الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جوابا بالفاء وكذلك (1) حكمها إذا وقعت بعد الأمر، والنهي، والنفي، والاستفهام، والتمني، والعرض، إلّا أنّك تنصب ما بعد الفاء في هذه الأشياء الستة بإضمار أن حسبما تقدم (2).
واعلم أنّ فاء الجواب إنما تأتي في غير الموجب أي في غير الخبر الثابت كالشرط والجزاء والأمور الستة المذكورة، ولا تأتي هذه الفاء في الموجب أصلا فإنك لو أدخلتها في الموجب وقلت: تأتيني فأعطيك لم يجز لفوات معنى: إن تأتني (3) أعطك، وإذا قلت: إن تأتني فأعطيك كان المعنى: إن تأتني أعطك فيصحّ، فلما كانت هذه الأشياء كلها غير موجبة وجاء الجواب عنها بالفاء على إضمار إن، حصل معنى الشرط والجزاء، وذلك أنّ هذه الأمور تناسب الشرط من قبل أنها غير موجبة كما أنّ الشرط غير موجب (4).
ذكر حروف النفي
(5)
وهي ما، ولا، ولم، ولما، ولن، وإن:
ف «ما» لنفي الحال ولنفي الماضي المقرّب من الحال أيضا في قولك: ما فعل، فكأنها نفي لقول القائل: قد فعل (6)،
وتدخل على الأسماء والأفعال، كقولك:
ما زيد قائما وقائم على اللّغتين، وما قام زيد.
و «لا» لنفي المستقبل في قولك: لا تفعل وهي نفي لقولك: ستفعل (7)، وتدخل على النكرة، فتنفيها نفيا عاما مستغرقا للجنس (8) في قولك: لا رجل في الدار، وهو إخبار في خلو الدار عن الجنس كله قليله وكثيره، وتكون لنفي ليس بعام
(1) في الأصل ولذلك.
(2)
في 2/ 11.
(3)
في الأصل: تأتيني.
(4)
شرح الكافية للرضي، 2/ 366.
(5)
المفصل، 306.
(6)
الكتاب، 4/ 221 ورصف المباني، 310 والمغني، 1/ 303 والأشموني، 2/ 247.
(7)
الكتاب، 4/ 222 وشرح المفصل، 8/ 108.
(8)
المفصل، 306.
ولا مستغرق كقولك: لا رجل في الدار ولا امرأة ولا زيد في الدار ولا عمرو، فيجوز أن يكون في الدار رجلان فصاعدا أو امرأتان فصاعدا وتكون نهيا (1) في قولك:
لا تقم، ولا يقم زيد بالجزم ولا يتصور النهي إلا في المستقبل/ والدعاء كالنهي نحو: لا قطع الله يده ولا رعاه ولا يغفر له بالجزم، وقد تنفي الماضي نحو: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (2).
ولم ولمّا لقلب معنى المضارع (3) إلى الماضي، ونفيه فيصير الفعل المستقبل منفيا فيما مضى إلّا أنّ بينهما فرقا، وهو أنّ لم يفعل، نفي فعل، ولمّا يفعل، نفي قد فعل (4) وأصل لمّا، لم زيدت عليها ما، فأفادت طول المعنى كما طالت الكلمة، فلذلك دلّت على نفي المتوقع، فإذا قلت: ندم ولم ينفعه الندم، أخبرت أن ندمه لم ينفعه لا غير، وإذا قلت: لمّا ينفعه الندم، أخبرت أنه إلى الآن على ذلك، وتكون لمّا ظرفا منصوبا انتصاب الظروف (5) كقولك: لمّا قام قمت، ولا بدّ فيها من فعلين، أحدهما جواب الآخر، فكأنك جعلت قيامك كالجزاء لقيامه لأنّك علّقت وقوعه بوقوعه، والعامل في لمّا هو الجواب، وتكون بمعنى إلّا أيضا (6).
ولن لتأكيد ما تعطيه لا، من نفي المستقبل تقول: لا أبرح اليوم مكاني، فإذا أكدت قلت: لن أبرح (7) والصحيح أنّها حرف برأسها لا أنّها من لا أن (8).
وإن المكسورة الخفيفة تكون نفيا وغير نفي (9)، فإذا كانت نفيا كانت بمنزلة ما في نفي الحال، ودخلت حينئذ على الجملتين الفعليّة والاسميّة كما دخلت ما عليهما
(1) بعدها مشطوب عليه «للمخاطب» .
(2)
من الآية 31 من سورة القيامة وفي الأصل: لا صدق ولا صلّى.
(3)
المفصل: 306 - 307.
(4)
الكتاب، 4/ 220 - 223 والمغني - 1/ 278.
(5)
وإلى ذلك ذهب ابن السراج وتبعه الفارسي وابن جني وجماعة، وهي عند سيبويه حرف، الكتاب، 4/ 234 والمغني، 1/ 280.
(6)
رصف المباني، 282 والمغني، 1/ 281.
(7)
المفصل، 307 والتشابه تام. وانظر الكتاب، 1/ 135 - 136.
(8)
هذا رأي سيبويه، والتركيب رأي الخليل، وذهب الفراء إلى أن نونها مبدلة من ألف لا. انظر الكتاب، 3/ 5 - 4/ 220 وشرح المفصل، 8/ 111.
(9)
المفصل، 307.