الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول على أسماء شذّ فيها الإدغام
(1)
فمنها: ستّ وهو من الإدغام الشّاذّ (2) إذ أصله: سدس فقلبوا السين تاء فصارت سدت، ثمّ أدغموا الدّال في التاء فصار: ستّ ويدلّ على شذوذه أنّهم لم يقولوا في سدس بضمّ السين ستّ، ولا في السّدس بكسر السين ستّ، والسّدس من أظماء الإبل (3).
ومنها: ودّ في لغة بني تميم وأصلها: وتد، أحد الأوتاد، فأسكنوا التّاء كما أسكنوا في فخذ، ثمّ أدغموا التّاء في الدّال صار: ودّ، وهو شاذّ، لأنّه يلبس بلفظ «ودّ» الذي هو الصّنم واللغة الجيدة وتد بغير إدغام وهي اللغة الحجازية (4).
ومنها: قولهم في عتدان جمع عتود: (5) عدّان بإدغام التّاء في الدّال وهو مع جوازه شاذّ قياسا لا استعمالا للّبس بالمضاعف، لأنّه يوهم أنّ العين والّلام من جنس واحد، وقال بعضهم: عتد في جمع عتود فرارا من سكون التّاء قبل الدّال في عتدان، وفرارا من اللّبس في عدّان (6).
ذكر ضرب من الحذف يجري مجرى الإدغام في التخفيف
(7)
وقد ورد ذلك في عدّة من الكلام:
منها: أنّهم عدلوا في بعض الكلم/ التي التقى فيها المثلان أو المتقاربان عن الإدغام لتعذّره إلى الحذف فقالوا في
ظللت ومسست وأحسست: ظلت ومست
(1) المفصل، 404.
(2)
الكتاب، 4/ 481 والممتع، 2/ 715.
(3)
الظمء: ما بين الشربين والوردين، والسدس بالكسر من الورد بعد الخمس، وقيل هو بعد ستة أيام وخمس ليال، والجمع أسداس، قال الجوهري: والسدس من الورد في أظماء الإبل أن تنقطع خمسة وترد السادس، اللسان، والصحاح ظمأ، وسدس.
(4)
الكتاب، 4/ 482 وشرح المفصل، 10/ 3.
(5)
وهو التيس، اللسان، عتد.
(6)
الكتاب، 4/ 482 وشرح المفصل، 10/ 153 والممتع، 4/ 716.
(7)
المفصل، 404.
وأحست، قال يصف الأسد:(1)
خلا أنّ العتاق من المطايا
…
أحسن به فهنّ إليه شوس
ووجه الحذف في الأسماء المذكورة أنّهم استثقلوا التضعيف أعني اجتماع المثلين، ولم يمكن الإدغام لسكون الثاني ولم يمكن تحريكه لاتصال تاء الفاعل به لوجوب سكون لام الكلمة في فعلت، فعدلوا إلى وجه آخر من التخفيف وهو حذف الأول منهما على غير قياس بأن نقلوا حركة السين الأولى من أحسست إلى الحاء وحذفوا السين بقي: أحست (2) فأمّا إذا لم تتصل بالمضاعف المذكور تاء فعلت فلا يحذف منه شيء نحو: أحسّا وأحسّوا، لإمكان الإدغام حينئذ بتحريك الثاني لزوال المانع وهو تاء فعلت.
ومنها: أنّ بعض العرب يقول: استخذ فلان أرضا، وفيه لسيبويه (3) مذهبان:
أحدهما: أن يكون أصله استتخذ فحذفت التاء الثانية بقي: استخذ.
وثانيهما: أن يكون أصله: اتّخذ فأبدل من التاء الأولى سين بقي: استخذ، ومنها: أنهم قالوا: (4) اسطاع يسطيع فحذفوا التاء والأصل استطاع، يستطيع وقال بعضهم استاع يستيع وهو يجوز أن يكون قد حذفوا طاء استطاع يستطيع وتركوا تاء الاستفعال، ويجوز أن يكون قد حذفوا تاء الاستفعال بقي: اسطاع فأبدلوا من الطّاء تاء بقي: استاع يستيع (5).
ومنها: أنهم قالوا (6) في نحو بني العنبر: (7) بلعنبر وفي بني العجلان:
(1) البيت لأبي زبيد حرملة بن المنذر ورد منسوبا له في المنصف، 3/ 84 والمحتسب، 1/ 123 - 269 - 2/ 76 والحلل، 412 وسمط اللآلي، للبكري، 1/ 438 وورد من غير نسبة في المقتضب، 1/ 245 والخصائص، 2/ 438 ومجالس ثعلب القسم الثاني، 418 والإنصاف، 2/ 273 - 277 العتاق، الإبل النجيبة، الشّوس: المحدقة النّظر.
(2)
الكتاب، 4/ 485 والمقتضب، 1/ 245 وشرح المفصل، 10/ 154.
(3)
الكتاب، 4/ 483 والمنصف، 2/ 329.
(4)
المفصل، 404.
(5)
الكتاب، 4/ 484 وشرح الشافية، 3/ 292.
(6)
المفصل، 404 - 405.
(7)
هم أبو حي من تميم. اللسان، عنبر.
بلعجلان (1) ووجهه أنه لما التقت النون من بني مع لام التعريف في العنبر واتفق في هذه الّلام أنّها ظاهرة في اللّفظ لأنّها لا تدغم في العين فلم يمكن إدغام النون فيها لسكونها فحذفت النون تخفيفا لكثرة لام التعريف في كلامهم بقي: بلعنبر، فأمّا إذا لم تظهر لام التعريف في اللفظ حيث كان بعدها مما تدغم فيه نحو: بني الصّيد (2)، وبني النّجار (3) وبني النّمر (4)، فإنّهم لا يحذفون النون لأنّهم لو حذفوها لجمعوا على الكلمة إعلالين: حذف النون وإدغام اللّام (5).
ومنها: أنّهم قالوا: نزل بنو فلان علماء أي على الماء فحذفو ألف على لسكونها وسكون لام التعريف، فالتقت لام على، ولام التعريف ولم يمكن الإدغام في لام التعريف لسكونها، فحذفت لام على بقي: علماء (6) قال قطريّ بن الفجاءة: (7)
لعمرك إني في الحياة لزاهد
…
وفي العيش ما لم ألق أمّ حكيم
فلو شهدتني يوم دولاب أبصرت
…
طعان فتى في الحرب غير ذميم
غداة طفت علماء بكر بن وائل
…
وعاجت صدور الخيل شطر تميم
الشاهد فيه قوله: علماء بكر بن وائل، وإذا كانوا قد حذفوا مع إمكان الإدغام نحو حذفهم التّاء الأولى المدغمة في يتّسع ويتّقى فقالوا/ يتسع ويتقي بالتخفيف كراهة التضعيف، فالحذف في علماء أولى لتعذّر الإدغام (8) كما تقدّم وهذا آخر ما
(1) حي من أحياء العرب. اللسان، عجل.
(2)
لعلهم بنو الصيداء بطن من أسد اللسان، والقاموس المحيط، صيد.
(3)
قبيلة من العرب هم الأنصار، اللسان، نجر.
(4)
نسبة إلى نمر بن قاسط بن ربيعة، اللسان، نمر.
(5)
الكتاب، 4/ 484 والممتع، 2/ 717 - 718.
(6)
الكتاب، 4/ 485 وشرح المفصل، 10/ 5.
(7)
الأبيات الثلاثة لقطريّ بن الفجاءة من رؤوساء الخوارج (الأزارقة) كان خطيبا فارسا شاعرا استفحل أمره في زمن مصعب بن الزبير وبقي ثلاث عشر سنة يقاتل حتى توفي سنة 78 هـ. ترجمته في سير أعلام النبلاء، 4/ 151 والأعلام، 6/ 46 وقد وردت الأبيات منسوبة له في الكامل، 3/ 297 - 158 وورد البيت الأول منسوبا له في المنصف، 1/ 24 وشرح الشواهد الشافية، 4/ 499 ووردت الأبيات من غير نسبة في شرح الشافية، للجاربردي، 1/ 359 وورد البيت الأخير من غير نسبة في أسرار العربية، 429 وشرح المفصل، 10/ 154 - 155.
(8)
الكتاب، 4/ 483 - 485.