الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الأفعال النّاقصة
(1)
وهي: كان وصار وظلّ وبات وأصبح وأمسى وأضحى وآض وعاد وغدا وراح وما فتئ وما برح وما انفكّ وما زال وما دام وليس، وهذه الأفعال تدخل على الجملة الاسميّة لإعطاء الخبر حكم معناها فترفع الأول وتنصب الثاني، وسيبويه لم يذكر منها غير أربعة وهي: كان وصار وما دام وليس، ثم قال: وما كان نحوهنّ من الفعل مما لا يستغني عن الخبر (2) وذلك يدلّ على أنّ هذه الأفعال/ غير محصورة لما أعطاه من الضابط (3) وقد جاء: ما جاءت حاجتك (4)، وقعدت كأنّها حربة (5)، بنصب حاجتك لأنّه خبر جاء وهي بمعنى صار واسم جاء ضمير يعود إلى ما، والتقدير: أيّة حاجة صارت حاجتك ومنهم من يرفع حاجتك ويجعل ما استفهامية والأشهر النصب،
وأما قعدت كأنّها حربة أي أرهف شفرته حتى قعدت كأنّها حربة أي حتى صارت كأنها حربة، فموضع كان واسمها وخبرها نصب، لأنّه خبر قعدت واسم قعدت مضمر يعود إلى الشفرة، قال الله تعالى: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا (6) أي فتصير (7)، وإنما سميّت هذه الأفعال ناقصة لنقصها عن غيرها من الأفعال، لأنّ غيرها يتمّ كلاما بمرفوعه، وهذه إن لم يذكر منصوبها مع المرفوع لم
(1) الكافية، 420.
(2)
الكتاب، 1/ 45.
(3)
وصل عددها إلى ثلاثين فعلا، بعضها اتفق عليه، وبعضها نوزع فيه. الهمع، 1/ 113 وانظر شرح الوافية، 363.
(4)
في الكتاب، 1/ 50 ومثل قولهم: من كان أخاك قول العرب: ما جاءت حاجتك كأنه قال: ما صارت حاجتك
…
وإنما صيّر جاء بمنزلة كان في هذا الحرف وحده لأنّه بمنزلة المثل وفي الهمع، 1/ 112 قيل: وأول من قالها الخوارج لابن عباس حين أرسله علي إليهم، ويروى برفع حاجتك».
(5)
في شرح المفصل، 7/ 91 «ونظيره قعد في قول الأعرابي: أرهف شفرته
…
إلخ وانظر شرح الكافية، 2/ 292 وشرح الأشموني، 1/ 229.
(6)
من الآية 22 من سورة الإسراء.
(7)
في الهمع، 1/ 112 وجعل منه الزمخشري قوله تعالى (الآية) وفي الكشاف، 2/ 512 «فتقعد من قولهم:
شحذ الشفرة حتى قعدت كأنها حربة بمعنى صارت».
يكن كلاما (1)، وجميعها تدخل على الفاعل لتفيد تقريره على صفة باعتبار معناها، فيكتسب الخبر حكم معناها (2) وهو إما إثبات كما في كان، وإمّا نفي، كما في ليس وإما استمرار كما في ما زال، وإنما رفعت الأول لأنها تفتقر إلى اسم يسند إليه كسائر الأفعال، فارتفع ما أسندت إليه تشبيها له بالفاعل، فلما رفعت الأول وجب نصب الثاني على التشبيه بالمفعول، ويسمّى الأول اسم كان والثاني خبر كان (3) وحال اسم كان وأخواتها وخبرها مثل حالهما في باب المبتدأ والخبر، فيكون الأصل في اسمها أن يكون معرفة، وخبرها نكرة، وأمّا قول القطامي:(4)
قفي قبل التّفرّق يا ضباعا
…
ولا يك موقف منك الوداعا
فإنه قلب فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، لأنّ المعنى غير مجهول مع ضعف ذلك (5) وقد روي: ولا يك موقفي،
ومثل ذلك قول حسّان: (6)
وربّ سبيئة من بيت رأس
…
يكون مزاجها عسل وماء (7)
ومثله بيت الكتاب: (8)
فإنّك لا تبالي بعد حول
…
أظبي كان أمّك أم حمار
فاسم كان نكرة وهو ظبي، لأنّ التقدير أكان ظبي، لاقتضاء الهمزة الفعل بعدها، وخبرها معرفة وهو قوله: أمّك، وارتفع حمار على تقدير أم هو حمار.
(1) تسهيل الفوائد، 35، وشرح الكافية، 2/ 290 والهمع، 1/ 115.
(2)
الكافية، 420.
(3)
الإنصاف، 2/ 821 شرح الوافية، 364 وشرح التصريح، 1/ 184 والهمع، 1/ 111 وحاشية الصبان، 1/ 225.
(4)
عمير بن شييم شاعر فحل رقيق الحواشي حلو الشعر، انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء، 2/ 535 ومعجم الشعراء، للمرزباني 166. والبيت ورد في ديوانه، 37، ومنسوبا له في الكتاب، 2/ 243 والمقتضب، 4/ 94 والحلل، 51 وشرح الشواهد، 3/ 173 وخزانة الأدب، للبغدادي 2/ 367 ومن غير نسبة في المغني، 2/ 849 وشرح الأشموني، 3/ 173.
(5)
بعدها في الأصل مشطوب «والوداع بفتح الواو وكسرها» وانظر اللسان، ودع.
(6)
حسان بن ثابت، الشاعر المعروف انظر أخباره في الشعر والشعراء، 1/ 223.
(7)
تقدم الكلام على هذا الشاهد في 1/ 145.
(8)
البيت لخداش بن زهير، نسب له في الكتاب، 1/ 48 والمقتضب، 4/ 94 وشرح المفصل، 7/ 91 وشرح شواهد المغني، 2/ 918 ومن غير نسبة في المغني، 2/ 590.