الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد (1):
فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت مرّة
…
لعلّ أبي المغوار منك قريب
وهي لغة عقيليّة وأجابوا: بأنّ ذلك شاذّ (2) وفيها لغات: لعلّ وعلّ ولعنّ وعنّ (3).
ذكر حروف العطف
(4)
وهي عشرة: الواو والفاء وثمّ وحتّى وأو وإمّا (5) وأم ولا، وبل ولكن فأربعة وهي: الواو والفاء وثمّ وحتّى، للجمع بين الثاني والأول في الحكم الذي نسب إلى الأول، تقول: جاءني زيد وعمرو فتجمع الواو بين الرجلين في المجيء، وتقول:
زيد يقوم ويقعد، فتجمع بين الفعلين في إسنادهما إلى ضمير زيد، وتقول: زيد قائم وأخوه قاعد، وهل قام بشر وسافر خالد، فتجمع بين مضموني الجملتين في الحصول، وكذلك: ضربت زيدا فعمرا، وذهب عبد الله ثمّ أخوه ورأيت القوم حتّى زيدا، ثم إنها تفترق بعد ذلك.
فالواو للجمع المطلق ليس فيها دلالة على أنّ الأول قبل الثاني ولا بالعكس ولا أنهما معا، بل كلّ ذلك جائز (6)، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا
- ومكسورتها قال الصبان، 2/ 204 فهذه أربع لغات يجوز الجر فيها ولا يجوز في غيرها من بقية لغات لعل.
(1)
البيت لكعب بن سعد الغنوي وهو يرثي أخاه أبا المغوار، ورد منسوبا له في الأصمعيات 96 برواية لعلّ أبا، ونوادر أبي زيد، 37 ولسان العرب جوب وشرح الشواهد، 2/ 205 وشرح شواهد المغني، 2/ 691 وورد من غير نسبة في شرح الكافية، 2/ 361 ومغني اللبيب 1/ 286 - 2/ 441 وشرح ابن عقيل، 3/ 4 وشرح التصريح، 1/ 156 - 213 وهمع الهوامع، 2/ 33 وشرح الأشموني، 2/ 205. ويروى: جهرة ورفعة وثانيا مكان مرّة.
(2)
انظر ما قالوه حول هذا البيت في شرح الكافية، 2/ 361 والمغني، 1/ 286 والهمع، 2/ 33.
(3)
بعدها مضروب عليه «ولغنّ وأنّ ولأنّ» وانظر لغاتها في الإنصاف، 1/ 224 وشرح الكافية، 2/ 361.
(4)
الكافية، 425.
(5)
لم يعد الفارسي إما في حروف العطف لدخول العاطف عليها، ووقوعها قبل المعطوف عليه. إيضاح المفصل، 2/ 212 وشرح المفصل، 8/ 104.
(6)
شرح الوافية، 399 وانظر الكتاب، 3/ 42 - 4/ 126 وشرح المفصل، 8/ 90، ورصف المباني، 410 والمغني، 2/ 354 والهمع، 2/ 128.
الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا (1) فالموت بعد الحياة مع أنه قدّمه عليها.
والفاء للجمع مع الترتيب أي أن الثاني بعد الأول بغير مهلة، والأخفش يجوز وقوع الفاء زائدة (2) خلافا لسيبويه (3) وينشد (4):
لا تجزعي إن منفسا أهلكته
…
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
فزيدت الفاء على عند، لأنّ التقدير: فاجزعي عند ذلك، وثمّ مثل الفاء إلّا أن بينهما مهلة وتراخيا (5) وقد تجيء بمعنى الواو نحو: ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ (6) وقيل زائدة (7).
وأما حتى (8) فللترتيب بمهلة لكنّ الواجب فيها أن يكون المعطوف بها جزءا من المعطوف عليه، إمّا جزؤه الأفضل أو جزؤه الأضعف (9)، نحو: مات الناس حتى الأنبياء، وقدم الحاجّ حتى المشاة وثلاثة وهي: أو وإمّا وأم لإثبات الحكم إمّا للمعطوف أو للمعطوف عليه، مبهما أي لا على التعيين لكن أو وإما يقعان في الخبر
(1) من الآية 24 من سورة الجاثية، وذلك إخبار عن منكري البعث.
(2)
قال ابن هشام في المغني، 1/ 165 - 166 وأجاز الأخفش زيادتها في الخبر مطلقا وحكى أخوك فوجد، وقيّد الفراء والأعلم وجماعة الجواز يكون الخبر أمرا أو نهيا قال ابن برهان: تزاد الفاء عند أصحابنا جميعا كقوله. (البيت).
(3)
قال في الكتاب 1/ 138، ألا ترى أنك لو قلت: زيد فمنطلق لم يستقم.
(4)
تقدم الكلام على هذا الشاهد في 1/ 149.
(5)
بعدها في الأصل مشطوب عليه «وتجيء للتمكين في نفس المخاطب نحو: ثم كلا» وقوله: ثم كلا، إشارة إلى الآيتين «كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون» 4 - 5 من سورة النبأ ففي الكشاف، 4/ 684 ومعنى «ثم» الإشعار بأن الوعيد الثاني أبلغ من الأول وأشد».
(6)
من الآية 118 من سورة التوبة ونصها: وعلى الثلاثة الذين خلّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت
…
ثم تاب.
(7)
قال بذلك الأخفش والكوفيون وجعلوا تاب عليهم هو الجواب وثمّ زائدة، وخرّجت الآية على تقدير الجواب أى فرج الله عنهم أو لجأوا إلى الله ثمّ تاب. إلخ فثمّ عاطفة على هذا المحذوف. وقيل: إذا بعد حتّى قد تجرّد عن الشرط وتبقى لمجرد الوقت فلا تحتاج إلى جواب بل تكون غاية بالفعل أي خلّفوا إلى هذا الوقت ثم تاب عليهم. انظر شرح المفصل، 8/ 96 ومغنى اللبيب، 1/ 117 وهمع الهوامع، 2/ 132 وحاشية الصبان، 3/ 95 - 96.
(8)
الكافية، 425.
(9)
بعدها في شرح الوافية 399 لأنها للغاية، وانظر الإيضاح، 2/ 207.
والأمر والاستفهام فمثالهما في الخبر/ جاءني زيد أو عمرو ومنه قوله تعالى:
وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (1). على أحد التأويلين، والتأويل الثاني:
مذهب الكوفيين، أنّها بمعنى الواو (2)، وجاءني إمّا زيد وإمّا عمرو، ومثالهما في الأمر: اضرب رأسه أو ظهره، واضرب إمّا رأسه وإمّا ظهره، ومثالهما في الاستفهام:
ألقيت عبد الله أو أخاه! وألقيت إمّا عبد الله وإمّا أخاه، والمشهور في أو وإمّا، أنهما في الخبر للشك وفي الأمر للتخيير والإباحة فمثال الشكّ ما تقدّم من قولك جاءني زيد أو عمرو، ومثال التخيير خذ هذا أو ذلك، ومثال الإباحة: جالس الحسن (3) أو ابن سيرين (4) وقد تأتي أو في الخبر لغير الشك، كقولهم: كنت بالبصرة آكل السمك أو التمر أي هذا مرّة وهذا مرّة، ولم يرد به الشك وقد تكون أو بمعنى الواو (5) كقول الشّاعر (6):
فقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما
…
صدور رماح أشرعت أو سلاسل
(1) من الآية 147 من سورة الصافات.
(2)
قال الأنباري في البيان، 2/ 308 أو، فيها أربعة أقوال:
1 -
أن تكون للتخيير والمعنى أنهم إذا رآهم الرائي تخير في أن يعدهم مائة ألف أو يزيدون.
2 -
أن تكون للشك يعني أن الرائي إذا رآهم شك في عدتهم لكثرتهم.
3 -
أن تكون بمعنى بل.
4 -
أن تكون بمعنى الواو، والوجهان الأولان مذهب البصريين، والوجهان الآخران مذهب الكوفيين» وانظر الأمالي الشجرية، 2/ 318 والمغني، 1/ 64 - 65 ورصف المباني 132 والهمع، 2/ 134 وشرح الأشموني، 3/ 107.
(3)
هو الحسن بن يسار البصري تابعي كبير كان إمام أهل البصرة قرأ على حطّان بن عبد الله الرقاشي وروى عنه أبو عمرو بن العلاء وعاصم الجحدري توفي سنة 110 هـ انظر ترجمته في غاية النهاية، 1/ 235 وحلية الأولياء، للأصبهاني، 2/ 131 وطبقات الحفاظ، للسيوطي، 28 والأعلام، 2/ 242.
(4)
هو محمد بن سيرين البصري الأنصاري، مولى أنس بن مالك كان إمام زمانه في علوم الدين بالبصرة تفقّه وروى الحديث واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا توفي سنة 110 هـ. انظر ترجمته في حلية الأولياء، 2/ 263 وتاريخ اليعقوبي، 3/ 51 وطبقات الحفاظ، 31 والأعلام، 7/ 25.
(5)
قال ابن مالك في التسهيل، 176 وتعاقب الواو في الإباحة كثيرا. وانظر همع الهوامع، 2/ 134.
(6)
البيت لجعفر بن علبة الحارثي، ورد منسوبا له في شرح ديوان الحماسة، للمرزوقي، 1/ 45 وشرح شواهد المغني، 1/ 203 وورد من غير نسبة في المغني، 1/ 65 وهمع الهوامع، 2/ 134 وشرح الأشموني على الألفية، 3/ 107.
فأوهنا بمعنى الواو بدليل قوله: لا بدّ منهما (1) وتقع أو في النهي كقوله تعالى وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (2) أي لا تطع واحدا منهما، فيكون معناها النهي عنهما معا (3) والفرق بين أو وإمّا أن كلامك مع «أو» من أوله مبنيّ على صورة اليقين ثمّ يعترضه الشكّ نحو جاءني زيد أو عمرو وكلامك مع إمّا من أوله مبنيّ على الشّكّ لأنّه لا بد من تقدّم إمّا قبل المعطوف عليه تقول: جاءني إمّا زيد وإمّا عمرو (4) وأمّا أم فتكون متصلة ومنقطعة فالمتصلة تختصّ بالاستفهام فلا تستعمل في غيره ويلزم أن تستعمل مع همزة الاستفهام، والأفصح أن يقع أحد الأمرين بعد الهمزة والآخر بعد أم نحو: أرجل في الدار أم امرأة، ليتضح للمسؤول من أول الأمر المسؤول عن تعيينه، ولا يحسن أن يفصل بين الهمزة وبين المسؤول عن تعيينه نحو: أفي الدار رجل أم امرأة، ومن أجل أنّ أم المتصلة يليها أحد المستويين ويلي المستوى الآخر الهمزة ضعف أو امتنع أن يقال: أرأيت زيدا أم عمرا لكون ما يليهما مختلفا؛ لأنّ ما يلي الهمزة فعل وما يلي أم اسم، وذهب بعضهم إلى أنّ ذلك ليس يمتنع ولا ضعيف (5) وإنّ سيبويه نصّ على جوازه وحسّنه (6) ومنه قول الشاعر (7).
ليت شعري نعمى أتهوين من يه
…
واك أم من رضيته بالشّباب
فأوقع بعد الهمزة فعلا وهو تهوين وبعد أم اسما وهو من ويجب أن يكون جواب قولك: أرجل في الدار أم امرأة، تعيين لأحدهما لا، لا، ولا، نعم (8) لأنّ السائل عالم أنّ أحدهما في الدار لكن لا على التعيين بخلاف أو في قولك: أرجل في الدار أو امرأة فإنّ المتكلم متردد هل في الدار أحد أم لا، فجوابه نعم أو لا، ولو
(1) قال المروزوقي في شرحه على الحماسة، 1/ 46 وقوله: لا بدّ منهما أراد لا بدّ منهما على طريق التعاقب لا على طريق الجمع بينهما وإلّا سقط التخيير الذي أفاده أو من قوله: أو سلاسل.
(2)
من الآية 24 من سورة الإنسان.
(3)
شرح الوافية، 400.
(4)
شرح الوافية، 400 والنقل منه.
(5)
المغني، 1/ 41.
(6)
في الكتاب، 3/ 170 «ولو قلت: ألقيت زيدا أم عمرا كان جائزا حسنا».
(7)
لم أهتد إلى قائله، ولم أر أحدا رواه.
(8)
شرح الوافية، 400.
أجبت بالتعيين كان الجواب وزيادة، لأنّ أو، لا/ تقتضي وجود أحدهما وأم تقتضيه.
والمنقطعة (1) معناها معنى بل وهمزة الاستفهام، وتستعمل مع الهمزة، وتستعمل في الخبر والاستفهام، أمّا الخبر فكقولك لشبح رأيته: إنّها لإبل قطعا، فإذا حصل الشكّ في أنه شاء قلت: أم شاء قاصدا إلى الإضراب عن الإخبار الأول واستئناف سؤال، فكأنك قلت: بل أهي شاء (2) وأمّا الاستفهام فكقولك: أعندك زيد أم بكر؟ وكأنك سألت أولا عن حصول زيد ثم أضربت عنه إلى السؤال عن حصول بكر وجوابه لا أو نعم.
وثلاثة وهي لا وبل ولكن المخففة (3)، لإثبات الحكم لأحد الأمرين معينا، فلا:
لنفي ما وجب للأول عن الثاني نحو: جاءني زيد لا عمرو، فثبت الأول ونفي الثاني.
وبل: للإضراب عن الأول موجبا كان أو منفيا نحو: جاءني زيد بل بكر، إذا وقع الإخبار عن زيد، غلطا، ونحو: ما جاء زيد بل عمرو فيحتمل إثبات المجيء لعمرو مع تحقّق نفيه عن زيد، ويحتمل أن يكون بيانا لمن نسب إليه المجيء المنفي أولا كما في الإثبات.
وأما لكن، فإن وقع بعدها مفرد كانت للاستدراك، ولزم تقدّم النفي عليها نحو:
ما جاءني زيد لكن بكر (4) وأجاز الكوفيون العطف بها بعد الإيجاب في المفردات وهو ضعيف (5) وإن وقع بعدها جملة فيجوز أن تقع بعد النفي والإيجاب كما قيل في بل في عطف المفردات فمالثها في النفي: ما قام زيد لكن عمرو قام، ومثالها في الإيجاب: قام عمرو لكن بكر لم يقم، فهي أدّت لعطف جملة على جملة لمغايرة ما بعدها لما قبلها وقيل: التي تقع في الجمل ليست بعاطفة بل حرف ابتداء (6) وقد
(1) الكافية، 426.
(2)
شرح الوافية، 401 وانظر كتاب، 3/ 172.
(3)
الكافية، 426.
(4)
المغني، 2/ 292 والهمع، 2/ 137.
(5)
الإنصاف، 2/ 484.
(6)
رصف المباني، 276 والهمع، 2/ 137.