الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما وجب قبل دخولها، فلذلك قالوا: ترجّيت ولم يقولوا: ترجّوت (1) وكذلك قلبت في استرشيت ياء لقولهم في المضارع أسترشي، وكذلك قلبت في مضارع غزي ورضي ياء، لأنّ الماضي الذي هو غزي لمّا بنى لما لم يسمّ فاعله كسر ما قبل الواو مثل ضرب إذا بني لما لم يسمّ فاعله فقلبت الواو فيه ياء لانكسار ما قبلها وحمل المضارع عليه نحو يغزيان ليتماثل المستقبل والماضي (2) وكذلك تقول: يرضيان فتقلب الواو ياء لأنها قد قلبت في رضي، وتقول في شأي من الشأو، وهو السبق، يشأيان، فتقلب في المضارع ياء وإن لم تنقلب في الماضي وقد اختلف في تعليله فقيل: هو شاذ (3) لأنّه لم ينقلب في الماضي ليحمل المضارع عليه، وقيل: إنما قلبت في المضارع لانقلابها في ما لم يسمّ فاعله كقولك شؤي ثم حمل المضارع عليه والأولى (4) أن يقال: إنما قلبت في يشأيان لوقوعها رابعة، ولم ينضمّ ما قبلها، وكذلك قلبت الواو ياء في: ملهيان ومصطفيان ومعليان ومستدعيان، لوقوعها كما ذكر أعني رابعة فصاعدا ولم ينضمّ ما قبلها.
ذكر حكم العين واللّام إذا كانا حرفي علّة
(5)
إذا اجتمع في آخر الفعل حرفا علّة نحو: حيي وعيي من مضاعف الياء لم يمكن إعلالهما معا، لأنه إجحاف ولكن تعلّ اللّام لأنّها أولى بالإعلال، ولولا إعلال اللام لوجب إعلال العين في حيي بقلب الياء الأولى ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، لكن لمّا أعلّت اللّام في المضارع بقلبها ألفا نحو يحيى وبحذفها في الجزم نحو: لم يحي، كرهوا
الجمع بين إعلالين فصحت العين لذلك ونزّلت منزلة الحرف الصحيح، فلذلك لم تتغيّر الياء الأولى من حيي وعيي وأجريا مجرى بقي وفني، لكن أكثر العرب يدغم العين في اللّام إذا تحرّكت/ بحركة لازمة نحو: حيي وعيي فيقولون: حيّ وعيّ إجراء لذلك مجرى شدّ قال الله تعالى: وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (6) فتقول في
(1) الكتاب، 4/ 393 والمنصف، 2/ 165.
(2)
شرح المفصل، 10/ 115.
(3)
المنصف، 2/ 166.
(4)
وإلى ذلك ذهب ابن الحاجب في إيضاح المفصل، 2/ 471 وانظر شرح المفصل، 10/ 115.
(5)
المفصل، 391.
(6)
من الآية، 42 من سورة الأنفال.
الواحد: حيّ زيد وفي الجمع حيّوا (1) ولم تستثقل الضمّة على الياء المدغم فيها لسكون ما قبلها وهو الياء المدغمة قال الشّاعر: (2)
عيّوا بأمرهم كما
…
عيّت ببيضتها الحمامه
فقال: عيّوا وعيّت، كما يقال: ظنّوا وظنّت، وإذا أدغمت جاز لك فتح الحاء من حيّ وكسرها، أما فتحها فواضح على الأصل، وأمّا كسرها فلأنّه لما سكّنت الياء التي بعدها للإدغام أشبهت الياء الساكنة في ليّ جمع ألوى، يقال: قرن ألوى (3) وقرون ليّ بضمّ اللّام وبكسرها (4) والكسرة في لام ليّ أظهر من الكسرة في حاء حيّ، لاستثقال الضمّة قبل الياء الساكنة وليس كذلك حيّ لأنّها فتحة وهي قبل الياء غير مستكرهة.
واعلم أنّ الادغام إنما يقع فيما حركته لازمة (5) نحو: حيّ لأنّ فتح آخر الفعل الماضي لازم فلذلك حسن الإدغام في حيّ بخلاف ما لم تلزم حركته فإن الادغام لا يجوز فيه، ويجب فكّه مثل مضارع المضاعف المذكور نحو: لن يحيى، ولن يستحيي ولن يحايي، لأنّ من شرط المدغم فيه أن يكون متحركا والياء في المضارع المذكور ساكنة في الرفع، محذوفة في الجزم، والفتحة في النصب عارضة لأنّها حركة إعراب تزول في الرفع والجزم فلا اعتداد بها، لأنّ الحركة العارضة كالمعدومة بخلاف فتحة آخر الماضي فإنّها فتحة لازمة فلذلك أدغم حيّ في الماضي للحركة اللازمة، ولم يدغم في المضارع لعدم اللزوم (6).
(1) الكتاب، 4/ 396 والمقتضب، 1/ 181.
(2)
البيت لعبيد بن الأبرص ورد في ديوانه 78 برواية:
برمت بنو أسد
…
كما برمت ببيضتها الحمامة
وورد منسوبا له في شرح المفصل، 10/ 114 - 115 ولسان العرب، حيا وشرح شواهد الشافية، 4/ 357 وورد من غير نسبة في الكتاب، 4/ 396 والمقتضب، 1/ 182 والمنصف، 2/ 191 برواية النعامة.
(3)
أي معوج، اللسان، لوى.
(4)
الكتاب، 4/ 404.
(5)
المفصل، 392.
(6)
المقتضب، 1/ 182.