الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَبَإٍ (1) بإسكان الهمزة في الوصل، إجراء للوصل مجرى الوقف (2) وكذلك قول الشاعر:(3)
لقد خشيت أن أرى جدبّا
…
في عامنا ذا بعد ما ما أخصبّا
فإنّ التشديد إنّما يكون/ في الوقف نحو ما تقدّم في الوقف بالتضعيف من يا فرج واحمرّ فشدّد الشاعر أخصبّا في الوصل تشبيها بالوقف فإنه يقال في الوقف أخصبّ بغير ألف الوصل، فجمع في أخصبّا بين الحركة والتشديد، وشرط أحدهما انتفاء الآخر، فأجري المشدّد في الوقف مجرى غير المشدّد في الوصل (4)، وحكى سيبويه أنهم يقولون في العدد: ثلاثة اربعة إجراء للوصل مجرى الوقف (5).
ذكر الوقف على الكلم غير المتمكّنة
(6)
تقول في الوقف عليها: أنا، وأنه، إمّا بالألف أو بهاء السّكت (7) لأنّك لو سكّنت النون وقلت: أن بمعنى أنا أشبه أن التي هي حرف، فجيء بالألف أو بهاء السكت للفرق بينهما (8) وتقول: هو وهي بإسكان الواو والياء، وهوه وهيه بتحريكهما وإلحاق هاء السكت، أمّا سكونهما فلأنّ حكم ما يوقف عليه السكون،
(1) من الآية 22 من سورة النمل.
(2)
قرأ قنبل بسكون الهمزة كأنه نوى الوقف وأجرى الوصل مجراه، والباقون بالكسر والتنوين فهو مصروف لإرادة الحي، الإتحاف، 335، 336، وانظر السبعة لابن مجاهد، 480 والكشف، 2/ 155.
(3)
الرجز اختلف حول قائله فقد نسبه سيبويه، 4/ 170 لرؤبة، وقد ورد في ملحقات ديوانه، 3/ 169 ونسبه ابن يسعون كما ذكر البغدادي في شرح شواهد الشافية، 4/ 254 لربيعة بن صبيح، وقد ورد منسوبا له في شرح الشواهد، 4/ 219 ونسبه الرضى في شرح الشافية، 2/ 319 لرؤبة وسجل الخلاف حوله الأزهري في شرح التصريح، 2/ 346 وورد الرجز من غير نسبة في شرح المفصل، 9/ 69 وشرح الأشموني، 4/ 219.
(4)
في الأصل التوصل.
(5)
في الكتاب، 3/ 265 وزعم من يوثق به، أنه سمع من العرب من يقول: ثلاثه اربعه طرح همزة اربعه على الهاء ففتحها وفي إيضاح المفصل، 2/ 315 ولا يختص بحال الضرورة تقول: ثلاثه اربعه.
(6)
المفصل، 343.
(7)
في إيضاح المفصل، 2/ 317 أنها اللغة الفصيحة وقال الجاربردي، 1/ 177 ويجوز أن يكون الهاء بدلا من الألف لقرب مخرجها.
(8)
هذا تعليل من تعليليين ذكرهما ابن الحاجب في الإيضاح، 2/ 317.
وأمّا إلحاق هاء السكت فلأنّ الواو والياء في هو وهي متحركتان في الوصل فجيء بالهاء في الوقف لبيان حركتهما (1) وتقول: ها هنا وها هناه، وهؤلاء وهؤلاه، إذا قصرا أعني إذا قصر هؤلاء وهؤلاه، والهاء لبيان الألف لأنها خفية، ولا يجوز أن تأتي بهذه الهاء في الأسماء المتمكنة التي آخرها ألف فلا تقول: أفعاه كما قلت: هؤلاه، لئلا تلتبس بالإضافة وتقول: أكرمتك وأكرمتكه بإلحاق هاء السكت لبيان الحركة (2) وتقول: غلامي بالإسكان وغلاميه بإلحاق الهاء، أمّا السكون فعلى الأصل، وأما إلحاق الهاء فلبيان حركة ياء المتكلّم في الوصل، لأنّ ياء المتكلّم مفتوحة على المختار (3) وتقول: ضربني بإثبات الياء ساكنة، وضربنيه بإلحاق الهاء وضربن بالحذف وسكون النون، أما ثبوت الياء ساكنة فعلى الأصل في الوقف، وأما إلحاق الهاء فلبيان حركة ياء المتكلّم، وأما الحذف وسكون النون، فلأنّ الوقف من شأنه حذف الحركة وقرأ أبو عمرو (4) أكرمن وأهانن (5) قال الأعشى:(6)
ومن شانئ كاسف وجهه
…
إذا ما انتسبت له أنكرن
وتقول: ضربكم وضربهم وعليهم وبهم بإسكان الميم في الوقف، لأنّ من شأن الوقف أن يحذف الحركة وما يجري مجراها من حروف المدّ واللين، لما بينهما من المجانسة والمناسبة فيحذف حرف المدّ الذي هو الواو في ضربهمو وما أشبهه في الوقف، لأنه كالحركة ومنه قولك: أخذت منه وضربه بإسكان الهاء في الوقف، ومثل هذا لا يكون في الوصل إلا موصولا أي متحرك الهاء، وتقول في الوصل: هذي أمة الله فإذا وقفت قلت: هذه، لأنّ الوقف لمّا كان مسلّطا على حذف الحركة وما جانسها من الياء والواو حذفت له الياء من هذي فبقي الاسم على حرف واحد فوجب إلحاق الهاء للعوض فقالوا: هذه، وأمّا قولهم: هذ هي، فهو لأنّهم أجروا
(1) شرح المفصل، 9/ 84.
(2)
المفصل، 343.
(3)
حاشية ابن جماعة، 1/ 180.
(4)
السبعة، 684 والكشف، 2/ 374 والنشر، 2/ 191 - 400.
(5)
من الآيتين 15 - 16 من سورة الفجر.
(6)
ديوانه 69 ونسب له في الكتاب، 4/ 186 - 187 والأمالي الشجرية، 2/ 73 وشرح المفصل، 9/ 83 - 86.
هذه الهاء مجرى الهاء التي لإضمار/ المذكّر في نحو: به فإذا وقفت على هذ هي، حذفت الياء فقلت هذه، ليس إلّا، كما تفعل في به (1)، وتقول: حتّام، وحتّامه وفيم وفيمه، بغير هاء وبإلحاق الهاء، لأنّ ما الاستفهامية المتصلة بحروف الجرّ المذكورة لك فيها أن تحذف ألفها في الوقف كما تحذفه في الوصل من غير تعويض كقولك:
حتّام كما تقول في الوصل: حتّام أنت واقف، ولك أن تعوّض من ألفها هاء السكت كما قلنا في حتامه وفيمه لأنّه قد بقي اسم الاستفهام على حرف واحد، وتقول في الوصل: مجيء م جئت، ومثل م أنت، فإذا وقفت عوّضت وقلت: مجيء مه ومثل مه، بإلحاق هاء السكت ليس إلّا، لأنّ اتصال ما الاستفهامية بمجيء وبمثل، ليس كاتصاله بحرف الجرّ، لأنّ مجيء ومثل يصحّ الوقوف عليهما منفصلين عن ما، فتبقى «ما» على حرف واحد فيجب إلحاق الهاء بخلاف حرف الجرّ، فإنه لا ينفصل من ما لشدّة اتصال حرف الجرّ، فلذلك وجبت الهاء في ما مع مجيء ومثل، ولم تجب في حتّام وبابها (2)، وتقول في الوقف على نون التأكيد الخفيفة في اضربن: اضربا، فتبدلها ألفا حسبما تقدم في نون التأكيد، قال الأعشى:(3)
…
... ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا
وتقول في يا قوم هل تضربن: هل تضربون بإعادة واو الجمع، لأنّ نون التأكيد، حذفت للوقف كما تحذف للتنوين لشبهها به، فعادت واو الجمع ونون الإعراب، لأنّهما إنما حذفا من أجل نون التأكيد وقد زالت للوقف (4). وهو أيضا مما تقدّم مع نون التأكيد، واعلم أنّ الزمخشريّ ذكر في المشترك القسم بعد الوقف ونحن
(1) الكتاب، 4/ 198.
(2)
الكتاب، 4/ 164 وشرح المفصل، 9/ 87 - 88 وحاشية ابن جماعة، 1/ 178.
(3)
هذا عجز بيت للأعشى وصدره:
فإياك والميتات لا تقربنّها
…
...
ورد في ديوانه، 187 برواية: وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه، والأوثان في مكان الشيطان وورد البيت بالرواية الأولى منسوبا له في الكتاب، 3/ 510 وشرح المفصل، 9/ 88 - 10/ 20 وشرح التصريح، 2/ 208 وشرح شواهد المغني، 2/ 577 - 793. وورد من غير نسبة في الإنصاف، 2/ 657 وشرح المفصل، 9/ 39 ومغني اللبيب، 2/ 372.
(4)
الكتاب، 3/ 522 وشرح المفصل، 9/ 90.