الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنصب يمين، ويجوز عند سيبويه (1) الله لأفعلنّ، بالجرّ على إرادة الحرف المحذوف، وردّه المبرّد بأنّ حرف الجرّ لا يعمل مضمرا (2)، وإنّما يجوز الجرّ في اسم الله تعالى خاصّة لكثرة القسم به، والنصب فيه وفي غيره.
وأمّا التاء: فمثل الواو في وجوب حذف الفعل معها، وهي مختصّة ببعض الظاهر وهو اسم الله تعالى:(3) تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ (4) والتاء بدل من الواو كما أبدلت في تجاه وتراث فهي فرع الواو التي هي فرع الباء فلذلك ضاق مجالها، واختصّت باسمه تعالى (5).
وأمّا الباء: فهي أعمّ من الواو والتاء لأنّها تستعمل مع الفعل، وحذفه، ومع السؤال وغيره ومع الظّاهر والمضمر ومع اسم الله وغيره (6) فمثالها مع الظّاهر ومع الفعل: حلفت بالله، ومثالها مع حذفه: بالله قم، ومثالها مع المضمر: حلفت بك وبه، وأمثلة الباقي ظاهرة، وإنّما اختصّت الباء بهذه الأمور، لأنّها حرف جرّ وحروف الجرّ تضيف معنى الفعل وشبهه إلى ما بعدها، فلذلك أضافت معنى أقسمت إلى المقسم به، وظهر الفعل معها ودخلت على المضمر.
ذكر أحكام جواب القسم
(7)
قد علمت أنّ القسم نوعان: قسم لغير السؤال والاستعطاف، وقسم للسؤال والاستعطاف، أما قسم غير السؤال والاستعطاف فيجاب أي يتلقّى بإنّ أو باللّام أو بكليهما، أو بحرف النفي، نحو: والله إنّ زيدا قائم، وو الله لزيد قائم، ونحو قوله
(1) قال في الكتاب، 3/ 498 «ومن العرب من يقول: الله لأفعلنّ وذلك أنه أراد حرف الجر وإياه نوى فجاز حيث كثر في كلامهم وحذفوه تخفيفا وهم ينوونه».
(2)
قال بعد ذكره ذلك «وليس هذا بجيد في القياس، ولا معروف في اللغة، ولا جائز عند كثير من النحويين وإنما ذكرناه لأنه شيء قد قيل وليس بجائز عندي» المقتضب، 2/ 335.
(3)
الكتاب، 3/ 496 - 499 والمقتضب، 2/ 322 - 4/ 239.
(4)
من الآية 57 من سورة الأنبياء.
(5)
رصف المباني، 172.
(6)
الكافية، 424 وشرح الوافية، 383.
(7)
المصدران السابقان.
تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (1) فتلقّي القسم بهما، وو الله ما زيد قائما، وو الله لا رجل أفضل منك، وإن كان المقسم عليه جملة فعليّة وفعلها ماض مثبت جاز تلقّيه باللّام وقد معا نحو: والله لقد قام زيد، وأجاز بعضهم تلقيه بقد وحدها (2) كقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (3) جواب: وَالشَّمْسِ وَضُحاها (4) وما بعده، قال التبريزي (5) والتقدير لقد (6)، وجاز تلقّيه باللّام وحدها كقول امرئ القيس (7):
حلفت لها بالله حلفة فاجر
…
لناموا فما إن من حديث ولا صال
فتلقّاه/ بقوله لناموا، وإن كان فعل الجملة المقسم عليها مضارعا مثبتا فيتلقّى باللّام ونون التأكيد، كقوله تعالى: وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (8) وقد تحذف نون التأكيد في ضرورة الشّعر كقوله: (9)
لئن تك قد ضاقت عليّ بيوتكم
…
ليعلم ربّي أنّ بيتي أوسع
أي ليعلمنّ ربّي، وإن كان الفعل منفيا فيلزم الماضي «ما» ، نحو: والله ما قام زيد، وقد يكون ماضيا لفظا ومستقبلا معنى فتدخل عليه، «لا» نحو: والله لا قمت،
(1) الآيتان 1 - 2 من سورة العصر.
(2)
والأولى الجمع بين اللام وقد، شرح الكافية، 2/ 339 والهمع، 2/ 42.
(3)
من الآية 9 من سورة الشمس.
(4)
الآية 1 من سورة الشمس.
(5)
لعله يحيى بن علي بن محمد الشيباني التبريزي المعروف بالخطيب التبريزي أصله من تبريز، ونشأ ببغداد ورحل إلى بلاد الشام، وأخذ عن أبي العلاء وأخذ منه الجواليقي، وهو من أئمة اللغة والأدب له من التصانيف تهذيب إصلاح المنطق، وشرح اللمع لابن جني، وشرح المقصورة الدريديه توفي سنة 502 هـ، ترجمته في نزهة الألباء، 372 والبلغة، 283 والبغية، 2/ 338 والأعلام، 9/ 197.
(6)
نسب الأنباري في البيان، 2/ 312 - 516 هذا القول إلى الفراء وليس في المعاني 3/ 267 ما يفيد ذلك.
(7)
البيت لامرئ القيس ورد في ديونه 108 وورد منسوبا له في شرح المفصل، 9/ 20 - 21 - 97 وشرح شواهد المغني، 1/ 494 وورد من غير نسبة في مغنى اللبيب، 1/ 173 - 2/ 636 وهمع الهوامع، 1/ 124 - 42.
(8)
الآية 32 من سورة يوسف.
(9)
البيت لم يعرف قائله ورد في شرح الكافية، 2/ 339 - 394 - 404 برواية أوسع وانظره في شرح الشواهد، 3/ 215 وشرح التصريح، 2/ 254 وشرح الأشموني على الألفية، 2/ 215، 4/ 30.
وكقول الشّاعر: (1)
حسب المحبّيين في الدّنيا عذابهم
…
والله لا عذّبتهم بعدها سقر
أي لا تعذّبهم، ويلزم المضارع أعني المنفي ما أو لا مع نون التأكيد وبدونها نحو: والله لا أفعلنّه أبدا، وو الله ما أفعل، ويجوز حذف حرف النفي من المضارع المنفي المذكور لدلالة الحال عليه كقول الشاعر:(2)
تنفكّ تسمع ما حييت بهالك حتّى تكونه
أي لا تنفكّ، وكقوله تعالى: قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ (3) أي لا تزال، وكقول امرئ القيس:(4)
فقلت يمين الله أبرح قاعدا
…
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي لا أبرح، وكقول الآخر:(5)
لله يبقى على الأيّام ذو حيد
أي لا يبقى.
وأمّا قسم السؤال والاستعطاف، فلا يحتاج جوابه إلى ما ذكر من إنّ أو اللام أو حرف النفي، لقيام الطلب أو ما في معناه مقام ذلك كقولك: بالله أخبرني هل قام زيد، وكقولك في النهي: بالله لا تقم ونحو ذلك.
(1) البيت لمؤمل بن أميل، ورد منسوبا له في خزانة الأدب، 3/ 522 - 4/ 228 (طبعة بولاق) وورد من غير نسبة في مغنى اللبيب، 1/ 243.
(2)
البيت لخليفة بن نزار ورد منسوبا له في خزانة الأدب، 4/ 47 - 48 (طبعة بولاق) وورد من غير نسبة في الإنصاف، 2/ 824 وشرح المفصل، 7/ 109 - 110 وشرح الكافية، 2/ 295 - 340 وهمع الهوامع، 1/ 111.
(3)
من الآية 85 من سورة يوسف.
(4)
البيت لامرئ القيس ورد في ديوانه، 107 وورد منسوبا به في الكتاب، 3/ 503 - 504 والخصائص، 2/ 284 وشرح المفصل، 7/ 110 - 8/ 37 - 9/ 104 والحلل، 99 وشرح الشواهد، 1/ 228، وشرح التصريح، 2/ 38 وورد من غير نسبة في المقتضب، 2/ 325 وشرح الكافية، 2/ 340 ومغني اللبيب، 2/ 637 وهمع الهوامع، 2/ 38 وشرح الأشموني، 1/ 228.
(5)
تقدم الكلام على هذا الشاهد في 2/ 77.