الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن أخرتني أصدّق وأكن، وقرأه أبو عمرو خاصة فأصدق وأكون بنصب أكون عطفا على قوله فأصّدّق على لفظه (1) وإنما لم يلحق النفي بالأمور الخمسة في ذلك، لأنّ النفي مجرّد إخبار لأنّك إذا قلت: ما أتيتنا، قطعت بأنه ما أتى فليس فيه طلب، فلا يتضمّن معنى الشرط كما تضمّنه الأمر والنهي إلى آخر الأمور الخمسة، لأنّ الفعل إنما ينجزم إذا كان جوابا لما فيه معنى إن الشرطية، وليس في النفي معنى إن كما هو في الأمور الخمسة فمن ثمّ لم يجز: ما تأتنا تحدثنا بالجزم، ولكنه يجوز برفع تحدثنا على الحال أي ما تأتينا محدثا لنا وهو مثل قوله تعالى ذَرْهُمْ فِي
خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (2) أي لاعبين، ومثل قولك: انطلق تتكلّم أي انطلق متكلّما، وأمّا قولك:
إن تأتني تسألني أعطك، وإن تأتني تمشي أمش معك، فهو برفع المتوسّط على الحال (3)، وجزم الطرفين، وتقديره: إن تأتني سائلا أعطك وإن تأتني ماشيا أمش معك ومثله (4):
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره
…
تجد خير نار عندها خير موقد
بجزم تأته وتجد، ورفع تعشو على الحال أي متى تأته عاشيا تجد كيت وكيت (5).
ذكر صيغة الأمر
(6)
ويقال له أيضا: مثال الأمر (7)، وإنّما سمّي فعل الأمر بمثال الأمر، لأنّ الأمر من فعل قد يماثل الأمر من فعل آخر، نحو: هب من وهب، فإنّه يماثل الأمر من هاب يهاب، وكل أمرك إلى الله، يماثل الأمر من كال الطّعام يكيله فسمّي (8) الباب كله مثالا لوقوع ما ذكرنا فيه وصيغة الأمر هي التي يطلب بها الفعل من الفاعل
(1) الكشف، 2/ 322 والتبيان، 2/ 1225 والنشر، 2/ 388.
(2)
من الآية 91 من سورة الأنعام.
(3)
المفصل، 254 وانظر المقتضب، 2/ 65 - 66 وإيضاح المفصل، 2/ 41.
(4)
تقدم الكلام على هذا البيت في الصفحة 2/ 23.
(5)
المقتضب، 2/ 65.
(6)
الكافية، 418.
(7)
وهو ما درج عليه صاحب المفصل، 256 وانظر إيضاح المفصل، 2/ 46
(8)
بعدها مشطوب عليه «مثالا لهذا، وما لم يكن مماثلا لغيره من هذا الباب فملحق به» .
المخاطب، بحذف حرف المضارعة فتقول في يضع: ضع، وفي يضارب: ضارب وفي يدحرج: دحرج، ولا يريد (1) بصيغة الأمر ما يدلّ على الطلب مطلقا بل هذه الصيغة المخصوصة فيخرج: ليفعل زيد كذا، لأنه ليس للفاعل المخاطب، ويخرج:
لتفعل كذا لأنّه ليس يحذف حرف المضارعة، وإن كان قولهم: لتفعل كذا بالتاء المثّناة من فوقها، قليلا ومنه القراءة الشّاذّة فبذلك فلتفرحوا هو خير مما يجمعون (2) وعلى كلّ حال فإنّ الفعل الداخل عليه لام الأمر لم يحذف منه
حرف المضارعة، وهو معرب بالجزم وصيغة الأمر مبنية (3) فلا مدخل لأحدهما في باب الآخر، وحكم آخره حكم المجزوم (4) باللّام لاشتراكهما في الطلب نحو: اضرب اضربوا، اغز ارم/ اخش فإنّه مثل: ليضرب ليضربا ليضربوا ليغز ليرم ليخش، وإذا حذفت حرف المضارعة، فلا يخلو ما بعده من أن يكون متحركا أو ساكنا فإن كان متحركا نطقت به على ما هو عليه كقولك في يقول: قل وفي يعد: عد وفي تدحرج:
دحرج وفي تتعلّم تعلّم وفي تقي وتفي وترى: قه وفه وره، والتزموا هاء السكت في مثل ذلك إذا وقفوا عليه. ليحصل الابتداء بالمتحرّك، والوقوف على الساكن، وإن كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا وليس برباعي زدت همزة وصل ليتوصّل بها إلى النطق بالسّاكن مضمومة إن كان بعد السّاكن ضمّة أصليّة نحو: اخرج واقتل، واحترز بقوله: أصلية (5) عن الضمّة العارضة في نحو: يمشون ويبنون، فإن أصلهما:
يمشيون ويبنيون فاستثقلت الضمّة على الياء، فحذفت فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء ثم ضمّ ما قبل الواو للمناسبة، فصار يمشون ويبنون، فالضّمّة فيهما
(1) أي ابن الحاجب في الكافية، 418 حيث قال: الأمر صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب» ونحوه في شرح الوافية، 356.
(2)
من الآية 58 من سورة يونس، وفي المحتسب، 1/ 313 ومن ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان بن عفان وأبي بن كعب والحسن وأبي رجاء ومحمد بن سيرين والأعرج وغيرهم «الآية
…
ونص الزمخشري في كشافه، 2/ 277 على أن هذه القراءة هي الأصل والقياس».
(3)
في الأصل مبني.
(4)
الكافية، 418 وانظر شرح الوافية، 257.
(5)
في الشافية، 520: ألحق في الابتداء خاصة همزة وصل مكسورة إلا فيما بعد ساكنه ضمة أصلية فإنها تضم نحو اقتل
…
بخلاف ارموا.