الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمالوا: هذا كافر ولم يميلوا مررت بقادر، لأنّ الراء لمّا تباعدت لم تغلب حرف الاستعلاء لكنّ بعضهم خالف ففخم نحو: كافر وأمال نحو: بقادر (1)، وشذ إمالة الحجاج والناس، لأنهما في حالة الرفع والنصب ليس فيهما كسرة ولا ياء ولا شيء من أسباب الإمالة (2) وقد أميلت الفتحة قبل الرّاء المكسورة من أجلها لتشبه الفتحة الكسرة نحو/ من الضّرر ومن الكبر والمحاذر (3) بإمالة الذال دون الألف لأنّ كسرة الراء لم تقو على إمالة الألف مع الذال، لأنّ الألف قبلها فتحة، والحرف الذي بعدها وهو الذال مفتوح أيضا (4) والحروف لا تمال نحو: حتّى وعلى وأمّا، وإلّا (5)، إلّا إذا سمّي بها، وقد أميلت «بلى» لشبهها بالاسم لكونها على ثلاثة أحرف، وأميلت «لا» في «إمّا لا» لإغنائها عن الجمل لأنّها قد تقع جوابا ويكتفى بها وكذلك «يا» في النداء أميلت لأنّها نائبة عن الفعل، والأسماء المبنيّة (6) يمال منها ما يستقلّ بنفسه، نحو: ذا ومتى، وأنّى، ولا يمال ما ليس بمستقلّ نحو «ما» الاستفهامية أو الموصوفة أو الشرطية ونحو: إذا، وأمّا «عسى» فإمالتها جيّدة (7).
الفصل الثاني في الوقف
(8)
وهو قطع الكلمة عمّا بعدها لفظا أو تقديرا، ويشترك فيه الاسم والفعل والحرف، وفي الوقف على ما هو متحرك في الوصل لغات:
منها: الإسكان الصريح في كلّ حال كقولك: هذا بكر ورأيت بكر ومررت ببكر
(1) الكتاب، 4/ 138 وفي الشافية، 530 «وبعضهم يعكس وقيل هو الأكثر» وانظر مناهج الكافية، 2/ 170.
(2)
الكتاب، 4/ 127 - 128 والمقتضب، 3/ 51 وشرح المفصل، 9/ 63.
(3)
المفصل، 337.
(4)
شرح المفصل، 9/ 65.
(5)
في الكتاب، 4/ 135 «ومما لا يميلون ألفه حتّى وأمّا وإلّا» وانظر المفصل، 337 - 338 وشرح الشافية للجاربردي، 1/ 247.
(6)
غير واضحة في الأصل.
(7)
في المقتضب، 3/ 53 فأما عسى فإمالتها جيدة لأنها فعل وألفها منقلبة عن ياء تقول عسيت كما تقول رمى، رميت» وفي المفصل، 338 قال المبرد: وإمالة عسى جيدة.
(8)
المفصل، 338، وشرح الشافية، 520.
لأنه لمّا وجب الابتداء بالمتحرك اختير الوقف بالسكون ليخالف الانتهاء الابتداء، وإن اجتمع ساكنان فإنه يجوز في الوقف الجمع بين ساكنين لأنّ الوقف يوفّر على الحرف الموقوف عليه الصوت فيجري ذلك له مجرى تحريكه كما جرى المدّ مجرى الحركة، وليس كذلك الوصل ألا ترى أنّك إذا قلت: بكر في حال الوقف وجدت في الراء من التكرير وزيادة الصوت ما لا تجده في حال الوصل (1).
ومنها: الإشمام وهو ضمّ الشفتين بعد الإسكان على صورتهما إذا لفظت بالضمّة، فذلك (2) هو الدلالة على الأشمام، والغرض الفرق بين ما هو متحرك في الوصل - وإنّما سكّن في الوقف - وبين ما هو ساكن في كلّ حال، ويختصّ الإشمام بالمرفوع والمضموم (3) لأنّه هو الذي يمكن فيه أن يجعل العضو على صورة الضمّة، دون المنصوب والمجرور.
ومنها: الرّوم وهو أن تروم التحريك (4) والغرض به هو الغرض بالإشمام إلّا أنه أتمّ في البيان، والقرّاء لا يرومون حركة المنصوب لخفّة النطق بها، ولا المنصوب المنوّن للوقوف عليه بالألف ولكن يرومون ما سواهما (5) وإذا رمت الحركة فهي موجودة فلم تحتج (6) إلى دليل عليها.
ومنها: التضعيف، وهو تشديد الحرف الذي تقف عليه نحو: يا فرجّ بتشديد الجيم والغرض به الإعلام بأنّ هذا الحرف متحرك في الوصل، ويختصّ التضعيف بكلّ كلمة آخرها حرف صحيح قبله متحرك، فإن كان قبله ساكن لم يصحّ التضعيف، لاستلزامه الجمع بين ثلاثة سواكن، وكذا إن كان آخره همزة لم يضعّف وكذا حرف العلّة لا يضعّف لثقلهما (7) وكذا المنصوب المنوّن لا يضعّف للوقوف عليه بالألف،
(1) شرح المفصل، 9/ 71 والنقل منه.
(2)
غير واضحة في الأصل.
(3)
الإتحاف، 101 وانظر شرح الجاربردي، 1/ 170.
(4)
في شرح المفصل، 9/ 67 وأما الروم فصوت ضعيف كأنك تروم الحركة ولا تتمها وتختلسها اختلاسا وذلك مما يدركه الأعمى والبصير،
لأن فيه صوتا يكاد الحرف يكون متحركا.
(5)
الإتحاف، 100 - 101 وشرح التصريح، 2/ 341.
(6)
في الأصل يحتج.
(7)
شرح المفصل، 9/ 67 وشرح الشافية للجاربردي، 2/ 182 وشرح التصريح، 2/ 342.
فأمّا ما لا ينون فيضعّف نحو: رأيت أحمدّ، فحينئذ قد اشترك في التضعيف المرفوع والمجرور والمنصوب غير المنون/ وقد جعلوا لهذه الأربعة علامات فعلامة الإسكان الخاء، والإشمام نقطة، والروم خطّ بين يدي الحرف، والتضعيف الشين (1).
ومنها: أن تقف على المنصوب المنوّن حال النصب بالألف وفي الرفع والجرّ بالإسكان.
ومنها: الوقف على المرفوع بالواو، والمنصوب بالألف، والمجرور بياء سواء فيه المنون وغيره تقول: رأيت أحمدا ومررت بأحمدي وجاءني أحمدو (2).
ومنها: تحويل ضمّة الحرف الموقوف عليه وكسرته على السّاكن قبله دون الفتحة في غير الهمزة كما سيأتي حكمها، فتقول: هذا بكر ومررت ببكر ورأيت بكرا، فتبدل من التنوين في حال النصب ألفا، ويشترط لهذه اللغة أن يكون ما قبل الآخر ساكنا صحيحا كسكون كاف بكر، وأن لا تخرج الكلمة بالتحويل إلى ما لا نظير له فلا يقال: هذا عدل لعدم فعل بكسر فاء الفعل، وضمّ عينه ولا مررت بقفل لعدم فعل أعني ضمّ الفاء وكسر العين، وأجازه الأخفش متمسكا بدئل اسم قبيلة (3)، ويشترط أيضا أن لا يكون مثل: ثوب وزيد، فلا يقال: ثوب وزيد لثقل الضمّ والكسر على الواو والياء، ويشترط أيضا أن تكون الحركة حركة إعراب غالبا فلا يقال: من قبل ومن بعد، لأنّ الحرص إنّما هو على معرفة حركة الإعراب لا على حركة البناء، ويجري ذلك في المعرّف باللّام أيضا فتقول: هذا البكر ومررت بالبكر، قال الشّاعر:(4)
قد نصر الله وسعد في القصر
(1) قال في الكتاب، 4/ 169 ولهذا علامات، فللإشمام نقطة، وللذي أجري مجرى الجزم والإسكان الخاء، ولروم الحركة خط بين يدي الحرف وللتضعيف الشين وانظر شرح المفصل، 9/ 68 وشرح التصريح، 2/ 240.
(2)
عند المازني أنها لغة قوم من أهل يمن وليسوا فصحاء. حاشية ابن جماعة. 1/ 171.
(3)
شرح الأشموني، 4/ 204.
(4)
لم أهتد إلى قائله.
وقال: (1)
أنا جرير كنيتي أبو عمر
…
أضرب بالسيف وسعد في القصر
أراد أبو عمرو: فحوّل كسرة الراء إلى الميم، وكذلك حوّل كسرة راء القصر إلى الصاد، وأما في حال النّصب فلا تحوّل، لأنّ أصله أن يظهر إعرابه في الوقف إذا كان منونا، ولكن لمّا زال التنوين للّام كان التنوين كأنّه موجود فيه فتقول على هذه اللغة: رأيت البكر بفتح الراء كأنك قلت: رأيت بكرا وقد حوّلت الحركة في نحو: لم أضربه وهند ضربته (2) وكان ينبغي أن لا تحوّل لأنّ حركة الهاء فيها ليست بحركة إعراب، ولكن لما سكنت الهاء خفيت وزادها خفاء الساكن قبلها، فلذلك حولت حركتها إلى ما قبلها قال زياد الأعجم:(3)
عجبت والدّهر كثير عجبه
…
من عنزيّ سبّني لم أضربه
كان لم أضربه (4) فسكّن الهاء وحوّل حركتها إلى الساكن الذي قبلها وهو الباء صار: لم أضربه.
فأمّا ما آخره همزة (5) إذا وقفت عليها في هذه اللغة فتحوّل حركاتها الثلاث الضمّة والكسرة والفتحة أيضا إلى ما قبلها وذلك لخفاء الهمزة والحرص على بيانها فتقول في الخبء بالهمز وسكون الباء: هذا الخبؤ ورأيت الخبأ ومررت بالخبئ بتسكين الهمزة وتحريك الباء بالضّمّ/ والفتح والكسر، وكذلك تقول في البطء بسكون الطاء: هذا البطؤ ورأيت البطأ ومررت بالبطئ فتسكن الهمزة وتحرك الطاء
(1) لم أهتد إلى قائله. ورد من غير نسبة في الإنصاف، 2/ 733 وبعده:
أجبنا وغيرة خلف السّتر
(2)
المفصل، 338 وانظر الكتاب، 4/ 179.
(3)
هو زياد بن سليم العبدي كان رجلا هجّاء قليل المدح للملوك وكانت فيه لكنة فلذلك قيل له الأعجم. انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء. 2/ 691 - 693 والشعر والشعراء، 1/ 343 وقد ورد البيت منسوبا له في الكتاب، 4/ 179 - 180 وشرح المفصل، 9/ 70 - 71 ولسان العرب، ابن منظور مادة لم، برواية:
يا عجبا والدّهر جمّ عجبه
وورد من غير نسبة في شرح الشافية، 2/ 322 وهمع الهوامع، 2/ 208 وشرح الأشموني، على الألفية، 4/ 210.
(4)
في الأصل: لم أضربهو.
(5)
المفصل: 339.