الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقدير حتّى أنا أدخلها فلا تكون هذه الجملة خبرا لكان لخلوها من الضمير العائد على اسم كان، ولفصل حتى بين اسم كان الذي هو سيري وبين ما وقع خبرا عنه من غير سبب، وأمّا لو زدت شيئا يصلح أن يكون خبرا لكان (1) وقلت مثلا: كان سيري سيرا متعبا أو أمس حتى أدخلها، جاز النصب والرفع، فتكون حتى في النصب بمعنى إلى أن، وفي الرفع حرف ابتداء أي حتّى أنا أدخلها، وكذلك يجوز الوجهان إذا كانت كان في المثال المذكور تامّة فإنّها لا تحتاج حينئذ إلى خبر ويصير التقدير: وجد سيري حتى أدخلها بالرفع والنصب على الوجهين المذكورين في حتى وأمّا قولك:
أيّهم سار حتى يدخل/ البلد، فيجوز فيه الرفع والنصب لأنّه لم يشك في السير وإنّما شكّ في السائر ويكون المعنى في الرفع: أيّهم سار حتى هو يدخلها، وفي النصب:
أيّهم سار إلى أن يدخلها (2).
ذكر لام كي، ولام الجحود
(3)
أمّا لام كي؛ فمعناها معنى كي، وينصب الفعل بعدها بتقدير أن، وأمّا لام الجحود فهي لام لتأكيد النفي الداخل على كان كقوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (4) وينصب الفعل بتقدير أن بعدها كما قيل في حتّى، والفرق
بينهما وبين لام كي، لزوم اختلال المعنى بحذف لام كي، بخلاف لام الجحود لكونها زائدة (5).
ذكر الفاء الناصبة للفعل
(6)
أمّا الفاء فتنصب الفعل باضمار أن بشرطين: أحدهما: أن يكون ما قبلها سببا لما بعدها، والثاني: أن يكون قبلها أحد الأمور الستة وهي: الأمر والنهي والنفي
(1) بعدها تكرر قوله: لخلوها
…
إلى: هو سيري
…
وشطب الناسخ عليه وزاد بعد «لكان» كلمة «لفظا» ثمّ شطب عليها أيضا.
(2)
انظر شرح الوافية، 347 وشرح الكافية، 2/ 242 وشرح التصريح، 2/ 238.
(3)
الكافية، 417.
(4)
من الآية 33 من سورة الأنفال.
(5)
شرح الوافية، 347.
(6)
الكافية، 417.
والاستفهام والتمني والعرض (1) ولذلك ارتفع يغضب في قولهم: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، لفوات أحد الأمور الستة وإن كانت الفاء فيه للسبب، وأمّا قول الشّاعر (2).
سأترك منزلي لبني تميم
…
وألحق بالحجاز فأستريحا
فأجري الكلام الموجب مجرى أحد الأمور الستة لضرورة الشعر.
واعلم أنّ الفعل الذي بعد الفاء في تقدير المصدر، وهو معطوف بالفاء فوجب أن يجعل ما قبله في تقدير المصدر لئلا يلزم عطف الاسم على الفعل، فمثال الأمر:
أكرمني فأكرمك أي ليكن منك إكرام فإكرام مني، ومثال النهي قوله تعالى:
وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي (3) أي لا يكن منكم طغيان فحلول غضب مني، ومثال النفي: ما تأتينا فتحدّثنا (4) أي لا إتيان منك فلا حديث، ومثال الاستفهام قوله تعالى: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا (5) أي هل حصول شفعاء فشفاعة لنا، ومثال التمني قوله تعالى: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (6) أي ليت لي (7) كونا معهم ففوزا عظيما لي، ومثال العرض: ألا تزورنا فنكرمك، أي ألا يكون زيارة منك فإكرام منا.
واعلم أنّ الفاء كما تنصب بإضمار أن بعد الأمور الستة كما ذكرناه فكذلك تنصب بعد الدعاء والتحضيض، مثال الدّعاء: اللهمّ ارزقني بعيرا فأحجّ عليه، ومثال
(1) كذا في شرح الوافية، 347 وزاد عليه الدعاء والتحضيض وسيأتيان بعد، ومن النحويين من يجتزئ عن كل ذلك بالأمر وحده، وزاد الفراء الترجي. شرح المفصل، 7/ 26 وشرح التصريح، 2/ 238.
(2)
البيت للمغيرة بن حبناء التميمي الحنظلي، روي منسوبا له في شرح الشواهد، 3/ 305 وشرح شواهد المغني، 1/ 497 ومن غير نسبة، في الكتاب. 3/ 39 - 92 والمقتضب. 2/ 22 وأمالي ابن الشجري، 1/ 279 والمقرب، 1/ 263 وشرح الكافية، 2/ 245 وشرح شذور الذهب، 301 والمغني، 1/ 175 وهمع الهوامع، 1/ 77 - 2/ 10 وشرح الأشموني، 3/ 305.
(3)
من الآية 81 من سورة طه.
(4)
الكتاب، 3/ 30 - 40 وشرح المفصل، 7/ 27.
(5)
من الآية 53 من سورة الأعراف.
(6)
من الآية 73 من سورة النساء.
(7)
في الأصل ليتني.