الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الرابع في المشترك
وهو ما التقطناه من مشترك المفصل، ويشتمل على فصول:
الفصل الأول في الإمالة
(1)
ويشترك فيها الاسم والفعل، وهي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة (2) ليتجانس الصوت كما أشربت الصّاد صوت الزاي في نحو: المصدر، لتحصل الموافقة بين الصاد والدال، لأنّ جري اللسان في طريق واحد أخفّ من جريه في طرق مختلفة وليست الإمالة أمرا لا يخرج عنه، فإنه قد يميل أحدهم ما ينصبه الآخر، وعلى هذا جاء القرآن العزيز، والإمالة هي لغة بني تميم ومن جاورهم (3) وهي ضدّ التفخيم الذي هو لغة أهل الحجاز (4)، واعلم أنّ الألف اللينة صوت لا معتمد له في الفم فلا يكون إلّا تابعا للحركة التي قبله فإذا أردت إمالة الألف نحو الياء قرّبت الفتحة التي قبله من الكسرة فحينئذ تميل الألف.
وأسباب الإمالة سبعة: (5)
(1) المفصل، 335 وفيه: وهي أن تنحو بالألف نحو الكسرة.
(2)
في إيضاح المفصل، 2/ 291 وقد عبر غيره بأن تنحو بالفتحة نحو الكسرة، وقال قوم: بالألف نحو الياء، وقال قوم: بالفتحة والألف نحو
الكسرة والياء والجميع خير من عبارته.
(3)
كأسد وقيس، شرح المفصل، 9/ 54.
(4)
قال سيبويه بعد أن ذكر أسباب الإمالة، 4/ 118 وجميع هذا لا يميله أهل الحجاز، وفي مناهج الكافية للشيخ زكريا الأنصاري، 2/ 164 وليست الإمالة دأب جميع العرب فإن الحجازيين لا يميلون، وأحرص الناس عليها بنو تميم».
(5)
المفصل، 335.
أحدها: أن يقع بقرب الألف كسرة ككسرة عين عماد ولام عالم يستوي في ذلك التأخر والتقدّم، وإنّما تؤثّر الكسرة قبل الألف إذا تقدمته، إمّا بحرف ككسرة عين عماد، أو بحرفين أولهما ساكن ككسرة شين شملال، فإن تقدمت الكسرة الألف إما بحرفين متحركين نحو قولك: أكلت عنبا أو بثلاثة أحرف نحو: فتلت قنّبا لم تمنع الإمالة، وأمّا قولهم: يريد أن ينزعها ويضربها وهؤلاء عندها، وله درهمان بإمالة الألف لكسرة الزاي في ينزعها وراء يضربها وعين عندها، ودال درهمان، فشاذ، والذي سوغه أنّ الهاء خفية فهي كالمعدومة فلم تعدّ حاجزا (1).
واعلم أنّ الألف تمال مع الفتحة في نحو: يريد أن يضربها، ولا تمال مع الضمة في قولك: هو يضربها، لأنّ الضمة من الواو، والواو الساكنة لا إمالة معها، والفتحة أقرب إلى الكسرة من الواو، فلذلك أميلت مع الفتحة ولم تمل مع الضمة.
ثانيها: أن تقع بقرب الألف ياء وتقدمت الياء نحو: سيال وشيبان (2) وأميلت فيهما الألف من أجل الياء، لأنّ الألف تطلب فتح الفم والياء تطلب خلاف ذلك، فأميلت الألف ليجري اللسان على/ طريقة واحدة والسيال: ضرب من الشجر (3).
ثالثها: أن تكون الألف منقلبة عن واو مكسورة نحو ألف: خاف فإنّها ممالة واختلف في سبب (4) إمالتها، والأولى أن يقال: إنّها للكسرة التي كانت في عين الفعل إذا أصل خاف خوف (5).
رابعها: أن تكون الألف منقلبة عن ياء نحو: ألف هاب لأنّه من الهيبة وألف ناب لأن جمعه أنياب، فالإمالة هنا لتدلّ على أنّ أصل الألف الياء وليست للمشاكلة كما تقدّم إذ لا ياء ها هنا في اللفظ ولا كسرة (6).
(1) شرح المفصل، 9/ 57 وانظر شرح الشافية للجاربردي مع حاشية ابن جماعة، 1/ 239.
(2)
الكتاب، 4/ 122.
(3)
له شوك، اللسان، سيل.
(4)
غير واضحة في الأصل.
(5)
الكتاب، 4/ 120 - 121 وشرح المفصل، 9/ 58 وشرح الشافية، 3/ 10 وشرح الأشموني، 4/ 224.
(6)
في حاشية ابن جماعة، 1/ 241 والإمالة - فيهما - أي في نحو: خاف وهاب نقلت عن بعض أهل الحجاز وفاقا لبني تميم، وعامتهم يفرقون بين ذوات الواو نحو: خاف فلا يميلون، وذوات الياء نحو: طاب فيميلون.
خامسها: أن تكون الألف صائرة ياء في موضع نحو ألف دعا فإنّها تصير ياء في: دعي ونحو ألف: مغزى من الغزو فإنّها تصير ياء في التثنية، لأنّ ما كان على أكثر من ثلاثة أحرف، رجع إلى الياء وإن كان من الواو، ونحو ألف حبلى وأخرى وموسى، فإنّها وإن لم يكن لها أصل في الياء لكنّها تصير ياء في التثنية والجمع كقولك حبليان وحبليات فأشبهت الألف التي لها أصل فأميلت (1).
سادسها: الإمالة لأجل الإمالة وهو سبب ليس بقويّ (2) نحو: رأيت عمادا في الوقف بإمالة الألف المبدلة من التنوين، لأجل إمالة الألف التي قبل الدال الممالة لأجل كسرة العين.
سابعها: الإمالة للتشاكل كإمالة ضُحاها (3) لتشاكل جَلَّاها (4) وهو ليس بكثير الوقوع وإن كان قويا، وقد أجروا في الإمالة الألف المنفصلة مجرى المتصلة (5) والكسرة العارضة مجرى الأصليّة، والمراد بالمنفصلة الألف المبدلة من التنوين، وبالمتصلة ألف التأنيث، والألف في نحو: عيلان (6) فقالوا: رأيت زيدا كما قالوا:
رأيت حبلى، ومررت بغيلان بالإمالة، لأنّ كلّ واحد من الألفين المذكورتين زيادة زيدت على الكلمة لمعنى، وليست منقلبة عن واو ولا ياء، والمراد بالكسرة العارضة كسرة نحو اللام في قولك: أخذت من ماله، فهي عارضة لأنّها حركة إعراب تتغيّر ولا تلزم فأشبهت الأصلية في نحو: عالم وكافر.
واعلم أنّ الألف إذا وقعت آخر الكلمة (7) فإن كانت في فعل أميلت نحو: غزا وإن كانت في اسم ولم يعرف انقلابها عن الياء لم تمل ثالثة وتمال رابعة فلا يمال ألف قفا وعصا ونحوهما لأنّ الأسماء لم تنتقل من حال إلى أخرى، ولم تتصرف بخلاف
(1) الكتاب، 4/ 120 - 123.
(2)
إيضاح المفصل، 2/ 296 وشرح المفصل، 9/ 58 وشرح الشافية، 3/ 13 وشرح التصريح، 2/ 348.
(3)
الشمس، الآية 1 ونصها: وَالشَّمْسِ وَضُحاها.
(4)
الشمس، الآية 3 ونصها: وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها، وقد أمالها الكسائي ووافقه حمزة فيها، الكشف، 1/ 190 وإبراز المعاني، 226.
(5)
المفصل، 336.
(6)
في الكتاب، 4/ 122 وقالوا شيبان وقيس عيلان وغيلان فأمالوا للياء.
(7)
المفصل، 336.
الأفعال، فإن ألفها من الواو ترجع إلى الياء في بعض الأحوال مثل اغزي وغزي، فرجعت إلى الياء.
والألف المتوسطة أعني التي هي عين الفعل إن كانت منقلبة عن ياء أميلت سواء كانت في اسم كناب أو في فعل ك «باع» ، وإن كانت منقلبة عن واو فلا تمال إلّا إذا كانت في فعل وكان يقال فيه فعل بكسر العين نحو: خاف، وقد خرج مما قلناه ما كان من الأسماء من ذوات الواو نحو: باب، وخرج أيضا من الأفعال ما كان من ذوات الواو مما لا يقال فيه فعلت نحو: قال.
ويمنع الإمالة سبعة أحرف (1) إذا وليت الألف سواء كانت قبل الألف أو بعدها وهي: الصاد كصاعد وعاصم/ والضاد كضامن وعاضد والطاء كطائف وعاطس والظاء كظالم وعاظل (2) والغين كغائب وواغل والخاء كخامد وناخل والقاف كقاعد وناقف، وهذه الحروف السبعة تسمّى المستعلية لأنّ اللسان يطلب العلوّ في النطق بها إلى الحنك الأعلى، ولما كانت كذلك، وكانت الألف أيضا تستعلي، والإمالة انخفاض فيتنافيان، فكره الجمع بين هذين الأمرين من الاستعلاء والانخفاض فامتنعت الإمالة ليكون العمل في وجه واحد، لأنّه أخفّ فلم تمل (3) واستثني باب رمى وباع، فإن الحرف المستعلى لا يمنع الإمالة في هذين البابين وكذلك طاب وخاف، فإنه يمال مع وجود حروف الاستعلاء لأنّ سبب الإمالة قوي، لأنّ الالف نفسها ياء أو عليها كسرة بخلاف ما لا يمال، فإنّ السبب إما قبل الألف أو بعدها، وكما منعت هذه الحروف الإمالة إذا وليت الألف قبلها وبعدها فكذلك تمنع الإمالة إذا وقعت بعد الألف بحرف أو حرفين على الأكثر كناشص (4) ومقاريض (5) وعارض ومعاريض (6) وناشط ومناشيط (7)
(1) المفصل، 336، 337.
(2)
الكتاب، 4/ 128.
(3)
شرح المفصل، 9/ 59، 60 ومناهج الكافية، 2/ 170.
(4)
المرتفع، اللسان، نشص.
(5)
جمع مقراض لما يقطع به، اللسان، قرض.
(6)
التورية بالشيء من الشيء اللسان، عرض، وشرح المفصل، 9/ 59.
(7)
جمع منشوط من نشط العقدة إذا ربطها ربطا يسهل انحلالها، ويجوز أن تكون جمع منشاط للرجل يكثر -
باهظ ومواعيظ (1) وبالغ ومباليغ (2) ونافخ ومنافيخ (3) ونافق ومغاليق (4) وأمّا إذا كانت هذه الحروف قبل الألف بحرف، وهي مكسورة أو ساكنة بعد مكسور أو كانت قبل [الألف] (5) بحرفين أو أكثر لم يمنع عند الأكثر نحو: صعاب ومصباح وضعاف ومضحاك وطلاب ومطعام وظماء وإظلام وغلاب ومفتاح وخباث وإخباث وقفاف ومقلات (6)، وإنّما منعت متأخرّة لثقل الاستعلاء بعد الاستفال ولم تمنع متقدمة (7) لأنّ الاستعلاء قبل الاستفال أخفّ من الاستعلاء بعد الاستفال، وأمّا من سوّى بينهما وهو الذي ليس بالأكثر فلا إشكال عليه (8).
وإذا كانت الراء مفتوحة أو مضمومة وجاورت الألف قبلها أو بعدها منعت الإمالة منع المستعلية (9) كهذا راشد وحمارك ورأيت حمارك لأنّ الراء لما فيها من شبه المضاعفة تكون فتحتها كفتحتين وضمّتها كضمّتين فلا يقوى سبب الإمالة عليها، فأمّا إن كانت الراء مكسورة كانت كسرتها ككسرتين فيقوى سبب الإمالة نحو: وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ (10) ومررت بطارد فتميلها، والراء المكسورة بعد الألف إذا وليت الألف تغلب الراء غير المكسورة كما غلبت الراء المكسورة المستعلية كقولك: من قرارك بالإمالة فإن تباعدت الراء المكسورة لم تؤثر أي لم توجب الإمالة عند أكثرهم
- نشاطه. اللسان، نشط وشرح المفصل، 9/ 59.
(1)
جمع موعوظ من الوعظ الذي هو النصح اللسان وعظ، وشرح المفصل، 9/ 60.
(2)
جمع مبلوغ من قولهم قد بلغت المكان إذا وصلت إليه اللسان، بلغ وشرح المفصل، 9/ 60.
(3)
جمع منفاخ، وهو ما ننفخ به في النار وغيرها، اللسان، نفخ.
(4)
كذا في الأصل، وفي المفصل، 336 ومعاليق، وكذا في الكتاب، 4/ 130 وفي الهامش ذكر المحقق أنها في ب ومغاليق. ومعاليق جمع معلاق كما أن مغاليق جمع مغلاق قال في اللسان، علق: وفرق ما بين المعلاق والمغلاق أن المغلاق يفتح بالمفتاح، والمعلاق يعلّق به الباب ثم يدفع المعلاق من غير مفتاح.
(5)
زيادة يستقيم بها الكلام.
(6)
الكتاب، 4/ 130، وشرح المفصل، 9/ 60.
(7)
غير واضحة في الأصل.
(8)
شرح المفصل، 9/ 60 وشرح الشافية للجاربردي، 1/ 243.
(9)
المفصل، 337.
(10)
من الآية 259 من سورة البقرة، في الأصل فانظر، وقد قرأ بالإمالة فيها الكسائي وأبو عمرو انظر إبراز المعاني، 233 والإتحاف، 83.