الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الياء لما بينهما من المقاربة والمماثلة وإن تباعد مخرجاهما، ليكون العمل من وجه واحد، وإنّما اشترط سكون السابقة منهما ليمكن الإدغام، لأنّ الإدغام من شرطه سكون الأول، وإنّما قلبت الواو إلى الياء دون العكس لأنّ الياء أخفّ، فمثال اجتماعهما في الثلاثي: شيّ وليّ وطيّ وفي المزيد، سيّد وميّت وديّار وقيّوم والأصل: شيو وليو وطيو وسيود وميوت وديوار وقيووم، فقلبت الواو في جميع ذلك ياء وأدغمت الياء في الياء، والصحيح أنّ وزن
سيّد فيعل بكسر العين، وهو بناء مختص بالمعتلّ، لأنّ المعتلّ ضرب بذاته ولا حاجة إلى أن يقال: إنّه فيعل بفتح العين، ثمّ نقل إلى كسرها لعدم فيعل بكسر العين، لأنّه إنّما هو معدوم في الصحيح خاصّة لا في المعتلّ (1) وأمّا إذا اجتمعتا على الوجه المذكور وخيف من القلب اللّبس فإنها لم تقلب وذلك في نحو: سوير وبويع وتسوير وتبويع لأنّهم لو قلبوا وقالوا. سيّر الأمير وبيّع المتاع لالتبس فوعل بفعّل فيلتبس سوير الأمير بسيّر زيد إلى موضع كذا، وبويع ببيّع أي يلتبس فوعل بفعّل نحو: مزّق، فاغتفروا الثقل خيفة اللّبس وذلك إذا وقع اللّبس في أبنيتهم كما ذكرنا في فوعل وفعّل (2).
ذكر ما يهمز من الجمع وما لم يهمز
(3)
إذا وقعت الواو أو الياء بعد ألف الجمع وكانت تلك الواو والياء أصليّة ساكنة في المفرد، حرّكت ولم تهمز وذلك نحو: مقاوم ومعاون ومعايش لأنّها جمع مقامة ومعونة ومعيشة أمّا سكون الواو والياء في معونة ومعيشة فظاهر، وأمّا كونهما أصليتين/ فلأنهما من العون والعيش، وأمّا مقامة فألفها واو أصلية كما تقدّم، فيجب في الجموع المذكورة التصحيح بالواو والياء من غير همز، لأنّ كلا من الواو والياء بعد الألف إنما تقلب همزة لأحد ثلاثة أمور: وهي إذا اكتنف ألف الجمع حرفا علّة وتطرفت الثانية كما تقدّم في أوائل، أو إذا كانت عينا في اسم الفاعل كقائل، أو كانت زائدة وليس لها أصل في الحركة كياء صحايف وليس هذا الباب بواحد من ذلك،
(1) الإنصاف، 2/ 795 وشرح المفصل، 10/ 94 والممتع، 2/ 501 وشرح الشافية، 3/ 152.
(2)
شرح المفصل، 10/ 96.
(3)
المفصل، 383.
فوجب أن تبقى الياء والواو في نحو الجموع المذكورة على حالهما ولذلك كانت قراءة معائش (1) بالهمز خطأ، فإنه لا يعلّ بالهمز، فإن كان قد أعلّ واحده وهو معيشة لشبهها بالفعل لأنّها إن كانت مفعلة بالضمّ فهي مثل يخرج، إذ لا اعتداد بالهاء في الوزن، وإن كانت مفعلة بالكسر فهي مثل يضرب بخلاف جمعها فإنه بعد عن شبه الفعل، لأنّ الفعل لا يجمع، فوجب بقاء حرف العلّة على حاله لكن لم يحرك لأنّه لمّا وقع ساكنا بعد الألف فلم يكن بدّ من حذف أو تحريك، والحذف يزيل المثال، فوجب التحريك لأنّه كان متحركا بحسب الأصل أعني معيشة، وأما إذا وقع بعد ألف الجمع ألف أو واو أو ياء وكانت في المفرد مدة زائدة لا أصل لها في الحركة نحو ألف رسالة وواو عجوز وياء
صحيفة فإنّها تعلّ في الجمع بقلبها همزة، ولا تحرك فتقول: رسائل وعجائز وصحائف بهمز الجميع، لأنّه لمّا وقع بعد ألف الجمع المدّات المذكورة، التقى ساكنان فلم يكن بدّ من الحذف أو التحريك، ولم تحذف خوفا من زوال الأمثلة، ولم تحرك إذ لا أصل لها في الحركة، لأنّ الزائد للمدّ لا أصل له في الحركة فلم يبق إلّا قلبه همزة.
وأمّا مصايب بالياء فشاذ، والأصل: مصاوب بواو صريحة لأنّ أصلها مصوبة (2) من صاب يصوب لكن لكثرته في كلامهم خفّف على غير قياس.
وأما مدائن فتهمز ولا تهمز فمن همز قال: هي فعائل من مدن فتكون الميم أصلية والياء زائدة فتهمز، ومن لم يهمز قال: هي مفاعل من دان يدين فتكون الميم زائدة والياء أصلية ولها أصل في الحركة فلذلك تحرّك ولا تهمز (3).
(1) من الآية 10 من سورة الأعراف ونصها: ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش. «قرأها بالهمز، الأعرج وزيد بن علي والأعمش وخارجة عن نافع وابن عامر في رواية. انظر البحر، 1/ 271 والتبيان، 1/ 558 والإتحاف، 222. وقد قال الفراء في معانيه، 1/ 373 وربما همزت العرب هذا وشبهه يتوهمون أنها فعيلة لشبهها بوزنها في اللفظ وعدة الحروف
…
وقد همزت العرب المصائب وواحدتها مصيبة، شبهت بفعيلة لكثرتها في الكلام، وانظر حاشية ابن جماعة، 2/ 201 وشرح المفصل، 10/ 97.
(2)
نقلت حركة الواو إلى الصاد وقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، شرح الشافية للجاربردي، 1/ 209.
(3)
الكتاب، 4/ 356 وفي اللسان، مدن، عن أبي علي، فيه قولان: من جعله فعيلة من قولك: مدن بالمكان أي أقام به، همزه، ومن جعله مفعلة من قولك: دين أي ملك لم يهمزه كما لا يهمز معايش.