الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهمزة وكذا مررت بأبي إسحاق فتقول: بأبي سحاق تنقل كسرة الهمزة إلى الياء وتحذف الهمزة فتبقى الياء متحركة بالكسرة يليها السين الساكنة، وتقول في ذو أمرهم: ذو مرهم فتنقل فتحة الهمزة إلى الواو وتحذف الهمزة فتبقى الواو مفتوحة يليها الميم الساكنة (1)، وتقول في قاضو أبيك: قاضوبيك بنقل فتحة الهمزة إلى الواو وحذف الهمزة، وتقول في ابتغى أمره: ابتغي مره (2)، وقد التزم تخفيف الهمزة في باب أرى وترى ويرى (3) لأنّ الماضي رأى فكان قياس المضارع أن يكون أرأى وترأى ويرأى كما قالوا في نأى ينأى فالتزم تخفيفه بنقل حركة همزة ترأى إلى الراء وحذف الهمزة وجوبا (4) ولزم هذا التخفيف لكثرة الاستعمال، وقد جاء على الأصل في ضرورة الشعر (5) كقوله:(6)
ألم تر ما لاقيت والدّهر أعصر
…
ومن يتملّ العيش يرأى ويسمع
وقد شذّ عند سيبويه (7) تخفيف همزة المرأة والكمأة حيث قالوا: المراة والكماة بألف خالصة، فأبدلوا من الهمزة المفتوحة ألفا فانفتح ما قبل الألف ضرورة وإنما كان شاذّا لأنّ طريق هذه الهمزة أن تلقى حركتها على ما قبلها وتحذف فتبقى:
مرة وكمه لكن قالوا: مراة وكماة فيقتصر فيه على السّماع ولا يقاس عليه عند البصريين، وأمّا الكوفيون فيقيسون عليه ويجعلونه مطردا (8).
ذكر الهمزة المتحرّكة التي قبلها متحرّك
(9)
وهي تسعة أقسام، مفتوحة وقبلها/ الحركات الثلاث، ومكسورة، وقبلها
(1) الكتاب، 3/ 547.
(2)
الكتاب، 3/ 548.
(3)
المفصل، 349.
(4)
شرح الشافية للجاربردي، 1/ 254.
(5)
قال ابن جماعة في حاشيته، 1/ 254 نقل أبو حيان وغيره أنّ الإتمام لغة تيم اللات.
(6)
البيت للأعلم بن جرادة السعدي، روي منسوبا له في النوادر، 185 ولسان العرب رأى، ومن غير نسبة في المحتسب، 1/ 129 وأمالي الزجاجي، 88 وشرح الشافية، للجاربردي، 1/ 254 وحاشية ابن جماعة، 1/ 254.
(7)
الكتاب، 3/ 545.
(8)
شرح المفصل، 9/ 110 - 111 وشرح الشافية، 3/ 40 - 41.
(9)
المفصل، 349 - 351.
الحركات الثلاث، ومضمومة وقبلها الحركات الثلاث، أمّا المفتوحة وقبلها مفتوح ومكسور ومضموم فنحو: سأل ومائة ومؤجّل، وأمّا المكسورة وقبلها الحركات الثلاث المذكورة فنحو: سئم ومستهزئين وسئل، وأمّا المضمومة وقبلها الحركات الثلاث المذكورة فنحو: رؤوف ومستهزئون ورؤوس.
فقسمان من هذه التسعة وهما المفتوحة وقبلها مضموم أو مكسور، يخفّفان بقلب الهمزة واوا أو ياء فتقلب المفتوحة التي قبلها مضموم واوا فتقول في جؤن جمع جونة: جون وفي مؤجّل: مؤجّل بواو مفتوحة محضة فيهما بغير همزة، وتقلب المفتوحة التي قبلها مكسور في نحو: مائة ياء محضة مفتوحة، وإنما لم تجعل بين بين لأنّ الهمزة إذا جعلت بين بين تقرب من الألف وقبلها ضمّة أو كسرة فكرهوا الضمّ أو الكسر على ما يقرب من الألف (1).
وباقي الأقسام من التسعة وهي سبعة: المفتوحة التي قبلها مفتوح، والمكسورة التي قبلها الحركات الثلاث، والمضمومة، التي قبلها الحركات الثلاث، إنّما تخفّف بجعلها بين بين لا بالنّقل ولا بالإبدال، أما النقل، وهو أن تنقل حركتها إلى ما قبلها وتحذف فلتعذّره لأنّ ما قبلها متحرّك ولا سبيل إلى تحريكه بحركتين، وأما الإبدال، فلقوّة الهمزة بالحركة خلا ما تقدّم من نحو: مؤجل ومائة، كما تقدّم، وإذا انتفى في هذه الأقسام النقل والإبدال تعيّن بين بين.
وقد جوّز بعضهم (2) في قسمين من هذه السبعة، الإبدال. أحدهما: المضمومة المكسور ما قبلها نحو: مستهزئون فجوّز أن تقلب همزتها ياء محضة، وثانيهما:
المكسورة المضموم ما قبلها نحو: سئل فجوّز (3) أن تقلب همزتها واوا محضة، وأما عند سيبويه فلا يجوز فيهما غير جعلهما بين بين (4) لكن سئل ومستهزئون خاصة يجوز جعلهما بين بين المشهور وبين بين الشاذ أيضا، وباقي الأقسام إنّما تجعل بين بين المشهور لا غير، وقد تقلب الهمزة المتحركة المتحرك ما قبلها حرف لين من
(1) شرح الشافية للجاربردي، 1/ 256.
(2)
ومنهم الأخفش، انظر شرح المفصل، 9/ 112 والهمع، 2/ 221 ومناهج الكافية، 2/ 178.
(3)
غير واضحة في الأصل.
(4)
الكتاب، 3/ 542 - 545.
جنس حركة ما قبلها على غير قياس، لأنّ قياس مثلها أن يجعل بين بين فقلبوها على غير قياس ياء إذا انكسر ما قبلها نحو قوله في واجئ (1) بالهمز: هو واجي بياء محضة في الوصل (2)، وألفا إذا انفتح ما قبلها نحو: سأل بألف محضة في نحو قول حسّان (3):
سالت هذيل رسول الله فاحشة
…
ضلّت هذيل بما سالت ولم تصب
وكانوا قد سألوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة الزّنا، والشاهد فيه قوله: سالت بألف محضة، والأصل سألت بهمزة مفتوحة قبلها سين مفتوحة، وقياسها بين بين لا قلبها ألفا، واعلم أنّ الخارج عن القياس إنّما هو واجي بقلب الهمزة ياء في الوصل كما/ قلنا، لا واجيء في البيت المشهور الذي هو:(4)
وكنت أذلّ من وتد بقاع
…
يشجّج رأسه بالفهر واجي
خلافا لسيبويه (5) فإنّ قلبها ياء في البيت المذكور شاذّ عنده، وليس بحقّ لأنّ الهمزة سكّنها الوقف وقبلها مكسور وهو الجيم فهو كثير (6) فقياسها أن تقلب ياء محضة كما فعل الشّاعر وقد حذفوا الهمزة في «كل ومر وخذ» حذفا غير قياسي، لأنّ قياس الأمر من هذه الأفعال أن يقال: أؤكل وأؤمر وأؤخذ، لأنّ الأصل أأكل، أأخذ، أأمر، إلا أنّ هذه الأفعال كثر استعمالها فاستثقلوا ذلك فيها، فأسقطوا الهمزة الثانية
(1) الوجء: اللّكز، ووجأه باليد والسكين وجئا مقصور ضربه. اللسان، وجأ.
(2)
الكتاب، 3/ 554.
(3)
ورد في ديوانه، 373 وورد منسوبا له في الكتاب، 3/ 468 - 554 والمقتضب، 1/ 167 وشرح المفصل، 9/ 111 - 114 وشرح شواهد الشافية، 4/ 339 وورد من غير نسبة في المحتسب، 1/ 90 وشرح الشافية، 3/ 48 وحاشية ابن جماعة، 1/ 317.
(4)
البيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري يهجو به عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص ورد منسوبا له في الكتاب، 3/ 555 والمقتضب، 1/ 166 والخصائص، 3/ 152 وشرح المفصل، 9/ 111 - 114 وشرح شواهد الشافية، 4/ 341. وورد من غير نسبة في المحتسب، 1/ 81 والمنصف، 1/ 76 وشرح الشافية، 3/ 49 ومناهج الكافية، 2/ 178. الفهر الحجر، والواجي: اسم فاعل من وجأت عنقه إذا ضربته.
(5)
الكتاب، 3/ 553 - 554.
(6)
تبع أبو الفداء ابن الحاجب في رده على سيبويه، انظر ذلك في إيضاح المفصل، 2/ 341 والشافية 532 وشرح الشافية، 3/ 49 وحاشية ابن جماعة، 1/ 257.