الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - كتاب التهجد
1 - باب التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ
وَقَوْلِهِ عز وجل (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ).
1120 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ
ــ
كتاب التهجد
باب التهجد بالليل
(وقوله عز وجل: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]) استدل عليه بالآية الكريمة، النافلة: الزائدة؛ أي: عبادة واجبة عليك خاصة، كذا قاله ابن عباس، وإليه ذهب الشَّافعيّ، وقيل: زائدة على الغير في الثواب؛ لأن غيره يُكفر به ذنُوبه؛ وأما هو فلا ذنب له.
والهجود: النَّوم واليقظة؛ من الأضداد، وحَمَلَه البُخَارِيّ على الثاني؛ ولذلك فسّره بقوله: أي: اسهر، وكذا قاله الجوهري، ويجوز أن يكون بالمعنى الأول؛ وهو: النَّوم، ويكون معناه: اترك الهجود؛ كما قالوا في تَحَنّثَ: معناه تجنّب الحنث؛ كما تقدم في حديث غار حراء.
1120 -
(كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجّد) أي: يريد التهجد، وقيل: كان يقول بعد التحريم (قال: اللهمَّ أنتَ قيّم السموات والأرض) وفي رواية: "قيَّام"، وفي أخرى:
الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا
ــ
"قيوم"؛ أي: القائم بأمور السموات والأرض إيجادًا وإبقاءً، هذه الألفاظ الثلاثة وإن اشتركت في هذا المعنى إلَّا أنها تتفاوت؛ فالقيوم أبلغ، وبعده القيام، وبعده القيم.
(وأنت نورُ السمواتِ) الظاهرُ المظهر للكائنات، والمرشد والهادي لأهلها (أنتَ ملكُ السمواتِ والأرضِ) السلطان الذي بيده تدبير العالم. وسائرُ الملوك أسماء عرفية (أنت الحقُّ) الثابت الذي لا أوَّل لأزليته، ولا نهاية لسرمَدِيَّتِهِ، أو أَنْتَ الثابت ألوهيته وما سواك باطل، قال تعالى:{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62](ووعدك الحق) لأنّ خلفَ الوعد إما لسهو ونسيان؛ وإمّا لخوف نقصان، وأنت منزه عن مثل هذا الشأن، والسلام في وعدك الحق للاستغراق؛ كأنّ ما عداه ليس بحق ونظيره كل القوم هم القوم ادعاء، ثم فصّل الوعد المجمل ببعض أمهات الأمور، فقال:(ولقاؤك حق) أي: رؤية المُؤْمنين إياك، قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] ، أو البعث والنشور، وهذا أوفق وأعم (وقولك حق) يشمل الموعود وغيره (ومحمَّد حق) أي: رسالته، أفرده بالذكر بعد دخوله في عموم النبيين؛ لأنَّ القائلين بسائر النبيين كانوا ينكرون نبوته. وقيل: لكونه أفضل منهم؛ كعطف جبريل على الملائكة ولا يلائم المقام.
(اللهمَّ لك أسلمت) أطعت (وبِكَ آمنت) صدّقت بأنك الإله (وعليك توكلت) لا على غيرك؛ إذ لا تأثير [إلَّا] لقدرتك (وإليك أنبت) بالتوبة (وبك خاصمت) إذ النصر من عندك (وإليك حاكمت) فيمن كذَّبني يوم القيامة (فاغفر لي ما قدّمت وما أخّرت) كان قد أخبره الله بأنه مغفور له؛ ولكن كان يحافظ على مقام العبودية، ويرى نفسه قاصرة عما يليق بكبريائه تعالى.