1032.
(2)
ما بين المعقوفين ليست في الأصل، ولا يستقيم الكلام بدونها، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 9.
(3)
ما بين المعقوفين يستقيم الكلام بدونها.
(4)
ينظر: الشرح الكبير والإنصاف 20/ 74 - 75، والمبدع 7/ 15، وكشاف القناع 5/ 19.
من آخر النهار، وروى أبو حفص العكبري مرفوعا:"أمسوا بالإملاك فإنه أعظم للبركة"(1)، ولأن في آخر يوم الجمعة ساعة الإجابة فاستحب العقد فيها لأنه أعظم للبركة وأحرى لإجابة الدعاء لهما، ويكون العقد (بعد خطبة) عبد اللَّه (ابن مسعود) رضي الله عنه، وهي ما رواه قال: "علمنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة: إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: ويقرأ ثلاث آيات فسرها سفيان الثوري (2){اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (3){وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (4){اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} الآية (5) رواه الترمذي وصححه (6)،
(1) لم أقف عليه مسندا، وأورده ابن قدامة في المغني 9/ 470، وينظر: إرواء الغليل 6/ 221.
(2)
سفيان: بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد اللَّه، الكوفي، الإمام، العلامة، ولد سنة 97 هـ، كان يقدم في الفقه والحديث وسائر فنون العلم، توفي بالبصرة سنة 126 هـ.
ينظر: تهذيب الكمال 11/ 154 - 169، وسير أعلام النبلاء 7/ 229 - 279، وطبقات الحفاظ ص 95 - 96.
(3)
سورة آل عمران من الآية (102).
(4)
سورة النساء من الآية (1).
(5)
سورة الأحزاب من الآية (70).
(6)
في باب ما جاء فى خطبة النكاح، كتاب النكاح برقم (1105)، الجامع الصحيح 3/ 413، وأبو داود، باب في خطبة النكاح، كتاب النكاح برقم (2118)، سنن أبي داود 2/ 238 - 239، والنسائي، باب ما يستحب من الكلام عند الخطبة، كتاب النكاح برقم =
وروي أن أحمد كان إذا حضر عقد نكاح ولم يخطب فيه بخطبة ابن مسعود قام وتركهم (1)، وهذا على طريق المبالغة في استحبابها لا على إيجابها، ويجزئ عن هذه الخطبة أن يتشهد ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما روي عن ابن عمر أنه كان إذا دعي ليزوج قال:"الحمد للَّه وصلى اللَّه على سيدنا محمد، إن فلانا يخطب إليكم، فإن أنكحتموه فالحمد للَّه، وإن رددتموه فسبحان اللَّه"(2) ولا يجب شيء من ذلك لما في المتفق عليه: "أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: زوجنيها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: زوجتكها بما معك من القرآن"(3)، وعن رجل من بني سليم (4) قال:"خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب (5) فأنكحني من غير أن يتشهد" رواه أبو
= (3277)، المجتبى 6/ 89، وابن ماجة، باب خطبة النكاح، كتاب النكاح برقم (1892)، سنن ابن ماجة 1/ 609، وأحمد برقم (3712) المسند 1/ 648، والدارمي، باب في خطبة النكاح، كتاب النكاح برقم (2202)، سنن الدارمي 2/ 191، والبيهقي، باب ما جاء في خطبة النكاح، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 146، والحديث حسنه الترمذي، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 221.
(1)
ينظر: المغني 9/ 466، وكتاب الفروع 5/ 160 - 161، والمبدع 7/ 17، والإنصاف 20/ 84.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 181، وصححه الألباني في الإرواء 6/ 221.
(3)
جزء من حديث سبق تخريجه ص 220.
(4)
هو: عباد بن شيبان الأنصاري، السلمي، أبو يحيى، له صحبة.
ينظر: أسد الغابة 3/ 153، وتهذيب الكمال 14/ 127، والإصابة 3/ 500.
(5)
نسبت إلى جد أبيها، واسمها: أمامة، أو أميمة بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب القرشية، وهي والدة أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، أسلمت وهاجرت، وأطعمها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعين وسقا من تمر خيبر.
ينظر: سير أعلام النبلاء 2/ 273 - 274، والإصابة 8/ 26، 31.
داود (1) ولا بأس بسعي الأب للأيم واختيار الأكفاء لعرض عمر حفصة على عثمان رضي الله عنهم (2).
ويسن أن يقال لمتزوج: بارك اللَّه لكما وعليكما وجمع بينكما في خير وعافية، لحديث أبي هريرة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ إنسانا تزوج قال: بارك اللَّه لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير وعافية" رواه الخمسة إلا النسائي (3)، وقال صلى الله عليه وسلم
(1) في: باب في خطبة النكاح، كتاب النكاح برقم (2120) سنن أبي داود 2/ 239، والبيهقي، باب من لم يزد على عقد النكاح، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 147، وضعفه الألباني في الإرواء 6/ 222.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب المغازي برقم (4005)، صحيح البخاري 5/ 70 - 71، والنسائي، باب عرض الرجل ابنته على من يرضى، كتاب النكاح برقم (3248)، المجتبى 6/ 77 - 78، وأحمد برقم (4792) المسند 2/ 106.
(3)
أخرجه أبو داود، باب ما يقال للمتزوج، كتاب النكاح برقم (2130)، سنن أبي داود 2/ 241، والترمذي، باب ما جاء فيما يقال للمتزوج، كتاب النكاح برقم (1091)، الجامع الصحيح 3/ 400، وابن ماجة، باب تهنئة النكاح، كتاب النكاح برقم (1905)، سنن ابن ماجة 1/ 614، وأحمد برقم (8734) المسند 3/ 81، والدارمي، باب إذا تزوج الرجل ما يقال له، كتاب النكاح برقم (2174)، سنن الدارمي 2/ 180، وابن حبان، باب ذكر ما يقال للمتزوج إذا تزوج. . .، كتاب النكاح برقم (4052)، الإحسان 9/ 359، والحاكم، باب الدعاء في حق الزوجين عند النكاح، كتاب النكاح، المستدرك 2/ 183، والبيهقي، باب ما يقال للمتزوج، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 148، وجميعهم بدون قوله:"وعافية" والحديث قال الترمذي: "حسن صحيح"، وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 400.
لعبد الرحمن بن عوف: "بارك اللَّه لك، أولم ولو بشاة"(1)، فإذا زفت الزوجة إليه قال ندبا: اللهم إني أسالك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا:"إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: اللهم إني أسالك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا أخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك" رواه أبو داود (2).
(1) من حديث أنس رضي الله عنه: أخرجه البخاري، باب كيف يدعى للمتزوج، كتاب النكاح، برقم (5155)، صحيح البخاري 7/ 19، ومسلم، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن. . .، كتاب النكاح، برقم (1427)، صحيح مسلم 2/ 1042.
(2)
في باب في جامع النكاح، كتاب النكاح، برقم (2160)، سنن أبي داود 2/ 248، وابن ماجة، باب ما يقول الرجل إذا دخلت عليه أهله، كتاب النكاح، برقم (1918)، سنن ابن ماجة 1/ 617، والبيهقي، باب ما يقول إذا نكح امرأة ودخل عليها، كتاب النكاح، السنن الكبرى 7/ 148، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 406.