الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الفعل الماضي
(1)
الماضي هو الفعل الدّالّ على زمان قبل زمان أنت فيه أعني زمان الحال من غير قرينة كلم ولمّا، فما دلّ على زمان، شامل لجميع الأفعال، وخرج بقوله: قبل زمان أنت فيه، المستقبل والحال، وخرج بقوله: الفعل نحو: أمس، فإنّه وإنّ دلّ على زمان قبل زمانك، فإنّه ليس بفعل، ويفهم من هذا التعريف تعريف المستقبل بأن يقال: ما دلّ على زمان بعد زمانك، وتعريف الحال بأن يقال: ما دلّ على زمان هو زمان إخبارك، والماضي مبنيّ على الفتح لفظا نحو: ضرب أو تقديرا نحو: رمى، وبني على الفتح لكونه أخفّ، وسكّنوا آخر الفعل/ الماضي إذا اتصل به ضمير مرفوع متحرك نحو: ضربت وضربتما، لأنّ الضمير المرفوع المتصل كالجزء فلمّا كان متحركا كرهوا بقاء الفعل الماضي متحرّكا لئلا يؤدي إلى توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وإذا اتّصل بالفعل الماضي واو الجمع كقولك: ضربوا وقتلوا ضمّوا آخره ليناسب الواو (2).
ذكر الفعل المضارع
(3)
وهو ما أشبه الاسم بأحد حروف نأيت، ووجه المشابهة بين الفعل المضارع والاسم، وقوع كلّ منهما مشتركا ومخصصا، أما اشتراك الاسم فكرجل وأما تخصيصه فنحو: هذا الرجل، وأمّا اشتراك الفعل المضارع فنحو: يضرب لكونه للحال والاستقبال، وأمّا تخصيصه فنحو: سيضرب وسوف يضرب (4) وأمّا معاني حروف نأيت، فالهمزة للمتكلّم المفرد مذكّرا كان أو مؤنثا نحو: أضرب وآكل، والنون قد تستعمل للواحد للتعظيم كقوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ (5) وللمتكلّم مع غيره نحو: نقوم مذكّرين كانا أو مؤنّثين أو أحدهما مذكرا والآخر مؤنثا
(1) الكافية، 415.
(2)
شرح الوافية، 338 وانظر شرح المفصل، 7/ 3 وشرح الكافية، 2/ 24.
(3)
الكافية، 415.
(4)
في علة إعراب الفعل المضارع وأوجه المشابهة بينه وبين الاسم انظر الإنصاف، 2/ 546 وإيضاح المفصل، 1/ 11 وشرح الكافية، 2/ 226 وحاشية الصبان، 1/ 59.
(5)
من الآية 12 من سورة يوسف.
ومجموعا كان أو مثنّى، والتاء للمخاطب المذكّر ولمثنّاه وجمعه نحو: تضرب يا زيد وتضربان يا زيدان وتضربون يا زيدون، وللمخاطب المؤنّث ولمثنّاه وجمعه نحو:
تضربين يا هند وتضربان يا هندان، وتضربن يا هندات، وللمؤنث الغائبة والغائبتين نحو: هند تضرب والهندان تضربان، قال الله تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ (1) والياء لكلّ غائب غير الغائبة والغائبتين كما تقدّم في التّاء فمثال ذلك (2): زيد يقوم والزيدان يقومان والزيدون يقومون، وللجمع المؤنّث نحو: الهندات يقمن (3).
واعلم أنّ الفعل المضارع إذا اتّصل به نون جماعة المؤنّث التي هي ضمير الفاعل رجع مبنيّا (4) فلم تعمل فيه العوامل لما سنذكر نحو: أنتنّ تضربن وهنّ يضربن ولا تضربن، واعلم أنّ نحو؛ يفعلان ويفعلون ليس تثنية للفعل، ولا جمعا له، لأنّ الأفعال لا تثنّى ولا تجمع؛ لأنّ الغرض من التثنية والجمع الدلالة على الكثرة؛ ولفظ الفعل يعبّر به عن القليل والكثير فإنّ نحو قولك: قام زيد، محتمل أن يكون قد قام مرارا أو قام مرة، وإنّما التثنية والجمع في يفعلان ويفعلون للفاعل خاصّة، فإنّ الألف في يفعلان اسم وهي ضمير الفاعل وليست كالألف في الزيدان لأنّها حرف (5) وهي في يضربان اسم، وكذلك القول (6) في واو يضربون ونحوه فإنّها اسم وهو ضمير الفاعل، وواو زيدون حرف، وكذلك الياء في تضربين ضمير الفاعل وهي اسم وإذا قلت: الهندات ضربن وقمن فالنون اسم وهو ضمير راجع على الهندات وإذا قلت:
قمن الهندات فالنون حرف مؤذن بأنّ الفعل للمؤنّث على لغة أكلوني البراغيث مثل التاء في: قامت هند (7)، ولا يجوز أن تكون ضميرا لئلا يلزم الإضمار قبل الذّكر،
(1) من الآية 23 من سورة القصص.
(2)
بعدها في الأصل مشطوب عليه «الياء للغائبين المذكرين» .
(3)
شرح الوافية، 340.
(4)
غير واضحة في الأصل.
(5)
انظر في هذه المسألة الكتاب، 2/ 40 وشرح المفصل، 7/ 7 - 8 وشرح ابن عقيل، 2/ 79 - 82 وشرح التصريح، 1/ 276 وهمع الهوامع، 1/ 160 وشرح الأشموني، 2/ 46.
(6)
في الأصل للقول.
(7)
في الكتاب، 2/ 40 واعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومك وضرباني أخواك، فشبهوا هذا بالتاء -
وأمّا الياء في نحو: اضربي واخرجي، فإنها اسم وهي ضمير الفاعل (1) وقال بعضهم: إنّها حرف علامة للتأنيث والفاعل مستكنّ (2) كما في المذكّر نحو: قم واذهب، والأول أصحّ (3). وأمّا حركات حروف المضارعة (4) فقد ضمّت في الرباعي خاصّة وهو ما كان على أربعة أحرف (5) نحو: أكرم وكرّم ودحرج وقاتل، تقول:
يكرم ويكرّم ويدحرج ويقاتل بضمّ الياء في ذلك كلّه، وفتحت فيما سوى الرباعي سواء نقص عن الرباعي نحو: يضرب أو زاد عليه نحو: ينطلق وشذّ الضمّ في فعلين من الخماسي، وهما أهراق يهريق، واسطاع يسطيع، لأنّ الأصل أراق وأطاع فزيدت الهاء والسين على غير قياس (6) وإنّما أعرب المضارع دون غيره من الأفعال لمشابهته الاسم كما مرّ، وإعرابه مشروط بأمرين (7). أحدهما: عدم إتصاله بنون التأكيد خفيفة كانت أو ثقيلة كمثل: هل تضربن يا رجل، وهل تضربنّ يا رجل، والثاني: عدم إتصاله بنون جمع الإناث نحو: تضربن يا هندات والهندات يضربن حسبما تقدّم، وإنّما بني مع نون التأكيد، لأنّه لو أعرب على ما قبل النون لالتبس مع من هو له (8)، ولو أعرب على النون لكان إعرابا على ما أشبه التنوين فكان ذلك مانعا من إعرابه (9) وإنّما بني مع نون جمع المؤنّث لأنّه لو أعرب بالحركات لكان على خلاف قياس إعراب فعل الجمع، ولو أعرب بالنون لأدّى إلى الجمع بين ضميرين أو نونين مع
- التي يظهرونها في قالت فلانة، وكأنّهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث، وهي قليلة، وهي لغة طيّ أو أزد شنوءة وبلحارث المغني، 1/ 478.
(1)
هذا مذهب سيبويه والجمهور، وذهب المازني والأخفش إلى أنها حرف انظر الكتاب، 2/ 368 وشرح المفصل، 7/ 7 وشرح التصريح، 1/ 99.
(2)
غير واضحة في الأصل.
(3)
شرح المفصل، 7/ 7 - 8 وشرح التصريح، 1/ 99.
(4)
الكافية، 416.
(5)
بعدها مشطوب عليه «سواء أكانت أصلية أو زائدة» .
(6)
الكتاب، 4/ 285.
(7)
الكافية، 416.
(8)
أي لم يعلم المقصود أهو مفرد أم جمع في نحو قولنا: هل تضربنّ.
(9)
شرح الكافية، 2/ 228.