الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورداء حيث لم يعتدّوا بالألف حاجزا لكونها زائدة للمدّ، فقدّرت واو كساو، كأنّها قد وليت فتحة السين، فقلبوها ألفا ثم همزة حسبما تقدّم في موضعه (1) إجراء لكساء مجرى عصا حيث قلبوا الواو في كساو ألفا ثم همزة للفتحة التي قبل الألف كما قلبوها بعد الفتحة في عصا وهذا الصنيع مستمر في عتوّ وبابه، أعني فيما كان جمعا فإنّ الواو تقلب فيه ياء على الوجه المذكور قياسا مطرّدا إلّا ما شذّ من قولهم: إنّك لتنظر في نحوّ كثيرة (2) وأمّا ما ليس بجمع بل مفرد نحو مصدر عتا عتوا وجثا جثوّا وكذلك مغزّو فالوجه إبقاء الواو صحيحة لخفّة المفرد قال الله تعالى: وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (3) مع جواز القلب أيضا فيه كقولهم: عتيّ ومغزيّ (4) قال الشّاعر: (5)
وقد علمت عرسي مليكة أنني
…
أنا الّليث معديّا عليه وعاديا
يروى معدّيا ومعدوّا، وقالوا: أرض مسنيّة (6) والقياس مسنوّة، لأنّه من سنوتها إذا سقيتها بالسّانية (7) / وقالوا: مرضيّ والقياس مرضوّ لأنّه من الرضوان وقد جاء مرضوّ على القياس أيضا قال سيبويه: (8) والوجه فيما كان واحدا صحّة الواو مع أنّ قلبها عربيّ أيضا تشبيها له بالجمع والوجه فيما كان جمعا قلب الواو ياء ليس إلّا، إلّا ما جاء شاذّا حسبما تقدّم.
ذكر حكم الواو والياء طرفا بعد ألف
(9)
ما يقع طرفا من واو أو ياء بعد ألف فلا تخلو تلك الألف من أن تكون زائدة أو
(1) في 2/ 219.
(2)
الكتاب، 4/ 384 قال: وهذا قليل.
(3)
من الآية 21 من سورة الفرقان.
(4)
في الكتاب، 4/ 385: وهي لغة جيدة.
(5)
البيت لعبد يغوث بن وقاص ورد منسوبا له في المفضليات، 158 والكتاب، 4/ 385 وشرح الشواهد، 4/ 326 وشرح شواهد الشافية، 4/ 400 وورد من غير نسبة في المنصف، 2/ 122 والمحتسب، 2/ 207 وشرح المفصل، 10/ 110، ومناهج الكافية، 2/ 215 وشرح الأشموني، 4/ 326.
(6)
المفصل، 390.
(7)
هي الغرب وأداته، وما يسقى عليه الزرع والحيوان من بعير وغيره، اللسان، سنو.
(8)
الكتاب، 4/ 384 - 385.
(9)
المفصل، 390.
أصلية، فإن كانت زائدة قلبتا بعدها همزة كما تقدّم في كساء ورداء وإنّما اشترط في القلب أن تكون الألف زائدة غير أصلية إمّا لأنّ تقدير الزائد كالمعدوم أقرب من تقدير الأصلي كالمعدوم، فيصير حرف العلّة كأنه قد ولي الفتحة فيعامل في القلب والإعلال معاملة عصا ورحى كما تقدّم في كساء أو لأنّ الزائد تكثر به حروف الكلمة فتستثقل والواو مستثقلة فخففّت بالقلب مع الحروف الكثيرة وحملت الياء عليها، ولم تقلب مع الأصلي؛ لأنّه لا تكثر به الحروف ولذلك قالوا: غزوت وأغزيت فبقّوها واوا مع قلّة الحروف وقلبوها ياء مع الحروف الكثيرة، وإن كانت الألف أصلية لم تقلبا بعدها نحو الألف في: واو وزاي وثاية، أمّا ألف واو وزاي، فإن أريد بهما أنهما حرفا هجاء لم يحكم على ألفهما بواو أو ياء، لأنّ ذلك تصريف ولا يكون في الحروف (1) وإن أريد بهما أنّهما اسمان في نحو قولك: هذه واو أو زاي حسنة، جرى فيهما حكم الأسماء فيحكم على الألف حينئذ أنّها منقلبة، وألف واو في حالة كونها اسما منقلبة عند الأخفش عن واو، قال: لأنّه لم تسمع فيها الإمالة فتكون الواو عنده من ثلاث واوات، وكذلك ألف زاي منقلبة عن واو لقولهم: زويت فالألف الأصلية حينئذ تكون غير منقلبة كما في الحروف، وتكون
منقلبة كما في الأسماء وعلى كلا التقديرين لا يقلب ما بعدها؛ لأمرين:
أحدهما: استبعاد تقدير الأصلي معدوما كما قدّر الزائد معدوما حتّى صار حرف العلّة كأنه قد ولي فتحة ما قبل الألف الزائدة كما تقدّم.
وثانيهما: لكون الألف الأصلية في الأسماء لا تكون إلّا منقلبة فإذا أخذت تقلب ما بعدها، واليت ما بين إعلالين وذلك إجحاف، فلهذه العلّة لم تقلب الياء في ثاية وشبهها من نحو: غاية وراية وآية، همزة لأنّ ألف ثاية وبابها هي عين الفعل وهي منقلبة، فلو قلبوا اللّام بعدها لوالوا بين إعلالين، والثاية حجارة يجعلها الراعي حول الغنم وألفها منقلبة عن واو لقولهم: ثويت وجاء إعلال ألف ثاية وشبهها على خلاف القياس، لأنّ القياس يقتضي تصحيح العين وإعلال الّلام، فأعلت العين في ذلك/ وصحّت الّلام (2).
(1) الكتاب، 4/ 401 والمنصف، 1/ 152 وإيضاح المفصل، 2/ 465.
(2)
شرح المفصل، 10/ 111.