الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابع عشرها، وللباء والميم والواو ما بين الشفتين وهو خامس عشرها، فهذا الذي عدّه صاحب المفصّل وهو خمسة عشر مخرجا، وترك السادس عشر وهو الخيشوم وله النون/ الخفية كما ستذكر، ولكن يشكل بإنحصار الحروف التسعة والعشرين في المخارج الخمسة عشر المذكورة فلم يبق شيء من التسعة والعشرين حتّى يكون مخرجه هو السادس عشر (1).
ذكر عدد الحروف
(2)
قال الزمخشريّ: وهو يرتقي إلى ثلاثة وأربعين حرفا، فالأصول تسعة وعشرون على ما هو المشهور (3) أولها: الهمزة وصوّرت بصورة الألف، وصورتها وصورة الألف اللينة واحدة، كالباء والتاء فاللفظ مختلف والصورة واحدة، وكان المبرّد يعدّ الحروف ثمانية وعشرين حرفا أولها الباء وآخرها الياء ويدع الهمزة ويقول: لا صورة لها لأنّها تكتب تارة واوا وتارة ياء وتارة ألفا فلا تعدّ مع التي أشكالها محفوظة معروفة (4) والصواب: أنّ الهمزة من حروف المعجم، وصورتها الألف على الحقيقة وإنّما كتبت بغير الألف إذا خففّت ألا ترى إذا وقعت أولا لم تكتب إلّا ألفا نحو: أعلم أحمد أترجّة، وذلك لمّا وقعت أولا ولم يمكن تخفيفها، فأمّا الألف اللينة التي في نحو: قال وباع فلا يمكن النطق بها منفردة فإنّها مدّة ولا تكون إلّا ساكنة (5) وتتتفرّغ من هذه التسعة والعشرين ستة أحرف مأخوذ بها في القرآن وفي كلّ كلام فصيح، وثمانية أحرف مستهجنة غير مأخوذ بها في اللغة الفصيحة.
أما الستة المأخوذ بها في اللغة الفصيحة فالنون الخفيفة وتسمّى الخفيّة وهمزة
(1) قال ابن الجزري في النشر، 1/ 198: وقد أختلفوا في عددها فالصحيح المختار عندنا وعند من تقدمنا أنها سبعة عشر مخرجا، وقال كثير من النحاة والقراء: هي ستة عشر فأسقطوا مخرج الحروف الجوفية، التي هي حروف المدّ، والميم وجعلوا مخرج الألف من أقصى الحلق والواو من مخرج المتحركة وكذلك الياء وذهب قطرب والجرميّ والفراء وابن دريد وابن كيسان إلى أنها أربعة عشر فأسقطوا مخرج النون والّلام
والراء وجعلوها من مخرج واحد وهو طرف اللسان، والصحيح عندنا الأول. بتصرف.
(2)
المفصل، 394.
(3)
العين، للخليل، 1/ 64 والكتاب، 431 - 434.
(4)
المقتضب، 1/ 192 وسر الصناعة لابن جني، 46.
(5)
سر الصناعة، 46 - 48.
بين بين وألف التفخيم وألف الإمالة، والشين التي كالجيم، والصّاد التي كالزاي (1).
أمّا النون الخفيفة: فالمراد بها النون الساكنة في نحو: منك وعنك ومخرجها من الخيشوم وإنّما تخرج من الخيشوم إذا وليها حرف من خمسة عشر حرفا وهي القاف والكاف والجيم والشين والصّاد والضّاد والسين والزاي والطّاء والدّال والباء والظّاء والذّال والثّاء (2) والفاء، فإنّ النون متى سكّنت وكان بعدها حرف من هذه الحروف فهي النون الخفيفة، ومخرجها من الخيشوم ولا علاج للفم في إخراجها لاختلالها بإمساك الأنف، والخيشوم الذي هو مخرجها هو أقصى داخل الأنف حيث ينجذب إلى داخل الفم فإن لم يكن بعدها حرف أو كان ولكن من غير الخمسة عشر المذكورة فهي التي من الفم وليست بالخفيفة (3).
وأمّا همزة بين بين فهي التي تجعل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها، فالمكسورة تكون بين الهمزة والياء، والمضمومة بين الهمزة والواو، والمفتوحة بين الهمزة والألف، فعلى ذلك تكون همزة بين بين ثلاثة أحرف فتصير الحروف المتفرعة المأخوذ بها في اللغة الفصيحة ثمانية لا ستة وإذا انضمت الثمانية إلى التسعة والعشرين صارت سبعة وثلاثين.
وأما ألف التفخيم: فهي التي ينحى بها نحو الواو كقولهم: الصلوة والزكوة/ وكتبت بالواو تنبيها على ذلك (4).
وأمّا ألف الإمالة وتسمّى ألف الترخيم (5): لأنّ الترخيم تليين الصوت وتنقيص (6) الجهر فيه، وهي التي ينحى بها نحو الياء كقولك: عالم وأمّا الشين التي كالجيم ففي نحو: أشدق إذا أشربتها صوت الجيم لأنّ الشين حرف مهموس رخو
(1) الكتاب، 4/ 432 - والمقتضب، 1/ 194 وشرح الشافية، 3/ 254 - 255.
(2)
غير واضحة في الأصل. وانظر شرح المفصل، 10/ 126.
(3)
نقل الرضي عن السيرافي قوله: ولو تكلف متكلف إخراجها من الفم مع هذه الخمسة عشر لأمكن بعلاج وعسر. شرح الشافية، 3/ 255
وانظر الكتاب، 4/ 432.
(4)
وهي لغة أهل الحجاز، ومن يليهم من العرب، ومن يليهم من ناحية العراق إلى الكوفة وبغداد، الكتاب، 4/ 432 وابن جماعة، 1/ 339.
(5)
قال الجاربردي، 1/ 339: ويسميه سيبويه ألف الترخيم، لأن الترخيم تبيين الصوت ونقصان الجهر فيه.
(6)
غير واضحة في الأصل.
والدّال مجهور شديد فتباينا، فقرّب بينهما بإشراب الجيم لأنّها قريبة من مخرج الشين وموافقة للدّال في الشّدّة والجهر. وأمّا الصّاد التي كالزاي فكقولك في مصدر: مصدر بإشمام الصّاد الزاي للمناسبة على نحو ما تقدّم.
وأمّا الثمانية المستهجنة (1) وهي التي لا يؤخذ بها في اللغة الفصيحة (2):
1 -
الكاف التي كالجيم قالوا: وهي في لغة بعض اليمن (3) يقولون في جمل:
كمل.
2 -
الجيم التي كالكاف: وهي مثل الكاف التي كالجيم وهما جميعا شيء واحد، إلّا أن أصل أحدهما الكاف، وأصل الآخر الجيم وهما مما يعسر تحقيقهما فإنّ إشراب الكاف صوت الجيم وبالعكس متعذّر.
3 -
الجيم التي كالشين وعكسها وتقع في الجيم الساكنة إذا كان بعدها تاء أو دال نحو: اجتمعوا والأجدر، وإنّما كانت الجيم كالشين مستقبحة وعكسها أعني الشين كالجيم مستحسن حسبما تقدم لأنّه كره اجتماع الشين والدال للتباين كما تقدّم في الحروف الستة المأخوذ بها في اللغة الفصيحة وكان إشمام الشين الجيم مستحسنا ولم يكره اجتماع الجيم مع الدال أو التاء لعدم التباين فلم يحسن إشمام الجيم الشين، لأنّه انتقال إلى المباين فلذلك حسنت الشين التي كالجيم وقبحت الجيم التي كالشين.
4 -
الضاد الضعيفة (4): وهي تخرج من طرف اللسان وأطراف الثنايا فتخرج بين الضاد والظاء (5) وقال ابن الحاجب (6): كما ينطق بها أكثر النّاس اليوم، ممن
(1) المفصل، 394.
(2)
هي غير مستحسنة ولا كثيرة في لغة من ترتضى عربيته ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر، الكتاب، 4/ 432 وشرح الشافية، للجاربردي 1/ 339.
(3)
وفاشية في لغة البحرين، شرح الشافية، 3/ 257.
(4)
قال ابن الحاجب في إيضاح المفصل، 2/ 484: ويعني التي لم تقو قوّة الضاد المخرجة من مخرجها ولم تضعف ضعف الظاء المخرجة من
مخرجها فكأنها بينهما وانظر الكتاب، 4/ 432.
(5)
قال الرضي في شرح الشافية، 3/ 256: قال السيرافي إنها لغة قوم ليس في لغتهم ضاد، فإذا احتاجوا إلى التكلم بها في العربية اعتضلت عليهم، فربما أخرجوها ظاء لإخراجهم إياها من طرف اللسان وأطراف الثنايا وربما تكلّفوا إخراجها مخرج الضاد فلم يتأت لهم فخرجت بين الضاد والظاء.
(6)
إيضاح المفصل، 2/ 484.